العودة سوالف للجميع > سوالف شخصيه وثقافيه ادبيه > سوالف الأدب والثقافة > حوار مع شهيـــد
المشاركة في الموضوع
USAMA LADEN USAMA LADEN غير متصل    
منع من الكتابة  
المشاركات: 995
#1  
حوار مع شهيـــد
حوار مع شهيـــد



سألته: كيف أنت ياسيدي؟
قال: كما قال مولانا: ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا, بل أحيانا عند ربّهم يرزقون.

فقلت: وكيف الأحبّة؟

فقال: فرحين بما آتاهم الله من فضله ,ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم ألاّ خوف عليهم ولا هم يحزنون.
قلت: وكيف أنتم عند ربّكم؟

فقال: في جنّة عالية, قطوفها دانية.. إنها ورب الكعبة لريحانة تهتز ونهر مطّرد , وقصر مشيد , وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون .
فقلت: ومالذي أخرجك من ديارك ؟

من أجل ديني قد هجرت دياريا *** وتركت أهلي في البلاد بواكيـــــا
حب الجهاد سرى بكل جوانحي *** أرخصت في درب الجهاد دمائيا
فقلت: وكيف هي الجنّة؟

فقال: حدائق غناء .. أرضها خضراء .. وفيها أنهار خلابة .. وأشجار جذابة .. ومناظر ساحرة .. وثمار يانعة.. وقصور شاهقة..
آه , مساكين أنتم يا أخي .. عيشكم كأضغاث أحلام ، مشوب بالنَغَص ، ممزوج بالغُصص ، إن أضحك قليلا أبكى كثيرا ، وإن سرّ يوما أحزن شهورا ، آلامه تزيد على لذاته ، وأحزانه أضعاف مسرّاته, ولا يعلم الواحد منكم بما يختم له..

قد نادت الدنيا على نفسهـا ** لو كان في ذا الخلق من يسمع
كـم واثق بالعيش أهـلكتـه ** وجامــتعٍ فرقـــــــت ما يجمـع
فقلت: ويح أمي , وكيف النجاة؟

فقال: سبحان الله, وهل يحتاج النّهار إلى دليل؟ تمسّك يا أخي بما أمرك الله به, ولا تغترّ وتلهو مه اللاهين..
قلت : وهل أستحق الشهادة في سبيله؟

فقال: ذلك علمه عند ربّي ولكنّ الأمر كما قال تعالى : قل إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا.
اعلم يا أخي أنّه من عامل الله بصدق صدقه, فالله كريم, لا يضيع أجر المحسنين, فاتّق الله وامتثل لأمره يحصل لك المراد.

فقلت: وبما تشير عليّ؟

فقال: الجهاد, الجهاد لا يعدله شيء..آه, لم تعلم نعيم تلك اللحظات التي يزف فيها الشهيد إلى الجنّة, الحور تستقبله, ومواكب الملائكة ترافقه, وأبواب الجنان تفتح له, فلو لم يكن الاّ هذا لكفى, فكيف والفردوس مسكنه, والنبيين والصدّقين جيرانه.

فقلت: والله انّي لمشتاق إليها ولكن في القلب حرقة على فراق الأحبّة؟

فقال: لا والله, حتّى يكون الله ورسوله أحبّ إليك من نفسك.

فقلت: وكيف يكون ذلك؟

فقال: تذكّر الجنّة ونعيمها, وجهنّم وسعيرها, والموت وكرباته, والقبر وظلماته, والحشر وأهواله يهون عليك الفراق.

فقلت: وكيف هي كربات الموت وآلامه وسكراته؟

ضحك شهيدنا وقال: عن أيّ آلام وسكرات تتحدّت؟؟ والله لن تشعر الاّ كما أخبرنا به نبيّنا عليه الصلاة والسلام, كمسّ القرصة, ثمّ أنت في الجنان, فلا سكرات للموت, ولا فتنة في القبر, ولا هولا للمطلع..

اعلم ياهذا أنّه لو لم يكن في القتل الذي تفرّ منه إلا الراحة من سكرات الموت لكان في ذلك ما يوجب الثبات، وإن لم تنظر إلى ما بعده وهو الفوز العظيم، وما أحسن قول من قال :
وإنّـا لتستحلي المنايا نفوسنا ** ونترك أخرى مرّة نذوقها

تذكّر ياهذا أنّ الموت لا يأتي الاّ مرّة واحدة, فاحرص على أن تجعله في سبيل الله, فوالله إن فاتك هذا الفضل فنـُـح على نفسك فقد حرمت خيرا عظيما, ولو أوصلت الليل بالنهار بالبكاء خوفا من فوات هذا الفضل لما لامك العقلاء..

فقلت: ولكنّي لا أجد سبيلا للجهاد؟

فقال: لا والله, فارق نفسك بخطوة يحصل لك المراد.. نفسك نفسك ياأخي, لم تتحرّر بعد من قيودها.. فايّاك أن تظنّ أنّ استكانتكم من قيد الحديد ولكنّه والله من ذلّ العبودية.
فلو كنت صادقا لأذن الله لك بالفرج.. فايّاك ايّاك أن تفرّط في فرصة قد تلوح لك, فوالله قد لا تعود..
ومن خانه التدبير والأمر طالع // فلن يحسن التدبير والأمر جامح.

فقلت: ولكنّي وإخواني قاعدون ندعوا إلى الله.

فقال: سبحان الله..

تحكمت اليهود على الفروج *** وساحت بالبغال وبالسروج
وقامت دولة الأنذال فيــــنا *** وصار الحكم فيها للعـــوج
ومازلتم تتوهّمون أنّ النصر يأتي بالخطب والتأليف؟؟
لا والله..

عظمت عليكم في جهاد مقالد ** فاسترخصتموها خطبة وشعـــارا.
والله ثمّ والله لو لم يلزمنا ديننا بالجهاد اليوم,لاقتضت المروءة حمل السيف والنزول لساحات النزال لحماية الأعراض..

فقلت: أوصني ياسيدي..

فقال: عليك بتقوى الله في السرّ والعلن, واحرص على ماينفعك , وايّاك والقيل والقال, والخصومة والجدال, والاشتغال بعيوب النّاس, فوالله لن يسألك الله عن فلان ولاعلاّن ولكنّه سبحانه سوف يسألك عن نفسك.

فقلت: زدني بارك الله فيك..

قال: لا تحقد على أحد من المسلمين, وطهّر نفسك من حظوظها, وايّاك ايّاك أن تشتغل بسفاسف الأمور, ولا تقنع بما دون النجوم.

فقلت: أرأيت حال المسلمين؟

فقال: ومن يتهيّب صعود الجبال *** يعش أبد الدهر بين الحفر.

اعلم ياهذا أنّ لله سنن لا تحابي أحدا, من أخذ بها وصل, ومن تركها وتمنّى على الله الأماني فقد خاب وخسر.. والله ثمّ والله لن ترى الأمّة العزّة والنصر الاّ إذا امتشقت سلاحها وطارت رقاب أبنائها والأشلاء وسالت الدماء.. أو لم تقرأ قول الله تعالى: أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة ولمّا يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مسّتهم البأساء والضرّاء وزلزلوا حتّى يقول الرسول والذي معه متى نصر الله..

ألم تقرأ قول الإمام ابن سحمان: لو اقتتلت البادية والحاضرة حتّى يذهبوا لكان ذلك أهون عند الله من أن ينصبوا طاغوتا واحدا يحكم بغير ماأنزل الله.. ؟.
القتل يهون في سبيل نصرة الدين ولو قتل من قتل, فإنّ بعض الأنبياء قتله قومه كيحيى و زكريا عليهما السلام ومع ذلك كله نصر الله دينه.
ولكنّه ياأخي قد أصابكم " الوهــن " حبّ الدنيا وكراهية الموت.

فياسبحان الله, ألا تخشون الموت على الفرش, فوالله لقد كان الواحد منّا يخشى الموت على فراشه حتّى يطير النوم من جفونه, ولكنّه وللأسف مرضت قلوبكم..
ألا تخشون أن يصيبكم مرض مقعد؟.

ألا تخشون أن يقذف بكم الطواغيت في غياهب سجونهم فتذقون فيه العذاب ألوانا؟
بل هل أنتم حقّا تشعرون بالحياة في ظلّ تلك الأنظمة المرتدّة, خاشعة أبصاركم ترهقكم ذلّة وقلوبكم هواء, يخشى الواحد منكم أن تتخطّفه أيديهم فلا يجرؤ أن يرفع رأسه أو يقول كلمة الحق..

بئس القوم أنتم والله..
فايّاكم ايّاكم أن تظنّوا أنّ العجز يحيل فرض العين إلى فرض كفاية.. لا والله, انّما يسقط التكليف بالجهاد لحظة العجز وحسب ويوجب حينئذ العمل والإعداد على دفع العجز, فهل أنتم حقّا تعدّون؟؟

فواعجبي, كيف ترضون هذا وعنترة الذي لايؤمن بالواحد يعلنها مدويّة:

وإذا الجبان نهاك يوم كريهة *** خوفا عليك من التحام الجـــحفل
فاعص مقالته ولا تحفل بها *** وأقديم اذا حقّ اللقا فــــي الأوّل
واختر لنفسك منزلا تعلو به *** أو متّ كريما تحت ظلّ القسطل
لا تسقني ماء الحـــــياة بذلّة *** بل فاسقني بالعزّ كأس الحـنـظل

قلت وقد أصابتي الخجل وكساني العرق: والله الحق ماقلته ياسيدي, ولكنّي أشعر بالإحباط وأنا أرى جموع المسلمين حولي منشغلون بدنياهم..
قال: ألم تقرأ قول الله تعالى : فقاتل في سبيل الله لا تكلّف الاّ نفسك وحرّض المؤمنين..؟
لمذا ياأخي تنتظر من الأحداث أن تحرّكك وتحملك؟؟

لمذا لا تكون أنت الذي يصنع الحدث؟

ألم تقرأ قول الإمام ابن القيّم عليه سحائب الرحمة: لو توكّل العبد على الله حق توكله، في إزالة جبل عن مكانه، مأموراً بإزالته، لأزاله..؟
لا تعوّل كثيرا ياأخي على هذا الغثاء, فالدين لا تنصره الاّ القلّة القليلة , فلو هدمت الكعبة لما ضجَّ المسلمون اليوم أكثر من ثلاثة أيام. فان هم الاّ غثاء كغثاء السيل, فلا تغترّ بالمظاهر, ألم تقرأ قول الإمام أبي الوفاء ابن عقيل: إذا أردت أن تعرف الإسلام من أهل زمان. فلا تنظر إلى ازدحامهم عند أبواب المساجد ولا ارتفاع أصواتهم بلبيك ولكن انظر إلى مواطأتهم لأعداء الشريعة..؟.

الإسلام ياأخي ليس مجرد عقيدة حتى يقنع بإبلاغ عقيدته للناس بوسيلة البيان , إنّما هو منهج يتمثل في تجمع كوكبة مجاهدة تزحف لتحرير كل الناس , لتعلن ربوبية الله للعالَمين ، وتحرير الإنسان من كل عبودية لغير الله في الناس أجمعين..
كوكبة مؤمنة تجاهد لتقرير ألوهية الله في الأرض ، وتحقّق منهجه في حياة الناس ، وتطارد الشياطين ومناهج الشياطين ، وتحطم سلطان البشر الذي يتعبد الناس ، والناس عبيد لله وحده ، لا يجوز أن يحكمهم أحد من عباده بسلطانٍ من عند نفسه وبشريعة من هواه ورأيه ..

قلت: ولكنّ ياسيدي, هناك مشايخ أصحاب علم وفضل يرون عكس ماتقول؟.

فقال: أقوال الرجال يحتج لها ولا يحتج بها.. لقد أتت النصوص الشرعية بوجوب عرض كلام العلماء على الكتاب والسنة فما وافقهما قبلناه وما عارضهما رددناه, وقد ضُمِنت لنا العصمة في الكتاب والسنة ولم تضمن لنا في أقوال العلماء.. ألم تقرأ ماقاله ابن عباس: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله وتقولون قال أبو بكر وعمر..؟.

اعلم أن سعة العلم وكثرة العبادة وظهور الفضل ليست من موانع الخطأ والزلل مطلقا ، فإن الله سبحانه لم يعصم أحدا من الناس –غير الأنبياء – عن ذلك ، وقد يكون العالم مشتهرا بين الخاصة والعامة بالعلم والفضل وله لسان صدقٍ في الأمة ومع ذلك تقع منه الزلات والهفوات والتي قد يكون بعضها عظيما فلا يتبع فيما زل فيه ، بل يجب التنبيه على ذلك سواء كان المنبه فاضلا أو مفضولا لأن مراد الجميع الحق ، ولهذا الأمر كثر التحذير من زلات العلماء في كلام السلف ، لأن العلم مظنة الاتِّباع ، ومن ذلك قول عمر رضوان ربّي عليه : ثلاث يهدمن الدين : زلة عالم ، وجدال منافق بالقرآن ، وأئمة مضلون. وقول ابن عباس رضي الله عنهما : ويل للاتباع من عثرات العالم ، قيل وكيف ذلك؟ قال: يقول العالم برأيه ثم يجد من هو أعلم منه برسول الله فيترك قوله ذلك ثم تمضي الاتباع ..

وقال ابن القيّم: كان العالم والحاكم محبين للرياسة متبعين للشهوات ، لم يتم لهما ذلك ، إلا بدفع ما يضادهما من الحق ، ولاسيما إذا قامت شبهة فتتفق الشبهة والشهوة ، ويثور الهوى فيخفي الصواب ، وينطمس وجه الحق ، وإن كان الحق ظاهرا لا خفاء فيه ، ولا شبهة فيه ، أقدم على مخالفته وقال لي مخرج في التوبة ..
قلت : ألا تؤمن بالمنافع والمفاسد؟
قال: كلمة حقّ أريد بها باطل.. يقول الشاطبي: المنافع الحاصلة للمكلف مشوبة بالمضار عادة، كما أن المضار محفوفة ببعض المنافع..
فلا مصلحة ياهذا تعلو وتوازي مصلحة التوحيد، ولا مفسدة تعلو وتوازي مفسدة الشرك والكفر " فافـْقه هذا جيدا" ..

قلت: ولكنّ ألا ترى أن الجماعات المجاهدة اليوم تحتضن بين صفوفها بعض أصحاب البدع وضعيفي الاستقامة؟

قال: يقول السلف : الجهاد يتعيّن مع كلّ برّ وفاجر.. هل نسيت جهاد شيخ الإسلام مع من عرف عنهم تعظيم المشاهد وبناؤها في مصر والشام ، ومع من انتشرت بينهم مذاهب الجهمية والاتحادية والصوفية وغيرها ولكنّه جاهد معهم لأنّ أصل الإسلام كان موجوداً ، ألم ترى كيف هبّ رحمه الله وغيره من العلماء حين زحف التتار على ديار المسلمين مع أنّه كان يلقى الأذى من هؤلاء المبتدعة والمتصوفة والجهمية وكانوا يحرضون السلطان على قتله؟.

قلت : أشر عليّ بالجماعة التي يجب أن أكثر سوادها.

قال: أهل الجهاد, ألم تقرأ قول ابن القيم: فالمجاهدون و أهل الثغور هم المهديون، فاذا ما اختلفت الآراء و افترقت السبل، فالهداية في ترسم خطاهم، و اقتفاء آثارهم، و النزول عند رأيهم، ذلك أن لأهل الجهاد من الهداية و الكشف ما ليس لأهل المجاهدة ممن هم في جهاد الهوى و الشيطان، لأنه لا يوفق في جهاد العدو الظاهر إلاّ من هو لعدوه الباطن قاهر، من هنا يكون المولى عز و جل قد علّق الهداية بالجهاد ، فأكمل الناس هداية أعظمهم جهادا، و من ترك الجهاد، فاته من الهداية بحسب ماعطّل منه.

قلت: زدني ياسيدي..

فقال: كفى ياهذا فقد ذكرتني بدنياكم الدنية..
هذا الطريق وماسواه وساوس ** ترضي جبانا وتصنع الأعذارا
السلام عليك ..

قلت: انتظر انتظر ..

فقال: فحي هلا إن كنت ذا همةٍ ** فقد حدا بك حادي الشوق فأطوي المراحلا

USAMA LADEN غير متصل قديم 07-07-2007 , 05:37 PM    الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


[عرض نسخة للطّباعة عرض نسخة للطّباعة | ارسل هذه الصفحة لصديق ارسل هذه الصفحة لصديق]

الانتقال السريع
   قوانين المشاركة :
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة لا بإمكانك إضافة مرفقات لا بإمكانك تعديل مشاركاتك
كود في بي vB متاح الإبتسامات متاح كود [IMG] متاح كود HTML متاح



لمراسلتنا - شبكة سوالف - الأرشيف

Powered by: vBulletin
Copyright © Jelsoft Enterprises Limited 2000.