العودة سوالف للجميع > سوالف شخصيه وثقافيه ادبيه > سوالف الأدب والثقافة > نورت ظلمة حياتي
المشاركة في الموضوع
Um-Shahad Um-Shahad غير متصل    
عضو فائق النشاط الامارات  
المشاركات: 877
#1  
نورت ظلمة حياتي
كانت أمنية أحمد الوحيدة أن يرى ولو للحظة واحدة الفتاة التي أعطته الأمل والقوة ليكمل

حياته التي اعتقد أنها انتهت عندما فقد بصره بالحادث الذي كاد يقتله.

تذكر آخر صورة رآها لسيارة بيضاء مسرعة لتقطع الإشارة الضوئية وكان هو قد انطلق فداس

على " الفرامل" بقوة ليتفادى الاصطدام لكن سيارته انقلبت رأساً على عقب ولفت به عدة مرات

قبل أن تتوقف عند عامود الإنارة، ولم يستيقظ إلا في المستشفى حيث كانت الضمادات تغطي

رأسه وعينيه، لم يعلم أحد أنه استفاق من غيبوبته، سمع صوت والدته وهي تبكي ويحاول والده

التخفيف عنها بكلمات غير مفهومة، رفع أحمد يده وقال" أمي لما البكاء" قفزت والدته من مكانها

وتوجهت إلى سريره لتمسك يده وتقبلها قائلة الحمد لله على سلامتك يا ولدي الحمد لله.

ماذا جرى... أين أنا؟؟ نظر الوالدان إلى بعضهما ثم قال له والده أنت في المستشفى، فقد

تعرضت لحادث عندما كنت خارجاً من منزل صديقك، فجأة تذكر أحمد وقال نعم فعلاً تذكرت السيارة

البيضاء! من هو؟ هل تم توقيفه؟ فقد كان مسرعاً جداً حتى أني لم أستطع رؤيته، قال والده

للأسف يا بني لم يستطع أحد أن يراه لأن الطريق كانت شبه فارغة، على كل حال لا تفكر به الآن

المهم أنك بخير والجراحة كانت ناجحة والأطباء طمأنونا أن حالتك مستقرة، فسأله أين أصبت؟ قال

رجلك انكسرت فوضعوها بالجبس أما الإصابات الباقية فرضوض خفيفة.. لكن رأسي يؤلمني جداً و

هناك ضمادات تلفه .. لماذا؟ وكم من الوقت مضى وأنا هنا؟ قال والده سيأتي الطبيب الآن

وسيشرح لك أكثر مني المهم الآن انك استفقت من غيبوبتك وهذه نعمة من الله فاشكره يا ولدي.

كان أحمد الذي أصر على والدته أن تذهب وترتاح في المنزل في المساء وقال لها أنام طوال الليل إذا

أردت أي شيء سوف أنادي الممرضة أرجوك يا أمي لا تدعيني أتعب أكثر، كان يحبس دموعه حتى

موعد ذهابها ليطلق العنان لها كان كلما تذكر كلام الطبيب الذي قال له بأنه أصبح ضريراً يضرب

السرير بيديه ويتمنى الموت.. كان يفكر بحياته السابقة وكيف انه لم يكن يعرف النعمة التي كان

يملكها.. نعمة النظر، فقد كان يرى السماء والقمر والشمس والشجر، وكانت الألوان حياته، حتى

سيارته كانت حمراء، كان يكره اللون الأسود وبينما هو غارق بتفكيره شعر بدخول احدهم إلى

الغرفة، لم تكن الممرضة لأنها تكلمه حين تدخل، شعر أن الشخص واقف قربه ويحدق به فرفع رأسه

وقال من هناك؟ ولما لم يسمع الجواب عاد وسأل بتوتر من؟ فسمع صوتاً أشبه بالهمس لفتاة وهي

تقول آسفة هل كنت نائماً؟ لا، لكن من أنت؟ قالت أمي مريضة هنا وأنا أنام معها لكنها رقدت

وشعرت بالملل فصرت أجوب في الممرات علني أجد من اكلمه، آسفة نسيت أن أعرفك بنفسي

أدعى نور وأنت؟ قال ببرود اسمعيني يا نور أنا لست بمزاج يسمح لي بالتعرف أو الكلام مع أي أحد

فأنا أفضل البقاء وحدي لو سمحتي.. سكتت الفتاة وقالت بغصة مسموعة عذراً إذا كنت أزعجتك فأنا

لم أقصد، تصبح على خير، شعر أحمد بالحزن لأنه كلمها بطريقة فجة، فهو بطبعه رقيق القلب،

وتمنى لو تعود ليعتذر منها.

حل المساء وذهب والداه وأقرباؤه وكذلك أصدقائه، وماهي إلا دقائق حتى شعر بها تدخل قائلة

مساء الخير، جئت أعتذر منك عن الليلة الماضية فأرجو أن تسامحني، فقد كنت جافاً معك..

تفضلي بالجلوس من فضلك.

وهكذا كان أحمد ينتظر المساء بفارغ الصبر لتأتي نور وترفه عنه وتقرأ له تخبره عن حياتها

وأهلها وأصدقائها، كانت رقيقة كالنسمة، بريئة كالأطفال، والأهم أنها تعلم بأنه أعمى، كانت فرحته

بلقائها كل ليلة أنسته الكارثة، شعرت بحزنه، كانت كأنها تقرأ أفكاره فقالت له أنت إنسان مؤمن يا

أحمد فاشكر الله على كل شيء فكان من الممكن ان تموت في الحادث ولا تنس أن تقدم كثيراً، ولا

يجب أن تفقد ثقتك وإيمانك بالله عزوجل، فقال: الحمد لله على كل شيء لكني أفكر كيف سأعمل

وماذا، فأنا تخرجت حديثاً من الجامعة ولم أعمل بعد ثم من التي ستقبل بي وأنا على تلك الحالة؟

فقالت: من ترفض الارتباط بك لأنك لا ترى هي العمياء لأن الكثير من الناس الذين لهم عيون لكنهم

لا يرون بها.

أمسكت نور بيد زوجها الذي أحبته بقوة فهو الانسان الذي كانت تحلم به وتريد قضاء حياتها معه

لتدله على مقعده في الطائرة المتوجهة إلى ألمانيا لقضاء شهر العسل وإجراء عملية جراحية نسبة

نجاحها تتعدى ال70%، كانت فرحة أحمد كبيرة ليس لأنه ارتبط بالانسانة التي أحبها فحســــب بل

لأنه سيستطيع رؤيتها بعد أيام، أما هي فكانت تنتظر نجاح العملية الجراحية لأنها تحبه وتريده أن

يشفى، ولتريح ضميرها المعذب منذ الحادث المشئوم الذي كانت هي السبب به وهذا الشيء لم

يعرفه أحد إلا هي والله سبحانه وتعالى.


"من الواقع" مقال لمريم راشد

Um-Shahad غير متصل قديم 09-05-2007 , 02:21 PM    الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


[عرض نسخة للطّباعة عرض نسخة للطّباعة | ارسل هذه الصفحة لصديق ارسل هذه الصفحة لصديق]

الانتقال السريع
   قوانين المشاركة :
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة لا بإمكانك إضافة مرفقات لا بإمكانك تعديل مشاركاتك
كود في بي vB متاح الإبتسامات متاح كود [IMG] متاح كود HTML متاح



لمراسلتنا - شبكة سوالف - الأرشيف

Powered by: vBulletin
Copyright © Jelsoft Enterprises Limited 2000.