|
مبدع متميز جداً
|
|
المشاركات: 4,087
|
#1
|
مجتمع في خطر... النظام الأخلاقي إذ ينهار..!
في عيد الفطر المبارك تعرضت بعض الأسر، التي جاءت لحضور احتفالات العيد في طريق الأمير عبدالله، لاعتداءات طالت النساء بشكل خاص، في السيارات وداخل المطاعم. اجتاحت "قطعان" من الشباب الفالت أقسام العائلات في المطاعم، وتعرضوا للنساء، واقتحموا سيارات الناس الخاصة، واعتدوا على النساء.
لقد أحدث هذا السلوك (الإجرامي) الذي ليس هو الأول من نوعه، صدمة عنيفة لدى المجتمع، وأحدث كذلك، جرحا عميقا في قلوب الأسر التي تعرضت للاعتداء، ونالها الأذى. وولد أيضا، استياء عاما لدى أقارب ومعارف المعتدى عليهن، على وجه الخصوص. الذي حدث، كما قلنا، ليس هو الأول، إذ يقع مثله، أو قريب منه، بعد كل مباراة رياضية يفوز بها المنتخب، أو أحد الأندية الرياضية الكبيرة، عند كل مناسبة، تخرج حشود الغوغاء من الشباب، بالآلاف بسياراتهم، فيسدون الشوارع والطرقات، ويتحرشون بالنساء، ويعتدون على الناس لفظيا وجسديا.
ما حدث لم يكن سوى (رأس) جبل الثلج العائم، وإفراز لواقع أشد تردياً. إن مجتمعنا يعيش أزمة تربوية عميقة، ويشهد في بعض جوانبه انهيارا أخلاقيا مخيفاً. في بداية هذا الأسبوع، تعمدت أن أدخل (كافتيريا) قرب إحدى المدارس الثانوية، حيث بعض الطلاب الذين أنهوا امتحاناتهم، فاجتمعوا للأكل والشرب وتزجية الوقت، وربما في انتظار امتحان الفترة الثانية. كانت الغالبية الساحقة منهم تدخن، وهي ظاهرة تدعو للقلق. لقد هالني أكثر، انحطاط لغة التخاطب بينهم. كانت مفردات حوارهم من ساقط الكلام، وفاحش القول.
ينادون بعضهم بلعن آبائهم وأمهاتهم (...)، ويلوثون الفضاء بالقبيح من الألفاظ، والبذيء من العبارات. لقد كان الكلام مؤذيا وجارحا، إلى الحد الذي لم استطع أن أبقى لأسمع المزيد.
المدرسة تقع في حي يصنف سكانه اجتماعيا من الطبقة فوق المتوسطة، وهذا مؤشر على أن المتغير الاقتصادي، (الفقر مقابل الغنى)، لا علاقة له بهذا الانحطاط الأخلاقي، وتدني مستوى التربية. يحدث أحيانا أن تقع أمامي في الطريق بين العمل والبيت حوادث احتكاك بين السيارات، يعمد أصحابها إلى حسم الخلاف بينهم باللجوء إلى العنف اللفظي، ومرات إلى العنف الجسدي، بما يؤكد أننا نعاني خللا تربويا مريعا. أنزل إلى الأسواق بصحبة زوجتي، فأرى مشاهد تستفزني، وتصدمني، وأحيانا تحرضني على ردود فعل غير منطقية. طوابير الشباب تروح وتجيء. عيونهم مملوءة بسعار جنسي، يترجم أحيانا إلى ممارسات توحي بأننا نعيش أزمة حقيقية في نسقنا القيمي والأخلاقي. في مقابل ذلك أيضا، طوابير من النساء الفارغات يعرضن أجسادا، ومفاتن تؤجج هذا الهياج الشهواني، الذي لا يفرق بين العفيفة والماجنة. إزاء هذا الحال، سيطر علي هاجس مرعب: هل تحولنا، على ضوء سلوك شبابنا، إلى شعب شهواني، هائج جنسيا، تسوقه الغريزة؟ هل أصبحت (عقلية القطيع) هي التي تسيطر، وتطلق العقال، لكل سلوك حيواني، كما يقول (جوستاف لوبون)، عندما تنتظم في (حشد)؟
لقد أصبح خروج المرأة لوحدها إلى السوق مجازفة. ومن تضطره ظروفه ليخرج مع زوجته أو ابنته أو أخته، فإنه لن يسلم من مناظر تخدش الحياء. لقد رأيت بعيني في أحد شوارع الرياض الرئيسية وأمام الناس، شاباً يخرج جسمه من السيارة التي كان يركبها ويدخله في سيارة مجاورة... فيها نساء. حينما اقتربت منه نصحته بأدب، وبهدوء. رد علي، معتدا بسيارته (الفارهة):
(ضف وجهك يا......) أدركت أنه ليس سلوكه فقط، هو المنحط، والمتخلف... و(الحيواني)، وهي الصفة التي رماني بها. بل كذلك، قاموسه، وكلماته، وما تمتلئ به تلك الجمجمة الفارغة، إلا من بقايا سلوك بهيمي. إنه لا يملك من مظاهر التحضر - كما يقول الدكتور عبدالواحد الحميد - إلا السيارة التي يمتطيها، والحذاء الذي ينتعله (...). لقد هممت بأن أفعل شيئا، لكني شعرت بالعجز، خاصة وأنا أرى رجل الأمن لا يبعد عنه إلا أمتارا قليلة، ولم يحرك ساكنا.. ما دام أنه لم يقطع الإشارة، أو يقف في مكان ممنوع الوقوف فيه (...).
|
|
20-01-2001 , 12:56 AM
|
الرد مع إقتباس
|