العودة سوالف للجميع > سوالف المميزة > إبــــــــداعـــــــــــــات > حوارات مع المشاهير ( 2 )
 
صفحة 1 من 2 1 2 >
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#1  
حوار مع هارون الرشيد
الجزء الأول :
[url]http://www.swalif.net/sforum1/showthread.php?threadid=105612[/url]


----------------------------------
حوار مع هارون الرشيد
اشتد خوفي وأنا قبالة أمير المؤمنين هارون الرشيد ومن خلفه مسرور الخادم وقد تطاير الشر من عينيه،سالا سيفه وقابعا خلف ولي نعمته ..
وكان حواري هذا مع خامس الخلفاء العباسيين وأشهرهم والذي بلغت الخلافة العباسية في عصره أوج عظمتها ، وأصبحت بغداد في عهده مركز التجارة ، وكعبة رجال العلم والأدب !!
كان هارون الرشيد ابن محمد ( المهدي ) ابن المنصور العباسي أبيض طويلا ، مسمنا جميلا ، قد خطه الشيب ( 1 ) وقد بان أثر النعمة والرفاهية في ملبسه ومظهره .
ورغم رعبي وخوفي من مسرور النحس ، ورغم هيبة أمير المؤمنين ، إلا أني بدأت بسؤالي الأول :

الطارق : أحببنا من أمير المؤمنين أعزه الله أن يعلمنا عن مولده ونشأته !؟

هارون الرشيد : نعم .. ولدت بالري وقد كان والدي في ذلك الوقت أميرا على خراسان وكان ذلك في سنة 149 هـ في خلافة جدي أبو جعفر المنصور ، ونشأت في دار الخلافة بغداد ( 2 )
وربيت تربية علمية ودينية مجتنبا المذمومات في ديني ودنياي ومتخلقا بالمحامد وأوصاف الكمال ، ونزعات العرب ( 3 )
محبا للفقه و الفقهاء وأميل للعلماء محبا لشعر والشعراء ويعظم في صدري الأدب والأدباء ، كارها للمراء في الدين الجدال ( 4 )
الطارق :كان والدك المهدي أكثر اهتمام بك وإيثارا لك فقد عين أبان بن صدقة كاتب لك في سنة 160 هـ كما كان يرغب في اصطحابك في رحلاته للحج ( 160 هـ ) ( حوادث سنة 160 / ابن الأثير ) والغزو ، بل أوكل لك أول مهمة وكانت هذه المهمة هي غزو الروم وكنت في الرابعة عشر من عمرك ؟!

هارون الرشيد : حدث هذا .. ففي سنة 163 هـ تجهز أمير المؤمنين المهدي في لحرب الروم بسبب غزوهم سميساط في سنة 159 ( 5 )
وجمع الأجناد واصطحبني معه حتى حلب فبعثني لغزو الروم وأجاز معي الدروب إلى جيحان مشيعا وبعث معي عيسى بن موسى وعبد الملك بن صالح والحسن بن قحطبة والربيع بن يونس ويحي بن خالد البرمكي ففتحنا حصن سمالو وفتحنا فتوح كثيرة بعد ذلك ثم قفلنا راجعين( 6 )

الطارق : وربما بسبب هذه الغزوة ولاك المهدي في سنة 163 هـ المغرب كله ، واذربيجان ، وأرمينية ، وجعل كاتبك على الخراج ثابت بن موسى ، وعلى رسائلك يحي بن خالد بن برمك ( ابن الأثير –حوادث سنة 163 هـ ) ثم سيرك لغزو الروم مرة أخرى ؟!
هارون الرشيد : أحسنت .. فقد سيرني أمير المؤمنين لغزو الروم في سنة 165 هـ في جماد الآخرة في جيش قدره 95 ألف ومعي الربيع فأوغلنا في بلاد الروم وهزمنا جيوشهم حتى بلغنا خليج قسطنطينية وأشرفنا على أسوار هذه المدينة فاضطرت ايريني وكانت إذ ذاك وصية على أبنها قسطنطين ، أن تعقد صلحا دفعت بموجبه جزية كبير ( 7 )

الطارق : يبدو أن هذه الغزوتين زادت من إعجاب ومحبة والدك بك فجعلك وليا للعهد من بعد الهادي ولقبك الرشيد في سنة 166 هـ
بل بلغ الأمر أنه كاد أن يقدمك على أخيك الهادي ويوليك الخلافة من بعده ؟!

هارون الرشيد : بالفعل .. فقد فكر والدي المهدي في تقديمي على موسى الهادي رغم أنه أكبر مني سنا لحبه لي وإيثاره لي على أخي موسى الهادي ، وزاد من هذه المحبة محبة والدتي الخيزران لي والتي كانت لها تأثير كبير على الدي .. إلا أن المنية عاجلت والدي قبل أن يعمل بهذا ( 8 )
فقد عزم والدي على خلع أخي موسى والبيعة لي بولاية العهد فبعث لأخي بجرجان بهذا المعنى فلم يفعل ، فبعث إليه بالقدوم فضرب الهادي الرسول وامتنع عن القدوم فسار إليه المهدي إلا أنه مات في طريقه فبايعنا لأخي بالخلافة وكان ذلك سنة 169 هـ ( ابن الأثير حوادث سنة 169 هـ )

الطارق : يذكر بعض الأخباريين رؤيا رأها والدك المهدي قد تكون سبب اهتمامه بك وتقديمك على الهادي ، فيذكرون أن المهدي رأى في منامه كأنه دفع إلى أخيك موسى غصنا ، ودفع إليك غصنا ، فأما غصن موسى فأورق أعلاه فليلا ، وأما غصنك فأورق من أوله إلى آخره ، فقص الرواية على الحكيم ابن إسحاق الصيمري فقال : يملكان جميعا ، فأما موسى فتقل أيامه ، وأما هارون فيبلغ آخر ما عاش خليفة ، وتكون أيامه أحسن الأيام ودهره أحسن الدهور ( 9 )

فبتسم هارون الرشيد وقال : ويذكرون أن حدث بيني وبين المهدي حوارا في خلافته بخصوص هذه الرؤيا !!!

الطارق : حسنا .. وقد ولد إيثار والديك المهدي والخيزران على أخيك الهادي البغض في نفس الهادي فعزم على خلعك من ولاية العهد بعد توليه الخلافة والبيعة لأبنه جعفر وعمل من أجل ذلك ؟!

هارون الرشيد : نعم .. وقد فاوض قواده من أجل ذلك فأجابوه بالموافقة وحرضوا شيعتنا علي فاجتنبني الناس ، ولم يبقى معي إلا يحي بن خالد البرمكي الذي كان يتولى أموري فاتهمه الهادي بمداخلتي وتهدده ، ثم حبسة بتحريض القواد ، ولم يطلقه إلا بعد أن خوف الهادي من صغر ولده جعفر وخوفه من خروج الخلافة من ولد المهدي وأن يسموا إليه أكابر البيت العباسي ، ووعده أن بلغ ولده أن يأتي بي لأخلع نفسي وأبايع ولده فقبل المهدي قوله وأطلقه ، ولم يقنع القواد بهذا وضيق علي فاستأذنته في الصيد فأذن لي فمضيت لقصر بني مقاتل فقمت أربعين يوما فأنكر الهادي أمري وخافني فكتب إلي بالعودة فتعللت له فأظهر الهادي شتمي وبسط مواليه وقواده في بألسنتهم ، فلما طال الأمر عدت !
ثم سار الهادي إلى الموصل فمرض وعاد مريضا حتى توفي ( ابن الأثير – حوادث سنة 170 هـ )

الطارق غير متصل قديم 28-09-2001 , 07:12 PM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#2  


الطارق : وتوليت الخلافة من بعده ولم يزد عمرك عن الثانية والعشرين من عمرك ، وكان أول عملا قمت به ، قتلك أبي عصمة وكان سبب ذلك أنك كنت سائرا مع جعفر بن الهادي فبلغتم قنطرة من قناطر عيساباذ فقال لك أبو عصمة : مكانك حتى يجوز ولي العهد فقلت : السمع والطاعة للأمير ، فوقفت حتى جاز جعفر !!!!
فقد قتلته بسبب هذا الموقف لا غير ؟!

(وبدأت شرارة الغضب بارزة من عيني مسرور الخادم ، وبدأ يلوح بسيفه مهددا بعد سؤالي هذا فأخافني هذا كثيرا ! )

هارون الرشيد : حسنا .. حدث هذا بالفعل .. غير أنه وبعد كل الذي حدث لي من القواد كنت معذورا لفعل هذا الأمر حتى أكون حازما مع أي طامع !

ولم أعقب خوفا من سخط مسرور ونظراته المهددة !

الطارق : حسنا .. حسنا .. وهكذا وليت الخلافة وكانت أول بشرى لك في ذلك اليوم ولادة أبنك المأمون ، حتى قيل أنه مات خليفة وولي خليفة وولد خليفة في ذلك اليوم ؟!

هارون الرشيد : نعم …

الطارق : وكان أو منصب قررته توليه يحي بن خالد وزيرا لك

هارون الرشيد : نعم ..

الطارق : " امتدت خلافتك من سنة 170 هـ إلى سنة 193 هـ ، وكان ذلك العصر الذهبي للخلافة العباسية بما بلغته من أبهة الملك والفخامة ، وحفلت بغداد بالعلماء من كل صنف والمترجمين والأطباء والشعراء والمغنين والمغنيات والجواري من كل جنس وعلى كل لون ولا تزال ذكراه حية في نفوس العرب إلى اليوم ، ممثلة في قصص ألف ليلة وليلة التي تصور ما بلغت بغداد في عهدك من الرفه والترف والبذخ ( 10 )
ورغم كل هذا فلم يخلوا عصرك من الفتن والثورات ؟!

هارون الرشيد : نعم … فقد خرج علي الوليد بن طريف التغلبي سنة 178 هـ ، وانتصر على جيوشي أكثر من مرة وقتل والي نصبين ، ثم مضى إلى أرمينية وأذريجان وعاث فيها ثم عاد إلى الجزيرة سنة 179 هـ
وعبر نهر دجلة حتى صل إلى حلوان ، واشتدت شوكته وكثر أتباعه فما كان مني إلا أن أرسلت له جيش بقيادة يزيد بن مزيد الشيباني الذي سرعان ما هزم جند الوليد بن طريف وقتله .
كما حدثت عدة ثورات في أفريقية ( تونس ) من قبائل البربر بين سنتي 178 هـ 181 هـ فبعثت هرثمة بن أعين على جيش كثيف استطاع أن يقضي على هذه الثورات ( 11 )

الطارق : وقد عينت إبراهيم بن الأغلب على إفريقية من بعده مكافأتا على إعادته للأمن في بلاد الزاب جنوب الجزائر وكتبت له عهد إفريقية نظير خراج يؤديه سنويا ، وكان هذا سببا في استقلاله عن الخلافة ( 10 )

هارون الرشيد : أردت بهذا أ انشأ دولة موالية للخلافة لتأديب البربر والوقوف في وجه الأدارسة إذا أرادوا الإغارة على أراضي الدولة العباسية ( 11 )

الطارق : حسنا .. وحدث نزاع في الشام بين اليمانيين والمضريين ( العدنانيبن ) سنة 176 هـ وبقيت دمشق زهاء سنتين مسرحا للانقسامات والحروب الداخلية ، ويقول البعض أن تلك الحالة لم تكن تهمك ، بل أنك أفدت منها ، لأنها أضعفت قوة أهالي هذه البلاد ( الشام ) الذين ثبت عندك عدم إخلاصهم وولائهم للعباسيين ( 11 ) .
مما يدل على ذلك قولك عندما مررت ببغداد وسرت إلى الرقة في سنة 189 هـ : والله أني لأطوي مدينة ( يقصد بغداد ) ما وضعت بشرق ولا غرب مدينة أيمن ولا أيسر منها أنها لوطني وطن آبائي ودار مملكة بني العباس .. ولنعم الدار هي ولكن أريد المناخ على ناحية الشقاق والنفاق والبغض لأئمة الهدى والحب لشجرة اللعنة بني أمية مع ما فيها من المارقة والمتلصصة ومخيفي السبيل ولولا ذلك ما فارقت بغداد ( 12 ) تقصد بقولك أهل الشام !!

( وبدأت ألمح على سرور علامات التهديد والوعيد )

هارون الرشيد : لا يمكن أن لا يهتم أي خليفة بأي نزاع في داخل دولته ، وقد يثير هذا الكثير من الاضطرابات والفتن ، نعم كنت لا أثق في أهل الشام ولكن كنت أهتم بالقضاء على الفتن وليس أدل من عفوي عن مثيري الفتن ، وإرسالي محمد بن منصور بن زياد ليصلح بين المضرية واليمانية عندما هاجت العصبية مرة أخرى في سنة 187 هـ ( ابن الأثير – حوادث سنة 187 هـ ) فقد عملت على استتاب الأمن في جميع أنحاء الدولة !

الطارق غير متصل قديم 28-09-2001 , 07:14 PM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#3  


الطارق : ربما ما تقوله صحيح .. ولكن ربما كان ولاتك السبب في كثير من الثورات وامتدادها وميلهم لفئة كميل إبراهيم بن صالح وأبنه إسحاق لليمانية ضد المضرية أو ظلمهم كظلم والي خرسان علي بن موسى بن ماهان الذي وليته على خرسان سنة 180 هـ والذي سار على سياسة تنطوي على الظلم والعسف واغتصاب الأموال من الأهالي ، وأساء السير فيهم فكثرة الفتن والقلاقل في خرسان بسبب هذه السياسة ، حتى بلغ الحال بأهل خرسان أن يكتبوا إليك يستغيثون من ظلمه ، ورغم هذا فلم تستجب لهم ولم تعزله ( 11 ) ، ( ابن الأثير – حوداث سنة 189 هـ ؟!
(فبلغ الغضب من مسرور الخادم حدا لم يتتطع أن يكتمه فصرخ مهددا : الويل لك .. أتحاسب أمير المؤمنين في ولاته ‍‍‍ ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‌‌‌‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!!!! )
فأشار إليه هارون بالصمت ثم قال هارون : بل خرجت في سنة 189 هـ لعزله حتى جاءني علي بن عيسى ورأيت خلاف ما كنت أظن فيه من الظلم والخلاف واعتقدت أنه مناصحا للدولة وأن سبب جباية الأموال لم يكن إلا محاربة الخارجي حمزة بن أترك فأبقيته ..


فقلت ورغم غضب مسرور الخادم : بل قام بإهداء الهدايا الكبيرة إليك والأموال العظيمة ، وأهدى لأهل بيتك ومن معك وقوادك فأبقيته على خرسان بعد أن اطمأنيت على ولائه لدولتك ، فزاد هذا تنكيلا بما استغاثوا بك من أهل خرسان ، ولم تعزله إلا بعد ثورة رافع ن الليث على ظلم هذا الوالي وهزيمته من رافع سنة 192 هـ ( ابن الأثير – ح 191 هـ –192 هـ ) ؟!
( وبدأ الغضب شديدا على وجه مرور وأخذ يلوح بسيفه مهددا لي ‍! )

هارون الرشيد : لا ، لا .. لم يتحقق لدي استبداده ، واستفزازه شعور الأهالي إلا بعد علمي بخبر هجوم الناس على بستان لولده في الكثير من الأموال ، وقد كان يدعي لي أنه باع حلى نسائه فيما ينفق على محاربة رافع فتبين لي كذبه فعزلته بهرثمة بن أعين وأمرته بمصادرة أمواله وأموال أهله وأتباعه وأقامتهم لمطالبة الناس وتسييره إلي على بعير بغير وطاء ولا غطاء جريرة ظلمه ( ابن الأثير – حوادث 192 )

الطارق : حسنا .. لكن أليس من الظلم أيضا حبسك موسى الكاظم بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين سنة 179 هـ حتى وفاته سنة 183 هـ وكان سبب حبسك فقط افتخاره بقربه من الرسول صلى الله عليه وسلم عند زيارتك لقبره صلى الله عليه وسلم ( ابن الأثير –حوادث سنة 183 هـ ) !؟

( فصرخ مسرور مرة أخرى وقال : ويحك أتتهم أمير المؤمنين بالظلم ! !
والله لولا مقام أمير المؤمنين لأزلت رأسك من جسدك )

فزجره أمير المؤمنين - أطال الله عمره - وأمره بالكف عني ، وحذره من تكرار تهدده ، بعد أن رأى الخوف في عيني من هذا المنحوس مسرور ، ثم قال :

هارون الرشيد : بل تخوفت خروجه كما خرج من قبله يحي بن عبد الله بن الحسن بالديلم في سنة 176 هـ والذي اشتدت شوكته وكثر جموعه واجتمع عيه الناس من الأمصار فغمني ذلك ولم تنتهي فتنته إلا بعد تجهيزي لخمسين ألف وندبي للفضل بن يحي لحربه مع كثير من الأموال
واستجابة يحي للصلح على أن أمنه على نفسه ( ابن الأثير – 176 هـ )
فخفت أن يخرج علي موسى بن جعفر كما خرج يحي بن عبد الله ! وكما خرج أل البيت على الخلفاء من قبل !

الطارق : ولكن سبق أن اعتقل موسى بن جعفر في عهد والدك المهدي ثم أطلقه لما علم أنه أبعد الناس عن الخلاف والخروج ( 13 )
كما أنك غدرت بيحي بن جعفر فحبسته رغم العهود حتى توفي في محبسه !

( رغم غضب مسرور البين إلا أنه صمت خوفا من ولي نعمته ! ! !‍‍‌ )

فقال هارون الرشيد : لقد كان العلويين يرون أنهم أحق بالخلافة منا فقد خرج منهم يحي بن عبد الله في الديلم وأمنته وأحسنت استقباله ألا أن رجال من أولاد الزبير بن العوام ادعى أنه أخذ يدعوا إلى نفسه بعد إعطاءه الأمان فاعتقلته ( 14 ) .
كما خرج إدريس بن عد الله في بلاد المغرب الأقصى وأسس سنة 172 هـ دولة الأدارسة وزاد خطر هذه الدولة حتى اقتطعت لإبراهيم بن الأغلب بلاد إفريقية ( تونس ) حتى يقف في وجه الأدارسة ( 14 ) فبعد كل هذا هل كنت مخطأ عندما أحرص على أن لا يخرج أي خارج من هذا البيت !!

الطارق : حسنا .. حسنا .. لكن أيضا غدرت بالبرامكة ونكباتهم رغم أنك شبيت في حجر يحي البرمكي حتى كنت تدعوه بـ " يا أبت " كما أن له دور في مدافعة الهادي في عزلك عن ولاية العهد مساندك في الخلافة وكل ذلك لمجرد سعاية أعداء البرامكة وبخاصة الفضل بن الربيع وغيره وكره زوجتك زبيدة أم الأمين للبرامكة التي كانت تظن أنك عهدة الخلافة لمأمون دون الأمين بتأثير يحي البرمكي ( 15 ) ؟

( ولا زالت علامات التهديد بادية على مسرور الخادم )


هارون الرشيد : لقد وليت يحي وزارة التفويض وأطلقت يده في كل شيء ، وعينت الفضل بن يحي على المشرق كله سنة 178 هـ ووليت جعفر ابن يحي البريد ودور الضرب والطراز ثم وليته المغرب كله سنة 186 هـ كما وجهته لقمع فتن الشام ( 16 ) وغير هذا
ولكن ماذا لقيت منهم ، لقد استبدوا بالملك وجمعوا الأموال واستمالوا الناس ، حتى ازدحم على أبواب يحي دوني وأصبحت الخلافة على الحقيقة له وليس لي منها إلا اسمها …
بل بلغ الأمر منهم أن أطلق جعفر بن يحي ، يحي بن عبد الله العلوي الذي خرج علي في بلاد الديلم من غير إذني ( 15 ) وكان موسى بن يحي يكاتب أهل خرسان لخروجهم عن الطاعة ( ابن الأثير – حوادث سة187 هـ ) فنكبتهم سنة 187 هـ فقتلت جعفر وحبست يحي والفضل وصادرت أموالهم أحطت بجميع أسبابهم …

الطارق : واعتقلت عبد الملك بن صالح في تلك السنة بسبب ووشاية أبنه عد الرحمن الذي أدعى أن يطل الخلافة ؟!

هارون الرشيد : نعم .. و خفت أن يكون للبرامكة دورا في هذا ( ابن الأثير – حوادث سنة 187 هـ )

الطارق غير متصل قديم 28-09-2001 , 07:15 PM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#4  

الطارق : حسنا .. رغم ما حدث من فتن في عهدك كثورة أهل الحوف في مصر ( 178 هـ ) والتي قضى عليها هرثمة بن أعين وانتقاض الخزر في القوقاز وأرمينيا ( 183 هـ ) وقد قلم أظافرهم خازم بن خزيمة وثورة الخرمية بأذربيجان ( 192 هـ ) وعصف بهم عبد الله بن مالك ( 10 ) وغيرها من الثورات ..
إلا أنك أوليت اهتمامك بالروم فقمت بغزو الروم أرغمتهم على دفع الجزية عدة مرات ؟!

( وأظهر مسرور الخادم ارتياح لهذا السؤال )

هارون الرشيد : أحسنت .. فقد قمت بغزو الروم سنة 181 هـ وفتحت حصن الصفصاف كما غزا عبد الملك بن صالح وحتى أنقرة ( حوادث 181 هـ ) فطلبت الإمبراطورة أيريني الهدنة مقابل دفع الجزية ( 16 ) تاريخ الإسلام : ص 245-247 ..
في سنة 187 هـ نقض نقفور إمبراطور الروم الهدنة ، ولم يكتفي هذا
بل ألح في طلب إرجاع الجزية التي دفعتها أيريني وكتب لي كتاب في هذا
(من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب أما بعد فان الملكة التي كانت قبلى أقامتك مقام الرخ وأقامت نفسها مقام البيدق فحملت إليك من أموالها ما كنت حقيقا بحمل أمثاله إليها وذلك من ضعف النساء وحمقهن فإذا قرأت كتابي هذا فاردد إلى ماحملته إليك من الأموال وافتد نفسك به وإلا فالسيف بيننا وبينك ) فلما قرأت كتابه أخذني الغضب الشديد حتى لم يتمكن أحد أن ينظر إلي ولم يستطيع أي أحد مخاطبتي وأشفق علي جلسائي خوفا مني ثم استدعيت بدواة وكتبت على ظهر الكتاب ( بسم الله الرحمن الرحيم من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة والجواب ما تراه دون ما تسمعه والسلام )
فسرت إليه جيوش جراره اخترقت بلاده حتى ولم يتمكن نقفور من ردي لانشغاله بفتنة في بلاده ، ثم أرغمت هذا الإمبراطور على دفع الجزية من جديد ..
على أنه سريعا ما نقض الهدنة من جديد في السنة التالية وأوقع الروم بالمسلمين في مرعش وطرطوس وكنت منشغلا بالثورات الداخلية .
فعدت في سنة 190 هـ على جيش يبلغ 130 ألف فأوعت بالروم واستوليت على هرقلة وطوانة وغيرها من أمهات مدن الروم وأسرنا عشرة آلاف رجل ، كما أخذت جزية قدرها عشرون ألف قطعة من العمة الذهبية ! ( 16 )
كما وليت حميد بن معيوف لغزو رودوس وقبرص ( 17 ).

الطارق : هذا بالإضافة لاستحداثك منطقة العواصم التي كانت جزء من أرض قنسرين والجزيرة ففصلته وجعلت عاصمته منبج ورتبت لها جيشا دائما على طول الحدود وتعميرك لمدينة طرطوس ووضع الجنود فيه وبناءك الهارونية ليرابط فيها الجنود ( 17 ) ..

( وأخذ مسرور الخادم يهز رأسه مؤيدا ذلك ، فما كان مني إلا أن بدأت اسأل سؤال يعيد له غضبه )

حسنا .. لم يبقى من شيء إلا ذكر الخلاف بين ولديك الأمين والمأمون .. فقد قيل أن لك دورا في هذا الخلاف وذلك بسبب تنصيبك الأمين على ولاية العهد قبل المأمون مع أن المأمون هو الأكبر ، بل وتقسيمك الدولة بين الأمين وضممت له مصر والشام و والمأمون وضممت له الولايات الشرقية وكان هذا سببا في خلافهم ( 18 ) ؟‍

( فظهرت علامات العبوس والغضب على وجه مسرور مرة أخرى )

هارون الرشيد : كنت أتوسم النجابة والرجاحة في عبدالله المأمون وكنت أقول في المأمون أنه والله فيه حزم المنصور ونسك المهدي وعزة نفس الهادي .. ولو شئت أن أقول الرابعة مني لقلت ..
وقد قدمت محمد بن زبيدة وإني لأعلم أنه متبع هواه ولكن لاأستطيع غير ذلك ( 19 ).
وسبب كل هذا ضغط البيت العباسي على وإجماعهم على تولي الأمين الخلافة من بعدي فقد كان الأمين أبن زبيدة العربية بينا كان المأمون ابن مراجل الفارسية ..
وقد خفت من أن يحدث خلاف من بعدي وأن يعزل المأمون بعد وفاتي ، فعينت الأمين من بعدي على أن يخلفه المأمون وكتبت عليهم العهود والمواثيق في حج سنة 186 هـ .
ولم أعطي المأمون ثغر خرسان إلا خوفا أن يحدث له ما حدث لي من الهادي وأن يتعرض للعزل من قبل الأمين ..

الطارق غير متصل قديم 28-09-2001 , 07:19 PM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#5  

الطارق : حسنا .. و كانت وفاتك سنة 193 هـ بطوس وذلك بعد خروجك لحرب رافع بن الليث الذي خرج عليك سنة 190 ـ بخرسان ..
بعد حكم دام 23 سنة ازدهر الدولة في عصرك ، وكان بابك مفتوحا للعلماء والأدباء حتى لم يجتمع على باب خليفة كما اجتمع على بابك من العلماء والأدباء والشعراء والكتاب والندماء ، كما عرفت طوال حكمك بالشجاعة وكثرة الغزوات والتدين حتى قيل أنك تغزوا سنة وتحج سنة ( 2 ) ..
وبلغت أصداء شهرتك حد الصين التي ترددت وفودك عليها
كما كانت هناك صلات بينك وبين شارلمان ملك الفرنجة وإمبراطور الأمبراطورية الغربية ، وكانت بينكما عدة سفارات ( 20 ) .
واشتهرت في الغرب لما كان بينك وين شارلمان من العلاقات السياسية ، واشتهرت في العالم أجمع لكتاب " ألف ليلة وليلة " التي في الكثير من قصصك ( 21 )
وكانت وفاتك خسارة كبيرة وليس أدل من هذه القصة :
قال عبد الرزاق : كنت جالسا مع فضيل بن عياض في مكة قال فمر هارون فقال فضيل بن عياض : الناس يكرهون هذا ، وما في الأرض أعز علي منه ، لو أنه حتى يضع رأسه ( أي يموت ) ، لرأيت أمور عظام ..
وحدث عثمان بن كثير عن سماعه للفضيل يقول : ما من نفس تموت أشد علي موتا من هارون الرشيد أمير المؤمنين
، قال ووددت أن الله زاد في عمره من عمري .. فكبر ذلك علينا ، فلما مات هارون وظهرت تلك الفتن ( خلاف الأمين والمأمون ) ، وكان من المأمون ما حمل الناس على أن القرآن مخلوق ، قلنا الشيخ كان أعلم بما تكلم به ( 22 )

( وما أن انتهيت من كل هذا إلا وقد بدأ السرور في ملمح مسرور الخادم ، فحمدت الله أن أنهيت موضوعي مدحا في هارون ، وإلا لكن عاقبة أمري أن لم أفعل ذلك ، إزالة رأسي من مسرور )
ثم قلت : أمير المؤمنين شكرا لك ،، ولمسرور ..

-----------------------------


المصادر :

كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير


و

( 1 ) تاريخ بغدد / 14 : ص5
( 2 ) الأعلام / ج8 : ص62
( 3 ) تاريخ ابن خلدون / ج1 : 18 .
( 4 ) تاريخ بغدد / 14 : ص 7 ( الخطيب البغدادي )
( 5 ) تاريخ الأدب العربي ( العصر العباسي الأول ) : ص 36 ( شوقي ضيف ) و اليداية والنهاية / حوادث سنة 159 هـ ( برنامج المحدث ) ( ابن كثير )
( 6 ) تاريخ ابن خلدون / ج3 : ص 258 ( ابن خلدون )
( 7 ) الكامل في التاريخ / حادث سنة 165 هـ ( ان الأثير )
( 8 ) تاريخ الإسلام / ج2 : ص 46 ( حسن إبراهيم حسن )
( 9 ) مروج الذهب / ج3 : ص345 ( المسعودي )
( 10 ) تاريخ الأدب العربي ( العصر العباسي الأول ) : ص36 ( شوقي ضيف )
( 11 ) تاريخ الإسلام / ج2 : ص52
( 12 ) تاريخ الطبري / حوادث سنة 189 هـ ( الطبري )
( 13 ) البداية والنهاية / برنامج المحدث : حوادث سنة 183 هـ ..
( 14 ) تاريخ الإسلام / ج2 : ص141
( 15 ) تاريخ الإسلام / ج 2 : ص 167 – 171
( 16 ) العالم الإسلامي في العصر العباسي : ص 105 ( حسن أحمد محمود و أحمد إبراهيم الشريف )
( 17 ) العالم الإسلامي في العصر العباسي : ص166 .
( 18 ) تاريخ الأدب العربي ( العصر العباسي الأول ) : ص38
( 19 ) البداية والنهاية : حوداث سنة 175 هـ / برنامج المحدث )
( 20 ) الموسوعة العربية الميسرة : مادة هارون
( 21 ) تاريخ الإسلام : ص 50
( 22 ) تاريخ بغداد / ج14 : 12


الطارق غير متصل قديم 28-09-2001 , 07:20 PM
البحاري البحاري غير متصل    
مبدع فائق التميز السعودية  
المشاركات: 6,857
#6  

مساء الخير .. الطارق

ياهلا والله :):)

ماشاء الله .. المتميز متميز دائما :):)

دائما تقدم لنا الممتع والمفيد ..

شكرا لك :)

البحاري غير متصل قديم 30-09-2001 , 01:21 AM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#7  
مساء الخير والسرور
هلا وغلا البحاري :)

تسلم حبيبي على هذه الكلماتـ:)

تحياتـ:):)


الطارق غير متصل قديم 30-09-2001 , 10:48 PM
بنت الباطن بنت الباطن غير متصل    
عضو فائق النشاط  
المشاركات: 596
#8  


.. اخي الكريم ...

طاب مساؤك بكل إبتهاج وصفاء نفس وانشراح صدر..

هذه الحلقات التي تقدمها (حوار مع المشاهير) نظلمها لوقلنا أنها رائعة
ومضينا ...

حريٌ بنا أن نتوقف عندها والذوب في ذللك التصوير المبدع في الذكريات ..

وأجد أنها فرصة مناسبة هنا للتعبير لك عما أكنه لك من إجلال وتقدير
تستحقه لما قدمته لنا .

.. إسمح لي بقراءة روائعك ..

عمق في الإسلوب وجمال في إختيار الألفاظ والمفردات من بحور اللغه
مهارة في الوصف ، ووحدة الهدف والقدره على جذب الآخرين للمشاركه وأثارة

الحماس والتشويق بين الأعضاء ..!

دمت سالما ومتألقا .

بنت الباطن غير متصل قديم 19-10-2001 , 01:52 PM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#9  

الأخت الفاضلة بنت الباطن ،،

كل الشكر لك أختي الفاضلة على هذ الكلمات
الطيبة التي أفخر بها وأسعد ،،

وأتمنا من الله عز وجل أن أكون بإذن الله على قدر
هذه الثقة التي شرفت بها بتعقيبك هذا وما سجلت فيه من
اطراء ومدح افخر به وأعتز ،،

وجزاك الله خيراً على هذه الأمنيات الطيبة
داعيا من الله عز وجل أن يوفقك في الدنيا والآخرة ..
وأن يديم لك السعادة في الدارين ،،


تحياتي وتقديري أختي الفاضلة ،،




الطارق غير متصل قديم 20-10-2001 , 12:54 AM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#10  
حوار مع أبو العلاء المعري



ضحكنا وكان الضحك منا سفاهة ** وحق لسكان البرية أن يبكوا
تحطمنا الأيام حتى كأننا ** زجاج ولكن لا يعود له سبك

كم كان يثير في هذين البيتين الكثير من العجب ! وكم كان يثيران في الكثير من الطرب !
لا أدري لما غالبني شعور عند بداية إطلاعي على هاذين البيتين بأنهما لا يصفان إلا ما يحدث لنا في هذا الدنيا وهي تحطمنا بمرور الأيام وأحداثها ومآسيها كما يتحطم الزجاج مع فرق أنا لا يمكن لنا أن نصلح ما حطمته تلك الأيام في نفوسنا كما يعاد إصلاح الزجاج !

كان هذا نظرتي لهاذين البيتين ربما لآني لم أفهم معنى ( سبك ) وما تعنيه من معنى خطير !

لكن علمت بعد ذلك تلك الشكوك التي تحوم حول معنى هذان البيتان ! وما يراد بهما من معنى قد يجر إلى الاعتقاد بأن صاحب هذان البيتان لا يعترف ببعث وميعاد !

......

كان محاوري نحيف الجسم هزيل الجسد .. أكثر ما يميزه أنه أعمى .. فقد كانت إحدى عينيه نادرة وبارزة والأخرى غائرة من آثر الجدري !

كان هذا الشيخ ما هو إلا أبو العلاء المعري أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي المعري الأديب العربي الشهير وشاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء ..

بدأت بحديثي وحواري مع هذا الأديب العظيم :

الطارق : بداية الأمر أديبنا الكبير أحببت أن أرحب بك في حوارنا هذا .. وأشكرك على تكرمك بالقبول بهذا الحوار ، فشكرا لك كل الشكر ..



أبو العلاء المعري : لا شكر على واجب .. ويسعدني أن المشاركة في هذا الحوار

الطارق : أشكرك أديبنا الفاضل .. وأبدأ بسؤالي الأول .. إن سمحت !

أبو العلاء المعري : تفضل .. تفضل ..

الطارق : حسناً .. أود أديبنا الكبير أن تخبرنا عن مولدك ونشأتك ؟!

أبو العلاء المعري : نعم ... ولدت سنة 363 هـ ( 973 م ) في معرة النعمان شمال حماة من بيت علم كبير في بلدتي وقد اشتهر منهم الكثير من من تقلدوا منصب القضاء وكانوا علماء وأدباء وفقهاء .. وقد ذكرهم ياقوت الحموي في كتابه ( معجم الأدباء ) ولك أن ترجع إليهم إن أردت ( 1 ) ..
أخذت النحو واللغة عن أبي في المعرة ، ولما رأى والدي مخايل النجابة والذكاء حملني إلى حلب حيث تلقيت النحو على محمد بن عبد الله بن سعد النحوي راوية أبو الطيب المتنبي وكان ذلك أول بداية اتصالي بالأدب ومعرفتي بشعر المتنبي ، كما طفت في بعض مدن الشام ( سورية ) حيث تحدثت إلى علمائها وزرت مكاتبها ( 2 )

وكنت أميل إلا الشعر والأدب حتى أني بدأت أقول الشعر وأنا في الحادي عشر من عمري ( 3 )

الطارق : حسنا .. حسنا .. أدبينا الكبير .. حدث لك في صباك حدث ومأساة أثر كثيرا في حياتك ! ونظرتك لتلك الحياة ! أحببنا أن تحدثنا عنه !؟

أبو العلا المعري : لعلك تقصد إصابتي بالعمى ؟!

الطارق : هو ذلك ..

أبو العلاء المعري : حسنا ... عندما بلغت الربعة من عمري وفي سنة 367 هـ أصبت بالجدري فأصابني العمى بسبب هذا .. وبدأ ذلك بعد أن غشي يمنى عيني بياض .. وذهبت اليسرى جملة .. فأصبحت أعمى أو كالأعمى .. ولا أذكر منذ صباي إلا اللون الأحمر لأني ألبست في مرضي ثوبا مصبوغا به ( 2 )

الطارق : يقال أنك كنت تحمد الله أن أصابك بالعمى كما يحمده غيرك على البصر ؟! ( 4 )

أبو العلاء المعري : ألم يُكتشف في عصركم أن الحواس التي تفقد يعوض الله عنها قوة في بعض الحواس .. كان من فضل الله أن ازددت قوة في الحفظ ، وقوة في الفهم ، وإن فقدت بصري فقد ازددت بصيرة !!

الطارق : عفوا أديبنا الفاضل .. يشكك الكثير في بصيرتك!! .. لكن .. لكن .... قبل ذلك أحببنا أن ندلل على شدة حفظك بقصة ذكرها تلميذك أبو زكريا التبريزي فقد قص هذا اللغوي المعروف أنك حفظت جميع ما دار من حوار بينه وبين شخص من أهله لم يلتقيه من مدة سنين رغم أن الحوار كان بينهم باللغة الأذربية ( لغة أذربيجان ) التي لا تتقنها وأعدت الحوار عليه من غير أن تنقص أو أن تزيد عليه ! ( 5 ).

أبو العلاء المعري : هذا من فضل الله على والحمد لله ..

الطارق : وقد علق ياقوت الحموي على هذه القصة وقال : وهذه غاية ليس بعدها شيء في حسن الحفظ...

حسنا .. فلنكمل قصتك .. فقد سافرت إلى بغداد للاستزادة من العلم في سنة 398 هـ وأقمت بها مدة سنة وسبعة أشهر ( 3 ) لكن تعرضت لعدة مواقف جعلتك تعود إلى بلدتك وتعتزل الناس !؟

أبو العلاء المعري : نعم .. حدث وبعد أن وردت إلى بغداد ، أن قصدت أبا الحسن علي بن عيسى الربعي لأقرأ عليه فلما دخلت عليه قال علي بن عيسى : ليصعد الإصطبل ، والاصطبل في لغتنا في الشام تعني الأعمى فخرجت غاضبا !

ودخلت على المرتضي فعثرت ، فقال المرتضي : من هذا الكلب ؟ فقلت له : الكلب من لا يعرف للكلب سبعين اسما ، فسمعني المرتضي فاستدناني ، واختبرني فوجدني عالما مشبعا بالفطنة والذكاء فأقبل علي إقبالا كثيرا ..

حتى حدث أن جرى ذكر المتنبي وكنت أتعصب له وأراه أشعر المحدثين وكان المرتضي يبغض المتنبي ويتعصب عليه فتنقصه المرتضي في مجلسنا ذلك وجعل يتبع عيوبه ، فقلت : لو لم يكن للمتنبي من الشعر إلا قوله : لك يا منازل في القلوب منزل
لكفاه فضلا ، فغضب المرتضي ، وأمر بسحبي برجلي وإخراجي من مجلسه ، وقد علمت أنه قال لمن بحضرته : أتدرون أي شيء أراد الأعمى بذكر هذه القصيدة ؟ فإن للمتنبي ما هو أجود منها لم يذكرها ، فقيل : النقيب السيد أعرف ، فقال أراد قوله في هذه القصيدة :

وإذا أتتك مذمتي من ناقض ** فهي الشهادة لي بأني كامل ( 6 )
فكانت هذه القصة سببا في عودتي إلا المعرة ..

الطارق غير متصل قديم 27-11-2001 , 02:40 AM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#11  

الطارق : لكن .. لكن .. يقال أنك خرجت من بغداد طريدا منهزما لأنك سألت سؤالا بشعر فقلت :

تناقض فما لنا إلا السكوت له * وأن نعوذ بمولانا من النار
يد بخمس مئين عسجد وديت * ما بالها قطعت في ربع دينار

فعزم الفقهاء على أخذك بهذا وأمثاله فهربت ورجعت إلى بلدتك ولزمت منزلك فكنت لا تخرج منه ؟! ( 7 )

أبو العلاء المعري : لا .. لا .. إنما رماني بهذا بعض الحساد وتلامذتي وغيرهم ونسبوا لي الكثير من الأشعار ، يضمنونها أقاويل الملاحدة قصد إهلاكي وٌيثارا لإتلاف نفسي وقد قلت في هذا شعرا وهو :

حاول إهوان قوم فما ** واجهتهم إلا بإهوان
يحرشوني بسعاياتهم ** فغيروا نية إخواني
لو استطاعوا لوشوا بي إلى ال ** مريخ في الشهب وكيوان

وقلت أيضاً :

غُريت بذمي أمة ** وبحمد خالقها غُريت
وعبدت ربي ما استطعـ ** ـت ومن بريته بريت
وفرتني الجهال حا ** سدة على وما فريت
سعروا علي فلم أُحـ ** ـس وعندهم أني هربت ( 8 )

الطارق : لكن هذه القصة مشهور وتم الرد عليك من كثير من الفقهاء !! وكذلك ذكرت لك الكثير من الأشعار التي تدل على استهتارك بالدين.. كقولك :

فلا ذنب يا رب السماء على امرئ * رأى منك مالا يشتهى فتزندقا

وقولك :

عفت الحنيفة والنصارى اهتدت ** ويهود جارت والمجوس مضلله
اثنان أهل الأرض ذو عقل بلا * دين وآخر ذو دين ولا عقل له

وقولك :
فلا تحسب مقال الرسل حقا **ولكن قول زور سطروه
فكان الناس في عيش رغيد * فجاؤا بالمحال فكدروه

وقولك :
إن الشرائع ألقت بيننا إحنا **وأورثتنا أفانين العداوات
وهل أبيح نساء الروم عن عرض * للعرب إلا بإحكام النبوات

وقولك :

أفيقوا أفيقوا يا غواة فإنما ** دياناتكم مكرا من القدما

وقولك :

ضحكنا وكان الضحك منا سفاهة ** وحق لسكان البسيطة أن يبكوا
تحطمنا الأيام حتى كأننا ** زجاج ولكن لا يعود له سبك ( 7 )

وغيرها من الأشعار ( راجع معجم الأدباء ج3 / ص 163 – 173 ) التي تدل على سوء عقيدتك ؟!

أبو العلاء المعري : سبق أن قلت لك من قبل أن هذه ليست إلا أشعار نسبت إلي بقصد إهلاكي !!

الطارق : لكن .. ذكرت بعض هذه الإشعار في كتبك ، وأخص بالذكر كتاب " لزوم ما لا يلزم "

ومما يزيد الشك أنك حرمت عليك أكل اللحم أكثر من 45 سنة متشبها بالبراهمة حتى قلت وبعد أن أصابك مرض في مرة ، فوصف لك الطبيب أكل الفروج ( الدجاج الصغير ) :

استضعفوك فوصفوك ** هلا وصفوا شبل الأسد
( راجع معجم الأدباء : ج 3 / ص125 )

وخالفت أهل عصرك بالكثير من أفكارهم ومعتقداتهم الاجتماعية والدينية بل حتى قال عنك طه حسين : " أبو العلاء هو الفيلسوف الفذ الذي التزم ما لا يلزم عند المسلمين : في سيرته ولفظه ، فحرم الحيوان ، والتزم النبات ، وأبي الزواج والنسل ، وأراد اعتزل الناس " ( 9 ) .

بل بلغ بك الأمر أنك ألفت كتاب أسميته " الفصول والغايات " وهو كتاب عارضت فيه سور وآيات القرآن الكريم وكأنك أردت أن تتبع من يدعي أن كل بليغ قادر أن يأتي بمثل القرآن ( 10 ).

أبو العلاء المعري : سبحان الله ما هذا إلا بهتان عظيم .. أم قولك أني عارضت القرآن فلا والله .. إنما كتبت هذا الكتاب لتمجيد الله سبحانه وتعالى .. فكيف أعارض كلام الله عز وجل !
إنما كانت طريقتي في هذا الكتاب أن جعلت قافية البيت ومنتهاه على حروف المعجم ما خلا الألف لأني اعتمدت أن أضعه ما قبل حرف القافية .. ولم اعتمد فيه أن تكون الحروف التي يبنى عليها مستوية الإعراب ، بل تجيء مختلفة .. كما أن هناك بعض القوافي تجيء على نسق واحد وعلى حرف واحد .. كعمامها ، وغلامها ، وأمرا ، وتمرا .. وغيرها ..
فكما ترى إنما استخدمت كثيرا من فنون الكتابه في هذا الكتاب لم يعهدها من كان في عصري ، وكنت أمجد الله في هذا الكتاب ، فاعتقد البعض أني أعارض القرآن ( 11 ) .

أما قولك أنه مما يزيد الشك في أني امتنعت عن أكل اللحوم ، فهذا ليس إلا زهدا ، وشفقة ورحمة على الحيوان ، فلم أبلغ الثلاثين من عمري حتى سألت ربي إنعامي فرزقني الله صوم الدهر ، فلم أفطر في السنة ولا الشهر إلا في العيدين ، وظننت أن اقتناعي بالنبات يثبت لي جميل العاقبة .. وإنما تركت ذلك اجتهادا في التعبد .. ورحمة للمذبوح .. ولم أجد أن الامتناع عن أكل اللحم مما يُذم ..
ومما حثني على ترك أكل الحيوان ، أن لي في السنة نيف وعشرون دينار ، فإذا أخذ خادمي بعض ما يجب ، بقى لي ما لا يعجب ، فاقتصرت على فول وبلسن ( العدس المأكول .. وحب آخر يشبهه ) ( راجع رسائله مع داعي الدعاة )

أما قولك أني ذكرت في كتبي ما يزيد من الشك في أمري ، فقد قلت في كتبي ما يدل على إيماني .. فقد قلت :
" وفي الآخرة يكون المجمع " وقلت : " وعند الباري تكون الزلف " وقلت : " أما بصرك فحديد ، وأما ثوبك فجديد ، وظلك بقضاء الله مديد ، وحولك العد والعديد ، ولكنك سواك السديد ، طرقك وعد ووعيد ، فهل تُبدي وتعيد ، أم غريك ( أي قبرك ) هو السعيد " وقلت " لقد هجرت الخدور ، وغدر بها الزمان الغدور ، فإذا الخدر عوضه قبر ، هل ينفعك جزع أو صبر ، من بارئك يجري المقدور ، وتفنى الشهب والبدور " ( 12 ) وغير هذا من الأشعار ..

الطارق : حسنا .. حسنا .. الحقيقة أن هذا يثير الكثير من الحيرة .. فقد اختلف الناس فيك فقال البعض أنك زنديقا ونسبوا إليك أشياء كثيرة تدل على ذلك .. وقال البعض أنك زاهد عابد متقللا تأخذ نفسك بالخشونة والقناعة باليسير ، وتعرض عن الدنيا ( 13 ) .

لكن أريد أن أذكر لك قصة رواها تلميذك أبو زكريا التبريزي قال :
قال لي المعري : ما الذي تعتقد ؟ فقلت في نفسي اليوم أقف على اعتقاده ، فقلت له : ما أنا إلا شاك .. فقال : هكذا هو شيخك ( 14 ) .

أبو العلاء المعري ( بغضب ) : كيف هذا !! كيف هذا !! لقد لزمت منزلي منذ سنة 400 هـ ، واجتهدت على أن أتوفر على تسبيح الله وتحميده ( 15 )..
فهل أكثر من هذا يقين !!! فآتهم بعد ذلك بأني شاك في أمر ديني !!

[ ولما بد لي أنه بدأ يغضب من حوارنا في هذا الأمر .. أخذت أغير منه ]

الطارق غير متصل قديم 27-11-2001 , 02:42 AM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#12  

الطارق : حسنا .. يكفينا ما ذكرنا في هذا الأمر .. أود أديبنا أن نتحدث لزومك منزلك بعد عودتك من بغداد حتى أسميت نفسك رهين المحبسين للزومك منزلك ولذهاب عينيك ؟!

أبو العلاء المعري : نعم .. الحقيقة أنه ورغم لزومي منزلي أكثر من خمسة وأربعين سنة .. إلا أن الدنيا جاءت إلي ، فقد أصبح بيتي محجة لكبار العلماء والأدباء وطلاب العلم ، وكنت أملي على بضع عشرة محبرة في فنون العلم .. وقضيت أيامي في التأليف والتصنيف ( 16 )..

ورغم هذا فقد لزمت بيتي ولم أخرج منه إلا مرة واحدة وذلك عندما ألح علي أهل بلدتي أن أشفع لهم لدى صالح بن مرداس أمير حلب عندما حاصر المعرة ، فنجحت مهمتي والنسحب ذلك الأمير ( 16 ) ، ( 17 )

الطارق : الحقيقة ورغم عزلتك إلا أنك لقيت شهرة في عصرك ، واختلف الناس وعجبوا من أمرك حتى قال عنك أحد الشعراء : لقيت بمعرة النعمان عجبا من العجب ، رأيت شاعرا ظريفا ، يلعب الشطرنج والنرد ، ويدخل في كل فن من الجد والهزل يكنى أبو العلاء ( 18 ) .

أبو العلاء المعري : بل بلغ الأمر أن اختلف الناس في أمري وفي عصري حتى دعى هذا أن يقوم داعي الدعاء بمراسلتي ( 19 ) .. وكان من فضل الله أن كانت شهرتي سببا في تخليص أهل المعرة من صاحب حلب ...

الطارق :حسنا .. سنتحدث عن شعرك في ما قبل لزومك منزلك وبعد ذلك .. فقد قسم النقاد شعرك بفترتين الأولى منذ بدأت الشعر وحتى لزوم منزلك ، وكنت في تلك الفترة تماثل الشعراء ، وتحاكي المتنبي الذي أعجبت به .. ويمثل ديوانك " سقط الزند " هذا الشعر من فخر ورثاء ووصف ومدح .. أم المرحلة الثانية فتلك التي اعتزلت الناس فيها وأخذت تتأمل الحياة الإنسانية ، وتطرقت لجميع القضايا التي تشغل العقل الإنساني .. خالفت كثير من أهل عصرك في كثير من أفكارهم .. ونظمت في ذلك شعر التزمت بالتقيد بقواعد في الصياغة والقوافي غير ضرورية ، ولم تكن تبالي بخلق الصور البيانية ، بل أن كل ما أردته أن تغطي بعض المشاكل الفكرية ! ويمثل ديوانك " لزوم ما لا يلزم " أو " اللزوميات " تلك الفترة ! ( 16 ) ، ( 20 ) .

أبو العلاء المعري : أحسنت ..

الطارق : حقيقة أديبنا الكبير .. لديك بعض القصائد السياسية الجميلة الصائبة التي كأنها تصف زماننا وهي :

مُل المقام ، فكم أعاشر أُمة ** أمرت بغير صلاحها أمراؤها
ظلموا الرعية واستجازوا كيدها ** وعدوا مصالحها وهم أُجراؤها

وقولك :

يسوسون الأمور بغير عقلٍ ** فينفذ أمرهم ويقال سياسة
فأف من الحياة وأف مني ** ومن زمنٍ رئاسته خساسة

وقولك :

إن العراق وإن الشام مذ زمن ** صفران ما بهما للمُلك من سلطان
ساس الأنام شياطين مسومة ** في كل مصر من الوالين شيطان
من ليس يحفل خمص ( جوع ) الناس كلهم ** إن بات يشرب خمرا وهو مبطان
متى يقوم إمام يستقيد لنا ** فتعرف العدل أجبال وغيطان ( 21 ) .

أبو العلاء المعري : لم أصف إلا واقع الحال في ذلك الزمان ..

الطارق : الحقيقة كأنك تصف حالنا اليوم .. وما أشبه أمس باليوم !!
حسنا .. حسنا .. أديبنا الفاضل .. أرجو منك أن تتكرم وتذكر لنا مؤلفاتك التي ألفتها ؟!

أبو العلاء المعري : نعم .. بلغت مؤلفاتي الستين كتاب منها ثلاث دواوين في الشعر هي : " لزوم ما لا يلزم" و " سقط الزند " و " ضوء السقط " ..
ومن تصانيفي " الأيك والغصون " وهو كتاب يربو على مائة جزء .. و " تاج الحرة " في النساء وأخلاقهن .. و " عبث الوليد " شرحت فيه ونقدت ديوان البحتري .. و " رسائلة الملائكة " .. و " اختيارات الأشعار " .. و " شرح ديوان المتنبي " في جزآن .. و " رسالة الغفران " ( 22 ) .

الطارق : عفوا .. عفوا .. وهذا الكتاب أو الرسالة من أشهر كتبك .. ويقال أن دانتي قد تأثر بهذا الكتاب في " الكوميديا الإلهية " ( 21 )
حسنا .. حسنا .. وماذا أيضا ؟!

أبو العلاء المعري : نعم نعم .. و " ملقى السبيل " و " خطبة الفصيح " ضمنتها كل ما حواه فصيح ثعلب .. و " الرسائل الإغريقية " .. و " الرسائل المنبجية " .. و " الفصول والغايات " .. و " اللامع العزيزي " وهو شرح في ديوان المتنبي ( 22 )
وهذا كتاب كأنما نظر المتنبي إلي بلحظ الغيب حيث يقول :

أنا الذي نظر الأعمى في أدبي ** وأسمعت كلماتي من به صمم ( 23 ) .

وغيرها من الكتب ( راجع معجم الأعلام : ج3 / ص145 –162 )

الطارق : لم يبقى شي أديبنا العظيم إلا أن نذكر أن وفاتك كانت في سنة 449 هـ ( 1057م ) وبعد مرض دام ثلاثة أيام ومت في اليوم الرابع .. ويقال أنك أوصيت أن يكتب على قبرك هذا البيت :

هذا جناه أبي علي ** وما جنيت على أحد ( 23 )

وقد زعم بعضهم أنك أقلعت عن هذا كله وتبت منه وأنك قلت قصيدة تعتذر فيها من ذلك كله وهي القصيدة التي تقول فيها :

يا من يرى مد البعوض جناحها * في ظلمة الليل البهيم الأليل
ويرى مناط عروقها في نحرها * والمخ في تلك العظام النحل
امنن علي بتوبة تمحو بها * ما كان مني في الزمان الأول

وكانت وفاتك في ربيع الأول من سنة 449 هـ بمعرة النعمان عن ست وثمانين سنة إلا أربعة عشر يوما وقد رثاك جماعة من أصحابك وتلامذتك وأنشدوا عند قبرك ثمانون مرثاة حتى قال بعضهم وهو يرثيك :

إن كنت لم ترق الدماء زهادة * فلقد أرقت اليوم من جفني دما ( 7 )

أديبنا لكبير .. لم يبقى من شيء إلا أن نشكرك على هذا الحوار .. شكرا لك

----------------------------------------------------

المصادر :

( 1 ) معجم الأدباء ( ياقوت الحموي ) : ج3 / ص105-122
( 2 ) راجع : وفيات الأعيان ( ابن خلكان ) : ج1 / ص 113-114 .. و صانعوا التاريخ ( سمير شيخاني ) : ج1 / ص228 ..
( 3 ) معجم الأدباء : ج3/ ص 108
( 4 ) معجم الأدباء : ج3 / ص130
( 5 ) معجم الأدباء : ج3 /ص132
( 6 ) معجم الأدباء :ج3 / ص123-124
( 7 ) البداية والنهاية ( ابن كثير ) : تراجم سنة 449 هـ
( 8 ) معجم الأدباء : ج3/ ص144
( 9 ) صانعوا التاريخ : ج1 / ص230
( 10 ) أنظر معجم الأدباء ج 3 / ص139 .
( 11 ) معجم الأدباء : ج3 / ص146 ..
( 12 ) مجلة العربي : العدد ( 481 ) ص 180 ..
( 13 ) معجم الأدباء ج3 ص 142
( 14 ) معجم الأدباء ج3 / ص126
( 15 ) معجم الأدباء : ج3 / ص145
( 16 ) صانعو التاريخ : ج1 : ص229
( 17 ) معجم الأدباء: ج3 / ص215
( 18 ) معجم الأدباء : ج3 / ص 129
( 19 ) معجم الأدباء : ج3 / ص204
( 20 ) الموسوعة العربية : ج2 / ص 1720.
( 21 ) تاريخ العلوم عند العرب : ص33، 34
( 22 ) الأعلام ( الزركلي ) : ج1 : ص157
( 23 ) وفيات الأعيان : ج 1 : ص114 ، 115

الطارق غير متصل قديم 27-11-2001 , 02:45 AM
البحاري البحاري غير متصل    
مبدع فائق التميز السعودية  
المشاركات: 6,857
#13  
صباح الورد .. الطارق
الحوارات السابقة .. نسختها وطبعتها :):)

لكن الحوار الأخير مع أبو العلاء مازال قيد الطبع :D

بكل صراحة .. ما تكتبة إبداع واميز منقطع النظير ..

بارك الله لك هذا الجهد الرائع .. وأثابك عليه ..

على فكرة صديقي ( متخلف ) مغرم بضيفك الأخير

أبو العلاء المعري :D .. لا بد أنه يشعر بقمة السعادة :):)

ألف تحية لك :cool:

البحاري غير متصل قديم 28-11-2001 , 04:36 AM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#14  

حياك الله أخوي البحاري ،،

الله يرضى عليك حبيبي ،،
تسلم على هذه الكلمات المشجعة :)

الله يذكر أخونا متخلف بالخير ،،
حقيقي نفتقده ونفتقد كتاباته !!
لا أدري إن كان قد ترك السوالف :confused: :confused:

وجزاك الله كل خير ،، وبارك الله فيك على هذه المتابعة ،،

تحياتي ،،

الطارق غير متصل قديم 29-11-2001 , 07:25 AM
الخمشي الخمشي غير متصل    
عضو نشيط جداً  
المشاركات: 366
#15  

تميز في الفكرة والمضمون..

روعة في اختيار الموضوع، وإبداع في معالجته.

أخذت ا لمعلومات من مناهلها، وعرضتها بطريقة جذابة.

شكرا وشكرا وشكرا وألف شكرٍ لا أراها تكفيك.

وجزاك الله خيراَ

الخمشي غير متصل قديم 01-12-2001 , 12:39 AM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#16  

حياك الله أخي الكريم الخمشي ..

بل الشكرك لك أخي الكريم على هذا الإطراء ..
وأسعد ان ينال الموضوع رضاك ..

ما هذه الإ محاولة لتعريف بشخصيات من
تاريخنا العظيم .. كنت أتمنا أن تكون لدي المصادر الأكبر
التي توسع من معرفتي وتعريفي لهذه الشخصيات .. لكن ..
حسبي أن اجتهدت بما لدي من مصادر فكتبت
هذه الحوارات ..

جزاك الله خيرا على هذا التشجيع ..
ووفقك اللهم في الدنيا والأخرة

تحياتي أخي الكريم ..

الطارق غير متصل قديم 01-12-2001 , 04:11 PM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#17  
حوار مع أبو جعفر المنصور
كان محاوري أسمر اللون رقيق السمرة طويلا نحيف الجسم مهيبا خفيف العارضين، كثيف الشعر ، خفيف اللحية ، كانت هذه موصفات الخليفة العظيم عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس أبو جعفر المنصور ( 95 – 158 هـ / 714 – 775 ) المؤسس الحقيقي للدولة العباسية وأشد الخلفاء العباسيين شدة وبأسا ويقظة وحزما وصلاحا واهتماما بمصالح الرعية وفحل بني العباس هيبة وشجاعة ورأيا ودهاء وجبروتا ( 1 ).

الطارق : أمير المؤمنين نبدأ بسؤالنا الأول وكالعادة أحببنا أن تعرفنا عن نشأتك ومولدك ؟!

أبو جعفر المنصور : ولدت في الحميمة من أرض الشراة على مقربه من العقبة في الأردن في صفر من سنة 95 هـ ( * )
وقد كان والدي أول من قام بالدعوة للعباسيين .. أم والدتي فهي سلامة البربرية .. وقد تربيت وسط كبار الرجال من جلة بني هاشم ، وصحبت أبي وجدي فنشأت أديبا فصيحا ملما بسير الملوك ( 2 ).

الطارق : تقول والدتك سلامة عند حملها بك أنها رأت كأن أسد خرج من قبلها فزأر وضرب بذنبه ، فأقبلت إليه الأسود من كل ناحية ، فكلما انتهى إليه أسد منها سجد له ! ( 3 ) .
فإن صح هذا – وإن كنت أشك في ذلك !- فكأنما تنبئ هذه الرؤية بذلك المجد الذي ستحققه في حياتك ؟!

( ابتسم أبو جعفر المنصور ) وقال : ويقال أني حلمت في صغري بمثل هذا فقد رأيت في صغري مناما غريبا كان ينبغي أن يكتب في ألواح الذهب ويعلق في أعناق الصبيان فقد رأيت كأني في المسجد الحرام وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكعبة والناس مجتمعون حولها فخرج من عنده مناد أين عبدالله فقام أخي السفاح يتخطى الرجال حتى جاء باب الكعبة فأخذ بيده فأدخله إياها فما لبث أن خرج ومعه لواء أسود ثم نودي أين عبدالله فقمت أنا وعمي عبدالله بن علي نستبق فسبقته إلى باب الكعبة فدخلتها فاذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وبلال فعقد لي لواء وأوصاني بأمته وعممني عمامة كورها ثلاثة وعشرون كورا وقال خذها إليك أبا الخلفاء إلى يوم القيامة ( 4 ) .

الطارق : هذا ما يرويه الرواة والمؤرخين وإن كنت أشك في صحة ذلك !!!!! لكن .. لكن لربما كانت هذا الروايات تدل على طموحك ومنذ الصغر ! ولتحقق هذا التحقت بسليمان بن حبيب بن أبي صفرة في شبابك .. وقد عينك على إمارة بليدة في فارس ! ألا انه ضربك واعتقلك في السجن بعد ذلك ( ** )؟!

أبو جعفر المنصور : نعم .. فقد اتهمني باحتجاز المال لنفسي فضربني سليمان بالسياط ضربا شديدا وأغرمني المال .. ( 5 )

الطارق : وكان هذا سببا لضربك عنقه بعد توليك الخلافة ( 6 ) .

أبو جعفر المنصور : حدث هذا بالفعل ..

الطارق : حسنا .. وقد تعرفت في السجن كما يقولون على نوبخت المنجم فاجتمع بك نوبخت في ذلك السجن وقد توسم فيك الرياسة فقال لك : ممن تكون فقلت : من بني العباس فلما عرف نسبك وكنيتك قال : أنت الخليفة الذي تلى الأرض فقلت له : ويحك ماذا تقول فقال : هو ما أقول لك فضع لي خطك في هذه الرقعة أن تعطيني شيئا إذا وليت فكتبت له فلما وليت الخلافة قربته منك ( 7 )

أبو جعفر المنصور : ويذكرون أنى التقيت بشبيب بن شيبة في سنة 125 هـ ودار حوار بيني وبينه حول ظهور دولتنا ( 8 )

الطارق : أشك كثيرا في هذه الرواية .. ويبدوا أنها من تأليف الرواة والقصاصين !!
وإن كان يصح فيها حجتك في سنة 125 هـ فقد ذكر علي بن ميسرة الرازي أنه رآك في مكة في تلك السنة ووصفك فقال : " رأيت سنة خمس وعشرين أبا جعفر المنصور بمكة ، فتى أسمر رقيق السمرة ، موفر اللمة ( الشعر الذي يجاوز شحمة الأذن ) ، خفيف اللحية ، رحب الجبهة ، أقنى الأنف أعين كأن عينيه لسانان ناطقان ( الأعين عظيم سواد العين في سعة ) تخالطه أبهة الملوك بزي النساك ، تقبله القلوب ، وتتبعه العيون ، يعرف الشرف في تواضعه ، والعتق في صورته ، واللب في مشيته " ( 9 ) .

أبو جعفر المنصور : نعم .. حدث أن حججت في تلك السنة .. لكني لا أذكر آني حدثت شبيب بن شيبة عن قيام دولتنا !!
ثم لو كنت أعلم أن لنا دولة لما بايعنا أنا وأخي أبو العباس وعمي عبد الله بن علي و عيسى بن علي ، عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر عندما خرج على الأمويين في فارس في سنة 129 هـ ( 10 ) .

الطارق : وقد هزمتم من جيوش الأمويين واختفيت بعد ذلك ؟!

أبو جعفر المنصور : نعم .. فقد اختفيت في الجزيرة ( المنطقة الواقعة بين الفرات ودجلة ) وتزوجت بها .. ثم رجعت إلى الحميمة حتى انضممت إلى ركب أخي عبد الله أبو العباس إلى الكوفة ( 11 ) !

الطارق : في سنة 129 هـ خرج أبو مسلم الخراساني يدعو إلى الرضا من آل محمد صلى الله وعليه وسلم .. وإن كان لم يصرح بمن يدعو له .. وكان أخوك إبراهيم القائم بهذه الدعوة من بعد والدك؟!

أبو جعفر المنصور : نعم .. وقد اعتقل أخي إبراهيم الإمام سنة 130 هـ وذلك بعد وقوع كتابه ( رسالتة ) الذي أرسله لإبي مسلم الخراساني وهو يأمره بقتال نصر بن سيار والكرماني في يد مروان بن محمد الذي اعتقله وقيده وسجنه في حران حتى قتله سنة 131 هـ .

وقد طلب يوم ألقي القبض عليه أن يكون الخليفة من بعده أخي عبد الله أبو العباس السفاح وأمرنا أن نرتحل إلى الكوفة بأهلنا وقد وصلنا إلى الكوفة سنة 132 هـ ( 12 ) .

الطارق : وبعد أن انتصر جيش قحطبة بن شبيب الموالي لكم على والي العراق ابن هبيرة وسود محمد بن خالد بن عبد الله القسري بالكوفة ودخلها الحسن بن قحطبة بويع لإخيك أبو العباس السفاح رغم عن أبي سلمة الخلال وزير آل محمد الذي أراد أن يحولها لآل أبي طالب بعد علمه بوفاة أخيك إبراهيم ؟!

الطارق غير متصل قديم 15-12-2001 , 03:31 AM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#18  

أبو جعفر المنصور : نعم .. لولا أن علم بعض نفر من النقباء والأمراء بمكاننا فبايعوا السفاح على الخلافة وكان ذلك في 12 ربيع الآخر سنة 132 هـ ( 13 ) .

الطارق : وقد بويع أخيك عبد الله بن محمد أبو العباس بالخلافة على الرغم أنك أكبر منه سنا بعشر سنين ؟!

أبو جعفر المنصور : كان سبب هذا أن أمه عربية ، وكانت أمي أم ولد وليست بالعربية فعدلوا عني وبايعوا أخي ( 14 ) .

الطارق : وماذا حدث بعد ذلك ؟!

أبو جعفر المنصور : خرج أخي السفاح مع أتباعنا فدخل قصر الأمارة وخطب الناس في يوم الجمعة وأخذ منهم البيعة ، وعسكرنا في ظاهر الكوفة ، وقد استخلف عليها عمي داود بن علي ثم ارتحل إلى الأنبار غرب نهر الفرات وأقمنا بها وأسميناها ( الهاشمية ) ونزلنا بقصر الإمارة ..
فأرسل أخي السفاح الجيوش لمنازلة الأمويين فنتنصر جيشنا بقيادة عمي عبد الله بن علي على مروان بن محمد في الزاب وكان ذلك في 11 جماد الآخر من تلك السنة .. ولحقه عبد الله بن علي إلى حران ، فقنسرين ، فحمص ، فدمشق ، حتى فتحها وانهارت دولة الأمويين ثم قتل مروان في بلدة ( أبو صير ) في مصر في ذو الحجة من تلك السنة !
وقد بعث السفاح بابن أخي عيسى بن موسى إلى الحسن بن قحطبة وذلك لمحاصرة يزيد بن عمر بن هبيرة بواسط ، ثم بعثني مددا لهم وقائدا فحاصرنا ابن هبيرة حتى تم الصلح - وذلك بعد علم جيش ابن هبيرة بمقتل مروان - على أن نعطيه الأمان ( 15 ) .

الطارق : وغدرتم به وقتلتموه ؟!

أبو جعفر المنصور : لم أكن أرغب في ذلك فقد كنت أرى عدم قتله .. ولكن أمرت بذلك من أبو العباس السفاح .. وكان ذلك بتحريض أبو مسلم الخراساني( 16 ) .

الطارق : لقد كنت غاضبا في تلك الفترة من أبو مسلم الخراساني وكنت تحرض أخيك على التخلص منه ؟!

أبو جعفر المنصور : نعم .. فقد وكان غضبي عليه وقبل أن يرسلني أبو العباس لمحاصرة ابن هبيرة فقد سبق أن قتل سليمان بن كثير وهو أحد نقباء الدعوة وشيخهم ، وقد قتله بعد أن أرسلني أبو العباس إلى أبو مسلم الخراسانيبعد قتل أبو سلمة الخلال فلم قدمت عليه سايرني عبيد الله الأعرج وسليمان بن كثير فقال سليمان بن كثير : يا هذا أنا كنا نرجو أن يتم أمركم فإن شئتم فدعونا إلى ما تريدون ..
فأخبر عبيد الله الأعرج أبو مسلم الخراساني بهذا فقام بقتله .. فرجعت إلى السفاح وأخبرته بالأمر وقلت له : لست بخليفة ولا أمرك بشيء إن تركت أبا مسلم ولم تقتله ، فقال لي : لما فقلت : والله ما يصنع إلا ما أراد فقال العباس : فكتمها ! ( 17 ) .

الطارق : وقد استتب لكم الآمر بعد ذلك ووليت على الجزيرة وأذربيجان وأرمينية منذ سنة 132 هـ وحتى وفاة أخيك في سنة 136 هـ الذي كان قد عهد بالخلافة من بعده إليك ثم إلى عيسى بن موسى وكتب بذلك العهد ..

أبو جعفر المنصور : نعم .. وقد بيعت بولاية العهد فبعثني أخي العباس لأخذ البيعة من أهل خراسان فستخف بي أبو مسلم الخراساني فزاد ذلك من غضبي عليه ، ثم استخلفت على عملي في الجزيرة وأرمينيا وأذربيجان مقاتل بن حكيم العكي ، وقدمت على أخي واستأذنته بالحج فأذن لي ، وقد استأذن أبو مسلم بالحج في تلك السنة ( 136 هـ ) فأذن له .. فلما قدم أبو مسلم إلى الأنبار حدثت أخي بقتله فكاد أن يتبع قولي لولا أن تراجع عن أمره ( 18 ) .

الطارق : وتوفي أخيك بالجدري وأنت في مكة ، فأخذ البيعة لك عيسى بن موسى وكتب إليك يعلمك بوفاة السفاح والبيعة لك وأرسل إلى عمك عبد الله بن علي الذي كان على الصائفة لمحاربة الروم ؟!

أبو جعفر المنصور : نعم .. ولما وصل الخبر إلي كنت في طريق عودتي فبايعني من معي ومن بينهم أبو مسلم ، وتابعت سيري حتى وصلت الكوفة ومنها إلى الأنبار وقد استتب الأمر لي ( 18 ) .

الطارق : ما عدى خروج عمك عبد الله بن علي في سنة 137 هـ ؟!

أبو جعفر المنصور : نعم .. وقد ادعى عمي أن أبو العباس قد جعل ولاية العهد لمن ينتدب لحرب مروان بن محمد ! وقد أرسلت إليه أبا مسلم الخراساني وكنت أرغب بذلك أن أضرب عمي بأبي مسلم وأيهما زال فقد زال من طريقي .. وقد هزم أبو مسلم عبد الله بن علي في نصيبين وفر عمي إلي العراق ( 19 ) .

الطارق : وقد قتلته من بعد أن أمنته ؟!

أبو جعفر المنصور : لم أقتله بل سقط عليه البيت الذي حبسته في ليلة ممطرة من سنة 147 هـ ( 20 ) .

الطارق : لكن تروى لك قصة في أمر عمك .. فقد ذكر عبد الله بن عياش المنتوف انه قال : قال المنصور يوما ونحن عنده " .... " : أتعرفون خليفة أول اسمه عين قتل جبارا أول أسمه عين ، وجباراً أول اسمه عين ، وجبارا أول اسمه عين ؟ فقلت ( عبد الله بن عياش ) : نعم ، أنت يا أمير المؤمنين ، قتلت عبد الرحمن بن مسلم ، وعبد الجبار بن عبد الرحمن ، وعمك عبد الله بن علي سقط عليه البيت ، قال : فما ذنبي إن كان سقط عليه البيت ؟ قلت : لا ذنب لك فتبسم . ( 21 ) ( *** ).

ويقال أنك سجنته في بيت بني أسامة على الملح ثم أطلقت عليه الماء فذاب الملح وسقط البيت عليه فمات ( 22 ) .

( فتبسم أبو جعفر المنصور .. ولم يعلق )

الطارق : وأتى الدور من بعد ذلك على أبو مسلم الخراساني الذي كنت له كاره منذ زمن خلافة أخيك أبو العباس السفاح .. وقتلته في سنة 137 هـ ؟!

أبو جعفر المنصور : لقد ذكرت لك من قبل ما نقمت على أبو مسلم الخراساني من تفرده بالأمر وقتله بعض أتباعنا واستخفافه بأمري في عصر أخي .. وما زاد من غضبي عليه أنه وعندما حججنا معا كان يكسوا الأعراب ويصلح الآبار والطريق وكان الذكر له دوني .. ثم جاء خبر وفاة السفاح والبيعة لي في الطريق فكتب إلي يعزيني في أخي ولم يهنئني بالخلافة ولا رجع إلي فغضبت من ذلك وكتبت له كتابا غليظا فهنئني بعد ذلك ..
وقد أتانا خبر استهزاءه وضحكه بكتبي هو ومالك بن الهيثم حين أرسلته لحرب عمي عبد الله بن علي ..
وزاد من الأمر أني أرسلت له أبا الخصيب ليكتب لي ما أصاب من الأموال والمغنم بعد هزيمة عبد الله بن علي فغضب أبو مسلم وأراد قتله وقال : أنا أمين على الدماء خائن في الأموال .. وأخذ يشتمني .
فأردت أن أبعده عن ولايته في خراسان حيث أتباعه فأرسلت له بولاية الشام ومصر فرفض ذلك وأقبل نحو الجزيرة ليسير إلى خراسان مجمعا على الخلاف ، فسرت من الأنبار إلى المدائن ، ودعوته إن يجتمع بي فرفض ذلك وصمم على موقفه والسير إلى ولاية خراسان ، فأخذت أهدده وأرغبه حتى أذعن لآمري ..
فلما قرب من المدائن أمرت القواد والأمراء أن يتلقوه وكان دخوله علي من آخر ذلك اليوم وقد أشار أبو أيوب علي أن أوخر قتله في ساعته هذه إلى الغد فقبلت ذلك منه فلما دخل أبو مسلم علي من العشى أظهرت له الكرامة والتعظيم ثم قلت اذهب فأرح نفسك وادخل الحمام فإذا كان الغد فأتني فخرج من عندي وجاءه الناس يسلمون عليه فلما كان الغد طلبت عثمان بن نهيك فقلت له كيف بلائي عندك فقال والله يا أمير المؤمنين لو أمرتني أن أقتل نفسي لقتلتها فقلت فكيف بك لو أمرتك بقتل أبي مسلم فوجم الساعة ثم قال له أبو أيوب مالك لا تتكلم فقال قوله ضعيفة أقتله ثم اخترت له من عيون الحرس أربعه فحرضتهم على قتله وقلت لهم كونوا من وراء الرواق فإذا صفقت بيدي فاخرجوا عليه فاقتلوه ثم أرسلت إلى ابي مسلم رسلا يتبع بعضهم بعضا فأقبل أبو مسلم فدخل دار الخلافة ثم دخل علي وهو يبتسم فلما وقف بين يديي جعلت أعاتبه في الذي صنع واحدة واحدة فيعتذر عن ذلك كله وكان من جملة ما عاتبته به ان قلت كتبت إلى مرات تبدأ بنفسك وأرسلت تخطب عمتي أمينة وتزعم أنك إبن سليط بن عبدالله بن عباس إلى غير ذلك فقال أبو مسلم يا أمير المؤمنين لايقال لي هذا وقد سعيت في أمركم بما علمه كل احد فقلت ويلك لو قامت في ذلك أمة سوداء لأتمه الله لجدنا وحيطتنا ثم قلت والله لاقتلنك فقال أستبقي يا أميرالمؤمنين لأعدائك فقلت له وأي عدو لي أعدى منك ثم ضربت باحدى يدي على الأخرى فخرج عثمان بن نهيك وأصحابه فضربوه بالسيوف حتى قتلوه ولفوه في عباءة ثم أمرت بإلقائه في دجله وكان ذلك في يوم الأبعاء لأربع بقين من شعبان سنة سبع وثلاثين ومائة ( 23 ) .

الطارق غير متصل قديم 15-12-2001 , 03:32 AM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#19  

الطارق : وقد أخذت في تأليف قلوب أصحاب أبي مسلم بالأعطيات والترغيب والترهيب ، والولايات ، كما وفيت لأبي داود إبراهيم بن خالد بولاية خراسان الذي وعدته بها في حال ضغطه على أبي مسلم الخراسان ( 24 ) .
ورغم هذا فقد ظهرت عدة ثورات تطالب بالثأر لإبي مسلم الخراساني ؟!

أبو جعفر المنصور : نعم فقد خرج سنباذ بخراسان يطلب بدم أبي مسلم في سنة 137 هـ فأرسلت له جمهور بن مرار العجلي الذي هزمه وقد فر سنباذ إلى طبرستان فقتل فيها .

الطارق : العجيب أن جمهور بن مرار قد خرج عليك في سنة 138 هـ وذلك بعد هزيمة سنباذ وسبب ذلك أنه لم يوجه خزائن أبو مسلم إليك فخاف وخلعك !

أبو جعفر المنصور : نعم وقد وجهت له محمد بن الأشعث الذي هزمه وهرب جمهور ولحق باذربيجان ثم قتله أصحابه وحملوا رأسه لي ( 25 )
.
كما قام استاذ سيس بثورة في خراسان سنة 150 ولكن قضيت عليها عن طريق خازم بن خزيمة واعتقل استاذ سيس بعد ذلك ( 26 ) .

الطارق : وفي سنة 141 هـ خرج عليك الراوندية وهم من أهل خراسان وعلى رأي أبي مسلم ويقولون بتناسخ الأرواح ويدعون أنك ربهم ؟!

أبو جعفر المنصور : نعم .. وقد سبب خروجهم أنهم أتوا قصري فقالوا هذا قصر ربنا ، فأخذت رؤساءهم فحبست منهم مائتين فغضب أصحابهم فقاموا بحيلة ودخلوا إلى السجن وأطلقوا أصحابهم وقصدوا نحو قصري !
فخرجت إليهم وتكاثروا علي وكانوا ستمائة حتى كادوا أن يقتلونني .. و فتحت أبواب المدينة ودخل الناس وقاتلهم مع قوادي واتباعي حتى ظفرنا بهم ( 27 ) .

الطارق : وفي سنة 145 هـ خرج عليك محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب المعروف بالنفس الزكية وأخوه إبراهيم .. وقد قيل أن سبب هذا أنك بايعته أنت وأخيك أبو العباس وجميع بني هاشم في أواخر أيام بني أمية ؟!

أبو جعفر المنصور : نعم حدث هذا .. ولم يبايع محمد بن عبد الله لأخي أبو العباس السفاح .. وعندما توليت الخلافة عملت على التخلص منه حتى لا يخرج علي بشتى الطرق..

الطارق : وكان من ضمن هذه الطرق أرسل الجواسيس إلى المدينة لتعقب محمد بن عبد الله ، وتحريضك لزياد بن عبد الله عاملك على المدينة على الجد في اعتقال محمد بن عبد الله ، بل اعتقالك إياه وتكبيله بالحديد لتهاونه وتفريطه في اعتقال محمد ، وعزلك محمد بن خالد القسري الذي وليته بعد زياد ، حتى أرسلت رياح بن عثمان بن حيان عم مسلمة بن عقبة المري قائد الحرة في عهد يزيد بن معاوية كواليا للمدينة وتهديده لأهل المدينة وتذكيرهم بمذبحة الحرة !
ورغم هذا فقد ازداد أهل المدينة حماس لأل علي رضي الله عنهم ، فأخذت ترسل لهم كتابا وتتهددهم وتتوعدهم فيه !
حتى ثار أهل المدينة على واليك ، فأخذ يزداد بطشا واضطهاد للعلويين حتى قام بحبسهم حتى حججت في سنة 144 هـ وقمت بنقل بني الحسن وهم مكبلين مقيدين وأخذت تعنفهم وتنكل ببعضهم ثم بعثت بهم إلى الكوفة وحبستم في سرادب تحت الأرض لا يفرقون بين ضياء النهار وسواد الليل ، وغاليت في التنكيل بهم حتى مات أكثرهم ( 28 ) ( **** ) .

أبو جعفر المنصور : لم أفعل هذا إلا خوفا على النظام والملك .. ولم أصنع هذا إلا حتى أجبر محمد بن عبد الله على الخروج .. وقد خرج محمد بن عبد الله سنة في جماد الأخر من سنة 145 هـ في المدينة وتغلب على مكة كما خرج إبراهيم أخيه - في أول رمضان من تلك السنة - الذي تغلب على البصرة والأهواز وفارس فسيرت عيسى بن موسى إلى محمد بن عبد الله في جيش كبير وهزم أتباع محمد القليلين في يوم الاثنين 14 رمضان سنة 145 هـ .
ثم أرسلت عيسى بن موسى إلى إبراهيم بن عبد الله والتقى الفريقان في باخمري بين الكوفة وواسط .. وكادت الهزيمة أن تتم لجيشي لولا ثبات عيسى بن موسى حتى انهزم جيش إبراهيم وقتل في المعركة وانتصرت جيوشي في يوم الاثنين لخمس بقين من ذي القعدة من سنة 145 هـ ( 29 ) .

الطارق : ورغم ما صنعه عيسى بن موسى فقد أجبرته سنة 147 هـ على عزل نفسه من ولاية العهد وعينت ابنك المهدي بدلا منه ؟!

أبو جعفر المنصور : لم يحدث هذا مني .. ولكن كان الجند محبين لولدي المهدي .. وكانوا يسمعون عيسى بن موسى ما يكره فشكى لي ذلك فنهيتهم عن ذلك فكانوا يكفون عن ذلك ثم يعودون وكان بعض الجند يمنعونه من الدخول إلي ويسمعونه الشتم فشكاهم لي فقلت له : يا ابن أخي أنا والله أخافهم عليك وعلى نفسي فانهم يحبون هذا الفتى فلو قدمته بين يديك لكفوا .. فأجابني لذلك .. فهل أخطأت في ذلك !!!

الطارق : أمير المؤمنين .. نسيت أن تقول أنك آنت من كان يحرضهم على هذا .. وأنت من كان يأمرهم بذلك .. حتى قيل أنك كدت أن تقتل أبنه موسى لأجل أن ينزع ولاية العهد عنه لأبنك .. بل كنت تتهدده مرة ، وتأخر إذنه مره بل وتهدم عليه الحيطان مرة أخرى !

أبو جعفر المنصور ( وهو يبتسم ) : يقولون هذا ..

الطارق : حسناً .. الحقيقة لم تحدث أي ثورة مهمة غير ما ذكرنا .. لكن حدث أن خرج عليك بعض الولاة والخوارج .. أحببنا أن نذكر بعض منهم اختصارا ؟!

أبو جعفر المنصور : نعم خرج علي ملبد بن حرملة الشيباني سنة 137 هـ في الجزيرة وقد أرسلت له عدة من قوادي فهزمهم حتى تحصن حميد بن قحطبة منه فوجهت عبد العزيز بن عبد الرحمن فهزمه ملبد ثم ارسلت خازم بن خزيمة فنتصر خازم عليه وقتل ملبد وكان ذلك سنة 138 هـ .
كما خلع عبد الجبار بن عبد الرحمن في سنة 141 هـ فوجهت ابني المهدي لحربه وبين يديه خازم بن خزيمة لحربه ، فلم علم أهل مرو الروذ بنزول المهدي بنيسابور حاربوا عبد الجبار فانهزم منهم وتوارى حتى أخذه خازم بن خزيمة أسير وبعثه لي ..

الطارق : وقمت بتعذيبه وولده حتى استخرجت منهم الأموال ، ثم أمرت بقطع يده ورجله وضرب عنقه وأمرت بتسيير أهله إلى دهلك !

أبو جعفر المنصور : حدث ذلك .. وذلك لإنه قتل الكثير من قوادي وحبس بعضهم فكان هذا عقابا له ( أنظر ابن الأثير ) .. كما أن الملوك تحتمل كل شيء إلا ثلاثة إفشاء السر والتعرض للحرمة والقدح في الملك ( 30 ) فما بالك بمن خرج عن حكمي وملكي.

نكمل حديثنا !!

الطارق : نعم

أبو جعفر المنصور : وفي سنة 142 هـ خلع عيينة بن موسى بالسند وكان عاملا عليها فوجهت عمر بن حفص بن أبي صفراء العتكي عاملا على السند والهند فحاربه حتى غلبه عليها .
وفي سنة 148 هـ خرج علي حسان بن مجالد الهمداني بنواحي الموصل ثم انقضى أمره ..
هذا غير فتن أفريقيا والخوارج فيها ( راجع تاريخ ابن الأثير ) .

الطارق غير متصل قديم 15-12-2001 , 03:34 AM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#20  

الطارق :يقال أنك لم تكن راضي عن ولاتك كثيرا ؟!

أبو جعفر المنصور : نعم .. بل كنت أتمتا أن يكون لي واليا كالحجاج حتى استكفيه أمري ؟!

الطارق : ومما يدل على هذا حديثك مع معن بن زائدة وهو أحد ولاتك عندما ذكر الحجاج فقال معن : يا أمير المؤمنين ما كنت أحسب أن أبقى حتى يذكر الحجاج في دارك وعلى بساطك فيثنى عليه فقلت له : وما استنكرت من ذلك رجل استكفاه قوم فكفاهم والله لوددت أني وجدت مثل الحجاج حتى استكفيه أمري وأنزله أحد الحرمين ، فقال لك : يا أمير المؤمنين أن لك مثل الحجاج عدة لو استكفيتهم كفوك . فقلت له : ومن هم كانك تريد نفسك . فقال لك : وإن أردتها فلم أبعد من ذلك . فقلت له : كلا لست كذلك الحجاج أتمنه قوم فأدى إليهم الأمانة وأنا ائتمنتك فخنت ( 31 ) .
بل يذكر لك مقولة تقول فيها : ما كان أحوجني إلى أن يكون على بابي أربعة نفر لا يكون على بابي أعف منهم فقيل لك : ما هم يا أمير المؤمنين ، فقلت لهم : هم أركان الملك ولا يصلح الملك إلا بهم كما السرير لا يصلح إلا بأربع قوائم أن نقصت واحدة وهي أما أحدهم فقاض لا تأخذه في الله لومة لائم والأخر صاحب شرطة ينصف الضعيف من القوي والثالث صاحب خراج يستقصي ولا يظلم الرعية فإني على ظلمها غني والرابع .. ثم عضضت على أصبع السبابه ثلاث مرات تقول في كل مره آه آه فقيل لك ومن هو يا أمير المؤمنين قلت صاحب بريد ( صاحب البريد مثل الجاسوس والمخابرات ) يكتب بخبر هؤلاء على الصحة ( 32 ) .

أبو جعفر المنصور : حدث هذا .. فهذه من تدابير الملك التي لا يستغني عنها .. بل كنت لحرصي اسأل عن أخبار بني أمية وسيرهم وتدبيرهم وأخص بالذكر هشام بن عبد الملك الذي أعجبت بسياسته ( 33 ) .

الطارق : ينقلون عنك أنك كنت سمحا في منزلك ، فإذا لبست ثيابك وذهبت إلا منزلك لتلقي الناس تغير لونك وأربد وجهك واحمرت عينيك ( 34 ) .

أبو جعفر المنصور : نعم .. فقد كنت أشغل في صدر نهاري في كل يوم بالأمر والنهي والولايات والعزل وشحن الثغور والأطراف وأمن السبل والنظر في الخراج والنفقات ومصلحة ومعاش الرعية لطرح عالتهم والتلطف لسكونهم وهدئهم ، فإذا صليت العصر جلست لأهل بيتي وإلا من أحب أن أسامر فإذا صليت العشاء نظرت فيما يرد علي من كتب الثغور والأطراف والآفاق وشاورت سماري في الأمر فإذا مضى ثلث الليل قمت لفراشي وانصرف سماري فإذا مضى الثلث الثاني قمت من فراشي للصلاة حتى طلوع الفجر ثم أخرج للصلاة بالناس ثم أدخل وأجلس في إيواني ( مجلسه ) ( 35 ) .
فكان هذا دأبي دوما فالحزم وشدة من متطلبات الحكم .

الطارق : حسنا أمير المؤمنين .. ينقل عنك أنك كنت بخيل حتى سميت بأبو الدوانيق من شدة بخلك ( 36 ) .

أبو جعفر المنصور : إنما هذا حرصا على جمع الأموال وحرصا على طرق إنفاقها ، ولم أعرف بهذا إلا لشدة محاسبتي للعمال والصناع وقد ظهر هذا في بنائي لبغداد سنة 145 هـ والتي أكملت سنة 146 هـ ( 37 ).
ورغم هذا فقد أطلقت في يوم واحد لبعض أعمامه ألف ألف درهم وفي نفس هذا اليوم فرقت في بيتي عشرة آلاف درهم ولا يعلم خليفة فرق مثل هذا في يوم واحد من قبلي وبعدي .
وقد وقرأ بعض القراء عندي (الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ) فقلت : والله لولا أن المال حصن للسلطان ودعامة للدين والدنيا وعزهما مابت ليلة واحدة وأنا احرز منه دينارا ولا درهما لما أجد لبذل المال من اللذة ولما أعلم في إعطائه من جزيل المثوبة ( 38 ).

الطارق : لم يبقى إلا أن نذكر ما قمت به من فتوحات وأعمال في عصرك فقد أعدت بناء مدينة ملطية التي هدمها الروم في عهد أخيك أبو العباس وأرسلت قوادك لغزو الروم في سنة 146 ، 149 ، 151 ، 153 ، 154 ، 154 هـ هذا بالإضافة لاهتمامك ببناء الثغور التي يرابط فيها المسلمين وبناءك لـ ( المصيصة ) عام 141 هـ على يد جبريل بن يحي الخراساني .
أما في الشرق فقد أمرت أبنك المهدي بغزو طبرستان في سنة 141 هـ ففتحها ، ثم نقض صاحبها العهد في العام التالي ففتحها .
وأرسلت محمد بن أبي العباس السفاح لغزو الديلم في سنة 144 هـ بعد قتلهم للمسلمين في سنة 143 هـ .
كما خرج الترك والخزر بباب الأبواب عام 145 هـ وقتلوا جماعة من المسلمين في أرمينيا فسار إليهم المسلمين وأدبوهم .
وأغار اشتر خان خوارزم في جيش من الترك على أرمينيا ودخلوا تفليس وقتلوا كثيرا من المسلمين من أهل الذمة فأرسلت حرب بن عبد الله الراوندي فقتل في بعض المعارك في سنة 147 هـ فأرسلت حميد بن قحطبة إلى تفليس الذي وجد الترك قد انسحبوا منها .
كما فتحت في عصرك كشمير عام 157 هـ بعد أن نقضت العهد ( 39 ) .

وكنت أول من عنى بالعلوم من ملوك العرب .
كما يكفيك فخر بنائك لبغداد في سنة 145 و 146 هـ عاصمة العباسيين ، ومن أثارك ( المصيصة ) و( الرافقة ) بالرقة .
وقد تركت لأبنك المهدي خزائن عامرة بالأموال ( 40 ) .

وفي سنة 158 هـ كانت وفاتك في مكة المكرمة وكان سيرك لها بقصد الحج ودفنت بها ( ابن الأثير : حوادث تلك السنة ) .

أمير المؤمنين شكر لك ...

الهومش :
( * )يقول صاحب كتاب تاريخ الإسلام أنه ولد سنة 101 هـ وفي أواخر خلافة عمر بن عبد العزيز .. لكن جميع المصادر الأخرى تذكر أن ولادته في سنة 95 هـ .
( ** ) يقول المسعودي : " ثم استوزر أبا أيوب المورياني الوزي وكان له بأبي جعفر أسباب : منها أنه كان يكتب لسليمان بن حبيب بن المهلب ، وقد كان سليمان ضرب المنصور بالسوط في أيام الأمويين ، وأراد هتكه ، فخلصه كاتبه أبو أيوب من يده فكان ذلك سبب الاتصال به " مروج الذهب ج3/ص298
( *** ) ويذكر المسعودي أنه قتل خنقا وبأمر أبو جعفر المنصور ( مروج الذهب : ج3/ ص316 )
( **** ) راجع تاريخ الطبري وتاريخ ابن الأثير وتاريخ المسعودي لتعلم مقدار ما صنعه أبو جعفر بآل البيت رضوان الله من بطش وطغيان وقد يكون هذا الظلم سببا في تعاطف الناس مع ثورة محمد بن عبد الله وأخيه التي لاقت الكثير من التأييد حتى من الفقهاء كمالك بن أنس الذي أيد ثورة محمد بن عبد الله وأبو حنيفه الذي أيد إبراهيم بن عبد الله وانتشرت في بقاع كثيرة وكادت تنجح لو لم يكن أبو جعفر المنصور ذلك الداهية هو الخليفة !!! وأخيرا يذكر صاحب العقد الفريد قصة أحد العباد عند المنصور سأذكرها لتبين ما كان في عصر المنصور من ظلم ، ولأنها شبيه بحكام زماننا ! وقد ذكرها صاحب العقد الفريد في الجزء الثالث ص93 .

المصادر :

( 1 ) تاريخ الإسلام ( د : حسن إبراهيم حسن ) : ج2/ص31 .. والتاريخ الإسلامي الدولة العباسية ( محمود شاكر ) : ج1/ص101
( 2 ) تاريخ الإسلام : ج2 ص 28 )
( 3 ) مروج الذهب ( المسعودي ) ج3 / ص295
( 4 ) البدية والنهاية ( ابن كثير ) برنامج المحدث .
( 5 ) يذكر صاحب التاريخ الإسلامي : الدولة العباسية : ج1/ص101 " أنه تولي إمارة بليدة في فارس لعاملها سليمان بن حبيب المهلب بن أبي صفرة ن ثم عزله وضره " وقد بحثت عن سبب ضربه من سليمان بن حبيب ولم أجد سبب هذا في ما لدي من كتب لكن وجدت مقولة تنسب لأبو جعفر المنصور في كتاب ( عيون الأخبار ) لأبن قتيبة الدينوري ج1 /ص81 يقول فيها : " ثلاثة كن في صدري شفى الله منها : كتاب أبي مسلم إلي وأنا خليفة : عافانا الله وإياك ، ودخول رسوله علينا ، وقوله : أيكم ابن الحارثية ؟ . وضرب سليمان بن حبيب ظهري بالسياط "
وقد بحثت في موقع الوراق عن جملة " وضرب سليمان بن حبيب " فوجدتها قد كتبت في كتاب المنتظم لابن الجوزي ويذكر فيها سبب ضربه وهو ما ذكرت !!
( 6 ) عيون الأخبار ( ابن قتيبة الدينوري ) : ج1/ص81 .
( 7 ) البداية والنهاية : برنامج المحدث , و ( تاريخ بغداد ) للخطيب البغدادي : ج10 / ص54 ، 55
( 8 ) قصص العرب : ج4/ 335 –340
( 9 ) تاريخ بغداد : ج10 / ص 54 ، 55 .
( 10 ) الكامل في التاريخ ( ابن الأثير ) : حوادث سنة 129
( 11 ) التاريخ الإسلامي : الدولة العباسية : ج1 / 101
( 12 ) راجع تاريخ ابن الأثير حوادث سنة 129 إلى سنة 132 هـ والتاريخ الأسلامي ص 60 –62 .. وتاريخ الإسلام ج2 ص22
( 13 ) ابن الأثير حوادث سنة 132 هـ والتاريخ الإسلامي : الدولة العباسية ج1/ ص62
( 14 ) تاريخ الإسلام :ج2 / ص22
( 15 ) تاريخ ابن الأثير حوادث سنة 132 هـ والتاريخ الأسلامي : الدولة العباسية : ج1 ص63 .
( 16 ) تاريخ الإسلام : ج2 / ص28 ..
( 17 ) تاريخ ابن الأثير حوادث سنة 132 هـ ، والتاريخ الإسلامي : الدولة العباسية : ج1 ص 104
( 18 ) التاريخ الإسلامي : الدولة العباسية : ج1/ص105 ، 106
( 19 ) ابن الأثير حوادث سنة 137 هـ
( 20 ) تاريخ بغداد : ج10 / ص 9 .
( 21 ) مروج الذهب ( المسعودي ) ج 3 : ص316
( 22 ) البداية والنهاية : برنامج المحدث .
( 23 ) تاريخ ابن الأثير : حوادث سنة 137 هـ والبداية والنهاية : حوادث نفس السنة
( 24 ) التاريخ الإسلامي : الدولة العباسية : ج1 / ص115 .
( 25 ) تاريخ ابن الأثير .
( 26 ) الموسوعة العربية الميسرة : ج2 / ص1754 وابن الأثير حوادث سنة 150 هـ
( 27 ) ابن الأثير : حوادث سنة 141 هـ
( 28 ) تاريخ الإسلام : ج2 / ص125-128
( 29 ) تاريخ الإسلام ك ج2 / ص124 – 135 .
( 30 ) تاريخ الأمم والملوك ( الطبري ) ج9 / ص310 .
( 31 ) تاريخ الأمم والملوك : ج9 / ص298
( 32 ) تاريخ الأمم والملوك : ج9 /ص158
( 33 ) مروج الذهب : ج3 / 296-298
( 34 ) تاريخ الأمم والملوك : ج9 / ص294
( 35 ) تاريخ الأمم والملوك : ج9 / ص299 .
( 36 ) راجع الأمم والملوك : ج9 / ص158 فقد روى الطبري الكثير من القصص عن بخله !!
( 37 ) تاريخ الإسلام : ج2 ص35
( 38 ) البداية والنهاية : برنامج المحدث
( 39 ) التاريخ الإسلامي : الدولة العباسية : ج1/ص152،126
( 40 ) أنظر : الأعلام : جج4 / ص117 . و الموسوعة العربية الميسرة ج2/ ص1754 .

الطارق غير متصل قديم 15-12-2001 , 03:35 AM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#21  

هذه قصة يذكرها صاحب العقد الفريد عن ظلم أبو جعفر المنصور
وطغيانه والذي يدل عليه ما قام به من سجن آل الرسول رضوان
الله عليهم ، وضربه الأمة مثل مالك بن أنس وأبو حنيفة وتجبره
وقتله الكثير من العظماء في عصره ومن بينهم عمه عبد الله بن علي !
إليكم ما ذكره ابن عبد ربه الأندلسي ..
العقد الفريد ( لابن عبد ربه ) : ج3/ص93 :

مقام رجل من العباد عند المنصور :

(( بينما المنصور في الطواف ليلا إذ سمع قائلا يقول اللهم أني أشكو إليك ظهور البغي والفساد في الأرض ، وما يحول بين الحق وأهله من الطمـع فخرج المنصور ، فجلس ناحية من المسجد ، وأرسل إلى الرجل يدعوه فصلى الرجل ركعتين ، واستلم الركن وأقبل مع الرسول فسلم عليه بالخلافة ..
فقال المنصور : ما الذي سمعتك تذكر من ظهور الفساد والبغي في الأرض ، وما الذي يحول بين الحق وأهله من الطمع ؟
فو الله لقد حشوت مسامعي ما أمرضني ..
فقال : إن أمنتني يا أمير المؤمنين أعلمتك بالأمور من أصولها ، وإلا احتجرت منك واقتصرت على نفسي فلي فيها شاغل .
قال : فأنت آمن على نفسك فقل . فقال : يا أمير المؤمنين إن الذي دخله الطمع حتى حال بينه وبين ما ظهر في الأرض من الفساد والبغي لأنت . فقال : فكيف ذلك ويحك ! يداخلني الطمع والصفراء والبيضاء في قبضتي والحلو ولحامض عندي ؟ قال : وهل دخل أحد من الطمع ما دخلك ؟ إن الله استرعاك أمر عباده وأموالهم ، فأغفلت أمورهم ، وأهتممت بجمع أموالهم ، وجعلت بينك وبينهم حجابا من الجص والآجر . وأبوابا من الحديد ، وحراسا معهم السلاح ، ثم سجنت نفسك عنهم فيها ، وبعثت عمالك في جباية الأموال وجمعها وقويتهم بالرجال والسلاح والكراع ، وأمرت ألا يدخل عليك أحد من الرجال إلا فلان وفلان ، نفرا سميتهم ، ولم تأمر بإيصال المظلوم ، ولا الملهوف ولا الجائع العاري
ولا الضعيف الفقير إليك !
ولا أحد إلا وله في هذا المال حق ، فلما رآك هؤلاء النفر الذين استخلصتهم لنفسك وآثرتهم على رعيتك وأمرت أن لا يحجبوا دونك تجيء الأموال وتجمعها .
قالوا ك هذا قد خان الله فما بالنا لا نخونه ، فائتمروا إلا يصل إليك من علم أخبار الناس شيء إلا ما أرادوا ، ولا يخرج لك عامل فيخالف أمرهم إلا خونوه عندك ونفوه .

حتى تسقط منزلته ، فلما انتشر ذلك عنك وعنهم ، أعظمهم الناس وهابوهم وصانعوهم ، فكان أول من صانعهم عمالك بالهدايا والأموال ليقووا بها على ظلم رعيتك ، ثم فعل ذلك ذوو المقدرة والثروة من رعيتك
لينالوا ظلم من دونهم ، فامتلأت بلاد الله بالطمع ظلما وبغيا وفسادا ، وصار هؤلاء شركاءك في سلطانك وأنت غافل ، فإن جاء متظلم حيل بينك وبينه فإن أراد رفع قصته إليك عند ظهورك وجدك قد نهيت عن ذلك وأوقفت للناس رجل ينظر في مظالمهم فإن جاء ذلك المتظلم فبلغ بطانتك خبره سألو صاحب المظالم أن لا يرفع مطلمته إليك ، فلا يزال المظلوم يختلف إليه ويلوذ به ويشكو ويستغيث وهو يدفعه فإذا اجتهد وأحرج ثم ظهرت صرخ بين يديك ، فيضرب ضربا مبرحا يكون نكالا لغيره
وأنت تنظر فما تنكر ! ........

الطارق غير متصل قديم 16-12-2001 , 01:58 AM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#22  

...... فما بقاء الإسلام على هذا ؟ وقد كنت يا أمير المؤمنين أسافر إلى الصين فقدمتها مرة وقد أصيب ملكهم بسمعه ، فبكى بكاء شديدا فحثه جلساؤه على الصبر . فقال : أما أني لست أبكي للبليتة النازلة ، ولكني أبكي لمظلوم يصرخ بالباب فلا أسمع صوته ، ثم قال : أما إذ قد ذهب سمعي فإن بصري لم يذهب ، نادوا على الناس أن لا يلبس ثوبا أحمر إلا متظلم .
ثم كان يركب الفيل طرفي النهار وينظر هل يرى مظلوما ، فهذا يا أمير المؤمنين مشرك بالله ، بلغت رأفته بالمشركين هذا المبلغ ، وأنت مؤمن بالله من أهل بيت نبيه لا تغلبك رأفتك بالمسلمين على شح نفسك !
فإن كنت إنما تجمع المال لولدك ، فقد آراك الله عبرا في الطفل يسقط من بطن أمه ما له على الأرض مال ، وما من مال إلا دونه يد شحيحه تحويه ، فما يزال الله يلطف بذلك الطفل ، حتى تعظم رغبة الناس إليه . ولست الذي تعطي بل الله تعالى يعطي من يشاء ما يشاء فإن قلت تجمع المال لتشديد السلطان ، فقد آراك الله عبرا في بني أمية ما أغنى عنهم جمعهم من الذهب وما أعدوا من الرجال والسلاح والكراع حين أراد الله بهم ما أراد . وإن قلت إنما تجمع المال لطلب غاية هي أجسم من الغاية التي أنت فيها . فوالله ما فوق ما أنت فيه إلا منزلة ما تدرك إلا بخلاف ما أنت عليه يا أمير المؤمنين . هل تعاقب من عصاك بأشد من القتل ، فقال المنصور : لا . فقال : فكيف تصنع بالملك الذي خولك ملك الدنيا ، وهو لا يعاقب من عصاه بالقتل ولكن الخلود في العذاب الأليم ن قد رأى ما عُقد عليه فلبك ، وعملته جوارحك ، ونظر إليه بصرك ، واجترخته يداك ، ومشت إليه رجلاك . هل يغني عنك ما شححت عليه من ملك الدنيا إذا انتزعته منيدك ودعاك إلى الحساب ؟ قال : فبكى المنصور ثم قال : ليتني لم أُخلق ! ويحك كيف احتال لنفسي ؟ فقال يا أمير المؤمنين إن للناس أعلاما يفزعون إليهم في دينهم ، ويرضون بهم في دنياهم ، فأجعلهم بطانتك يرشدوك ، وشاورهم في أمرك يسددوك ن قال : قد بعثت إليهم فهربوا مني . قال : خافوك أن تحملهم على طريقتك ، ولكن افتح بابك وسهل حجابك ، وأنصر المظلوم وأقمع الظالم وخذ الفىء والصدقات على حلها ، وأقسمها بالحق والعدل على أهلها ، وأنا ضامن عنهم أن يأتوك ويساعدوك على صلاح الأمة ..

وجاء المؤذنون فآذنوا بالصلاة ، فصلى ( المنصور ) وعاد إلى مجلسه ، وطلب الرجل فلم يوجد )) انتهت .

------------------------
قصة حدثت منذ ألف سنة .. وما أكثر ما تتكرر !!!!!!

الطارق غير متصل قديم 16-12-2001 , 02:21 AM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#23  
حوار مع ( أبو دلامة )
تروى لك قصة مع أبو جعفر المنصور :

فقد قلت لأبو جعفر المنصور : يا أمير المؤمنين أني أعيذك بالله أن أخرج معهم فو الله إني لمشؤوم ، فقال لك المنصور : امض فإنه يمني يغلب شؤمك فاخرج . فقلت له : يا أمير المؤمنين ما أحِب لك أن تجرب ذلك مني ذلك على العسكر ، فإني لا أدري أيهما يغلب ، أيمنك ام شؤمي ، إلا أني بنفسي أوثق وأعرف وأطول تجربه . فقال لك أبو جعفر : دعني من هذا فما مالك من الخروج بد فقلت له: إني أصدقك الآن ، شهدت والله تسعة عشر عسكرا كلها هزمت وكنت سببها ، فإن شئت الآن على بصيرة أن يكون عسكرك العشرون فافعل . فاستغرب أبو جعفر ضحكا ( 1 ) .

---------------------------------------------------------------------------------------

كان محاوري أسود ورغم سواده فقد كان وسيما جسيما ، وقد اشتهر بالظرف والدعابة حتى أصبح بسبب ذلك نديما للخلفاء العباسيين ، وقد أغدقوا له الكثير من الأموال لظرفه !

وما آن أنهيت رواية تلك القصة حتى أخذت أشك أن كان هذا الزند المعروف بأبو دلامة قد عاصر في زماننا هذا وأن ما يحدث لنا من هزيمة ليس إلا من شؤم هذا الرجل !

لولا أن يقيني أن هذا الزند لم يكن عصره إلا زمن العباسيين ! وزاد من يقيني أن إجابته على سؤالي الأول في حوارنا هذا :

الطارق : شاعرنا وأديبنا وظريف العرب في عصره أبو دلامة .. نحيك في هذا الحوار ، ونتمنا أن تعرفنا بنفسك ؟! وتحدثنا عن نشأتك وشهرتك ؟!

أبو دلامة : نعم .. أنا أبو دلامة زند بن الجون الأسدي شاعر مطبوع وظريف من ظرفا العصر العباسي ولي الكثير من النوادر في ذلك العصر ..
نشأت في الكوفة في بني أسد ، فقد كانت عبدا لرجل منهم يقال له قصاقص ( * ) بن لاحق من أهل الرقة فأعتقني ..
وقد أدركت آخر أيام بني أمية ولم يكن لي نباهة ، فنبغت في عصر العباسيين ( 2 ) .

الطارق : حسنا تُذكر لك قصة عن فرارك من جيش مروان بن محمد الخليفة الأموي أيام زحف سنان الخارجي ؟!

أبو دلامة : نعم .. فقد خرج من بين الخوارج رجلا فنادى : من يبارز ! فلم يخرج إليه أحد إلا هزمه وقتله فغاظ ذلك مروان فأخذ يدعوا من يخرج إليه ويعرض عليه بمكافئته بخمسمائة درهم فقتل جميع من خرج حتى زاد مروان إلى ألف درهم بل وخمسة الآف درهم ، فأطمعني هذا !
فخرجت إليه واقتحمت الصف ، فرأيته منه أمرا أرعبني وقد قال :

وخارج أخرجه حب الطمع *** فر من الموت وفي الموت يقع
من كان ينوي أهله فلا يرجع

فلما وقرت في أذني انصرفت منه هربا ، وجعل مروان يقول : من هذا الفاضح ؟ ايتوني به ، فدخلت في غمار الناس فنجوت ( 3 ) .

الطارق : ههههههههه .. وقد ذكر لك قصة في زمن أبو جعفر أو المهدي وقد بعثك مع روح بن حاتم فأمرك روح بمبارزة أحد الخوارج فلم تتخلص من مبارزته إلا بعد أن اقتسمت دجاجتك التي طلبتها من روح بينك وبين مبارزك ( 4 ) !

أبو دلامة : حدث هذا ..

حسنا .. أحببنا أن تخبرنا عن بداية اتصالك بالخلفاء العباسيين ؟!

أبو دلامة : نعم .. كان أول اتصالي بأبو العباس السفاح الذي جاء بي من البدو وكان لي مكرما رحمه الله ( 5 )..

الطارق : وقد رثيته في قصيده حتى غضب منك أبو جعفر المنصور ؟!

أبو دلامة : نعم .. فعندما توفي أبو العباس السفاح دخلت على المنصور والناس عنده يعزونه فأنشدته وقلــت :

أمست بـالأنبار يا بن محمدٍ ** لم تستطع عن عقرها تحويلا
ويلي عليك وويل أهلي كلهم ** ويلا وعولا في الحياة طويلا
فلتبكين لك النساء بعبرة ** وليبكين لك الرجال عويلا
مات الندى إذ مت يا بن محمد ** فجعلته لك في الثراء عديلا
إني سألت الناس بعدك كلهم ** فوجدت أسمح من سألت بخيلا
ألِشقوتي أخرت بعدك للتي ** تدع العزيز من الرجال ذليلا
فلأ حلفن يمين حق برة ** بالله ما أعطيت بعدك سُولا

فبكى الناس وغضب أبو جعفر المنصور لقولي هذا وتهددني فأخبرته مآثر أبو العباس وفضله على فغفر لي أبو جعفر المنصور ( 5 )

الطارق : بل وسألك عن حاجتك فقلت له أن أبو العباس قد أمر لك بعشرة الآف درهم وخمسين ثوبا وهو مريض ولم تقبضها ؟!

أبو دلامة : نعم .. وشهد معي سليمان بن مجالد وأبو الجهم فقال أبو جعفر المنصور لأبو أيوب الخازن : يا سليمان آدفعها إليه وسيره إلى هذا الطاغية ( يقصد عبد الله بن علي الذي خرج في الشام ) .
الطارق : يبدوا أن أبو جعفر والذي قد عرفه عنه البخل قد غاظه هذا فأمر بتسييرك في الجيش لمحاربة عمه عبد الله ! وكان من حسن حظك أن حدثته عن شؤمك ورويت له القصة التي ذكرناها في أول الأمر ( 5 ) ،( 1 ) !

ورغم هذا فقد كان أبو جعفر المنصور يستطيب شعرك وظرفك كثيرا حتى يقال أنه لم يصل من الشعراء ما وصل إلى أبو دلامة من المنصورة خاصة ( 6 ) ؟!
بل بلغ الأمر أن تحدث لك معه هذه القصة :
فقد قيل أنك حضرت يوما جنازة إمرأة المنصور وكانت ابنة عمه يقال لها حمادة بنت عيسى وكان المنصور قد حزن عليها فلما سووا عليها التراب وكانت حاضرا فقال لك المنصور : ويحك يا أبا دلامة ما أعددت لهذا اليوم فقلت : ابنة عم أمير المؤمنين فضحك المنصور حتى استلقى ثم قال ويحك فضحتنا ( 7 ) .

أبو دلامة : ليس هذا فحسب .. بل اصبحت واسطة عند أبو جعفر المنصور حتى كلمت أبو جعفر المنصور في مولاي قصاقص بن لاحق لكي يجعله من الصحابة ( أصحاب أبو جعفر المنصور ) فأجابني لذلك وإن كان قد تهددني بالقتل إن توسطت لأحد أخر بعد ذلك ! ( 2 ) .

الطارق : ورغم كل هذا فقد قام بحبسك عدة مرات لفسوقك ومجونك وتركك الصلوات وشربك الخمر ؟! حتى قام بحبسك مع الدجاج في بيت في قصة رويت عنك ( 8 ) ؟!

أبو دلامة : لا .. لا .. ما أنا والمجون وقد شارفت باب قبري لكبري ! ولكن لم أكن أصلي إلا في مسجد قبيلتي .. وكان أبو أيوب المورياني والربيع يحرضان أبو جعفر المنصور علي ليس إلا ( 9 ) .

الطارق : بل يقال أنك كنت فاسد الدين رديء المذهب مرتكبا للمحارم مضيعا للفروض مجاهرا بذلك وكما يقول أبو الفرج الأصفهاني ( 10 ) .
وقد ذكر عدة قصص تدل على هذا ( 11 ) .

أبو دلامة : لا ... لا .. قد أقر بإن ذلك كان عبثا ومجون ليس إلا .. و لكن لا أرى ما وصفه أبو فرج الأصفهاني إلا زندقة ولم أكن على هذا أبدا ! ( 12 ).

الطارق : حسنا .. وقد خاف الناس سلاطة لسانك حتى حدث أن شهدت لامرأة على حمار عند القاضي ابن أبي ليلى مع شاهد أخر فقبل أبن أبي ليلى شهادة الرجل الأخر ولم يقبل بشهادتك فأخبرتك المرأة فذهبت لبن أبي ليلى وقلت له :
إن الناس غطوني تغطيت عنهم ** وإن بحثوا عني ففيهم مباحث
وإن حفروا بئري حفرت بئارهم ** ليعلم قومي كيف تلك النبائث

فخاف ابن أبي ليلى هجوك فقال لك : يا أبا دلامة قد أجزنا شهادتك .. ثم بعث ابن أبي ليلى إلى المرأة ودفع ثمن الحمار ( 13 ) !

أبو دلامة : نعم حدث هذا .. وكيف لا يهابني الناس وقد كنت هاجيا ! بل بلغ الأمر أن هجوت نفسي فقلت :

ألا أبلغ إليك أبا دلامة ** فليس من الكرم والكرامة
إذا لبس العمامة كان قردا ** وخنزيرا إذا نزع العمامة
جمعت دمامة وجمعت لؤما ** كذاك اللؤم تتبعه الدمامه
فإن تك قد أصبت نعيم دنيا ** فلا تفرح فقد دنت القيامة

الطارق : لقد كان لهجوك نفسك قصة حدثت لك عند المهدي ؟!

أبو دلامة : نعم فقد دخلت على المهدي وعنده جماعة من بني هاشم وكبار القوم ، فعندما رآني المهدي فقال : أنا أعطي عهدا لئن لم تهج واحدا ممن في البيت لأقطعن لسانك .

فنظرت إلى القوم فإذ هم كبار القوم وقد غمزوني تهديدا ووعيدا ، فما وجدت في الدار أحدا أحق بالهجاء مني فهجوت نفسي فضحك الجميع من ذلك وأجازوني جميعهم ( 14 ) .

الطارق غير متصل قديم 12-01-2002 , 07:12 PM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#24  

الطارق : وقد كنت من المقربين للمهدي ( 15 ) بل قد نلت الكثير من الجوائز في زمنه وكان ذلك بسبب استطابته حديثك وظرفك كأبيه ؟!

أبو دلامة : نعم .. ومن ذلك أنه لما قدم المهدي من الري دخلت عليه فأنشأت أقول :
أني نذرت لئن رأيتك سالما ** بقرى العراق وأنت ذو وفر
لتصلين على النبي محمد ** ولتملأن دراهما حجري

فقال المهدي : صلى الله عليه وسلم ، وأما الدراهم فلا . فقلت له : أنت أكرم من أن تفرق بينهما ثم تختار أسهلهما . فأمر أن يملأ حجري دراهم ( 16 )

بل قد وهبني أمير المؤمنين في يوم كلبا ودابة و وغلاما وجارية ودارا وأرضا واسعة ( 17 ) .

بل حدث أن أهدى لي المهدي 30 ألف درهم وذلك عندما خرجنا للصيد مع المهدي وكان بيننا علي بن سليمان فرمى المهدي ظبيا فأصابه فشكه ورمى علي بن سليمان – وهو يريد ظبيا فا صاب كلبا – فشكه فضحك المهدي وقال : يا أبا دلامة قل في هذا ، فقلت :
قد رمى المهدي ظبيا ** شك بالسهم فؤاده
وعلي بن سليما ** ن رمى كلباً فصاده
فهنيئا لكــما كل ** امرئ يأكل زاده

فأمر لي المهدي بثلاثين درهما ( 18 ) .

الطارق : هههههه .. بل بلغ الأمر بك لكي تنال عطاء المهدي أن ادعيت وفات امرأتك ؟!

أبو دلامة : نعم فقد دخلت على المهدي وقلت له : يا أمير المؤمنين ، ماتت أم دلامة ، وبقيت ليس لي أحد يعاطيني . فقال المهدي : أنا لله ، أعطوه ألف درهم اشتر بها أمه تعاطيك .
وقد دسست أم دلامة لتذهب إلى الخيزران زوجة المهدي لكي تعمل مثل عملي ، فذهبت إليها وقالت لها : يا سيدتي مات أبو دلامة وبقيت ضائعة ، فأمرت لها الخيزران بألف درهم .
ثم دخل المهدي على الخيزران وهو حزين فقالت الخيزران للمهدي : يا أمير المؤمنين مات أبو دلامة ، فقال : إنما ماتت أم دلامة ، قالت : لا والله الا أبو دلامة ، فضحك المهدي وقال : خدعونا والله ( 19 ) .

الطارق : ههههههه .. الحقيقة أنه رويت بعض القصص عن أهل بيتك وزوجك أم دلامة وولدها دلامة تبين اتفاقكم في الظرف والدهاء منها ما ذكره صاحب الأغاني عن أبنك عندما جمع الناس ( راجع الأغاني ج 10 / ص320 )
مع أن زوجتك في تلك المرة قد وقفت في صفك ضد ولدها إلا أنه وفي مرة اتفق عليك الاثنان ؟!

أبو دلامة : نعم والله .. والغيرة تفعل أكثر من هذا .. فقد طلبت من الخيزران أن تعطيني جارية بعد أن كبرت زوجتي وأصبح وجهها أقبح من حوت طري في عصيدة فأهدتني الخيزران جارية فأرسلتها مع خادمي وأمرته أن يعلم زوجتي أن تحسن معاملتها .
فلما وصلت إلى زوجتي بكت لهذا فقدم عليها ابني فعرضت عليه أن يدخل عليها على أنه مالكها فحرمت علي .
فلما دخلت الدار فعلمت بالأمر فسحبت أبني إلى المهدي لأشتكيه مما عمل بي فحاججنا بعضنا عند المهدي حتى حكم بيننا بإن تبقى جاريتي لأبني وأن يعوضني بجارية جديدة على أن يخبأها لي عن طمع ولدي وقد هدده المهدي بالقتل إن عاد لفعلته الشنيعة هذا ( 20 ) .

الطارق : هههه .. حسنا شاعرنا وظريفنا لم يبقى من شيء إلا أن نذكر أن وفاتك كانت سنة 161 هـ وفي عصر المهدي ويقال أنك بقيت حتى أول خلافة الرشيد وأن كان المشهور أن وفاتك في سنة 161 هـ ( أنظر تاريخ بغداد والأعلام للزركلي والأغاني )
شكرا لك ...

الهوامش :
( * ) أسمه في الأغاني فضافض .. ويبدوا أن هناك تصحيف في الإسم بين فضافض و قصاقص ..

المصادر والمراجع :

( 1 ) الأغاني ( أبو فرج الأصفهاني ) : ج10 / ص289 ..
( 2 ) تاريخ بغداد (الخطيب البغدادي ) : ج8/ ص 488 ، 489
( 3 ) الأغاني : ج10 / ص293
( 4 ) الأغاني : ج10 / ص290 !
( 5 ) الأغاني : ج10 / ص288
( 6 ) الأغاني : ج10 / ص281
( 7 ) البداية والنهاية ( ابن كثير ) برنامج المحدث وفيات سنة 161 هـ
( 8 ) الأغاني : ج10 / ص299
( 9 ) الأغاني : ج10 / ص294 و300
( 10 ) الأغاني : ج10 ص 281 .
( 11 ) أنظر الأغاني : ج10 / 293 – 302
( 12 ) تاريخ بغداد : ج8 / ص489 .
( 13 ) تاريخ بغداد : ج8 / ص490
( 14 ) الأغاني : ج10 / ص306
( 15 ) الأغاني : ج10 / ص309
( 16 ) الأغاني : ج10 / ص301 .
( 17 ) وفيات الأعيان ( ابن خلكان ) ج2 / ص321
( 18 ) وتاريخ بغداد : ج 8 / ص 492
( 19 ) تاريخ بغداد : ج 8 : ص493
( 20 ) الأغاني : ج10 / ص311

الطارق غير متصل قديم 12-01-2002 , 07:14 PM
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#25  
حوار مع ابن الأثير :
كان محاوري شديد الوقار تبرز سمات الفضائل وكرم الأخلاق وكثرة التواضع كان محاوري ابن الأثير أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني المعروف بابن الأثير الجزري ، الملقب عز الدين .

وبعد كلمات الترحيب والثناء المعروفة سألته سؤالي الأول :

أنا : أحببنا مؤرخنا العظيم أن تحدثنا عن مولدك ونشأتك ؟!

ابن الأثير : نعم .. ولدت في رابع جماد الأول سنة خمسة وخمسين وخمسمائة (555هـ ) بجزيرة ابن عمر ( 1 ) ..

وكان والدي هو أثير الدين أبو الكرم محمد بن محمد بن الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري ، وقد قد ولي جزيرة ابن عمر ( بالقرب من الموصل ) لآل زنكي – أتابكة الموصل – وكنا لذلك في غنى فقد كان والدي يملك عدة بساتين بقرية العقيمة من أعمال جزيرة ابن عمر ، كما كنا نملك قرية بأسفل الموصل يقال لها قصر حرب ..
كما كان يشتغل بالتجارة إلى جانب وظيفته ( 2 ) ، ورغم أن والدي لم يكن له عناية بالعلم إلا أنه أهتم بتعليمنا أنا وأخواي مجد الدين المبارك وضياء الدين وكان اهتمام والدي سببا في بروزنا في العلم ، فبرز أخي الأكبر مجد الدين في علوم الدين وبرزت في التاريخ والأنساب وبرز أخي الأصغر ضياء الدين في الأدب ..
ثم سكنت الموصل وسمعت فيها من أبي الفضل عبد الله بن أحمد الخطيب الطوسي ومن في طبقته ، وقدمت بغداد مرارا حاجا ورسولا من صاحب الموصل وسمعت بها من الشيخين أبي القاسم يعيش بن صدقة الفقيه الشافعي وأبي أحمد عبد الوهاب بن علي الصوفي وغيرهم ،ثم رحلت إلى الشام والقدس وسمعت هناك من جماعة ثم عدت إلى الموصل ولزمت بيتي منقطعا إلى التوفر على النظر في العلم والتصنيف وكان بيتي مجمع الفضل لأهل الموصل والواردين عليها ( 1 )

أنا : سنتحدث عن سكنك الموصل فقد كنت في تلك الفترة تتنقل بين جزيرة ابن عمر والموصل حتى سكنت الأخيرة ، وقد ذكر أنك سكنت الموصل وأخذت العلم من أبي الفضل عبد الله بن أحمد الخطيب الطوسي ( 1 ) ، وقد توفي هذا سنة 578هـ ( 3 ) وقد سكن أخوك الأكبر المبارك مجد الدين الموصل من سنة 565هـ ثم عاد للجزيرة ثم سكن الموصل ( 4 ) .
وقد ذكرت في كتابك ( الكامل في التاريخ ) في حوادث سنة 571 هـ أنك موجود بالجزيرة ، ثم ذكرت في حوادث سنة 572هـ أنك موجود بالموصل ، ثم ذكرت في أخبار سنة 574هـ أنك كنت بالجزيرة في سنة 575هـ ، وأخيرا ذكرت في حوادث سنة 575هـ أنك كنت بالموصل ( راجع كتاب الكامل في التاريخ وحوادث تلك السنين ) ..
وأخيرا يذكر ابن خلكان أن أخيك ووالدك انتقلوا إلى الموصل في رجب سنة 579هـ ( 5 ) ويبدوا أن عائلتكم استقرت في الموصل من ذلك التاريخ * ..

ابن الأثير : أحسنت .. فقد سكن أهلي الموصل منذ ذلك التاريخ ( 579 هـ ) وإن كنت قد سكنت الموصل قبل ذلك التاريخ مع أخي مجد الدين المبارك الذي سكن الموصل لفترة منذ سنة 565هـ وقد تولي ديوان الخزانة لأتابك الموصل سيف الدين غازي بن مودود بن زنكي ثم عاد أخي فولي ديوان الجزيرة وأعمالها بعد أن تولها والدي من قبل ثم عاد للموصل فناب في الديوان عن الوزير جلال الدين الأصبهاني ، ثم اتصل بمجاهد الدين قايماز بالموصل وكان له مكانة في دولة الأتابكة فنال عنده درجة عالية حتى قبض على مجاهد الدين سنة 579هـ من قبل عز الدين صاحب الموصل الذي تولاها بعد أخيه سيف الدين سنة 576 هـ فاتصل أخي بخدمة عز الدين مسعود بن مودود إلى أن توفي سنة 589هـ فاتصل أخي بخدمة ولده نور الدين أرسلان شاه فصار واحد دولته حقيقة بحيث كان السلطان كان يقصد منزله في مهام نفسه لأنه أقعد في أخر زمانه حتى توفي أخي يرحمه الله سنة 606هـ ( 6 ) ، ( وكتاب الكامل في التاريخ للمؤلف ).

أنا : لقد كانت علاقتك بأخيك مجد الدين المبارك قوية بعكس أخيك ضياء الدين حتى أنك لم تسجل أي خبر عنه في تاريخك مع أنه كان وزير الملك الأفضل بن صلاح الدين الذي ملك دمشق ، ويقال أن علاقتك بأخيك ضياء الدين لم تكن بالحسنة ؟!

ابن الأثير : نعم ،، كان أخي مجد الدين دينا صالحا يثق بي ، حتى أن سلطان الموصل ( بدر الدين !! ) طلب من أخي أن يعين رسولا للخليفة يكون رجل دين أمين يكون موضع السر ليبعث به برسالة شفهية للخليفة فقال له أخي : ما أعرف أحد بهذه الصفة إلا أخي فقال السلطان فقام فعرفه ، فأخبرني بالأمر وقال لي : يا أخي والله ما شهدت لك إلا بما أعرف عنك فتوجه إلى السلطان وأتمر بأمره فذهبت إلى السلطان وأخبرني الرسالة فلما خرجت سألني أخي ما هي الرسالة فقلت له : ( الساعة شهدت لي عنده بالدين والأمانة وحفظ السر ، أفيجوز أن أكذبك في الحال ؟ .. قال لي شيئا ما أقوله إلا لمن أمرني أن أقول له .
فبكى أخي يرحمه الله ودعى لي ( 7 ) .
وكان يرحمه الله غير مقبل على الوزارة بعكس أخي ضياء الدين حتى حدث أنه لم اقعد جاءنا رجل مغربي والتزم أن يداوي أخي من ما أصابه فلم تحسنت حالته ولانت رجلاه وصار يتمكن من مدهما وأشرف على كمال البراء ، قال لي : أعط هذا المغربي شيئا يرضيه واصرفه فقلت ولماذا وقد ظهر نجح معاناته فقال : الأمر كما تقول ، ولكني في راحة مما كنت يه من صحبة هؤلاء القوم ( الملوك ) والالتزام بأخطارهما ، وقد سكنت روحي إلى الدعة وقد كنت بالأمس وأنا معفى أذل نفسي بالسعي إليهم ، وها أنا قاعد في منزلي ( 8 ) .

بل كان يمتنع عن الوزارة في عهد نور الدين حتى بكى من ذلك بسبب إلزام نور الدين له بالوزارة ( 9 ) ..

بعكس أخي ضياء الدين سامحه الله الذي أساء العشرة مع أهل دمشق في وزارته للملك الأفضل ، كما كان له الكثير من المغامرات مع الملك الأفضل والملك الظاهر في حلب وغيرها ( 10 ) وقد كانت بيني وبينه مقاطعة كلية ( 2 )

الطارق غير متصل قديم 12-09-2002 , 05:02 AM
 
صفحة 1 من 2 1 2 >


[عرض نسخة للطّباعة عرض نسخة للطّباعة | ارسل هذه الصفحة لصديق ارسل هذه الصفحة لصديق]

الانتقال السريع
   قوانين المشاركة :
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة لا بإمكانك إضافة مرفقات لا بإمكانك تعديل مشاركاتك
كود في بي vB غير متاح الإبتسامات غير متاح كود [IMG] غير متاح كود HTML غير متاح



لمراسلتنا - شبكة سوالف - الأرشيف

Powered by: vBulletin
Copyright © Jelsoft Enterprises Limited 2000.