تحياتي للجميع
حبيت في بداية مشاركاتي معكم إني أتكلم عن الأساس في أي هيكل إداري ، وهو العلاقة بين الرئيس والمرؤوس . طبعاً من وجهة نظر يابانية . أو كما يحدث في المنشآت اليابانية .
هناك كلمتان في اللغة اليابانية تسمعها في كل مكان في اليابان بقدر ما تسمع تحيات الصباح والمساء في القاهرة . الكلمة الأولة هي Kouhai وهي ترمز لآخر من ينظم لفريق العمل أو طلاب الجامعة في السنة الأولى أو الثانوية في السنة الأولى وهكذا . والكلمة الأخرى وهي Senpai وهي على العكس تطلق على من قطع شوطاً في العمل أو المدرسة أو الجامعة. وللعلم فإن هذه العلاقة بين senpai + kouhai تبدأ في الواقع في مرحلة الطفولة حيث أن الطفل الأول للعائلة هو senpai وعادة فإن الطفل الثاني يأتي بعد ثلاث سنوات . فتقوم العائلة ومن خلال التعليم والمحادثة اليومية بتلقين هذا الطفل طرق العناية بأخيه أو أخته التي سوف تأتي في يوم من الأيام . فيكون هو أكثر شوقاً من والديه لممارسة دور المعلم . وهذه هي البداية في علاقة senpai + Kouhai وتستمر إلى ما لا نهاية ( في مقياس العمل ) . فعندما يدخل الموظف الجديد إلى الشركة يتلقفه المربٌّون لإعطائه نصيبه من التوجيه والإرشاد والعناية . وهذا الاهتمام لن يجعله يشعر بأنه طفل مدلل . فهو قد تعود على أداء مثل هذه الأدوار ويعلم تماماً أن كل تصرف يحدث أمامه هو من باب التعليم والتلقين المباشر والغير مباشر .
وطبيعي أن يبدأ كل ياباني يدخل الشركة بخطوط الإنتاج إذا كانت شركة صناعية أو بمواقع تقديم الخدمة إذا كانت شركة خدمية . بغض النظر عن شهاداته وتخصصاته . وعندما يتشبع بغبار السلعة الأساسية التي تنتجها منشأته يتم تدويره في أقسام أخرى وهكذا إلى أن يصل إلى الموقع الذي تم تعيينه فيه . بعد جلوسه الأول على مقعد العمل في الوظيفة المعين عليها يبدأ رحلة استرجاع ما قد تعلمه أو شاهده من تصرفات قام بها ألـ senpai في كل مكان عمل فيه . ويقوم بعد ذلك بإظهار أنه شخص قابل للتعلم وأنه يرغب في ذلك . فتجده يسأل زملائه عن بعض الأشياء وهو يعلم تماماً طريقة عملها وإنهائها ، ولكنها الرغبة في التعلم . فقد يكون هناك أقدم منه ولديه طريقة مميزة في تنفيذ ذلك العمل فيقوم باكتسابها منه عن طيب خاطر . ويتم إسناد أعمال كثيرة إلى هذا الموظف إلى درجة أن خطط التطوير أو شكاوي المستهلكين تسند إليه لدراستها ومن ثم يخرج بنتائج ( على قد حاله ) . وبعد ذلك ينقسم فريق العمل إلى مجموعتين أو ثلاث لمناقشة ما قدمه العضو الجديد من أفكار حيال ما أٌسند إليه من مهام . وهي نوع من حلقات الجودة الداخلية . ثم تجتمع المجموعات الثلاث مرة واحدة وتناقش أو تنتقد أطروحات بعضها الآخر . كل هذا على مرأى ومسمع من هذا العضو الذي بدأ يشعر بأنه عضو فعّال حيث أن ما قدمه يأخذ حقه من الدراسة والمناقشة . ويتم في النهاية اعتماد توصيات تخرج من القسم ليست موقعة بإسم رئيس القسم ، إنما ممهورة بخاتم كل موظف شارك فيها . وطبيعي أن يكون هذا الموظف الجديد قد استخرج الختم الخاص به ........


تحياتي للجميع

منطق جميل..

انا بصراحه لاحظت تطبيق هذا المبدأ في بعض المصانع في منطقة الجبيل الصناعيه...

شيء يفرح اننا نطبق المباديء المفيده والقادمه ممن سبقونا بمراحل في هذا المجال...


مشكووور اخوي عالموضوع الحلو..:rolleyes:




تحياتي ;)

قد يكون ما قدمت في الجزء الأول مثالياً في بعض وجوهه . وقد تعمدت أن أكتب عن الوجه الآخر في العلاقة بين Senpai + Kouhai وهي ليست كلها ممتعة ومشوقة . نهاية العام الميلادي هو من أكثر فرص الاحتكاك بين Senpai و Kouhai حيث تحرص جميع الشركات اليابانية على أن يكون هناك احتفال عام يقام في الشركة - غالباً- وهو قصير في الوقت ولا يتجاوز نصف ساعة . ويقوم فيه رئيس الشركة بإلقاء كلمة يتحدث فيها عن الأرباح التي حققتها الشركة ويشكر الجميع . بعد هذا الاحتفال الصغير يبدأ الجميع بمغادرة الشركة إلى المطاعم الشعبية اليابانية Izakaya ولكن هذه المرة كل قسم على حدة . ولا علاقة لهم بأيٍ من الأقسام الأخرى . وهنا يبدأ الاحتكاك المباشر بين Senpai + Kouhai خارج حدود العمل ويبدأ فيه الكبار بإملاء تعليماتهم إلى هذا العضو الجديد فيقومون بإجباره على احتساء ألوان الخمور وبكميات كبيرة وهم يقومون بالتصفيق له وتشجيعه لشرب المزيد . وعندما يأخذ منه الخمر نصيبه ويبدأ في الاستسلام لمفعوله يحرص رئيسه على التحدث معه وهو تحت تأثير الخمر عن رأيه في القسم والإنجازات التي تم تحقيقها . وفي الغالب - وعلى غير عادة اليابانيين - يقوم هذا العضو بالتحدث بشكل صريح ودون تحفظ وقد يزيد من حدة الانتقاد لرؤسائه ولنظام العمل في القسم . إلا أن الجميع يضحك متابعاً له ولكن المتابع الرئيسي له في هذا الحوار هو رئيسه المباشر الذي يعتبر أن هذا الموظف إنما يبوح له بما يكنه له أو تجاهه . يتذكر الـ Kouhai كل ما مر عليه من لحظات فهذا زميله في العمل - وهو الأقدم منه بالطبع - يطلب منه شراء علبة سجائر له ، وعندما يطلب منه ثمنها ليذهب ويحضرها يطلب منه زميله قطعة ورق صغيرة ويكتب فيها مثلاً 500 ين ويقول له لا تنسى أن تعيد لي الباقي . ويمضي ألـ Kouhai على مضض ويذهب ويحضر السجائر على حسابه . طبعاً هذه لا تحدث دائماً ، ولكنها تحدث لكثيرين .
وفي مثل هذه الاحتفالات تحدث حوادث تصل إلى الوفاة تسمماً بالكحول . وصحف نهاية العام الميلادي مليئة بمثل هذه الأخبار .
العلاقة تصبح أعمق عاماً بعد عام ويصبح الـ Kouhai بعد سنة Senpai وتدور الدائرة بخيرها وشرها على الـ Kouhai الجديد وهكذا .
الأمور المبرمجة في العلاقات بين الرئيس والمرؤوس كثيرة وتدخل تحت قواعد وبروتوكول غير مكتوب ولكنه محفوظ في الذاكرة منذ أيام الطفولة . الطاعة العمياء للـ senpai .
وطبيعي إذا كان الكوهاي فتاة فإن العلاقة تأخذ بعداً آخر ولكن بحذر وحرص شديدين . حيث أن رئيس القسم وعندما يريد أن يذهب لاحتساء الخمر في إحدى الحانات فإنه يدعو هذه الموظفة لمرافقته لتتحدث معه وغالباً لا يتجاوز الأمر هذا الحد .
أعتذر لكم إخواني وأخواتي بأن الأمثلة التي ضربتها تتعلق بإحتساء الخمر ، ولكن هذه هي حقيقة اليابانيين من حيث حبهم الشديد للخمر ومناسباته . ويعتقدون أن احتساء الخمر في المناسبات يجعلها أكثر متعة ، وبدونه فإن المناسبة مملة مهما كانت أهميتها .
إلى اللقـــاء

أحسنت اخي ياباني .
انا صراحة حبيت عادات اليابانيين العملية .
واعرف انهم يحبون الدراسة تصدق اني قرأت موضوع بمجلة المعرفة ان الطلاب اليابانيين يطالبون بإلغاء عطلة نهاية الاسبوع عندهم !!!
وشي جميل انك تعطينا بعض علومهم

أخي Mr. Kiadi
في اليابان أكثر من 700 جامعة حكومية وخاصة . وإذا أردنا التحدث عن الطلبة اللي تقصدهم تجدهم في ثلاث أو أربع جامعات حكومية فقط . وحتى داخل الجامعة الواحدة تجدهم في كلية أو كليتين من اللواتي تشتهر بهن الجامعة . قد يطالبون بإلغاء عطلة نهاية الأسبوع ولكن إذا ما قمت بعملية حسابية بسيطة فهم أصلاً يقضون عطلة نهاية الأسبوع وغيره في الجامعة . والجامعات هي جامعة طوكيو ، جامعة كيوتو ريتسمي .... وكلها حكومية . طبعاً دخول الطلاب اليابانيين والأجانب فيها مثل الحلم اللي لا تجرؤ على القول بأنك حلمته . أنا لا أبالغ لأن دخول هذه الجامعات يعني دخولك حلبة السباق في المعترك السياسي والقيادي في اليابان . فالخريجون من هذه الجامعات تتسابق عليهم الشركات اليابانية . وتتسابق عليهم الأحزاب السياسية وغالباً فإن رؤساء الوزراء والشركات الكبرى هم من خريجي هذه الجامعات .
وعموماً في بعض الكليات في هذه الجامعات نفسها أو الجامعات الأخرى الغالب أن الطلبة اليابانيين لا يحبون المحاضرات ويعتمدون على بعض في نقلها ... حالهم حال بعض طلابنا أو أكثرهم هنا في بلادنا العربية .
بودي الكتابة أكثر عن هذا الموضوع لكن قد يكون ذلك في موقع آخر حتى لا أفسد الجو على الإدارة وفنونها .
أشكر لك تعقيبك

أخوي ياباني جزاك الله خير على الموضوع الشيق و هناك عدة نقاط أود اثارتها معك حول الجزء الأول و الثاني:


هل يوجد فرق جوهري في علاقة اSenpai وKouhai في النمط الياباني و العلاقة بين الموظف الجديد الذي يتم تدويره حتى يستقر بدائرة عمله في النمط الغربي و مما يجدر الأشارة الية أنني عملة لفترة مع ميستوبيشي السعودية و شاهدت التحية اليابانية الايماءة بالراس و كذلك الاحترام الصارم للمدير التنفيذي او مدير المشروع الذي لا يجروء احد على تناول الغداء حتى يحضر و كذلك شاهدة العلاقة في الجامعات ذات النمط الغربي بين طلاب السنة التحضيرية و الطلاب القدماء او من تجاوزوا هذه السنة ....السؤال ماهو الفرق الجوهري .



النقطة الثانية تتعلق بمسألة معرفة شعور و توجهات و ووجهات نظر الموظفين من قبل رئيسهم و حتى الامريكين يعتمدون نظام الحفلات و الخروج مجموعة للعشاء لكن بالغالب الموظفين القدماء يتحاشون نقد المدير الا الاقوياء والاقوياء جدا (مثلي ) و لا اجد ما يصنع فرق سواء ان اليابانيين يخرجون اخر السنة بينما النمط الاوربي و الفرنسي خصوصا و النمط الامريكي يكون الخروج في عشاء لمجموعة العمل مساء شهريا ان لم يكن اسبوعيا مثل ما يحدث للسعوديين الذين تعودوا على هذه الجمعة من التقاليد الاجتماعية لا اكثر و لا أقل.

و تقبل خالص تحياتي

أخي Ohayou Gozaimasu Fares77
أشكر لك إثارة نقطتين ذات علاقة وطيدة بالموضوع أعلاه .
عندما تتشابه الأفعال وتختلط علينا الأمور لا نجد بداً من مقارنة الأهداف النهائية التي يطمح لها كل فريق . والفروق غالباً لا يمكن أن تكون جوهربة بقدر ما هي فروق تتعلق باختلاف الثقافات والتي وإن كانت قوية في أزمنة غابرة إلا أننا نستشعر اضمحلالها في ظل العولمة والتجارة الحرة .
فما دمت يا أخي قد عملت مع شركة يابانية فإنك بالتأكيد لاحظت بعض الرسميات في العلاقة بين الرئيس والمرؤوس . وهذا كله في ظاهر الأمر فقط . ولكنه في باطنه طريقة للمحافظة على البروتوكول الياباني في التعامل بين الصغير والكبير . بحيث لا يتمادى الصغير في فرض بعض العادات المنقولة معه من خارج المنشأة ، وبحيث لا ينسى الكبير واجباته تجاه من هو أصغر منه .
وبذلك فإن الهدف النهائي من بعض التصرفات البروتوكولية والمملة أحياناً هو بناء علاقة طويلة الأمد مبنية على الاحترام والتكامل . وهذا يعود إلى مبدأ التوظيف الدائم في المنشآت اليابانية . والذي نفتقده في المنشآت الغربية وبالتحديد أمريكا . ومثل ذلك في العلاقات بين الطلاب في الجامعات الغربية والتي غالباً تنتهي بالتخرج .ولذلك نجد في الانترنت من يدعوك للتعرف على المتخرجين من جامعتك وزملائك في الدراسة . بينما في اليابان فإن مسألة التخرج تكون هي البداية لإنشاء صداقات ومجموعات تجتمع بشكل دوري . ولضرب المثل فقط ، يراسلني نادي الثقافات في جامعتي اليابانية بانتظام ( حيث كنت عضواً فيه ) ويحرص على معرفة أي تحديث لمعلوماتي الوظيفية أو العناوين .... وهكذا .

النقطة الثانية يا أخي تشترك في مسببات تساؤلها أيضاً بطبيعة وهدف هذه الحفلات التي أشرت لها . الساذج فقط هو من يسأل مرؤوسه ( وش رايك فيني ) ؟ ولكن الذكي يستطيع قراءة رأي مرؤوسيه في وجوههم أو من خلال تصرفاتهم ومستوى إنتاجيتهم . وبالتالي فإن مثل هذه الحفلات ( بالنسبة لليابانيين ) هي من الفرص القليلة التي تتاح لمعرفة آراء الرؤوسين حول محيط العمل بأكمله من جهة وحول رئيسهم المباشر من جهة أخرى. السؤال الغير مباشر هو من طبيعة اليابانيين على عكس الأمريكان الذين يعتقدون بأنهم في ممازحتهم الكثيرة لمن يقابلونهم طريقة لدخول عالم الطرف الآخر ومعرفة شعوره واتجاهاته و..... بينما يراها اليابانيون تدخل سافر في طبيعة العلاقات الإنسانية والتي تطلب أن يتاح لها الوقت والظروف الكافيتين لتبدأ في التفاعل والتعمق .

أشكرك مرة أخرى ...

الف شكرا أخي ياباني على المعلومات ....