|
عضو نشيط جدا
|
|
المشاركات: 691
|
#1
|
.. أنا .. و غريمي ماء السماء ..
.. من رسائلهِ إليها ..
.. الرسالةُ الخامسة ..
.. ذاتُ رسالة مصارحة .. كتبتُ.. "فلتعلمي أنّكِ كلُّ ما أملك في هذه الدنيا .. أنا لا أملك سواك" ..
.. حين انتهيت من جملتي تلك .. وجدتُ نفسي أردد بحرقة الصدق .. ليتها تدخل لأعماقك تتغلل بي إليك .. فتفهميني ..
.. كنتُ متيقناً .. أنّك ستعتبرينها مبالغات عاشق .. أودى به العشق في مجاهله ..
.. وخفت .. أن تمّر تحت ناظريك دون أن تبلغك فقري إلا منكِ .. و وحشة وحدتي بغيابك .. و يتمُ قلبي بعدك ..
.. أنا فعلاً يا أنا .. لا أملك إلاّك ..
.. و لا أملككِ ..
.. حين انتهيتُ من تلك العبارة .. وجدتني أحدّق فيها برهة خِلتها زمانا .. التبس علىّ تحديده ..
.. كنتُ فيها أستحلف الحروف حرفاً حرفاً أن تبلغك ما عجزتُ عن قوله..
.. صامتاً .. كنتُ أُعاهد الكلمات أن تبلغك سرّي الذي استودعتها ايّاه ..
.. و أذكرّها أن تصل إليك كما خرجت من روحي فتختلط بروحك و تسكنك .. و تأتيني بكِ ..
.. أنقضَتْ الكلمات المعاهدة .. ؟ .. فلمّا تأتي ..
.. خانتني .. و لم أعرف من خان .. يا سيدّة الغياب ..
.. أهى الحروف .. أم أنا ..
.. أم .. أنتِ ..
.. أم أنّ الخيانة .. مظلة نحشر تحتها كل انهزاماتنا ..
.. يا من كنتِ نصري الوحيد في سنوات عُمري الفاني ..
.. أتُراك أيضاً هزيمتي النكراء .. ؟ ..
..
.. على أعتاب آب .. ستأتيك رسالتي هذه .. و كآب ستأتيك منكسرة ..
.. مذ غبتِ .. و غاب النور ..
.. امتهنتُ الانتظار .. و استوطنني الانكسار ..
.. لن أمل انتظارك أبداً .. و هل يملُّ أحدنا أنفاسه التي تبقيه حيّا ..
.. إنّما أنا انكسرت .. و كما الرمادّي الحزين .. هى ذاكرتي ..
.. في غفلة من الحزن .. يتبدل الزمان بالصباحات البهيجة ..
.. و بقربك يدفئني .. بصوتك يحييني ..
.. و أعود منها .. خالي اليدين .. إلا من دموع تساقطت حين الغفلة ..
.. و من قطرات مطر صيفية .. تسللت من زجاج نافذتي فامتزجت بدموعي كحلف يأبى إلا انتزاع نصرٍ من عدو لا يراه .. و ما هو إلا ذاك الرمادّي الجاثم على صدري ..
.. فجأة .. تلوح تباشير نصر واهٍ .. فأرى طيفك تزفه حبات المطر ..
.. أهكذا أنتِ دائماً و المطر تتآمران حبوراً كطفلين من روائي ..
.. كم تنهشني الغيرة حين أرى حبورك بقدومه ..
.. و كم أشعر أنه غريمي الذي أتى يُنافسني عليك .. حين تهرعين للنافذة تحيينه بعيون ضاحكة بهيجة ..
.. بربك .. كيف أنتِ و المطر بعدي .. ؟ ..
.. أتذكرين حين كان يُخيفك المطر .. تهرعين إلىّ كطفلة تطلب الأمان ..
.. و تبتسمين أمام نظراتي المتشفية من غريمي الذي أخافك ..
.. واثقة أنني سأغتنم فرصة خصامكما المؤقت لأنال منه ..
.. تعلمين .. أن كهلك سيهرع للمدفأة يسابقها الدفء ليضمك إليه ..
.. حينها .. أنسى الغيرة.. و تأخذني نشوة الانتصار ..
.. أتعلمين .. أنه أضحي نديمي الآن بعد أن كان غريمي ..
.. فهو وحده يذكرني بك .. يحملك إلىّ ..
.. كم ندمتُ على منازلته .. و كم شكرت له وفائه ..
.. ما زال هو يذكرك .. و أنا ..
..
.. صباحاتي يا أميرتي أصبحت تحيك الحزن نسيجاً يتغلغل في ثنايا الروح ..
.. فلا أعرف أهى الروح تدثرت الحزن .. أم الحزن تسربل الروح ..
.. كم من صباحات انتظرتُ أن أبدأها معك .. فخانتني كل الصباحات .. و أنتِ ..
.. كم من مصادفات لقاء رسمتْها المخيلة سيناريوهات و لا أروع .. و لا أبدع ..
.. و أنتكسُ منها لواقعٍ مجروح .. فتتشبث الروح أكثر بلباسها الحزين ..
.. بصقيعها الموحش الذي لا يُفارقها ..
.. و لم تُفلح شمسُ تموز الحزينة أن تذيبه ..
..
.. نجمتي الضائعةُ في غياهب ضمّتها بعيداً عني ..
.. هل التماس النجوم أمنية ضنّ بها علىّ الهوى .. ؟
.. أم أنّ نورك تناسى بيتىَّ الريفي القديم .. ؟ ..
.. هل بقيتُ مجرد ذكرى بعيدة ..
.. أم أن عناويني ما عادت هى عناوينك .. ؟
..
.. هذا المساء .. كان النسيم عليلاً .. يُغري بالخروج إليه .. و البقاء في أحضانه ..
.. حملتُ صينية عشائي .. و توجهتُ للشرفة ..
.. واجهتُ النسمات .. فغمرتني .. و أغرقتني معها التأملات ..
.. تداعت الذكريات علىّ و كأنها طاقة فُتحت فجأة من حيث لا أدري ..
.. كانت الذكريات أنتِ ..
.. و كانت الذكرياتُ ما لا أطيق تذكره ..
.. رأيتكُ قبالتي .. تبتسمين ..
.. كنتِ أيتها الرائعة الغائبة .. حقيقةً تتواجدين ..
.. مسحتُ دموعا تجمعت في مآقىّ من حيث لا أدري .. لأراكِ بوضوح ..
.. كنتِ لا زلتِ تبتسمين ..
.. كان الجمال أنتِ .. و كانت الروعة أنتِ ..
.. و كنتِ السحر و العذوبة .. و عذابي أنتِ ..
.. كما كانت نواميسنا .. بقيِتْ ..
.. ما تغير منها شئ ..
.. حتى أنتِ ما تغيرتِ في هذا البيت الصغير الذي يحنّ إليك ..
.. أفلا ترحمينه .. و ترحميني ..
.. تفاصلينا الصغيرة .. ضحكاتنا .. غضبنا .. تفاهاتنا ..
.. دلالك علىّ .. مشاكستي لك ..
.. لا زالت تكتسح كل مساحات الذكرى ..
.. أقفرت الحياة من بعدك .. و استوطنت صحراء قاسية منابت الزهر في قلبي ..
.. و أمسى البيت الدافئ ..
.. قبراً يضمّني حياً.. بارداً قَفِراً ..
..
.. عدتُ لصينية عشائي ..
.. فجاءني صوتك من ذات سفر .. " ماذا تفعل؟ " ..
.. أجبتُ مبتسماً " أتناول فطوري " ..
.. " ليتني كنتُ معكَ " .. أجبتِ ..
.. عندها .. انفجرت دموعي صامتة ..
.. أجبتك .. " عندها كنتُ سأطعمك بيدىّ لأشبع أنا " ..
.. كان العالم .. أنتِ و أنا ..
.. و النسماتُ الحانيات ..
.. أيقظتني لقمةٌ غصصتُ بها من ذكراك..
.. كأنها تقول لي مستهزئة ..
.. إنما كان عالم من وهمٍ ذاك الذي ولجته ..
..الوهم الذي لا ينتهي إلا بغصّة جارحة ..
.. تموز 2003 ..
|
|
25-09-2003 , 06:40 AM
|
الرد مع إقتباس
|