الحرب الإعلامية الأمريكية ضد السعودية
النيويورك تايمز والحرب الإعلامية ضد الفكر السعودي الإسلامي
جهل الإعلام الأمريكي بالإسلام دفعه لمهاجمة أهم تعاليمه بزعم مهاجمة الفكر السعودي
عربيات - خالد عابد
الحرب الإعلامية التي تشنها بعض وسائل الإعلام الأمريكية وعلى رأسها صحيفة ( نيويورك تايمز ) على المملكة العربية السعودية كشفت عن جهل أمريكي كبير بالإسلام وتعاليمه .... حيث اختلطت أوراق رواد هذه الحملة التي لم تنجح بالفصل بين لغة السياسة ولغة الدين فلم يجنوا من وراءها إلى تأليب الرأي العام الإسلامي عليهم وتعزيز مفهوم استهدافهم للإسلام لدى السواد الأعظم من المسلمين ....
صحيفة ( النيويورك تايمز ) تبنت هذه الحملة بالهجوم على منابر الخطب في المساجد السعودية والمناهج التعليمية الدينية والتعاليم الإسلامية اعتقاداً منها أنها أمور ثانوية يمكن التخلي عنها بسهولة وهذا ما يعكس جهل الكاتب بالدين الإسلامي واقتصار بحثه على تسجيل المعلومات عن جوانب في المجتمع السعودي دون البحث عن أصولها التي تنبع من الكتاب والسنة ....
فالخطب المنبرية في المساجد لم تكن بدعة يبتدعها النظام السعودي وليست بالشيء الجديد بقدر ماهي أصل من أصول الدين التي لايمكن بترها من حياة المسلم مهما تشدقت ( النيويورك بوست ) بأسبابها ودفعت بالحجج عن خطورتها من وجهة نظرهم ... وتأتي خطبة الجمعة على رأس قائمة الخطب التي تعتبر جزء من ممارسات المسلم في هذا اليوم وتفرض على الإمام القاءها وتفرض على المصلي الإستماع لها في جميع بقاع الأرض ومساجد المسلمين مهما اختلفت مذاهبهم وطرق ممارستهم للدين.
فصل العلم عن الدين في المجتمعات الغربية أدى إلى حالة تخبط وعجز عن استيعاب الكوارث
أما المناهج الدراسية فيبدو أن الصحيفة تقيس على نظام التعليم الإمريكي والعلماني الذي يعمل على الفصل بين العلم والدين ، فيعتبر تدريس الدين في المدارس أمر محرم لا يتناسب مع الحضارة الغربية والتطور وتجاهل الكاتب أن هذه النقطة على وجه الخصوص لاتزال شريحة كبيرة من المجتمع الغرب تناقشها وتطالب بإعادة النظر فيها لأن عملية الفصل بين الدين والعلم أدت إلى خلل كبير في تفكير الشباب وإدراكهم لمعلومات أساسية عن الوجود والخالق ومنابع العلم الأساسية التي في الواقع تتطلب من الدراسات العلمية والنظريات وقت أطول للوصول إلى نتائج في حال تجاهلها .... وهي أيضاً ما أدى إلى عجز العقل الغربي عن استيعاب الكوارث الكونية نظراً لمفهومهم السطحي للخالق عز وجل فوقعوا في معضلة تفسيرها لبعض الشباب أو حتى الكبار الذين شرعوا بعد حوادث نيويورك إلى إنكار وجود الخالق وشعروا بصدمة نفسية عنيفة لإعتقادهم السابق بأن الله قد صنفهم بالطائفة الطيبة وان إصابتهم بسوء أو وقوع كارثة بهذا الحجم تعني عدم وجوده والعياذ بالله.
ولقد شاهدنا في مناظرات عديدة حول هذا الموضوع في الغرب تساؤلات من الطلاب لرجال العلم ولوم لرجال الدين على محاولاتهم لتصحيح هذا المفهوم حتى أن بعضهم وضع يده على الحقيقة قائلاً ( كيف تطالبوننا اليوم بالثبات في مواجهة مثل هذا الأمر والإنصياع لأوامر الخالق بعد أن أخرجناها من مناهجنا العلمية ومدارسنا وجامعاتنا ... كيف نعرف الله اليوم؟ ) ....
وهذا هو الجهل والتخبط الذي يعانيه المجتمع الغربي ويسعى رؤوس الفتنة من أمثال صحيفة ( نيويورك تايمز ) إلى ترويجه في المجتمعات الإسلامية لضرب مصدر قوتها الوحيد المتبقي ويكمل به نصاب التبعية الإقتصادية والتكنولوجية بالجاهلية الدينية .... فيزعم الكاتب ( نيل ماك فاركار ) : " أن الطالب السعودي يتم دراسته الجامعية وهو غير مؤهل للعمل لسبب واحد هو وجود مواد دينية مفروضة عليه للنجاح واجتياز كل مرحلة يتم التركيز عليها أكثر من المواد العلمية " ويشطح بتفكيره إلى أن يصور الطالب السعودي عندما ينهي دراسته الجامعية وكأنه يحمل مسدساً بين يديه لممارسة الإرهاب بدلاً عن الشهادة العلمية ....
من جهة أخرى يشير الكاتب في نفس المقال إلى إفتتاح الحكومة السعودية للمساجد والمدارس في الخارج ويهاجم هذا التوجه بصفته يساهم على نشر تعاليم متطرفة ( على حد قوله ) ... كما كتبت ( بلاين هاردين ) في نفس الصحيفة عن هذا الموضوع بإستياء من أن السعودية كانت تروج للعمرة والحج وتستقطب أئمة المساجد الأمريكية لتدريبهم على الدعوة والخطابة وهذا ما تراه اختراق للفكر للأمريكي !!!!.... ولا يعلم هؤلاء الكتاب أنهم بهذه المزاعم يناقضون حرية ممارسة الأديان والعبادات التي تقر بها الحكومات الغربية ، ويدفعون ملايين المسلمين في الخارج إلى معاداة الأنظمة التي يعيشون تحت لواءها في حال أنها حرمتهم من النوافذ الإسلامية التي تساعدهم على الموازنة بين عقيدتهم والحياة في المجتمعات الأخرى دون أن يفقدوا هويتهم ... وهذا حق مشروع لكل مغترب .... فالإسلام بالنسبة للمسلم وطن يدين له بالولاء ومن واجب الأسرة المغتربة أن تبحث لأبنائها عن ما يساعد على ربطهم بهذا الوطن ....
كما أنه من الملاحظ أن أغلب الدول بمافيها الولايات المتحدة الأمريكية تقوم بإنشاء مدارس ملحقة بسفاراتها في الخارج تعتمد إلى حد كبير على مناهجها الخاصة ولم يسبق وأن انتقد أحد افتتاح هذه المدارس واعتبرها وسيلة لنشر أسلوب الحياة والفكر الأمريكي !!!
ومما يضاعف من حجم الجهل الذي يعانيه كتاب هذه المقالات هو استشهادهم بخلل آخر إعتقاداً منهم أنه عامل ضعف ، ألا وهو أن المملكة العربية السعودية مجتمع مغلق إلى درجة أنه لايسمح بالإختلاط بين الجنسين في الجامعات والمدارس ولايسمح بشرب الخمر أو أكل لحم الخنزير .... وهذا ما قد يجعل أي مسلم يطوي الصحيفة وهو على قناعة أن هؤلاء يكتبون عن دين لايعرفون عنه أي شيء وليس لديهم دافع سوى الهجوم على أمور تزيد الطرف الآخر قوة بدلاً عن إضعافه.
وفي نهاية الأمر يبدو أن النتيجة من مثل هذا الهجوم عكسية تماماً .... فالنيويورك تايمز اختارت حجج لا يقبل بها عقل المسلم ودفعت القلة المؤيدة للمواقف الأمريكية أن تعيد النظر فالإنتقاد لم يكن للنظام السعودي بقدر ماهو توجه لإستئصال الفكر الإسلامي من جذوره ومهاجمة التعاليم السماوية ... ولعلها في المرات القادمة تراعي الموضوعية في الطرح وتبحث عن الأصل في الأديان قبل مناقشتها وتشريحها بهذا الجهل التام للتعاليم والواجبات والحقوق الأساسية.
http://www.arabiyat.com/mynews/inde...p=page&SubMenu=