بسم الله الرحمن الرحيم
هذه قضية نطرحها للمناقشة لأهميتها ..
بشرط .. من أراد أن يدخل في النقاش عليه ابتداء أن يتجرد من هواه الشخصي ..
عليه ابتداءً أن يضع هواه تحت نعله ، ويدوسه بقوه ولا يسمح له بالحركة ، ولا بالتنفس ..!!
وعليه أن يستند إلى ما لا نستطيع رده بعيداً عن الهوى ..!!
= = = =
في بحر أسبوع أو يزيد قليلاً ، اسمع وأقرأ عجباً يتكرر على لسان بعض الطيبين والطيبات ..
يقول هؤلاء : ماذا يعني أن يكتب شخص تعقيبا على موضوع قرأه ( جزاك الله خيراً ) .. هل أفاد أحداً ؟ هل أضاف شيئاً ؟
والمعنى : أن هذا عمل لا جدوى منه ، مادام أنه لم يضف شيئاً أ ولم ينفع أحداً ..!!!!
سبحاان الله ، ثم سبحااان الله ..
قلت لأحدهم : صدق والله سلفنا الصالح حين قرروا أن : دواء الجهل السؤال !!!
وقلت له : لو أنك سألتَ لسمعتَ جواباً شافياً ، بدلا من أن تبني قرارا وأحكاماً على خطأ .. وكل ما بني على باطل فهو باطل !!!
قال : كيف ؟ أرجو أن توضح ..
قلتُ : ساوضح .. ما في ذلك شك ، ولكني عليك أن تحتملني !!.. فقد أوجعك بكلامي هذا اليوم ..!!
قال : تفضل ... معرفتي بك تجعلني أحتمل كل ما ستقول .. وثقتي بك ، تجعلني أتأمل بعين مجردة بعيدة عن الهوى الشخصي كل ما ستقول ، لأني على ثقة أنك لا تريد لي وبي إلا الخير ..
قلت .. جزاك الله خير الجزاء ..إذن جهز نفسك
أخي الكريم .. أنت بهذا _ وبدون شعور وبلا قصد منك _ تكون حقرت ما عظمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقللت ما كثره ، واستهنت بما أعلى من شأنه ..
صاح : أعووووووذ بالله .. كيف هذا بالله عليك ..!!
قلت : تأمل الحديث التالي بتركيز شديد ..
" من صنع إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيرا، فقد أبلغ في الثناء" رواه الترمذي
وفي الحديث الآخر :
"من أسدى إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا، فادعوا له، حتى تعلموا أن قد كافأتموه "
رواه أبو داود والنسائي وابن حبان
تأمل هاهنا : أن قول ( جزاك الله خيراً ) قامت مقام المكافأة التي عجزنا _ اصلاً _ عنها !!
قال : ولكن يعلم الله أنني أقول ذلك في سري ، وأدعو للكاتب بظهر الغيب ..
قلت : وهذا خطأ آخر ترتكبه يا صاحبي !!!
قال : سبحان الله .. كيف ؟
قلت : الحديث واضح أمامك .. وضوح الضحى !!
يوجهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .. أن نقول للفاعل فيسمع ..!!
وفي هذا جملة من الفوائد التربوية لا تخفى على اللبيب المتأمل ..
قال : أما هذه فنعم .. فرب كلمة ثناء وتشجيع تكون سبباً في تحريك همة إنسان ، أو دفعه لمزيد من العطاء ، أو تشجيعه على مزيد من الإتقان .. صدقت والله ..
قلت : لو أنك تأملت جملة من الأحاديث التي تتمحور حول مثل هذه القضية ، فإننا نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يدفعنا إلى أن نعبر عن مشاعرنا تجاه الطرف الآخر ، وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ، فقد أدرك صلى الله عليه وسلم أن هذا ( التصريح ) سيثمر فوائد كثيرة .. منها على سبيل المثال .. حين علّمنا أن نقول لمن أحببناه في الله .. أني أحبك في الله .. فيسمعها فينشرح ويُسر ..!!
وهكذا الحال هاهنا .. لم يشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحتفظ بالدعاء لهذا الإنسان في سرنا وبظهر الغيب فحسب ، وإن كان هذا مطلوب أيضا ..
ولكن مما لا شك فيه أن مثل هذه الكلمات تزيد روابط الألفة والمحبة ..
قال : صدقت .. هذا حق ..
قلت : بل أقول وأنا على يقين مما أقول : لو قيل لأي شيخ من مشايخنا الأجلاء الكبار قديما وحديثا : جزاك الله خيرا ..
لسُرّ بها وفرح ودعا بخير لقائلها .. ولن يشترط على قائلها فيسأله : اين الإضافة !!! أين الجديد !!!!
قال : هذا حق ، والمكابر فيه يجادل بالباطل .. ولكن يخطر لي سؤال ..
ألا ترى أن هذا الحديث وأمثاله يشير إلى صور الإحسان والمعروف المادية .. فقد لا يتناول ما نحن فيه ..؟!
قلت : الله أكبر .. وهذا خطأ جديد تقع فيه يا صاحبي ..
قال : كيف .. أوضح لي بارك الله فيك
قلت : وهل تظن أن الإحسان مقصور على الإحسان المادي ؟
بل إن الإحسان المعنوي قد يكون أعظم عند الله ، واقوى اثراً ، وأضخم رصيداً ..
أم تراك تظن أن ( العلم ) ليس إحساناً ؟؟ ثق تماماً أنه قمة الإحسان .. اعلم يا أخي بارك الله فيك ، أن من يقدم لك فائدة تنتفع بها في حياتك ، هذا الإنسان يكون بهذا قد أحسن إليك بصورة من أرقى صور الإحسان ، ..
وفائدة تنتفع بها لهي والله خيرٌ لك من كنز من المال ، يقدمه إليك أحدهم وعساك أن تفتن به فتهلك !!!
أتظن أن من يحسن إليك بالمال مثلاً أحق وأولى بكلمة شكر ودعاء وثناء ، من إنسان تتعلم منه وتنتفع به ؟؟؟!! لقد شططت في الفهم إذن ...!!
قال : ولكن من أتعلم منه إنما يريد وجه الله ، وليس بحاجة إلى كلمة شكر أو دعاء مني .
قلت : يا إلهي ..!! .. إنني أراك تقع في سلسلة من الأخطاء متوالية ..!!
وهل من يحسن إليك مادياً وهو لا يبتغي بذلك إلا وجه الله تعالى ، لا يحتاج منك إلى كلمة شكر ودعاء ..!! ما هذا ؟؟!
ألم يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن من لا يشكر الناس لا يشكر الله ...!!؟
قال : ما دام دخل فيها تقرير لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلن تجدني إلا وقافاً مع كلامه صلى الله عليه وسلم ..
وما كان لي أن أتجاوز وصية رسول الله سواء هذه أو السابقة وأؤثر عليه هوى شخصي .. كلا والله ..تابع ( جزاك الله خيراً )
هااه ألا ترى أنني بدأت أطبق كلامك ؟ هههههه
قلت : وجزاك الله عني خيرا مضاعفاً .. دعني أواصل الرحلة معك ..
ألست حريصاً على أن تشارك فاعل الخير في الأجر الذي يكسبه .؟
قال : أظنك تشير إلى الحديث الشريف " الدال على الخير كفاعله ".
قلت : هو ذاك .. حين يكتب إنسان كلمة طيبة نافعة ، قد يقرأها كثيرون فينتفعون بها ، وقد ينفعون هم من وراءهم وهكذا تتسع الدائرة .. فيكسب هو حسنات مضاعفة لا يحسب لها حساباً ، بسبب انتفاعهم بما فتح الله به على قلبه ..
أنت تستطيع وبكل يسر ، ومنتهى السهولة ، أن تأخذ ( نسخة طبق الأصل ) من حسنات ذلك الكاتب !!! فتشاركه فيها ..
قال : هذا شيء راائع والله .. ولكن ما دخل هذا بموضوعنا ؟
قلت : حين ينزل الموضوع إلى الأسفل ، أو تطويه الصفحة التالية ، فتبادر أنت إلى رفعه بكلمة ( جزاك الله خيراً ) فقط ..
فلعل البعض لم يلتفت إليه من قبل ، وبسبب رفعك له يقرأونه فينتفعون به !!
أو لعل زوارا جددا أو أخوة غابوا لفترة ، لم يروا الموضوع فبرفعك إياه تكون قد قدمت لهم ( طبقاً شهياً ) تقع أعينهم ابتداءً عليه ، فينتفعون به ، وبهذا تكون قد شاركت الكاتب الأجر ، بدون أي جهد يذكر !!
قال : راائع والله .. كيف فاتتني هذه ..
قلت : أخي الكريم ..للأسف الشديد أن كثيرين من أخواننا وأخواتنا يستهينون بما يجلب لهم حسنات جديدة يضيفونها إلى رصيدهم بجهد قليل ، وكأن الواحد منهم قد أمسى مستغنياً عن حسنات تأتيه من هذا الطريق !!!!!
قال : سبحان الله .. كيف يتلاعب الشيطان بالإنسان من حيث لا يشعر .. ويقطع عنه خيرا وفيراً بألف عذر وعذر ..
قلت : وأزيدك من الشعر بيتاً ..
قال ضاحكاً : بل بيتين لو سمحت ...
قلت : أبشر ...
يتبـــع .....