|
عضو شرف
|
|
المشاركات: 7,164
|
#1
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأستكمل معكم ما بدأته من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وأتمنى أن تكون جولةً مباركةٌ تحفها الفائدة المرجوة منها إن شاء الله تعالى .
1 - في غار حراء:
ولما تقاربت سنه صلَّى الله عليه وسلم الأربعين ، وكانت تأملاته الماضية قد وسعت الشقة العقلية بينه وبين قومه ، حبب إليه الخلاء ، فكان يأخذ السويق والماء ويذهب به إلى غار حراء في جبل النور ، على مبعدة نحو ميلين من مكة - وهو غار لطيف طوله أربعة أذرع ، وعرضه ذراع وثلاثة أرباع ذراع من ذراع الحديد - ومعه أهله قريباً منه ، فيقيم فيه شهر رمضان ، يطعم من جاءه من المساكين ، ويقضي وقته في العبادة والتفكير فيما حوله من مشاهد الكون ، وفيما وراءها من قدرة مبدعة ، وهو غير مطمئن لما عليه قومه من عقائد الشرك المهلهلة ، وتصوراتها الواهية ، ولكن ليس بين يديه طريق واضح ، ولا منهج محدد ، ولا طريق قاصد يطمئن إليه ويرضاه .
وكان اختياره صلَّى الله عليه وسلم لهذه العزلة طرفاً من تدبير الله له ، وليعده لما ينتظره من الأمر العظيم .
ولابد لأي روح يراد لها أن تؤثر في واقع الحياة البشرية فتحولها وجهة أخرى.. لابد لهذه الروح من خلوة وعزلة بعض الوقت ، وانقطاع عن شواغل الأرض وضجة الحياة ، وهموم الناس الصغيرة التي تشغل الحياة .
وهكذا دبر الله لمحمد صلَّى الله عليه وسلم وهو يعده لحمل الأمانة الكبرى ، وتغيير وجه الأرض ، وتعديل خط التاريخ: دبر له هذه العزلة قبل تكليفه بالرسالة بثلاث سنوات ، ينطلق في هذه العزلة شهراً من الزمان ، مع روح الوجود الطليقة ، ويتدبر ماوراء الوجود من غيب مكنون ، حتى يحين موعد التعامل مع هذا الغيب عندما يأذن الله .
------------------
سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم
|
|
27-06-2000 , 04:22 AM
|
الرد مع إقتباس
|