= = = =
هل يمكنكَ أن تتخيل هذا المشهد :
رجل يُطلق سهاماً ، سهماً بعد سهم إلى فضاء لا يظهر فيها شيء ،
وهو يزعم أنه قد يصيب هدفاً ربما يلوح فجأة !!
الرجل أنت تعرفه ، عاقل وليس بمجنون !! وطبيعي جداً ،
لا قدرات خارقة له ، بحيث يرى ما لا يراه الآخرون !!
وتمد عينيك مرة أخرى على امتداد المساحة التي يرمي فيها سهامه ، فلا ترى شيئاً ألبته ،
مجرد فضاء ممتد ، ورمال مترامية الأطراف ، وصاحبك لا يزال يصر على أن يرمي سهامه بلا ملل ،
إلى أبعد نقطة ، بزعم أنه قد يصيب هدفاً غير مرئي !!
هذا مشهد من صنع الخيال ، ولكن مثاله على أرض الواقع يتكرر كثيراً ..!
إن الذين يقطعون رحلة الحياة ، وليس في أذهانهم أهدافاً واضحة المعالم يسيرون إليها ،
ويسعون لتحقيقها ، ويكابدون الحياة لأجلها ، هؤلاء إنما يضيّعون أعمارهم هدراً ،
وتمضي حياتهم عبثاً ، وسيندمون في يوم لا ينفع فيه الندم !!
وإذا كان ذلك الرامي لسهامه أحمقَ ، فهؤلاء اشد حماقة وأعظم خبلاً !!
إن غاية ما سيخسره الرامي مجموعة سهام ، ولكن هؤلاء سيخسرون الآخرة ،
وربما ضاعت منهم الدنيا أيضاً !!
ونعني منهم بالذات أولئك الذين لا يضعون في حسابهم الهدف الرئيس الذي اختاره الله لهم ،
وخلقهم لأجله ، وأوجدهم على هذه الأرض لتحقيقه .!
وهو ما نص عليه ربنا سبحانه في محكم آياته :
(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) ..
هذا الهدف كما يتضح من الآية الكريمة هو : تحقيق العبودية لله في كل شؤونك :
( قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )..
ولله در الشاعر حيث يقول :
ومما زادني فخـراً وتيهـا ** وكذتُ بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي ** وأن صيرت أحمد لي نبيـا
العجيب أن ثمة جمهرة غفيرة من الناس يهتمون اشد الاهتمام بأهداف قصيرة وقريبة ،
يقطعون حياتهم لتحقيقها هدفاً بعد هدف ، وفي الوقت نفسه ينسون الهدف الرئيس
الذي خلقهم الله له ، ومنحهم فرصة الحياة لتحقيقه على أرض الواقع !
ومع هذا فلا شك أن هؤلاء أحسن حالاً ممن يقطع حياته بلا هدف أصلا ،
إنما هو كالقشة يسيّرها التيار حيث سار سارت ، وإن وقف وقفت !
لكن الذي يعنينا هو أن:
نتواصى باستمرار ،
وأن يذكر بعضنا بعضاً دائما بأن هناك هدف رئيس
يريد الله منا أن نجعله نصب أعيننا ولا نغفل عنه ،
ونحاول معاً أن نرتقي إلى ترجمته فعلا ووقعا في دنيا الناس ..
ولا ننسى أن المؤمن للمؤمن كاليدين تغسل إحداهما الأخرى
فلا تستغني هذه عن تلك ، ولا تلك عن هذه !
= = =
وهنا موضوع آخر جديد .. على الموقع :
بعنوان : قم إلى الصلاة وبادر إليها ( وهي سلسلة جديدة نسأل الله أن ينفع بها )
http://sa3h.maktoobblog.com/?post=482825&postView=1