|
عضو نشيط جدا
|
|
المشاركات: 691
|
#5
|
لا أدري أيتها البهية كيف سيتواصل افتتاني بكِ، وأنا أرتعش فرقاً كلما عجز القلم عن البوح، أيخونني القلم أم هى الروح عاجزة؟، أأحكي عن زمن قد انتهى، و انتهت به الحكايات؟ أأحكي عن الكهل الوحيد يتلظى بوحدته، حتى وسادته سئمت شكواه، و ما عادت تبالي بدموعه و الآلاف من أحلامه و أوهامه و حكاياته التي يرويها لها، لها وحدها، كبطولات يستدركها في الوقت الضائع، أحقاً ما عدتِ تُبالين بكهلكِ؟، أحقاً كان وقتا ميتاً لا ضائعاً هو كهلك؟، هو وحيد بلا قنديل يضئ ظلمته، بلا نور ، بلا صباحً أضحى هو، مرتحلٌ كهلكِ إلى أزمنة تضاءلت فأضحت خيالات تروي أحلامه اليابسة.
ما أجملك أيتها القصيدة، حين تأتين كسحابة تروي القاحل من أرضي، سحابة أنتِ، سحابة تحمل في طيّاتها بارقٌ يُطاردني أَلَقِه على السطور، خصب السنين أنتِ، و أنا من امتشق الظلام يكتب حبه الأول، يكتبكِ شمعة أنارت تلك اللجّة، دون غياب.
قبل أن تورق البراعم، قبل أن يزعج صمتك أصوات الآخرين، بالله أخبريني ، أما زلتِ تؤمنين، أن تحت البريعميات الخضر اليانعات، المختفيات تحت عمالقة الشجر، ينام الحب بهدوء، لا يريد إزعاجًا، إيقاظاً من البشر، أما زلت تؤمنين أيتّها الشاعرة، أنّ النجوم ذات ليلة سعيدة، ستنثر الفرح على أرض بني البشر، و رذاذ الفرح يتعلق بأقواس قوس قزح، و يتغلغل في الأرواح الحزينة، رذاذ الفرح يا فرحي هو ما أصابنا أنا و بيتك الريفي القديم و أصحابك هنا، فانتابتنا موجة الأمل تلك.
كنتُ تقولين، أن النجوم حين تنثر الفرح، ستورق الأرض الجدب، و تتعملق برعيمات الحب الغافي، فيستيقظ، ليستيقظ النور، و تبدأ الحياة، أما زلتِ تتتبعين بصيص النور؟، إذاً، مرّي من هنا لنعلم أيّ طريقٍ سلك النور.
أَو تكون ذواتنا في حد ذاتها وهى تتبع درب النور دراماتيكية الخيال و كنهه العميق، ألسنا نجهل من نحن في أحيان، و أحيان نظن أننا عرفنا من نكون، ثم لا نلبث أن نبحث و نبحث ، و نجدد، و نغيّر، أين نحن إذاً؟.
هناك نظرية تقول - هذه النظرية حقيقة و ليست مثل باقي أساطيري يا صغيرتي - أننا لسنا نحن، أنت يا من هو أنت لست أنت في واقع الحقيقة أو في حقيقة الواقع أو الخيال، قلّب وجوه المرآة آلاف المرات، ربما، ربما تصل إلى جزء من أنت، أتُراني عرفتكِ ؟ أتُراني عرفتُ نفسي؟، أتُراني وصلتُ إلى ذلك الجزء، لا أدري، إنما ما أعرفه، أنّ ذكراك هى هطول المطر على أرضي اليابسة، وقلبي الذي ما تبقى له غير الجراح.
نهضتُ هذا الصباح مثقلاً بخيبة الأمل، كم هى قاسيةٌ خيبة الأمل، إنّها تترك الجروح لزجة ملتصقة بالقلب فتُحدث فجوة موجعة فيه، فراغاً أسوداً يقتلنا، و لا يقتلنا، تحسست ذقنيُ، تحتاج إلى حلاقة، مررّت بشفرة الحلاقة سريعاً على ذقني، فيما مضى، و أنا في بدايات الصبا وأعتاب الرجولة، كنت أحب أن أجرح نفسي كي تسقط نقطة دم في الماء فأشاهد اختلاط الدم بالماء وتحوله إلى لونٍ أشبه بعصير الرمان، أظن الدمويين يحبون الرمان، هل كنتُ قاسٍ؟، لربّما كنتُ كذلك على نفسي، لكن هذه اللعبة لم تعد مسليّة بالنسبة لي، لقد تركت مهمة جرحي للحياة و البشر.
حين صافح الماء وجهي ليزيل بقايا النوم والصابون العالق عليه رفعت رأسي، فوقعت عيني على شخص يتوسط المرآة، شخص يشبهني ولا أعرف من هو، باغتني بسؤال حاد ومربك:
- من أنت؟
- من أنا؟ ، إن كان السؤال عن كنهي، فأنا لا أعرف، وهذا يحزنني، أليس محزناً أن تدور حول الشمس كل هذه المرات ولست أدري كم من المرات دار القمر حولي، ثم أكتشف أني لا أعرفني.
عندها هربت للكتابة إليكِ، الكتّاب الكبار يقولون أنهم يكتبون ليصلحوا العالم، أنا أكتب لكِ ولنفسي علني أدلني و أدّلك عليّ، أحيانا حين لا أجد ما أكتبه، أنصت لفيروز وهي تغني لطفل اسمه (شادي) ، أنا أحب شادي بل أرى أنني هو الذي رحل ولا أحد يعرف إلى أين، حتى هو لا يعرف إلى أين رحل، نعم أحياناً كثيرة أرى أنني أنا من رحل لا أنتِ، حين يعود (شادي) من غيابه، سأكمل ما بدأته علني أعرفني، وأعرفكِ، أو هل يجب أن أقول علّكِ تعرفينكِ، و تعرفينني.
.
.
أيتّها الروح من أنتِ.. ومن أنا؟
|
|
15-01-2005 , 06:39 PM
|
الرد مع إقتباس
|