العودة سوالف للجميع > سـوالـف الجمـيــــــــع > سـوالــف إســلامــيـة > الدعاة الجدد....(مقال خطير جدا )
المشاركة في الموضوع
USAMA LADEN USAMA LADEN غير متصل    
منع من الكتابة  
المشاركات: 995
#1  
الدعاة الجدد....(مقال خطير جدا )
بسم الله الرحمن الرحيم

الدعاة الجدد

عبد الله بن بجاد العتيبي

كان شهر يناير الماضي يلملم ذيوله، وفي السادس والعشرين منه انعقد المؤتمر الذي نظمته "مؤسسة أوروبا للثقافة والفنّ" في العاصمة الإيطاليّة روما، وكان موضوع المؤتمر أو المهرجان هو "الغرب كما تراه وسائل الإعلام العربيّة"، وكان المدعوون للحديث في المؤتمر مشارب شتى، فمن نجدة أنزور المخرج السوري، إلى طارق السويدان، وهو واحدٌ من أبرز من يسمّون بالدعاة الجدد، وكذلك فيصل القاسم صاحب برنامج "الاتجاه المعاكس" في قناة "الجزيرة"، وأخيراً كاتب هذه السطور.


كثيرٌ هو ما أثارني في ذلك المؤتمر فبالإضافة لتنوّع مشارب المتحدثين واختلاف توجهاتهم السياسية والفكرية، كان هناك حضورٌ كثيفٌ من قبل العرب في إيطاليا، والأهم من قبل الإيطاليين وبعض الأوروبيين، وحشدٌ من وسائل الإعلام الغربية إيطالية وفرنسية وألمانية وغيرها.

أوردت ما سبق مدخلاً لما أردت الحديث عنه في هذا المقال، دار الحوار ساخناً بين المتحدثين والحضور، وتحدّث الدكتور طارق السويدان بحديثٍ غريبٍ عجيبٍ بالنسبة لي، فقد قال -فيما قال- إنه يمثّل حركةً إسلاميةً هي الأكبر في العالم الإسلامي- لا أدري حتى الساعة عن أيّ حركةٍ يتحدث!-، وقال إن خطاب بن لادن لا يؤيده من الحركات الإسلامية إلا أقلها حجماً!، ثمّ تحدّث عن الرؤية التي يمثّلها– وأنا أنقل من نوتةٍ كتبتها أثناء الندوة ولم تصلني بعد النسخة المصوّرة للندوة- فقال: نحن ضدّ إقامة حكوماتٍ إسلاميةٍ، ونحن نؤمن بالديمقراطية، ونؤمن بالحرية، ونؤمن أنّ من رضي عنه الناس فليحكم، وأننا مع حوار الحضارات!

واسترسل في حديثٍ حاول فيه التماهي مع أهمّ المفاهيم الغربية الحديثة كالديمقراطية والحرية وغيرهما، حتى وصل الأمر بفيصل القاسم أن قال لي بعد الندوة: لقد خجلت من طريقة تملّقه للغرب بهذه الطريقة، ليس هذا أغرب ما سمعت، ولكن عندما ابتدأت المداخلات من الجمهور الحاضر بكثافة في مقاعد المسرح، كنّا جميعاً على موعدٍ مع سؤالٍ صادمٍ وشديد التركيز ألقته نائبةٌ إيطالية في البرلمان الأوروبي تعليقاً على قول السويدان: إن منع الحجاب في جامعات فرنسا هو أمرٌ ضدّ حريّة الفرد التي يؤيدها بشدة، كان السؤال الذي ألقته النائبة الأوروبية كالتالي: أنت ضد منع الحجاب في جامعات فرنسا انطلاقاً من مبدأ حرية الفرد الذي تؤمن به وأنا معك في هذا، ولكن دعني أسألك ما رأيك في البلاد الإسلامية أن نقول كما أنّ للفتاة الحقّ في وضع الحجاب، فهل لها الحريّة في أن تخرج سرّتها كذلك؟

كان السؤال مباشراً وصادماً وانتظرت بفارغ الصبر جواباً من السويدان، فجاء جوابه كالتالي: قال الله تعالى "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، وقال تعالى: "لست عليهم بمسيطر"، وقال تعالى:"لا إكراه في الدين"، فإذا كان الإنسان مسموحا له أن يكفر بالله فكل ما سواه أسهل، لكننا ندعو الناس إلى الأخلاق... فالحرية أساس دعوتنا!

إذاّ فالدكتور طارق السويدان يرى أن الإنسان مسموحٌ له أن يكفر بالله، والفتاة من حقها أن تخرج سرّتها من باب أولى، ثمّ إن الموقف الشرعي من هذا كله يقتصر على "دعوة الناس إلى الأخلاق"!، هذه هي المحصّلة النهائية من هذا الجواب الصادم الذي أدلى به السويدان مخاطباً للغرب، وهي مفرداتٌ كما هو ظاهرٌ لا يستطيع السويدان طرحها في العالم العربي، ما يدلّنا على قدرة خطاب الدعاة الجدد على التشكّل والتلوّن، وأنّه خطابٌ بلا ثوابت إلا ثوابت الهيمنة على عقول الأتباع، وإيصال "الدعوة" إلى كلّ الناس وبأي شكلٍ وبكلّ وسيلةٍ، بغض النظر عن موقف الشريعة أو الدخول في تفاصيل أدلّتها وأساسيّاتها.

إنّ مصطلح "الدعاة" مصطلح حادث لم يكن معروفاً تاريخياً إلا في الدعاة إلى الحركات الدينية السياسية السرية كحركة بني العباس قبل تولي الخلافة ونحوها، فالمصطلحات المقاربة لهذا المصطلح هي مصطلح "العلماء" أو "الفقهاء" أو "طلبة العلم"، ولكنّ هذه المصطلحات لا تنطبق في الغالب على هذه الفئة من المنتسبين للتيارات الإسلامية، ولذلك كان المخرج في مصطلح "الدعاة" ولاحقاً "الدعاة الجدد".

ليس هذا فحسب، بل غالب من يسمّون بـ"الدعاة الجدد" يفتقرون للعلم الشرعي أو العلم بالنصوص الشرعية وأوجه دلالاتها، وهم يطرحون طرحاً مهادناً للغرب يحاول التماهي مع أفكاره الأساسية ومبادئه الكبرى، ولكنّهم يغيّرون من لغة خطابهم حين يكون موجّهاً للمتدينين المتشدّدين، أو حين يدخلون معهم في جدلٍ دينيٍ لا تثبت أفكارهم أمام إلزامات المتشددين وحججهم، وهم يعتمدون في الهروب من تباين خطابهم وتناقضه على "التأويل" كمخرجٍ من كلّ مأزقٍ يواجههم مع أي طرفٍ من الأطراف.

إن من يسمّون بـ"الدعاة الجدد" يمتنعون عن توجيه نقدٍ حقيقيٍ ومباشرٍ لظاهرة العنف الديني ورموزها كأسامة بن لادن أو الظواهري أو الزرقاوي أو غيرهم، وكذلك ينأون بأنفسهم عن توجيه أيّ نقدٍ لخطاب المتشددين من المفكرين الإسلاميين كسيد قطب أو حسن البنّا أو غيرهما من الرموز، ويحاولون الاكتفاء بطرح أفكارٍ إسلامية بقالبٍ حداثيٍ جديد يعتمد على ما يمكن تسميته "أسلمة" العلوم الحديثة في الاجتماع والاقتصاد والإدارة بل وتقنية "NLP" أو "البرمجة اللغوية العصبية"، والمهارات المتعلقة بما تقدّم.

يخرج هؤلاء الدعاة للناس بمظهرٍ مختلفٍ جداً عن المعهود عن المتدينين، فهم في الغالب بلا لحى ولا جبة ولا عمامة، بل هم إما حليقو اللحى وإما أنّ لحاهم مهذّبة تهذيباً أنيقاً، ويلبسون ملابس "مودرن"، هذا من حيث المظهر الخارجي أو الزيّ الظاهر، أما من حيث طبيعة الخطاب فهو خطابٌ متلوّنٌ كما سبق، يلبس لكل حالةٍ لبوسها.

إذا كان الدين والدعوة لدى العلماء التقليديين يعنيان الزهد في الدنيا فإنهما تحوّلا لدى "الدعاة الجدد" إلى سلعةٍ مربحةٍ يقايضون عليهما ويتشددون في الأسعار، إنهما بالنسبة لهم كالدجاجة التي تبيض ذهباً.

المجلة الأميركية "فوربس" تعتبر أشهر المجلاّت الاقتصادية على مستوى العالم، وفي نسختها العربية الصادرة في شهر مارس 2008 تطرقت عبر تحقيقاتٍ مطوّلةٍ ومكتوبةٍ بمهنيّةٍ عاليةٍ لما أسمته: "نجوم الدعوة"، وطرحت على غلافها السؤال التالي: كيف يجمع دعاة الدين الجدد بين الشهرة والثروة؟

ما أثارني بصدق هو الجدول الذي نشرته الصحيفة عن دخول هؤلاء الدعاة من الدعوة فحسب، بما يعني أنّها لم تتدخل في تجاراتهم الأخرى، فكانت النتيجة –كما يقال- فتّاكةً!

الداعية المودرن جداً عمرو خالد لا يتقاضى في مقابل الدعوة إلى الدين إلا مبلغاً زهيداً هو 2,5 مليون دولار فقط!، أما صاحبنا في بداية المقال طارق السويدان فجاء في المرتبة الثانية بمبلغ مليون دولار لا غير!، وجاء في القائمة أسماء أخرى هم: عائض القرني 533 ألف دولار، عمر عبدالكافي 373 ألف دولار، سلمان العودة 267 ألف دولار، وألحقت المجلة أسماء ترى أنها تسير بخطىً ثابتةٍ إلى الثراء، وهم يوسف القرضاوي وحمزه يوسف وأحمد الكبيسي والحبيب الجفري وعبلة الكحلاوي! وجميع هؤلاء يصنعون ثرواتهم من خلال "بيع الدعوة".

ولا غرابة بعد هذا أن نعلم أنّ هؤلاء الدعاة الجدد يستهدفون بدعوتهم المشاهير وأبناء الذوات وأنجال السلطة، ذلك أنهم يدفعون أكثر من غيرهم في مقابل تلقي الدعوة ودعمها، بخلاف الدعاة التقليديين الذين كان تركيزهم في الغالب على الفقراء والمعدمين وأبناء السبيل!

لم يزل المتاجرون بالدين يطوّرون أساليبهم وطرقهم لجعله سلماً لأهدافهم ورغباتهم، فمن طامحٍ للحكم جعل الدين سلّمه، إلى راغبٍ في الثروة اتخذ الدين مطيةً لرغبته، ولم تزل في الزوايا خبايا، ولم يزل الدين هو المظلوم الأكبر ممن يقدّمون أنفسهم على أنّهم حماته ودعاته!

* نقلا عن صحيفة "الاتحاد" الإماراتية

USAMA LADEN غير متصل قديم 26-03-2008 , 02:49 AM    الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


[عرض نسخة للطّباعة عرض نسخة للطّباعة | ارسل هذه الصفحة لصديق ارسل هذه الصفحة لصديق]

الانتقال السريع
   قوانين المشاركة :
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة لا بإمكانك إضافة مرفقات لا بإمكانك تعديل مشاركاتك
كود في بي vB متاح الإبتسامات متاح كود [IMG] متاح كود HTML متاح



لمراسلتنا - شبكة سوالف - الأرشيف

Powered by: vBulletin
Copyright © Jelsoft Enterprises Limited 2000.