العودة سوالف للجميع > سوالف المميزة > إبــــــــداعـــــــــــــات > أحاديث عن الجاحظ
 
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#1  
أحاديث عن الجاحظ
الجاحظ وتأليف كتاب الحيوان :

كانت العلاقة بين الجاحظ والوزير المعروف محمد بن عبد الملك الزيات (وزير المعتصم والواثق ) علاقة طيبة حتى عد الجاحظ من أسباب الزيات وأصدقاءه المقربين ..

وقد ذكرت المصادر الأدبية تلك المنزلة التي بلغها الجاحظ في عهد الواثق ( أو المعتصم ) حسب معجم الأدباء ، قال :

دخل علي أحدهم وقال لي : يا أبا عثمان كيف حالك ؟ فقلت له سألتني على الجملة فاسمعها مني واحداً واحداً . حالي أن الوزير يتكلم برأيي ، وينفذ أمري ، ويؤثر الخليفة الصلات إلي ، وأكل من لحم الطير أسمنها وألبس من الثياب ألينها ، وأجلس على ألين الطبري ، وأتكئ على هذا الريش ثم أسير على هذا حتى يأتي الله بالفرج .

فقال الرجل : الفرج ما أنت فيه ؟ فقلت بل أحب أن تكون الخلافة لي ، ويعمل محمد بن عبد الملك بأمري ، ويختلف إلى ، فهذا هو الفرج ..

كانت هذه هي المنزلة التي بلغها الجاحظ لدى هذا الوزير ، ورغم هذا فقد كانت هناك بعض الشوائب والمشاكل التي تفسد علاقتهم ببعض حتى ألف الجاحظ رسالة أسمها ( الجد والهزل ) يعتب فيها على الزيات يقول في بدايتها :

( جعلت فداك . ليس من أجل اختياري النخل على الزرع أقصيتني ، ولا على ميل إلى الصدقة دون إعطائي الخراج عاقبتني ، ولا لبغضي دفع الإتاوة والرضا بالجزية حرمتني
ولست أدري لم كرهت قربي وهويت بعدي ، واستثقلت روحي ونفسي واستطلت عمري وأيام مقامي ، ولم سرتك سيئتي ومصيبتي وساءتك حسنتي وسلامتي ، حتى ساءك تجملي بقدر ما سرك جزعي وتضجري ، حتى تمنيت أن أخطئ عليك فتجعل خطئي حجة لك في إبعادي ، وكرهت صوابي فيك خوفا من أن تجعله ذريعة لك إلى تقربي )

ويبدوا أن غضب الزيات على الجاحظ كان مرجعه تأليف كتاب ( الزرع والنخل ) لإبراهيم بن العباس الصولي الذي كان بينه وبين الزيات عداء وكان سبب هذا غضب الزيات على الصولي - مع أنه كان صديقا له - وعزله من ولاية معونة الأهواز وخراجها واعتقله بسبب اتهامه بدعوا أن أموالا كثيرة لم تؤدى إلى بيت الخراج وقد اتهمه الزيات بالتلاعب بأموال الدولة وخراجها ولم ينجو الصولي من عقاب الزيات إلى بعد تدخل الخليفة الواثق الذي أمر الزيات برد حريته إليه وجعله من حاشيته ، فبسط الصولي لسانه في غريمه ( الزيات ) ونظم فيه الأشعار ذاما وهاجياً

ورغم هذا فإن العلاقة استمرت حسنة بين الجاحظ والزيات لإعظام الزيات للجاحظ وحبه لعلمه ، وكان في تلك الفترة ( عهد الواثق ) في سنة 232هـ خلاف وعداء بين محمد بن عبد الملك الزيات والقاضي أحمد بن دواد وكان الجاحظ مقربا أكثر إلى الزيات ..

توفي الواثق في ذو الحجة من سنة 232هـ وتولي الخلافة المتوكل وكان هذا ينقم على الزيات سوء معاملته عندما كان وليا للعهد ، فأعتقل المتوكل الزيات في صفر من سنة 233 هـ ( أي بعد شهرين من تولي المتوكل للخلافة ) ..

تذكر كتب الأدب أن الجاحظ قد ألف كتاب ( الحيوان ) لمحمد بن عبد الملك الزيات ) فمنحه خمسة آلاف دينار !

وإذا ثبت صدق هذه الكتب الأدبية عن إهداء الزيات فيعني أن الجاحظ قد ألف كتاب الحيوان قبل اعتقال الزيات في شهر صفر من سنة 232هـ !

ويبدوا أن هذه المقولة صادقة لعدة أسباب من أهمها علاقة الجاحظ بالزيات القوية ترشحة بشكل كبير على أن يكون هو الشخص الذي يهدى له هذا الكتب المهم ..

يزيد من ذلك أن الجاحظ يذكر في مقدمته في كتاب الحيوان أن من أهدى له الكتاب كان يعيب عليه تأليف بعض الكتب ، وقد ذكر الجاحظ في رسالته في ( الجد والهزل ) والتي بعثها للزيات أنه هذا الأخير ينتقد طريقة تأليف الجاحظ وجمعه كتبه ودفاتره ..

إضافة أن هناك الكثير من التطابق بين رسالة الجاحظ في الجد والهزل ومقدمة الجاحظ في كتاب الحيوان وهي مقدمة معاتبة وناقده لمعيبة هذا الشخص المهدى إليه هذا الكتاب ..

بالإضافة لذلك أن المحقق عبد السلام هارون يذكر في مقدمة تحقيقه عن تقسيم أجزاء الكتاب أن الجاحظ كان يصرح في ختام كل جزء بهذه العبارة : ( تم المصحف ... من كتاب الحيوان ويليه المصحف ... )

وفي رسالة الجد والهزل يقول الجاحظ على لسان الزيات قوله : ( وقد كان الواجب أن يدع الناس أسم المصحف للشيء الذي جمع القرآن دون كل مجلد ( وقد ذكرنا أن الجاحظ استعمل كلمة مصحف في نهاية كل جزء من أجزاءه ) وألا يرموا جمع شيء من أبواب التعلم في الدفتين ، فيلحقوا بما جعله السلف للقرآن غير ذلك من العلوم ) انتهى حديث الزيات في رسالة الجد والهزل ..

وكأن الزيات ينقد الجاحظ على تسميته بأجزاء كتاب الحيوان بالمصاحف ؟! ( هنا يتبادر سؤال بالفعل هل ألف الجاحظ كتاب الحيوان قبل رسالة الجد والهزل ؟! يبدوا من هذه المعلومة أن الجاحظ ألفه الحيوان قبل رسالته المعاتبه وإن كان هناك أمر أخر أيضا يثير الشك في هذا الاستنتاج و سأذكره فيما بعد )

إذا من كل هذا نعتقد أن كتب الأدب والمعلومات التي نستقيها من كتاب الحيوان وحياته وعلاقته تؤكد أن كتاب الحيوان قد أولف لمحمد بن عبد الملك الزيات وبذلك يتبين لنا أن تأليف الجاحظ لكتاب الحيوان كان قبل شهر صفر من سنة 233 هـ أي قبل اعتقال الزيات في عهد المتوكل ...

وقد راجعت الفهرست الخاص بكتاب الحيوان ( تحقيق عبد السلام هارون ) لكي أطلع على أي معلومة تاريخية تحدد لي أو تحصر لي زمن تأليف الجاحظ بين تلك السنة واعتقال الزيات ( صفر من سنة 233 هـ ) ، وكان مراجعتي لفهرس الأعلام بالذات وخاصة الخلفاء – مع العلم أني اطلعت في كتاب الحيوان من قبل عن ذكر الجاحظ للمتوكل في مجلده السابع – ووجدت أن الجاحظ قد ذكر المعتصم مرتين وذكر الواثق مرة وذكر المتوكل ( وهذا مهم جدا لأنه تولى الخلافة في ذو الحجة من سنة 232هـ ) مرة واحدة في أخر الكتاب ..

ذكر الجاحظ المعتصم والواثق في موضوع واحد عن حديثة عن الحيوانات غير المستأنسة ( الوحشية ) قال : ( ومتى لم تنفرها الأعراب بالكلاب والقسى ، ونصب الحبائل رتعت بقربهم ، ثم دنت منهم أولا فأولا ، حتى تطأ اكتاف بيوتهم ، " وهي اليوم في حير المعتصم بالله والواثق بالله على هذه الصفة ) [ الجزء الرابع ، ص 422 ]

ولم يذكر حير المتوكل ( !؟ ) ولربما حتى تلك اللحظة التي أنهى بها الجاحظ إنهاءه لهذا المقطع لم يكن المتوكل قد ولى الخلافة بعد ..

ويذكر الجاحظ المعتصم مرة أخرى في الجزء السابع ( ص 131 ) : ( أما الجاموس والأسد فخبرني محمد بن عبد الملك ( الزيات الوزير صديق الجاحظ ) أن أمير المؤمنين المعتصم بالله ، أبرز للأسد .... ألخ )

وقد ذكر الجاحظ المتوكل في الجزء السابع والأخير ( ص253 ) قال وذلك عند رواية الجاحظ لقصة عن شخص أسمه عبويه حدثه عن شخص أسمه السوداني أنه كان يربى ذئب كان يصيد به الظباء و الثعالب ، قال الجاحـــــظ في كتاب الحيوان :

(وحدثني بهذا الحديث في الأيام التي قــــام بها أمير المؤمنين المتوكل على الله )

ويعني هذا قطعا أن الجاحظ قد ألف الكتاب بين الفترة من خلافة المتوكل في ذو الحجة سنة 232 هـ إلى شهر صفر من سنة 233هـ أي ما يقارب الشهرين من تلك الفترة ...

أكتفي بهذا عسى أن أتحدث في ما بعد عن عدة أمور في ما يختص بهذا الموضوع أو ما يرتبط به ..

وللحديث بقية بإذن الله ...

الطارق غير متصل قديم 08-11-2002 , 03:47 AM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#2  

تابع :

الحقيقة انتابني بعض الشكوك حول تأليف الكتاب في تلك الفترة ( أي ما بين تولي المتوكل الخلافة واعتقال الزيات ، وهي مدة شهرين فقط )!
ومبعث هذه الشكوك عدة ملاحظات انحشرت في رأسي ، وهذه الملاحظات هي :

النقطة الأولى : من غير المنطقي أن يهدي الجاحظ كتاب الحيوان في تلك الفترة القصيرة للزيات فالوضع السياسي لم يستقر بعد ، والزيات في شغل عن كل هذا ..

*النقطة الثانية : ثم استوقفتني مقولته عند ذكر المتوكل في كتاب الحيوان : ( وحدثني بهذا الحديث في الأيام التي قام بها أمير المؤمنين المتوكل على الله )

وأثارني كلمة ( في الأيام التي قام بها ) هذه الكلمة مطاطية بإمكاننا أن نمد منها أو نقصر ، لكن لماذا نطق الجاحظ بهذه الكلمة ولم يكن بين إهداء الجاحظ لهذا الكتاب وتولي المتوكل الخلافة إلا شهرين على الأكثر ؟!
لماذا لم يصرح الجاحظ بالفترة بدلا من استعمال هذه الجملة المطاطية ؟!

النقطة الثالثة : تقول المصادر الأدبية أن الجاحظ ألف كتاب الحيوان وأعطاه الزيات خمسة ألاف دينار ، وتجمع المصادر أن الجاحظ بعث رسالة الجد والهزل للزيات ..

وقد ذكرت من قبل أن الجاحظ يذكر في نهاية كل جزء من كتبه الكتاب بهذه العبارة : ( تم المصحف ... من كتاب الحيوان ويليه المصحف ... ) وقد عابه الزيات بسبب ذلك كما ذكرنا من قبل في رسالته ( الجد والهزل – رسائل الجاحظ ج 1/ ص254 ) ..
وقد يزيد من تأكيد هذا أن الجاحظ لم يذكر رسالة الجد والهزل في بداية مقدمة الحيوان وقد ذكر عدة كتب في تلك المقدمة !


ويعني هذا أن الجاحظ قد ألف رسالة الجد والهزل بعد كتاب الحيوان ! وهي فترة جدا قصيرة لتحدث التغلبات في العلاقة بين إهداء الجاحظ لكتابه الحيوان للزيات ومنح الزيات الجاحظ خمسة آلاف دينار ، وبعث الجاحظ لتلك الرسالة الناقدة والمعاتبة بعنف ! وقد ذكر الجاحظ في رسالته عدة مواقف حدثت بينه وبين الزيات كانت السبب في بعث تلك الرسالة !

بالإضافة أن الجاحظ يذكر في كتابه الحيوان في المجلد 4/208 أنه كان يعاني من المرض يقول : ( وقد صادف هذا الكتاب مني حالات تمنع من بلوغ الإرادة فيه : أول ذلك العلة الشديدة ) ، ويذكر الجاحظ في الجد والهزل ما يدل أنه كان يعاني من الحصى ( رسائل الجاحظ ) ج1/252 تحقيق عبد السلام هارون )

وقطعا من المستحيل ومع وضع الجاحظ ومرضه أن ينتهي من كتاب الحيوان ليتبعه برسالته في الجد والهزل مع تلك الفترة البسيطة ..

هذه بعض النقاط التي بدأت تتدافع في رأسي ، ورغم هذا فالمصادر الأدبية التي ذكرت أن الجاحظ بعث كتاب الحيوان للزيات ، والمقارنة بين رسالة الجد والهزل ومقدمة كتب الحيوان تؤكد أن الكتاب قد ألف للزيات ، وقبل أن يعتقل !

كما أن ذكر الجاحظ للمتوكل يدل قطعا أن الجاحظ قد انتهى من تأليف الحيوان في بداية خلافة المتوكل ..

إذا رغم الشكوك فإن أدلة تأليف الكتاب الجاحظ في تلك الفترة أكثر ترجيحا ، بل أن النقاط المذكورة لا تعدوا إلا أن تكون مجرد شكوك وبالإمكان الرد عليها ..

مثلا النقطة الأولى : تقول المصادر التاريخية ( الحقيقة قرأت هذه المعلومة في أحد الكتب ولا أذكر هذا الكتاب ) أن الزيات لم يعتقل إلا بعد أن اطمئن على وضعه ، واستقر وضع المتوكل في الحكم ، وقطعا هذا يجعل من الجاحظ يهدي هذا الكتاب في تلك الفترة ..

النقطة الثانية : هي جملة مطاطية بالفعل وبالإمكان أن تطلق على الفترة ولو كانت قصيرة ، هذا بالإضافة أن الخطيب البغدادي معجم الأدباء ذكر عن الجاحظ أنه قال ( تاريخ بغداد ج12/214 ) : ( نسيت كنيتي ثلاثة أيام ، فأتيت أهلي فقلت بمن أكنى ؟ فقالوا بأبي عثمان ) فلربما تفسر هذا القصة استعماله لهذه الكلمة بالذات ..


النقطة الثالثة : وهي عن تأليف الجاحظ لكتاب الحيوان ، ورسالة الجد والهزل ..
ذكرت من قبل أن الجاحظ قد ألف الكتاب قبل الرسالة .. ولكن !
ولما لا يكون الجاحظ قد بعث رسالته في فترة تأليفه لكتاب الحيوان ؟!

لذا لم يذكر في مقدمته هذه الرسالة لأنه لم يؤلفها إلى بعد ذلك ، وفي أثناء تأليف الجاحظ للحيوان وقبل أن ينتهي من إهداءه !

ولكن ماذا عن تسمية أجزاء الكتاب بالمصحف ونقد الزيات للجاحظ على هذه التسمية ؟!

يبدولي أن الجاحظ كان يعرض مجلداته على الزيات وقبل أن ينتهي من تأليف كتاب الحيوان ودليلنا من رسالة الجد والهزل يقول الجاحظ في تلك الرسالة ( رسائل الجاحظ ج1/ص246 ) :

(سمعتك وأنت تريدني وكأنك تريد غيري ، وكأنك تشير على من غير أن تنصني ، وتقول إني لأعجب ممن ترك دفاتر علمه متفرقة مبثوثة وكراريس درسه غير مجموعة ولا منظومة ، كيف يعرضها للتجرم ، وكيف لا يمنعها من التفرق ، وعلى أن الدفتر إذا انقطعت حزمته ، وأنحل شداده وتخرمت ربطه ، ولم يكن دونه وقاية ولا جنة ، تفرق ورقه ، وإذا تفرق ورقه أشتد جمعه ، عسر نظمه ، وامتنع تأليفه ، وربما ضاع أكثره ، والدفتان أجمع وضم الجلود إليها أصون والحزم لها أصلح ) ..

ويكمل الجاحظ في صفحة 248 ويقول :

( فلما أخذت بقولك وصرت إلى مشورتك وأكثرت حمد الله على إفادتك من العلم وحظ عنايتك من النقل وجمعت البعض إلى البعض والشكل إلى الشكل وتقدمت في استجادة الجلود وفي تمييز الصناع وفي تخير البياعات وغرمت المال وشغلت البال وجعلته مصحفا مصحفا وأجملتها صنفا صنفا )

إلى أن يقول : ( إذ كل واحد من هذا المصاحف ، قد أعجز يدي بثقل جرمه وضيق صدري بجفاء حجمه )

ويبدوا أن هذا النصائح من الزيات لم تكن إلا في فترة تأليف كتاب الحيوان لأنه لم يسبق له أن جمع كتب من قبل هذا الكتاب بقدر هذا الحجم ، ويزيد من تأكيدنا على هذا أن هناك تقارب كبير من كتاب الحيوان والجد والهزل في الكثير من المواضيع ..

وبل وما يثبت قطعا صدق استنتاجنا أنا الجاحظ يذكرك في المجلد الخامس من كتاب الحيوان صفحة 201 هذه الجملة في تفسيره الآية الكريمة : ( وعلم آدم الأسماء كلها ) :

( فإن قلت : فقد علم الله عز وجل آدم الأسماء كلها – ولا يجوز تعريف الأسماء بغير معاني – وقلت لولا حاجة الناس إلى المعاني ... ) ..


وفي نفس رسالة الجد والهزل ( ص263 ) يفسر الجاحظ الآية الكريمة المذكورة ، ويعيد ذكر هذه الجملة ( فإن زعمت أن الله تبارك وتعالى علم آدم الأسماء كلها بمعانيها ) .. وحديثه في كلا الصفحتين متشابه جدا !

ويبدوا أن هذا يبين أنه كان هناك جدل بين الجاحظ والزيات في تفسير هذه الآية الكريمة مع معرفتنا عن الجاحظ أنه كان يكرر مقالاته ويأخذ من كتبه السابقة ، ولو اعتبرنا أن الجاحظ قد كرر جملته في ( الحيوان ) أو الرسالة ( الجد والهزل ) بعد أن سجل في أحد الكتابين من قبل ..

وإذ قلنا أن الجاحظ سجل هذا في المجلد الخامس من كتاب الحيوان الذي يتكون من سبع مجلدات ( المجلد الخامس 604 والجلد السادس 512 والمجلد السابع 263 ) واسترجعنا مرض الجاحظ كما قال في كتابه الحيوان في المجلد 4/208 أنه كان يعاني من المرض يقول : ( وقد صادف هذا الكتاب مني حالات تمنع من بلوغ الإرادة فيه : أول ذلك العلة الشديدة ) .

هذا بالإضافة إذ جزمنا أن الجاحظ قد أنهى تأليف كتاب الحيوان في تلك الفترة القصيرة جدا ( مدة شهرين ) ، فمن المؤكد بل المستحيل أن ينهي الجاحظ المجلد الخامس والسادس والسابع في تلك الفترة الضيقة ويسجل أيضا رسالة ( الجد والهزل ) من بعد ذلك !

بل المنطقي أن يكون الجاحظ قد أنهى رسالة الجد والهزل قبل أن ينهي تأليف كتاب الحيوان ( ولربما كان هذا في فترة كتابته للجزء الخامس ) ثم أكمل المجلدات الأخرى حتى أنهى تأليف كتاب الحيوان ..

أكتفي بهذا وللحديث بقية ...

الطارق غير متصل قديم 09-11-2002 , 06:18 AM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#3  
مرض الجاحظ
سأتحدث في هذا الموضوع عن مرض الجاحظ في أخر حياته ..

يقول الجاحظ في كتاب الحيوان ( ج4 / ص 208 ) : وقد صادف هذا الكتاب مني حالات تمنع من بلوغ الإرادة فيه ، أول ذلك العلة الشديدة ... )

ويدل هذا أن الجاحظ قد كان مريض قبل انتهاءه من تأليف كتاب الحيوان في الفترة التي حصرنا فيها تأليف الجاحظ لكتابه ( الحيوان ) بل يبدولي أن مرضه كان قبل تولي المتوكل للخلافة في ذو الحجة من سنة 232 هـ ..

ولكن الجاحظ لم يصرح ما هي هذه العلة أهو الفالج أم معاناته من الحصى ؟! ( سنجيب على هذا السؤال فيما بعد )

تذكر المصادر الأدبية كلى الشيئين يقول ابن خلكان ( ج3 / 473 ) : ( وكان الجاحظ في أواخر عمره قد أصابه الفالج ، فكان يطلي نصفه الأيمن بالصندل والكافور لشدة حرارته ، والنصف الأيسر لو قرض بالمقاريض لما أحس به من خدره وشدة برده )

ويكمل عن الجاحظ قوله : ( أنا من جانبي الأيسر مفلوج ( مشلول ) فلو قرض بالمقاريض ما عملت به ومن جانبي الأيمن منقرس ( رومتزم ) فلو مر به الذباب لألمت ، وبي حصاة لا ينسرح لي البول معها ، وأشد علي ست وتسعون سنة )

وإذ علمنا أن معظم المصادر تذكر أن مولد الجاحظ كانت في سنة 159 هـ فقد نستنج أن الجاحظ ذكر مقولته هذه في سنة وفاته 255 هـ ( ستحدث عن مولد الجاحظ فيما بعد .. ويجب أن أكد أنه لا تعني هذه المقولة أن حديث الجاحظ كان في سنة وفات الجاحظ سنة 255 هـ ) ..

ويذكر الخطيب أيضا في كتاب ( تاريخ بغداد ج12 / ص 219 )عن محمد المهلبي أن المعتز قال له ( : يا يزيد ورد الخبر بموت الجاحظ فقال يزيد : لأمير المؤمنين البقاء ، ودوام النعمة ، فقال المعتز : لقد كنت أحب أن أشخصه إلي وأن يقيم عندي ، فرد عليه يزيد : إنه كان قبل موته عطلا بالفالج )




ورغم هذا يقول صاحب كتاب تاريخ بغداد ( الخطيب البغدادي ) ج12 / 219 عن المبرد : ( قال دخلت على الجاحظ في آخر أيامه وهو عليل فقلت له كيف أنت ؟ فقال كيف يكون من نصفه مفلوج ولو نشر بالمناشير ما حس به ، ونصفه الآخر منقرس لو طار الذباب بقربه لآلمه ، والآفة في جميع هذا أني قد جزت التسعين ) وهذه شبيه كثيرا لما ذكره ابن خلكان وإن كان أبدل السادسة والتسعين بالتسعين ، وقد يعني هذا أن الجاحظ قد أصيب بالفالج والنقرس قبل سنة 250 هـ !

بل ويذكر ياقوت الحموي في معجم الأدباء ( ج16 ) ص 113 : ( حدث يموت بن المزارع (وهو ابن أخت الجاحظ ) قال : وجه المتوكل في السنة التي قتل فيها أن يحمل إليه الجاحظ من البصرة فقلت لمن أراد حمله : وما يصنع أمير المؤمنين بامرئ ليس بطائل ، ذو شق مائل ولعاب سائل وفرج بائل وعقل حائل ) وإذ علمنا أن مقتل المتوكل كان سنة 247 هـ تأكد لنا أن مرض الجاحظ كان قبل تلك السنة ..

ويذكر ياقوت الحموي في معجم الأدباء ( جزء 16 / ص104 ) ( وحكى أبو علي القالي عن أبي معاذ عبدان الخولي المتطبب قال : دخلنا يوما بسر من رأى على عمرو ابن بحر الجاحظ نعوده وقد فلج فلما أخذنا مجالسنا أتى رسل المتوكل إليه فقال ( أي الجاحظ ) : وما يصنع أمير المؤمنين بشق مائل ولعاب سائل ؟ ثم أقبل علينا وقال : ما تقولون في رجل له شقان أحدهما لو غرز بالمسال ما أحس والشق الأخر يمر به الذباب فيغوث ( أي يصيح ) وأكثر ما أشكوه الثمانون ) ( كثر تشكي الجاحظ من عمره مع اختلاف هذا في تشكيه في العمر فمرة يتشكى من 96 سنة ومرة 90 سنة ومرة 80 سنة ، ؟! )

وإن كان مولد الجاحظ كان في سنة 159 هـ حسبما تذكر كثير من المصادر الحديثة فهذا يعني أن الجاحظ كان مصاب بالفالج منذ سنة 139 هـ !

هذا ما توصلنا إليه من استنتاج عند جمعنا لهذه المصادر الثلاث !
هذا مع العلم أن إصابة الجاحظ عبر الاستنتاجات الحديثة التي أخذت من كتب الجاحظ والمصادر الأدبية الأخرى كانت تؤكد قطعا أن مرض الجاحظ بالفالج كان حتى قبل أن يتولى المتوكل الخلافة ( سنة 232 هـ )

يقول شوقي ضيف ( تاريخ الأدب العربي – العصر العباسي الثاني ( ص 591 ) : ( ويظهر أن مرض الفالج ( الشلل ) ألم به مبكرا ولكنه لم يقعده عن الحركة ولا عن كتابه ، فقد ألف كتاب الحيوان الذي قدمه لابن الزيات المتوفي سنة 233للهجرة وهو مفلوج ، وبالمثل البيان والتبيين والزرع والنخل وكثير من رسائله الأدبية ، وأصابه النقرس وطال عمره ، وإذا صح أنه صحب الفتح بن خاقان في زيارته لدمشق سنة 243 فأنه يكون قد ظل محتفظا بقواه على الأقل حتى هذا التاريخ ، وحين اشتد به المرض عاد إلى البصرة وأمضى بقية حياته ) ..

حددت من قبل أن الجاحظ وحسب رواية ياقوت الحموي عن عبدان الخولي المتطبب ، أن الجاحظ قد أصيب بالفالج ( هذا إذا صح أن الجاحظ تشكى من بلوغه الثمانين ، وإن صح أيضا أنه ولد في سنة 169 هـ ) الذي أقعده عن لقاء الخليفة كان سنة 139 هـ وشوقي ضيف يستنتج ( هذا مع صحة صحبة الجاحظ للفتح بن خاقان ) أنه كان محتفظا بقوته حتى سنة 243 هـ على الأقل !

أما عبد السلام هارون فيذكر في مقدمة كتاب الحيوان ( في حديثه عن متى ألف الجاحظ كتاب الحيوان ) أن الجاحظ كان مريض ..

وينقل عن الحصري قوله : ( ومن إحدى عجائبه ، أنه ألف كتاب الحيوان وهو على تلك الحالة ) ويكمل عبد السلام هارون ( يعني السن العالية ، والفالج الشديد ) ..

ثم ينقل عن الجاحظ ما ذكرناه من قبل : ( وقد صادف هذا الكتاب مني حالات تمنع من بلوغ الإرادة فيه : أول ذلك العلة الشديدة ) ..

ويذكر عبد السلام أن معظم المصادر ذكرت أن الجاحظ قد أصيب في أخر حياته ، كما ذكر أن المصادر ذكرت جميعها أن الجاحظ أهدى الكتاب للزيات المتوفي سنة 233هـ !

فهل ( وهذا ما يطرحه عبد السلام ) نقول أن الجاحظ ظل مفلوجا ثنتين وعشرين سنة في الأقل ؟!
ويجيب عبد السلام قائلا : أن هذا ما تنفيه العادة ، ويحيله الكثير من الواقع فيما يرى الناس ..

ورغم هذا يؤكد عبد السلام هارون أن المراجع تثبت أن الجاحظ كان بالفعل مفلوج منذ سنة 233هـ وأن الشلل استمر معه طوال 22 سنة ، ويدلل على ذلك بقصة الجاحظ مع الطبيب ابن بختشيوع وجمع الجاحظ للبن والسمك ( ويدعون أن هذا يصيب بالمرض ) على مائدة أحمد ابن أبي دواد ، وتحذير الطبيب للجاحظ فلم يستمع الجاحظ فأصابه الفالج ..

ويذكر عبد السلام أن أحمد بن أبي دواد قد أصيب بالفالج في سنة اعتقال الزيات ( 233 هـ ) وإن اجتماع الجاحظ في ذلك المجلس كان قبل إصابة أحمد بن أبي دواد بالفالج ( الشلل ) وقد حدث له في ما يقارب منتصف سنة 233 هـ ، لذا يدعي أن الجاحظ قد فلج بسبب هذه القصة وأن هذا المرض استمر معه حتى وفاته ، وأن قولهم ( يقصد المراجع الأدبية ) : ( آخر أيامه ) أي الشطر الأخير من حياته ..

نكتفي بهذا القدر ..
ونوصل بقية موضوعنا غدا بإذن الله ..

ملاحظة : أحاول قد ما أستطيع أن أنهي كل ليلة بعض المعلومة عن
حياة الجاحظ ، ورغم هذا فضيق الوقت يسابقني ، ويجعلني
لا أنقح أو بمعنى لا أصح وأراجع ما سجلت من معلومة !
لذا إن أخطأت في جملة أو لم أوصل المعنى الذي أريد
أو أني لم أحسن ترتيب أفكاري ، وتسلسل استنتاجاتي
فعذري أني أني عجل في إنهاء هذا لأ أجعل منه مسودة
للمراجعة والتقصي فيما بعد :)

الطارق غير متصل قديم 10-11-2002 , 05:57 AM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#4  

تابع .....

أخيرا نذكر رأي عبد المنعم خفاجي في كتابه (أبو عثمان الجاحظ ) أنظر في حديثه عن المرحلة الأخير من حياته .. ص 80-85 ) يدعي خفاجة أن مرض الفالج أصابه عام 230 هـ وشفي منه وعاوده المرض عام 246 هـ بعد نحو ستة عشر عاما .. مدللا على هذا ما جاء في البخلاء ( يعتقد خفاجي أن كتاب البخلاء ألف بعد الحيوان ، وسنذكر فيما بعد ما يؤكد عكس هذا ) وماروي عنه من رويات في أثناء خلافة المتوكل تدل على أنه لم يكن ملازما للفراش ...

ويعتمد خفاجي في تحديد عودة المرض إلى الجاحظ بسنة 246 هـ على مولد الجاحظ في سنة 150 هـ معتمدا في ذلك على مقولة الجاحظ ( أنا أسن من أبي نواس ولدت سنة 150 هـ وولد في أخرها ) معجم الأدباء ( ج16 / 74 )

ويربط خفاجي بين ولادة الجاحظ في هذه السنة ( 150 هـ ) وما يرويه صاحب معجم الأدباء ( ج16/ ص113 ) من أن المبرد قد زاره وهو مريض فقال له الجاحظ : أنا من جانبي الأيسر مفلوج ( مشلول ) فلو قرض بالمقاريض ما علمت ، ومن جانبي الأيمن منقرس ( روماتزم ) فلو مر بي الذباب لألمت ، وبي حصاة لا ينسرح لي البول معها وأشد علي ست وتسعون سنة ( أضاف 96 التي ذكرها الجاحظ على عمره 150 سنه = 246 هـ ) ..

ويمكن الرد على هذا :

أولا : بالتشكيك في نسبة المقولة التي ذكرها الجاحظ ( أنا أسن من أبي نواس ولدت سنة 150 هـ ... الخ ) التي لم يذكرها إلا صاحب معجم الأدباء بالإضافة أن هناك مقولة يذكرها الجماز محمد بن عبد الله ( وهو صديق الجاحظ ، وأبو نواس ) حيث ( تاريخ بغداد ج3 / 124 ) يقول : ( وكان يقول أنه أكبر سنا من أبي نواس ) .. وأنا أجد أن نسبة هذه المقولة إلى الجماز أقرب منها إلى الجاحظ ( سأتحدث عن مولد الجاحظ فيما بعد بإذن الله ) ..

ثانياً : حتى تلك الرواية التي أخذها خفاجي عن صاحب معجم الأدباء وذكره لـ 96 سنة ، يذكر أيضا صاحب كتاب تاريخ بغداد ( الخطيب البغدادي ) ج12 / 219 وعن المبرد نفس تلك القصة وإن أختلف في تحديد السنة فقد ذكر أنه كان في التسعين ..
ويعني هذا أن الرواية جدة مضطربة ولا يمكن الاعتماد عليها في تحدد شدة مرض الجاحظ !

وعندي أن الجاحظ قد أصيب بالمرض وقبل أن ينتهي من تأليف كتاب الحيوان ( أي قبل سنة 233 هـ ) وإن لم يقعده هذا عن التأليف والحركة ، وأن تدهور حالته في فترة خلافة المتوكل ( يصعب تحديد هذا وفي أي سنة بالتحديد )

وسنذكر أدلتنا من كتب الجاحظ ورسائله ( لا أعتمد على المصادر الأدبية المختلفة ففيها اضطراب شديد في بعض الأحيان )

أول : يقول الجاحظ في كتاب الحيوان [ ج4/ 208 ] : ( وقد صادف هذا الكتاب مني حالات تمنع من بلوغ الإرادة فيه ، أول ذلك العلة الشديدة ... ) ولا يخبرنا الجاحظ عن هذه العلة هل هي الفالج ( الشلل ) أم النقرس ( الروماتزم ) أم الحصاة ؟!

ثانيا : يذكر الجاحظ في رسالة الجد والهزل [ رسائل الجاحظ ج1/ص 252 ] : ( وقلت : إذا سخن بدنه سجن بوله ، وإذا سجن بوله جرح مثانته وأحرق كليته ، وطبخ فضول غذائه ، وجفف ما فضل عن استمرائه فأحاله حصى قاتلا وصخرا جامدا ، وهو دقيق القضيب ضيق الإحليل ، " فإذا حصاه يورثه الأسر ، وفي ذلك الأسر تلف النفس وغاية التعذيب " ) ..

ويدل هذا المقال على أن الجاحظ كان مصاب بالحصى ، وقد ذكرنا من قبل أن هذه الرسالة ( رسالة الجد والهزل ) قد سجلها الجاحظ قبل أن ينتهي من تأليف كتاب الحيوان ( أي قبل سنة 233 هـ )

ثالثاً : يقول الجاحظ في كتاب البخلاء [ ج2/ ص45 ] : ( صحبني محفوظ النقاش من مسجد الجامع ليلا ، فلما صرت قرب منزله – وكان منزله أقرب إلى المسجد من منزلي – سألني أن أبيت عنده . وقال : أين تذهب في هذا المطر والبرد ، ومنزلي منزلك ، وأنت في ظلمة ، وليس معك نار ؟ وعندي لبأ لم ير الناس مثله ، وتمر ناهيك به جودة ، لا تصلح إلا له !
فملت معه ، فأبطأ ساع ، ثم جاءني بجام لبأ وطبق تمر ، فلما مددت قال : يا أبا عثمان : أنه لبا وغلظة ، وهو الليل وركوده ! ثم ليلة مطر ورطوبة ، وأنت رجل قد طعنت في السن ، ولم تزل تشكو من " الفالج طرفا وما زال الغليل يسرع إليك " ، وأنت في الأصل لست بصاحب عشاء ... الخ )

وتذكر هذه القصة صراحة أن الجاحظ مصاب بالفالج ، ويذكر الباحثين العرب أن كتاب البخلاء قد ألف في أخر حياة الجاحظ !

يقول خفاجة ( أبو عثمان الجاحظ ص 310 ) : ( وأغلب الظن أنه ( أي كتاب البخلاء ) أهداه إلى أحمد بن أبي دواد وأنه ألفه بعد الحيوان والبيان ويحتمل أن يكون أخر كتب الجاحظ ) !
ويواصل : ( ويؤيد باحث [ في الهامش ذكر المصدر ( فن القصص في كتاب البخلاء ، لمحمد المبارك ) أن البخلاء ألفه الجاحظ في أواخر حياته وقريبا من عام 255 هـ )

ثم يقول خفاجي في صفحة 312 من نفس الكتاب : ( وإذا كان مصطفى عبد الرازق قد تحدث عن الكندي ، وذكر ما كتبه الجاحظ عن بخله ، وذهب إلى أن الجاحظ ألف بخلاءه ، قبل وفاته بأشهر معدودات .
فإن بعض الباحثين [ في الهامش كتب : راجع البخلاء –تحقيق الحاجرى – الطبعة الثانية 1964 ، أو الطبعة الأولى التي صدؤت عام 1948 ] يرى أن هذا الكتاب ألف في آخر عهد ابن الزيات وأوائل إصابة الجاحظ بالفالج ، في الوقت الذي كتب فيه رسالته " بين الجد والهزل " أي بين عامي 229 و 232 ، وقبل وفاة الجاحظ بأمد طويل )

ويبدولي أن الباحث الأخير أصاب كثيرا في تحديد تأليف هذا الكتاب ودليلنا على هذا أن الجاحظ قد ذكر كتاب البخلاء في كتاب الحيوان ، يقول الجاحظ في مقدمة كتاب الحيوان : ( ثم عبتني بكتاب حيل اللصوص ، وكتاب غش الصناعات ، وعبتني بكتاب الملح والطرف ، وما حر من النوادر وبرد ، وما عاد بارده حارا لفرط برده حتى أمتع بأكثر من إمتاع الحر ، وعبتني بكتاب " احتجاج البخلاء " ومناقضتهم للسمحاء )
فهو يذكر كتاب البخلاء ، هذا وإن أضاف كلمة احتجاج للبخلاء ( والكتاب مليء بحجج البخلاء ) بل أن الجاحظ في بداية مقدمة البخلاء ( ج1 / ص17 ) : ( ذكرت حفظك الله أنك قرأت كتابي في تصنيف حيل اللصوص [ ذكره الجاحظ في الحيوان قبل كتاب حجج البخلاء وهذا يدل أن كلا الكتابين قد ألفى في وقت متقارب ] وفي تفصيل حيل سراق الليل ..... وقلت : أذكر لي نوادر البخلاء واحتجاج الأشحاء ) ..
بل أن الجاحظ يذكر كثيرا في مقدمته للبخلاء كلمة أحتجاج مما يدل على أنه كتاب احتجاج البخلاء الذي ذكر في كتاب الحيوان ما هو إلا الكتاب المعروف بالبخلاء ..

ويزيد من التأكيد على هذا أن ياقوت الحموي قد ذكر في معجم الأدباء ( ج16 / ص106 – 110 ) فهرست كتب الجاحظ ولم يذكر إلا كتاب البخلاء ( وذكر عبد المنعم خفاجي كتب الجاحظ ولم يذكر إلا كتاب البخلاء ، راجع كتاب أبو عثمان الجاحظ ، ص285 – 308 )

وبهذه النقاط الثلاث يتأكد لنا أن الجاحظ قد أصيب بالحصى والفالج قبل سنة 233 هـ على الأقل !

ورغم هذا فلم يمنع هذا من يؤلف الجاحظ كتاب الحيوان ( وإن أعاقه ) كما لم يمنع هذا من أن يؤلف كتاب البيان والتبيين ..

وقد ذكرت الروايات الكثيرة التي تدل على أن الجاحظ كان سليما منها اعتقاله بعد وفاة الزيات ، ومح ابن أبي دؤاد بالقصائد ، وعرض على المتوكل لتعليم أبناءه ، وحدثت بينه وبين أبو العيناء بعض المواقف مما يدل على أن الفالج لم يمنعه من الحركة ..

وهذا ما تذكره المراجع الأدبية .. وحسبنا أخيرا أن نذكر ما سجله الجاحظ في كتاب البغال ( رسائل الجاحظ ج2 / ص 197 ) : ( كان وجه التدبير في جملة القول في البغال ، أن يكون مضموما إلى جملة القول في الحافر كله ، فيصير الجميع مصحفا تاما ، كسائر مصاحف " كتاب الحيوان " زالله المقدر والكافي .
وقد منع من ذلك ما حدث من الهم والشاغل ، وعرض من الزمانة ، ومن تخاذل الأعضاء ، وفساد الأخلاط ، وما خالط اللسان من سوء التبيان ، والعجز من الإفصاح ، ولن تجتمع هذه العلل في أنسان واحد ، فيسلم معها العقل سلامة تامه ..
وإذا اجتمع على الناسخ سوء إفهام المملي ، مع سوء تفهم المستملي ، كان ترك التكلف لتأليف ذلك الكتاب أسلم لصاحبه من تكلف نظمه على جمع كل البال واستفراغ كل القوى .. )

( يذكر عبد السلام هارون أن : ( ولم يذكر هذا الكتاب أحد ممن ترجم للجاحظ ، ولا جرى هو له ذكرا فيما سلف من كتبه ، ولكن الكتاب ينطق بلا ريب أنه من تأليف الجاحظ )

بينما بقول ياقوت الحموي ( معجم الأدباء : ج16 / 106 ) : ( وهذا فهرست كتب الجاحظ : كتاب الحيوان وهو سبعة أجزاء وأضاف إليه كتاب آخر سماء كتاب النساء وهو الفرق بين الذكر والأنثى ، وكتابا أخر سماه كتاب النعل )
ويبدوا أنه حدث تصحيف في كتاب النعل ، ويبدولي أن الصحيح فيه هو كتاب البغل ( أو البغال ) ؟!


ويبدوا أن هذا الكتاب ( كتاب البغال ) قد ألف بعد كتاب الحيوان بفترة ليست بالقصيرة ولا نعلم متى ألف الجاحظ هذا الكتاب وإن كنت أشك أنه قد ألف بعد كتاب البيان والتبيين لأن الجاحظ لم يصف هذه الحالة في كتاب البيان ..

يستحق هذا الكثير من البحث وأكتفي بما ذكرته عن مرضه
وقد أعود إلى الحديث عن هذا الموضوع متى ما وجدت من
معلومة تكشف لي عن هذه المرحلة ..
وللحديث بقية ..

الطارق غير متصل قديم 11-11-2002 , 05:47 AM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#5  

تابع ....

سأتحدث عن أخر حياة الجاحظ ووفاته :

تذكر جميع المصادر أن الجاحظ قد توفي سنة 255 هـ ، يقول
الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ( ج12 / ص219 ) : ( أخبرني الصيمري حدثنا المرزباني حدثني أحمد بن يزيد بم محمد المهلبي عن أبيه ، قال : قال لي المعتز بالله : يا يزيد ورد الخبر بموت الجاحظ . فقلت : لأمير المؤمنين طول البقاء ودوام العز . قال وذلك في سنة خمس وخمسين ومائتين . قال المعتز : لقد كنت أحب أن أشخصه إلي وأن يقيم عندي . فقلت له : أنه كان قبل موته عطلا بالفالج )

ويحدد صاحب تاريخ بغداد وفاته بمحرم من تلك السنة يقول ( ص 220 ) : ( وقرأت في كتاب عمر بن محمد بن الحسن البصير عن محمد بن يحي الصولي قال : مات الجاحظ في المحرم سنة خمس وخمسين ومائتين )
كما يتفق صاحب وفيات الأعيان ( ج3/ص474 الباية والنهاية حوادث سنة 255 هـ ويتفق معهم المسعودي في مروج الذهب [ ج 4/ص195 ] ويضيف : ( وفي هذه السنة وهي سنة خمس وخمسين ومائتين وقيل سنة ست وخمسين ومائتين كانت وفاة عمرو بن بحر الجاحظ بالبصرة في المحرم )
وقد كان الجاحظ قد عاش في أخر حياته ومنذ سنة 247 هـ على الأقل في البصرة مسقط رأسه (راجع معجم الأدباء : ج 16 /ص 113 ، ) : ( حدث يموت بن المزارع (وهو ابن أخت الجاحظ ) قال : وجه المتوكل في السنة التي قتل فيها أن يحمل إليه الجاحظ من البصرة فقلت لمن أراد حمله : وما يصنع أمير المؤمنين بامرئ ليس بطائل ، ذو شق مائل ولعاب سائل وفرج بائل وعقل حائل ) وقد زاره المبرد على تلك الحالة ( راجع نفس المصدر ، وقد توفي بها ..

يقول ابن خلكان في كتاب ( وفيات الأعيان ) [ ج3 / ص473 ] : ( وحكى بعض البرامكة قال : كنت تقلدت السند ، فأقمت بها ما شاء الله ثم اتصل بي أني صرفت عنها ، وكنت كسبت بها ثلاثين ألف دينار فخشيت أن يفجأني الصارف فيسمع بمكان المال فيطمع فيه ، فصغته عشرة آلاف دينار إهليلجية في كل إهليلجة ثلاثة مثاقيل ، ولم يمكث الصارف أن أتى فركبت البحروانحدرت إلى البصرة فخبرت أن الجاحظ بها وأنهعليل بالفالج فأحببت أن أراه قبل وفاته فسرت إليه فأفضيت إلى باب دار لطيف فقرعته فخرجت إلى خادم صفراء فقالت : من أنت ؟ قلت : رجل غريب وأحب أن أسر بالنظر إلى الشيخ، فبلغته الخادم ما قلته فسمعته يقول قولي له وما تصنع بشق مائلولعاب سائل ولون حائل ( ما أكثر ما تكررت هذه الجملة في المصادر القديمة وفي قصص مختلفة وراوة مختلفين ؟!! ) فقلت للجارية : لا بد من الوصول إليه ، فلما بلغته قال : هذا رجل قد اجتاز بالبصرة وسمع بعلتي فقال أراه قبل موته لأقول قد رأيت الجاحظ ن ثم أذن لي فدخلت فسلمت عليه ورد ردا جميلا وقال : من تكون أعزك الله ؟ فانتسبت له ، فقال : رحم الله اسلافك ( البرامكة ) وآباءك السمحاء الأجواد ، فلقد كانت أيامهم رياض الأزمنة ، ولقد انجبر بهم خلق كثير فسقيا لهم ورعيا ، فدعوت له وقلت : أنا أسألك أن تنشدني شيئا من الشعر ن فأنشدني :

لئن قدمت قبلي رجال فطالما ** مشيت على رسلي فكنت المقدما
ولكن هذا الدهر تأتي صروفه ** فتبرم منقوضا وتنقض مبرما

ثم نهضت ، فلما قاربت الدهليز قال : يا فتى أرأيت مفلوجا ينفعه الإهليلج ؟
قلت : لا ، قال : فإن الإهليلج الذي معك ينفعني فابعث لي منه ، فقلت : نعم ، وخرجت متعجبا من وقوعه على خبري مع كتماني له ، وبعثت له مائة إهليلجة )


وقد كان يعيده العلماء وأهل البصرة كما ذكرنا من قبل وقد ذكر المسعودي ( ج4 / ص196 ) : ( وحدث يموت بن المزرع – وكان الجاحظ خاله – قال دخل إلى خالي اناس من البصرة من أصدقائه في العلة التي مات فيها فسألوه عن حاله ، فقال : عليل من مكانين ، من الأسقام والدين ن ثم قال : أنا في هذه العلة المتناقضة التي يتخوف من بعضها التلف وأعظمها نيف وسبعون ( ؟ ) سنة ، يعني عمره ) [ تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد ، ويبدو لي أنه ليست بالسبعين وإنما التسعين ]

وقال أبو طاهر : صرت إلى الجاحظ ومعي جماعة وقد أسن وأعتل في آخر عمره وهو في منظرة له وعنده ابن خاقان جاره فقرعنا الباب فلم يفتح لنا وأشرف من المنظرة وقال : ألا إني قد حوقلت ، فما تصنعون بي ؟! اسلموا سلام الوداع ، فسلمنا وانصرفنا ( أبو عثمان الجاحظ ص 84 )

وكانت هذه حيات الجاحظ في آخر حياته حيث يزوره العلماء والناس حتى كانت وفاته في سنة 255 هـ كما ذكرنا من قبل ..

وقبل أن نختم حديثنا هذا تذكر المصادر الحديثة أن وفاة الجاحظ كانت بسبب سقوط الكتب ، وقد ذكرت بحث قد سجلته سابقا ذكرت فيه الأتي :

( ولم تذكر وفاة الجاحظ بسبب سقوط الكتب في المصادر التي لدي فكتاب وفيات الأعيان وهو من أهم كتب التراجم لم يذكر هذه القصة ، وكذلك كتاب معجم الأدباء لياقوت الحموي الذي أخذ جميع معلوماته أو معظمها من كتاب ( تقريظ الجاحظ ) لأبو حيان التوحيدي وكذلك كتاب تاريخ بغداد .. وهي من أهم المصادر في تراجم الأدب العربي .. قد كنت اعتقد أن هذه القصة قد اختلقت ربما لتظهر مدى تعلق الجاحظ بكتبه الذي عرف به واشتهر من معاصريه ومن كتاباته ( كمقدمة كتاب الحيوان ) وارتباطه بها وحتى وفاته بسببها . لكن أطلعت في كتاب أبو عثمان الجاحظ للدكتور محمد عبد المنعم خفاجي قوله : ( وفي أمسية من أمسيات شهر المحرم كان جالسا ( أي الجاحظ ) في حجرة كتبه ومطالعته العزيزة عليه ، الحفي بها ، فانهالت عليه أكداس الكتب فقضت عليه ) ( 35 ) وفي هامش هذا الكتاب وفي صفحة 259 ذكر المصدر ( مروج الذهب ) المجلد الثاني صفحة 122 . كان من حسن الحظ أن يكون لدي نفس هذا الكتاب ونفس الطبعة التي بتحقيق محمد محي الدين عبد الحميد والتي أخذ عنها المؤلف .. رجعت إلى هذه الصفحة من كتاب مروج الذهب ( أي المجلد الثاني ، صفحة 122 ) فذهلت أني لم أجد ذكر للجاحظ في هذه الصفحة أبدا ... وقد ألف خفاجي كتابه هذا قبل سنة 1967 م ( ص 246 ) ولا أدري أن كانت هذا الخطأ الذي وقع فيه هذا الكاتب هو بداية قصة وفات الجاحظ بسبب كتبه أم لا فقد ذكر الزركلي هذه القصة في كتابه ( الأعلام ) الذي أتم أكمال كتابه بطبعة الرابعة قبيل وفاته سنة 1976 م ولم يذكر من مصادرة هذا المؤلف ( أبو عثمان الجاحظ ) ولا أدري هل أخذ قصة سقوط الكتب على الجاحظ من مصدر أخر أم لا .. على العموم .. جميع المصادر التي لدي مثل ضحى الإسلام لأحمد أمين و تاريخ الأدب العربي ( العصر العباسي الثاني ) لشوقي ضيف ومقدمة ( كتاب الحيوان ) ( تحقيق فوزي عطوي – دار صعب ) - وأن ذكر قصة سقوط الكتب على الجاحظ في كتيب ( الجاحظ دائرة معارف عصره ) - ومقدمة كتاب البخلاء ( تحقيق : علي جارم بك ، أحمد العوامري ) لا تتحدث عن تسبب الكتب في وفاة الجاحظ ، بل معظمها تذكر أن وفاته كانت بسبب المرض .... وبذلك أرجح أن تكون قصة سقوط الكتب مختلقة وفي عصرنا هذا ... )

والحقيقة أن خفاجي قد استقى هذا من شذرات الذهب للعماد وقد ذكر هذا في الهامش وقد وجدت هذا أيضا في مقدمة تحقيق عبد السلام هارون يقول هارون : ( وللجاحظ في صدر الجزء الأول من الحيوان ، نعت للكتب يقع منه الدليل على ما ملأ الله بهصدر هذا الرجل من إيمان بما للعلم والكتاب من شرف وجاه وما للتفهم والقراءة من مكان عال ومنزل كريم .
والعجب أن تلك الأسفار التي عنى بها صاحبنا لم تبر به ولم تبادله الوفاء فغدرت به : ( وكان موته بسقوط مجلدات العلم علي )) [ وفي الهامش المصدر شذرات الذهب ( 2 : 122 )

أخيرا تختلف المصادر في عمره !
وسنتحدث عن هذا فيما بعد عن الحديث عن مولده
وكل ما نقول أن معظم المصادر ذكرت أن وفاته في ما فوق التسعين

الطارق غير متصل قديم 12-11-2002 , 04:11 AM
الخمشي الخمشي غير متصل    
عضو نشيط جداً  
المشاركات: 366
#6  
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
تحية طيبة لك أخي الطارق، محملة بإعجابي و تقديري، و كل عام و أنت بخير.

و لي عودة لهذا الموضوع بعد قراءته إن شاء الله.

الخمشي غير متصل قديم 14-11-2002 , 02:58 AM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#7  
وعليكم السلام ورحمة الله مربكاته
حياك الله أخي الخمشي
مبارك عليكم الشهر الكريم
وكل عام وأنتم بخير ..

تعلم أخي الكريم ..

لقد سجلت هذا في هذا المنتدى
لأ جد الدعم لمواصلة
هذا الحديث ، وتشجيعي على البحث ..
وكنت أفكر في كتابه هذا من مدة مديدة ولكن
الكسل والمشاغل كانت تحول بيني وبين كتابته ..

واستعنت بالله على كتابته
وكنت بالفعل أنتظر أن أجد من معقب
ولو بالتشجيع .. ولكن لا حياة لمن تنادي !

أسعد والله أخي الكريم بتعقيبك
و لا أستغرب أن يكون له الفائدة الكبيرة
في بحثي هذا ، بل أوكد أن هذا
سيكون - بالنسبة لي - له مردوده الكبير في إماطة الكثير عن
شيخ العربية ، والذي يقارن مكانته في العربيبة
بمكانت أرسطو في اليونانية خاصة والغرب عامة !

تحياتي اخي الكريم
وأنتظر تعقيبك :)

الطارق غير متصل قديم 15-11-2002 , 01:29 AM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#8  

هل كان الجاحظ عربيا ؟!

إن رجعنا إلا المصادر العربية القديمة في تحقيقها عن نسب الجاحظ ، وجوابها عن السؤال لوجدتاها مضطربه في هذا الشيء :

مثلا لا يذكر صاحب كتاب وفيات الأاعيان عن نسب الجاحظ إلا ما ذكره في مقدمة ترجمته عن الجاحظ ، يقول [ ج3/ص470 ] : ( أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الكناني الليثي المعروف بالجاحظ

بينما يقول الخطيب الغدادي في تاريخ بغداد [ ج12 / ص 213 ] في ترجمته للجاحظ : ( وهو كناني قيل صليبة وقيل مولى ) .

وواصل قائلا : ( وذكر يموت بن المزارع ( وهو ابن أخت الجاحظ ) أن الجاحظ عمرو بن بحر بن محبوب مولى أبي القلمس عمرو بن قلع الكناني ، ثم الفقمي وهو أحد النسأة ، وكان جد الجاحظ أسود ، وكان جمالا لعمرو بن قلع . قال يموت والجاحظ خال أمي )

و إن صدقت هذه الرواية فإنه قطعا يكون الجاحظ مولى وليس بالعربي ..

بينما يقول ياقوت الحموي في معجم الأدباء [ ج16/ص74 ] : ( أبو عثمان الجاحظ مولى أبي القلمس عمرو بن قلع الكناني ثم الفقمي ، أحد النسابين (هكذا ذكرت ويبدوا أنها النسائيين أي الذين كانوا ينسئون الشهر الحرام إلى الحل بمكة أيام الموسم) ، قال يموت بن المزارع : الجاحظ خال أمي ، وكان جد الجاحظ أسود يقال له فزارة ، وكان جمالا لعمرو بن قلع الكناني .
وقال أبو القاسم البلخي : الجاحظ كناني من أهل البصرة )

وهكذا فالمصادر تختلف في نسبة الجاحظ للعرب هل كان عربي الأصل أم هومولى ؟!

وإن كنا وكما قلنا سابقا إذا ثبت مقولة يموت المزارع وهو أقرب للجاحظ من أي شخص أخر فإن الجاحظ قطعا سيكون مولى ..

لكن ..

يذكر ياقوت الحموي في نفس المصدر [ ج16/83 ] أن الجماز هجى الجاحظ قائلا :

قال عمرو مفاخراً ** نحن قوم من العرب
قلت في طاعة لربـ ** ـك أبليت ذا النسب

فهل يدل هذا على أن الجاحظ عربي ؟!
هل يناقض هذا ادعاء يموت بن المزارع ؟! ( هذا إذا ثبتت المقولة )
هذا ما تذكره المصادر القديمة – التي لدي على الأقل – عن نسب الجاحظ ..
وللحقيقة فأن بعض المحدثين من يؤكد على أن الجاحظ كان عربي الأصل
يقول عبد المنعم خفاجي في كتاب (أبو عثمان الجاحظ / ص 53 – ص55 ) بعد أن يذكر نسب الجاحظ الذي يرجعه إلى اليث بن بكر بن عبد مناه ابن كنانة بن خزيمة بن مدركة ، وكنانة بطن من مضر فهو عربي ..
يقول : ( وقد حاول بعض الشعوبية أن يخرج الجاحظ من العرب ،لأنه من مفاخرهم الكبرى ) وأخذ يذكر ما ذكره صاحب معجم الأدباء عن يموت بن المزارع و عن لون جد الجاحظ الأسود ...

ثم يشكك في رواية يموت بن المزارع بأنها منحولة ، إضافة إلا أنه يؤكد أنه وحتى إن كان جد الجاحظ أسود فحتى العربي قد يكون أسود اللون !!
ويدلل على أن الرواية منحولة بعدة نقاط :
1- أنها لم ترد عن مصدر موثوق .
2- أنه لم يرو أحد أن أحد آباء الجاحظ كان رقيقاً أو وقع في أسر ..
3- أن وصف فزارة بأنه كان مولى لأبي القلمس لا يدل على الرق ، فالمولى يأتي بمعنى الحليف والنصير والصاحب .
4- أن الذين هجوا الجاحظ من معاصريه لم يصفوه ولا بأنه كان مولىلأحد
5- أن الجاحظ لو كان من أصل غير عربي لنزع منزع الشعوبية وذهب مذهبهم
6- يذكر ان ما يؤيد عروبة الجاحظ أن أبو زيد البلخي وابن حزم
7- وأخيراً يذكر مقولة الجاحظ في بعض رسائله كقوله في مدح النبيذ : (وأنا رجل من كنانة ) ويقول في الحيوان : ( ولكني أخذت بآداب وجوه أهل دعوتي وملتي ولغتي وجزيرتي وجيرتي وهم العرب ) ـ ويقول عن الموالي من رسالته في بني أميه : ( وقد نبتت منهم نابته تزعم أن المولى بولائه صار عربيا ، والأعجمي لا يصير عربيا )

حسبنا هذا القدر
وللحديث بقية ...

الطارق غير متصل قديم 15-11-2002 , 03:17 AM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#9  

صلة ...

وبإمكاننا الرد على هذا نقطة بنقطة فمثلا :

النقطة الأولى : أنها لم ترد عن مصدر موثوق .
ولا أدارى ماذا يقصد بالمصدر الموثوق ، فحسب علمي ان كثير من الكتاب يعتمدون في حياة الجاحظ على ترجمته الموجودة في كتاب معجم الأدباء والذي قد ذكر هذه الرواية ؟! وقد ذكر الخطيب البغدادي أيضا هذه الرواية ؟
بل حتى خفاجي أعتمد على رواية لم يذكرها غير ياقوت الحموي في تحديد مولد الجاحظ !

النقطة الثانية : أنه لم يرو أحد أن أحد آباء الجاحظ كان رقيقاً أو وقع في أسر :
وأنا اسأل وماذا عن رواية صاحب معجم الأدباء وصاحب كتاب تاريخ بغداد عن جد الجاحظ الأسودوهم مصدر مهم في التعريف بالجاحظ ؟!

وإن اتفقنا مع خفاجة في أنه لم يروى عن آباء الجاحظ كان رقيقا أو وقع في الأسر فيقال بالمثل أنه لم يروى أيضا أن آباء الجاحظ كانوا عرب خلص !

النقطة الثالثة : أن وصف فزارة بأنه كان مولى لأبي القلمس لا يدل على الرق ، فالمولى يأتي بمعنى الحليف والنصير والصاحب :

سياق الرواية يؤكد أن المقصود بالمولى هو العبد وليس الحليف والنصير والصاحب !

النقطة الرابعة : أن الذين هجوا الجاحظ من معاصريه لم يصفوه بالرق ولا بأنه كان مولى لأحد :

وبالأمكان أن أضيف على هذا قول الجماز :

قال عمرو مفاخراً ** نحن قوم من العرب
قلت في طاعة لربـ ** ـك أبليت ذا النسب

وقد يؤكد هذا استنتاج خفاجي من آن الجاحظ عربي !

لكن ...

وما يدرينا لعل الجماز يسخر من الجاحظ وانتسابه للعرب ! وقد عرب في ذلك الزمن عمل البض على الانتساب للعرب ..
بل أن الجاحظ يذكر قصة طريفة عن عبد أسود من بني أسيد [ البيان والتبيين / المجلد 1 / ص437 ] يقول الجاحظ فيها :

وأنا رأيت عبدا أسود لبني أسيد قدم عليهم من شق اليمامة فبعثوه ناطورا وكان وحشيا محرما لطول تعزبه كان في الإبل ، وكان لا يلقي إلا الأكرة فكان لا يفهم عنهم ولا يستطيع إفهامهم فلما رآني سكن إلي وسمعته يقول : لعن الله بلادا ليس فيها عرب قاتل الله الشاعر حيث يقول :

حر الثرى مستعرب التراب
أبا عثمان : أن هذا العريب في جميع الناس كمقدار القرحة في جميع جلد الفرس ، فلولا أن الله رق عليهم فجعلهم في حاشية ، لطمست هذه العجمان آثارهم أترى الأعيار إذا رأت العتاق لا ترى لها فضلا ؟
والله ما أمر الله نبيه بقتلهم إلا لضنة بهم ، ولا ترك قبول الجزية منهم إلا تنزيها لهم )

هذا ما ذكره الجاحظ وأنا لا أستبعد جدا أن يكون الجاحظ قد وضع له نسبا في العرب [ والله كأني قرأت للجاحظ في أحد كتبه أو في أحد الكتب التي تتحدث عنه أنه وجد أحدهم ذو جسم ومنظر وهيئة وفصاحة فلما وجد الجاحظ فيه كل هذا قال له لو وضعت لك نسب فوافق هذا المولى ووضع له الجاحظ هذا النسب ]

وأنا لا أستبعد على الجاحظ أن يفعل هذا الفعل وينسب نفسه إلى العرب ؟!
المسعودي يقول عن الجاحظ عند وصفه لكتب الجاحظ التي ألفها ليدعم فيها جميع الفرق المختلفة [ المسعودي : مروج الذهب : ج3 / ص253 ] : ( ولم يصنف الجاحظ هذا الكتاب ولا استقصى فيه الحجاج للرواندية وهم شيعة ولد العباس ، لأنه لم يكن مذهبه ، ولا كان يعتقده ولكن فعل ذلك تماجنا وظرف ) ويقول الغسكافي [ كتاب العثمانية للجاحظ تحقيق عبد السلام هارون / ص 310 ] : ( أما القول فممكن والدعوى سهلة سيما على مثل الجاحظ فإنه ليس على لسانه من دينه وعقله رقيب وهو من دعوى الباطل غير بعيد ، فمعناه نزر وقوله لغو ومطلبه سجع وكلامه لعب ولهو ، يقول الشيء وخلافه ، ويحسن القول وضده ليس له من نفسه واعظ ولا لدعواه حد قائم )

النقطة الخامسة : أن الجاحظ لو كان من أصل غير عربي لنزع منزع الشعوبية وذهب مذهبهم
ليس هذا حجة أبداً ، مثلا ابن قتيبة رد على الشعوبية رغم أنه فارسي الأصل ؟!
وحتى الجاحظ سجل رده على الشعوبية في كتاب البيان والتبيين المهدى لأحمد بن دؤاد العربي الأصل الذي أنقذ أبو دلف العربي من سطوة الأفشين الفارسي !
الجاحظ نفسه كتب في كتبه رسائل يمدح الترك ( مناقب الترك ) ومدح السود ( فخر السودان على البيضان ) فهل يدل هذا على أنه تركي وهل تثبت الرسالة الثانية على أنه أسود ( أفريقي ) ؟!

النقطة السادسة : يذكر أن ما يؤيد عروبة الجاحظ أن أبو زيد البلخي وابن حزم :
لم اطلع على هذا ؟!

النقطة السابعة : وأخيراً يذكر مقولة الجاحظ في بعض رسائله كقوله في مدح النبيذ : (وأنا رجل من كنانة ) ويقول في الحيوان : ( ولكني أخذت بآداب وجوه أهل دعوتي وملتي ولغتي وجزيرتي وجيرتي وهم العرب ) ـ ويقول عن الموالي من رسالته في بني أميه : ( وقد نبتت منهم نابته تزعم أن المولى بولائه صار عربيا ، والأعجمي لا يصير عربيا ) :

أما قوله في مدح النبيذ فقد يعني أنه كناني صليبة وقد يعني أيضا أنه مولى ، وأيضا المقطع الذي ذكر في الحيوان لا يمكن أن يحكم بأنه عربي الأصل فهو لا يصرح تمام أنه عربي في هذا ن إنما يقصد بهذا أنه عربي لأن ملته ولغته ومسكنه ( جزيرته بما أن جده قد كان عبد أسود من الجزيرة كما تذكر المصادر ) وجيرته ( وقد تأكد هذه الكلمة أنه مولى ) يؤكد هذا !

أما في رسالته في بني امية أو ( رسالته في النابتة ) فقد بعثها لمحمد بن أحمد بن دؤاد الذي ذكرنا من قبل أنه خلص أبو دلف العربي من الأفشين !
وليس بمستبعد أن ينسب نفسه للعرب للتقرب من هذا وأبيه !

ولا يعني هذا أننا قد ننفي أن يكون الجاحظ من العرب ولا يعني كل هذا أن الجاحظ مولى بل هناك أدلة أخرى قد ترجح أن يكون الجاحظ بالفعل عربي ..

كمثال يذكر شوقي ضيف في كتاب تاريخ الأدب العربي ( العصر العباسي الثاني ) أن المناظرات التي قد جمعها الجاحظ في كتاب الحيوان بين الكلب والديك لم تكن إلا مناظرة بين الشعوبية والعرب يقول شوقي ضيف ص 598 :
والمناظرة في رأينا مناظرة بين الشعوبية والعرب ، أما الشعوبية فرمزهم الديك الذي يرى في قراهم ومدنهم وأما العرب فرمزهم الكلب الذي لا يفارقهم في منازلهم ومراعيهم ، وكان معبد والنظام المعتزليين اسمان اختارهما الجاحظ ليقيم مناظرته ، أما في الحقيقة الأمر فليس هناك معبد ولا النظام وإنما هناك الجاحظ بلسنه وقدرته الرائعة على دراسة الموضوعات سواء اتصلت بالحيوان أو لم تتصل ، وهناك العرب والشعوبية التي تستقذر الكلب وحيوانات الصحراء مما جعل الجاحظ يعقد في حيوانه مناظرة أخرى بين البعير والفيل ، فدائما الشعوبية تتحرش بالعرب وتهجن حياتها وكل ما اتصل بها وكان الجاحظ أقام نفسه رصدا لهم ، ومن الممكن أن يكون من هذا الباب كتابة الزرع والنخيل الذي أهداه إلى إبراهيم بن العباس الصولي ، فالزرع رمز الحضارة والشعوبية والنخيل رمز العرب والبادية .. )

ولا يستبعد هذا خاصة أن الجاحظ يقول في رسالته في الجد والهزل : ( جعلت فداك ليس من أجل اختياري النخل على الزرع أقصيتني ... ) أنظر بداية رسالته في الجد والهزل ) مع العلم أننا ذكرنا من قبل أن غضب الزيات لربما كان سببه تلك العلاقة السيئة التي كانت بينه وبين الصولي !

والمعروف أن كتاب الحيوان قد ألفه لمحمد بن عبد الملك الزيات وهو فارسي كما أرسل له أيضا رسالته في الجد والهزل ...
وقد يقوي هذا من ترجيح كفة نسبة الجاحظ إلى العرب ودفاعه عن العرب وحتى في إهداءه ، ولكن ..

وماذا إذا ثبتت مقولة يموت بن المزرع ؟!
هذا ما سوف نبحثه في صلتنا القادمة ..
ويكفينا هذا القدر ...

الطارق غير متصل قديم 19-11-2002 , 04:40 AM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#10  

صلة ....


ذكرت من قبل أن الجاحظ قد ذكر أنه قد وضع نسبا لمولى ولم أجد هذا في أي موقع ... وقد وجدته الأن في المجلد ( 16 ) من معجم الأدباء ص 94 ) يقول ياقوت :
( قال الجاحظ : كان يأتيني رجل فصيح من العجم قال : فقلت له : هذه الفصاحة وهذا البيان لو ادعيت في قبيلة من العرب لكنت لا تنازع فيها ، قال : فأجابني إلى ذلك فجعلت أحفظه نسبا حتى حفظه وهذه هذا . فقلت له : الآن لا تته علينا ، فقال : سبحان الله . إن فعلت ذلك فأنا إذا دعي )

فبعد هذه القصة أليس من المعقول أن ينسب الجاحظ نفسة إلى العرب ؟!

---------


لقد ذكرنا من قبل رواية الخطيب البغدادي في كتاب تاريخ بغداد وياقوت الحموي صاحب كتاب معجم الأدباء من قول يموت بن المزرع عن الجاحظ من أنه مولى وأن جده كان جمالا لعمرو بن قلع ..

الطريف في الأمر أن يموت بن المزرع والذي هو ابن أخت الجاحظ عربي الأصل ؟!

يقول صاحب كتاب تاريخ بغداد [ ج14/ص358 ] : ( يموت بن المزرع بن يموت ، أبو بكر العبدي من عبد القيس بصري )

ويقول في صفحة ( 359 ) : ( قال لنا يموت بن المزرع بن يموت بن عبدوس بن سيار بن المزرع بن الحارث بن ثعلبة بن عمرو ابن ضمرة بن دلهاث بن وديعة بن بكر بن وديعة بن بكر بن لكيز بن أقصى بن عبد القيس بن أقصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار )

فهذا هو نسب يموت ، وهو عربي ، وقد تزوج والد يموت ( المزرع ) بأخت الجاحظ فهل يدل هذا على أن الجاحظ عربي بما أن المزرع عربي فقد لا يتزوج إلا بعربية !

لا يمكن الحكم بهذا قطعا ! فقد عرف هذا العصر بتزاوج العرب بالموالي ، ولو كان المزرع مولى لربما كان احتمالية أن الجاحظ مولى كانت كبيرة جداً ، فمن الصعب أن يتزوج المولى بعربية !

لكن الغريب في هذا الأمر أنه قد سجل نسب يموت بهذا الشكل ورغم هذا فأننا لا نعلم عن أجداد الجاحظ إلا محبوب ( عمرو بن بحر بن محبوب ) فقد يدل هذا على أن الجاحظ مولى خاصة إذ علمنا أن كثير من تراجم الأقدمين كان يسجل نسبهم بدقة ..

فهل يدل هذا على أن الجاحظ مولى بالفعل ...
لا أستبعد هذا أبداً ..

حسبنا هذا عن نسب الجاحظ
وسنتحدث عن شيء أخر ..
وللحديث بقية ...

الطارق غير متصل قديم 20-11-2002 , 04:07 PM
الخمشي الخمشي غير متصل    
عضو نشيط جداً  
المشاركات: 366
#11  
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أخي الطارق جزاك الله خيرا على جهودك الواضحة، لما قرأت الأجزاء الأولى من بحثك هذا أعجبتني جدا، و لكن عجبي لا ينتهي من تركيزك على نسب الجاحظ و قصة موته و قصة تأليفه لكتابه الحيوان، و غيرها مما يتعلق بهذا الأديب، و إغفالك لفكر هذا الرجل، و مذهبه الاعتزالي،
خاصة و أنه قد عاصر فتنة خلق القرآن، و لا ندري ما موقفه منها، وهو المعتزلي و صاحب أحمد بن داوود أحد رؤوسها.
فهل ياترى سنرى لك بحثا بهذا الجانب؟

تحياتي لك أخي العزيز.

الخمشي غير متصل قديم 28-11-2002 , 05:34 PM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#12  
وعاليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هلا أخي الخمشي ..

الحقيقة أني كتبت هذا الموضوع دون تحضير أو تنسيق
إنما هي خواطر واسئلة تجول في رأسي عن الجاحظ
كتبتها في لحظتها لأتحدث عن مراحل من حياته ..

وكنت أرغب في التحدث عن حياته على حسب
كثافة المراجع التي لدي عنه ( مع أنها قليلة جدا )!
فأتحدث نقطة بنقطة عن جميع مراحل حياته وفكره ..
(( وكنت أفكر بهذا من قبل ،، ولكن أحببت الآن أن اسجل هذا
في جهاز الكمبيوتر الخـــاص بي :D )

قلت من قبل أن أن هذه مهي إلا اسئلة تجول في رأسي عن
شيخ العربية الجاحظ أردت بتدوينها أن أسجل ما يدور
في رأسي عن حياة الجاحظ ..

وللحقيقة فأني أعرف الكثير عن حياة الجاحظ الاعتزالية
وموقفه من قصة خلق القرآن وقصة المحنة ، وللجاحظ
رسالة ( ربما رسالة خلق القرآن ) يتحدث فيها عن ما حدث
للأمام أحمد بن حنبل ..


وليس هذا بغريب فالجاحظ تلميذ أبو هذيل العلاف والنظام وثمامة بن الاشرس وبداية اشتهار الجاحظ كانت في عصر الخليفة
المعتزلي المأمون الذي ألف له الجاحظ كتاب الأمامة والذي امتدحة
المأمون ونال رضاه كثيرا ..

وللجاحظ كتب كثيرة تدافع عن الاعتزال وتمجد علم الكلام ومن
كتبه المعروفة ( فضيلة المعتزلة ) بل وحتى في كتبه الأدبية
كان روح الجدل ظاهر في كتبه ..

يعتبر الكثير من الباحثين أن الجاحظ هو المتحدث الرسمي باسم
المعتزلة ، بل وهو الذي أوصل مباحث الاعتزال إلى العامة
في ذلك العصر ...

لذا فقصة الجاحظ مع الاعتزال معروفة ومشهورة بل للجاحظ مذهب
خاص به في الاعتزال عرف به ( الجاحظية ) وأخذ عنه تلاميذه ..

بل مكانة الجاحظ لا تنحصر في أنه أحد كبار المعتزلة ( وان شكك
البعض في قدرته الجدلية ) بل يعتبر الجاحظ مؤسس البلاغة العربية
ويذكر ابن خلدون عن أشيخاه أن كتاب البيان والتبيين يعتبر من
أصول علم البيان ..

بل ان كتب الجاحظ من أهم المصادر التي تتحدث عن الحياة الجتماعية
والفكرية في ذلك العصر ..

الحقيقة أن الحديث عن الجاحظ لا يمل منه :)
والوقت أدركنا :)

الطارق غير متصل قديم 29-11-2002 , 04:40 AM
الخمشي الخمشي غير متصل    
عضو نشيط جداً  
المشاركات: 366
#13  
زدنا يا أخي زدنا
تحية طيبة محملة بإعجابي و تقديري، و شكرا لك على سرعة ردك، هذه النقطة بالذات عن حياة الجاحظ أجهل عنها الكثير، فشكرا لك أخي الكريم، على الدرر التي قدمتها.

الخمشي غير متصل قديم 29-11-2002 , 07:42 AM
عمر الصحفي عمر الصحفي غير متصل    
عضو نشيط جداً  
المشاركات: 450
#14  

ماشاء الله عليك أخي الطارق الله يعطيك الصحة والعافية ولكني أنا شخصيا معجب بالجاحظ وخاصة في مقولته عن الحسد فلقد أعجبتني هذه المقالة

فشكرا على جهدك ووفقك الله وإلى الأمام دائما

عمر الصحفي غير متصل قديم 03-02-2003 , 07:10 PM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#15  

أهلا اخي الخمشي ..

الشكر لك أخي الكريم على المتابعة :)
تحياتي وتقديري ..

أهلا أخي bond7
والله يعافيك ..

الجاحظ كاتب عظيم له الكثر من المؤلفات العظيمة ..
بالإضافة لكتابه الحيوان والذي فيه الكثير من التجارب
والقصص والحكايات التي تكشف حياة المجتمع في العصر العباسي .
وبالإضافة إلى البيان والتبيين الذي هو أول كتاب في علم البيان
وأحد أهم كتب الأدب العربي ..

فللجاحظ كتب في منتهى الروعة مثل البخلاء وهو كتاب ساخر
جدا وروح الكتاب الفاكهية كأنها خلقت في عصرنا هذا لذا
يمكن أنيقال أن هذا الكتاب صالح لكل عصر وزمن ..

ومن رسائله الشهيرة رسال التربيع والتدوير والتي تسخر من أحد الكتاب
( أحمد بن عبد الوهاب ) بطريقة كاريكاتيرية مذهلة تدل على عبقرية
وإبداع في الكتابة ...

لذا فتعتبر جميع رسائل الجاحظ في منتهى الروعة ...
تحياتي وتقديري ..

الطارق غير متصل قديم 07-02-2003 , 04:59 PM
 


[عرض نسخة للطّباعة عرض نسخة للطّباعة | ارسل هذه الصفحة لصديق ارسل هذه الصفحة لصديق]

الانتقال السريع
   قوانين المشاركة :
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة لا بإمكانك إضافة مرفقات لا بإمكانك تعديل مشاركاتك
كود في بي vB غير متاح الإبتسامات غير متاح كود [IMG] غير متاح كود HTML غير متاح



لمراسلتنا - شبكة سوالف - الأرشيف

Powered by: vBulletin
Copyright © Jelsoft Enterprises Limited 2000.