العودة سوالف للجميع > سـوالـف الجمـيــــــــع > سـوالـف الـسـيـاسـيـة > لمـاذا العــراق ؟
المشاركة في الموضوع
ابو الامير ابو الامير غير متصل    
عضو فائق النشاط  
المشاركات: 869
#1  
لمـاذا العــراق ؟
لمـاذا العــراق ؟

الأبعـاد الدينيـة للحملـة ضـد الإسـلام



لاشك بأن الادعاءات الأمريكية بأن العراق يمثل تهديداً لوجود الولايات المتحدة ومصالحها وأمنها القومي هي ادعاءات غير مقبولة ولا منطقية ولا تزيد عن كونها حجة ومبررا لضرب العراق وإطلاق يد الولايات المتحدة لتحقيق أهدافها في المنطقة.



إن الثابت هو أن الولايات المتحدة الأمريكية هي أقوى دولة على الكرة الأرضية، ولديها إمكانيات ليس للدفاع عن نفسها بفعالية كبيرة فقط، ولكن أيضاً لتحقيق أهدافها السياسية والاستراتيجية في أي مكان على وجه البسيطة، وقد سخر أحد الجنرالات الأمريكيين من الادعاء الأمريكي فقال : إذا كنا نخاف التهديد العراقي فلماذا نكدس كل هذه الأسلحة وننفق عليها مئات مليارات الدولارات.



إن الولايات المتحدة كما نقلت وسائل الإعلام قد أنفقت على تطوير أسلحتها منذ الحادي عشر من سبتمبر أكثر من 109 مليارات دولار وهذه الميزانية تفوق آلاف المرات القدرات العراقية بل والعربية لصناعة وتطوير السلاح، وإذا علمنا أن ميزانية الدفاع الأمريكية تمثل أكثر من 40% مما ينفقه العالم سنوياً على الدفاع والتسليح أدركنا مدى تلاعب الولايات المتحدة وآلتها الإعلامية بعقول العالم، وإقناعه بما لا يمكن أن يكون صحيحاً في موضوع العراق الذي يعاني من ويلات الحصار منذ أكثر من عقد من الزمن لا يستطيع فيه هذا البلد استيراد الغذاء والدواء اللازمين لشعبه.



والأكثر صعوبة على الفهم هو أن الولايات المتحدة تبعد عن العراق أكثر من ثمانية آلاف كيلو متر فيما لا تبعد أوروبا عن العراق إلا بما يوازي ألفين إلى ثلاثة آلاف كيلومتر أما الاتحاد السوفيتي السابق فهو لا يبعد كثيراً ، ومع ذلك فإن أي من هذه الدول لم تشعر بالتهديد من الأسلحة العراقية التي تدعيها الولايات المتحدة...لماذا؟، ثم لماذا شعور الولايات المتحدة بالتهديد العراقي الآن ما دام يملك مثل هذه الأسلحة منذ أكثر من خمسة عشرة عاماً؟.



ثم لماذا العراق بالذات دون بقية الدول الأخرى؟ علماً بأن العراق لا يملك الموقع الاستراتيجي الذي تملكه إيران. وعندما خرج من حرب الخليج خرج محطماً غير قادر على الوقوف على قدميه، مع استمرار العقوبات الدولية التي فرضتها عليه الأمم المتحدة بضغط من الولايات المتحدة الأمر الذي أفقده أهم مقومات الحياة ودفعه إلى التخلف عن ركب الحضارة حتى أن أحد الصحافيين قد ذكر عندما دخل العراق بعد الحرب أنها تخلفت عن الدول الأخرى بما لا يقل عن أربعين عاماً !!!



ثم إن إيران لديها الإمكانيات البترولية التي لا تقل عن مخزون العراق وتملك موقعاً استراتيجياً أهم فهي تطل على الضفة الشرقية للخليج العربي كله لدرجة أن الغرب يطلق عليه الخليج الفارسي وهو أهم ممر مائي على الإطلاق إذ ينطلق منه أهم عنصر لدوام الحياة الإنسانية وتقدمها وهو البترول الذي يأتي من الدول الخليجية للعالم كله. ثم لماذا ليست كوريا الشمالية التي تهدد أمن الولايات المتحدة نفسها علنا بما تملكه من أسلحة دمار شامل وقد هددت بالفعل باستخدام سلاحها النووي ضد الأهداف الأمريكية مرارا، وأعلنت أنها تستطيع أن تضرب أهداف في المدن الرئيسية في الولايات المتحدة.



وبالتالي فإن السؤال الذي يطرح نفسه مرة أخرى وبقوة لماذا العراق بالذات ؟

إن الإجابة على هذا السؤال لا تتعلق بالقضايا الاقتصادية فقط كما يحلو للكثير تصويرها فإذا لم تستطع الولايات المتحدة أن تسيطر على النفط في العراق فهي تسيطر على جميع نفط الخليج لدرجة أن كثير من الدول الخليجية لا تدري ما تصدر وما تبقى لديها، وربما الذي دفع العراق لدخول أراضي الكويت هو مدى انسياق الأخيرة للرغبة الأمريكية في إغراق الأسواق العالمية بالبترول مما خفض أسعاره في الوقت الذي كانت العراق في أمس الحاجة إلى رفع الأسعار لزيادة مدخولاتها لإعادة بناء العراق بعد خروجها من حربها ضد إيران.



كما أن الأمر لا يبدو أن له علاقة بالقضايا الاستراتيجية خصوصاً بعدما أصبحت الولايات المتحدة سيدة النظام العالمي الجديد واختفى الاتحاد السوفيتي في صفحات التاريخ أما روسيا فأصبحت تنتظر صدقات السيد الجديد الذي بات يؤثر في كل شيء في سياساتها الداخلية والخارجية.



إذا لا بد وأن هناك رؤية خاصة تهم الولايات المتحدة وهدف واضح تود أن تحققه لنفسها ولمصلحة حليفتها إسرائيل سواء على صعيد إعادة تشكيل المنطقة وتفتيتها بما يضمن بقاءها ضعيفة وغير قادرة على تهديد إسرائيل بالإضافة إلى أهداف دينية أخرى، فالواضح أن السياسات الأمريكية الحديثة وبالذات في عهد الرئيس بوش هي سياسات تستند إلى الرؤى التوراتية والإنجيلية بالإضافة إلى مصالحها الاقتصادية وبالتالي هناك تزاوج واضح ما بين الاستراتيجية والاقتصاد هنا.



إن سياسة الولايات المتحدة الحديثة وخصوصاً بعد زوال الاتحاد السوفيتي تنطلق من حتمية الصراع بين الإسلام من ناحية والمسيحية واليهودية من ناحية أخرى، ظهرت هذه النظرية بعد زوال الاتحاد السوفيتي وغذتها الحركات المسيحية المتصهينة التي تبشر بقدوم المسيح المخلص هذا الصراع سيبدأ وسينتهي في معركة فاصلة يسميها الإنجيل "معركة هر مجدون" التي تعتقد الكنائس المسيحية بأن المسيحية ستحقق فيها انتصاراً ساحقاً وكاسحاً وسيعم بعدها السلام في الأرض لمدة ألف سنة كاملة.



هذه الرواية ظهرت في فهم وسياسات العديد من الساسة الأمريكيين، وهي التي ترسم سياسات العديد منهم، فالتوراة تؤكد أن نهاية الدولة اليهودية الجديدة ستنتهي إلى مآل الدولة القديمة وكذلك الإنجيل والقرآن، وستأتي نهاية هذه الدولة من نفس المكان ومن سلالة البشر الذين هزموا الدولة اليهودية الأولى، فالتوراة ترى أن البابليون هم الذين سيسومون اليهود سوء العذاب في آخر الزمان بسبب فسادهم فقد جاء في كتاب أو سفر حزقيال "وكان إلىّ كلام الرب قائلاً : وأنت يا ابن آدم عين لنفسك طريقتين لمجيء سيف ملك بابل من أرض واحدة تخرج الاثنتان" والاثنتان هما عقاب الإفسادتين اللتين وردتا في القرآن الكريم "وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين" وبالتالي فإن العقوبتين ستأتيان من نفس المكان، وأما من سيكون أداة العقاب فهو كما يقول عبد العزيز كامل في مقال سماه "حرب الخليج الثالثة وتداعياتها الخطيرة" في الإنترنت فهو قائد بلاد بابل وهو رجل من آشور يدعى (الآشوري) سيسلط على شعب المغضوب عليهم فينهب ثرواتهم وينهبهم في الطرقات "ويل لآشور قضيب غضبي، والعصا في يدهم هي سخطي على أمة منافقة، ليغتنم غنيمة وينهب نهباً، ويجعلهم مدوسين كطين الأزقة " سفر اشعيا 10، 5-6.



لقد لعبت إسرائيل والحركة المسيحية المتصهينة دوراً كبيراً في توجيه السياسة الأمريكية من خلال تزييف نصوص التوراة والإنجيل ودغدغت عواطف الساسة والرؤساء الأمريكان من خلال السيطرة على عقول هؤلاء، فقد جندت لهذا الهدف عددا كبيرا من غلاة المسيحية الذين يوالون إسرائيل واليهودية أكثر مما يفعلون للولايات المتحدة الأمريكية ذاتها، وقامت من خلال هيمنتها الإعلامية بإعطاء منابر إعلامية وأرضية فكرية تؤثر في قطاع كبير من الشعب الأمريكي إلى درجة أصبحت معها النصوص التي أرادتها الصهيونية وإسرائيل وكأنها أمر حقيقي لا بد من تحقيقه وعلى أي رئيس يريد المجد أن يكون هو المطبق لهذه النصوص لأنها تستند في رؤيتهم إلى الكتب المقدسة، ومن هنا نرى مثلاً الرئيس الأمريكي رونالد ريجان يذكر لجيمس ميلز الذي كان رئيساً لمجلس شيوخ ولاية كاليفورنيا عام 1985م "إن كل التنبؤات التي تعيق حدوث معركة مجدو قد تحققت".



يقول برنارد ريتش في كتابه "الولايات المتحدة وإسرائيل" إن القادة السياسيين في أمريكيا وخاصة منهم الرؤساء يتبنون وجهة النظر الدينية المؤازرة لإسرائيل، سواء في ذلك الرئيس ويلسون أو الرئيس ترومان اللذان يعترفان بالتأثير الديني مع قراءاتهما للأحداث، وكذلك ليندون جونسون الذي صرح أمام إحدى الجمعيات اليهودية عام 1968 : أن علاقة الرؤساء الأمريكيين بإسرائيل يصدق عليها قول الكاتب اليهودي الأمريكي جدون بيتي "إن الرؤساء الأمريكيين ينحنون أمام الصهيونية كما ينحني المؤمن أمام قبر مقدس".



وتذكر غريس هالسل في كتابها "النبوءة والسياسية" الذي يتناول دور المؤسسات المسيحية في السياسة الأمريكية ، إن العديد من المنظمات والحركات المسيحية الدينية قد نشأت وتضم في عضويتها أكثر من 70 مليون شخص وينتمي إليها كبار رجال السياسة والإعلام بالإضافة إلى رجال الدين المسيحي ولها عدد من المنابر الإعلامية والمحطات التلفزيونية تستخدم في الترويج لما تظن أنه قدر الله القادم وهو الانتصار في "معركة هر مجدون" هذه النزعة التي ولدتها الحركة الصهيونية في أذهان هؤلاء، ولذا يظنون أن عليهم حماية إسرائيل، التي ستقع هذه المعركة على أرضها والانتصار على أعدائها وتخليص العالم المسيحي من الدمار والخراب المتوقع على أيدي المسلمين وتهيئة الظروف لمجيء المسيح، لذا فإن من وجهة نظرهم أن الولايات المتحدة يجب عليها اتباع سياسة عالمية تهدف إلى ضرب العرب والمسلمين من أجل إضعافهم وتلبية جميع مطالب إسرائيل ودعمها بكل ما يلزمها من المال والسلاح.



هذه الحملة المناهضة للإسلام قادها ولازال عدد من زعامات اليمين المسيحي الذي يهيمن على الإدارة الأمريكية حالياً بالإضافة إلى آبائهم الروحيين من أمثال المبشرين بات روبرتسون ، وجيمى سوغارت وجيم بيكر، وجيري فلويل، وكيفين كوبلاند، وريتشارد دى هان، وغيرهم وهؤلاء لهم برامج تبشيرية فالمبشر كيني كوبلاند يقول : إن الله أقام إسرائيل، وإننا نشاهد أن الله يتحرك من أجل إسرائيل …. أنه لوقت رائع أن ندعم حكومتنا طالما أنها تدعم إسرائيل.



أما جيرى فالويل وهو أكبر غلاة هذه التيار ومن أكبر المؤيدين لإسرائيل والذي يتحرك لمصلحة السياسة الإسرائيلية في الولايات المتحدة أكثر مما يتحرك لمصلحة الولايات المتحدة ذاتها والذي وصفه أحد رؤساء الوزارات الإسرائيلية بأنه صديق وفي لإسرائيل يقول : لا أعتقد أن في وسع أمريكا أن تدير ظهرها لشعب إسرائيل وتستمر في عالم الوجود، أن الرب يتعامل مع الشعوب بقدر ما تتعامل هذه الشعوب مع أمريكيا، هو بذلك يقيم توأمه روحية بين الولايات المتحدة وإسرائيل وإن بقاء الأولى مرهون باستمرار بقاء الثانية فإذا فنيت إسرائيل فإن فناء الولايات المتحدة سيأتي مباشرة.



هذه الرؤية لا تقتصر على فالويل وحده، بل يشاطره فيها مايك إيفانس وهو قسيس يميني أمريكي، إذ يرى أن بقاء إسرائيل هو مفتاح بقاء أمريكيا، أما جيمي سوغارت فهو لا يبتعد عن الذين يباركون إسرائيل ويلعن لاعنيها، وهو يرى أن أمريكا قوية لأنها تقف مع إسرائيل.



لقد نظمت هذه الشخصيات مع عدد من المنظمات المسيحية اليمينية عدة مؤتمرات مناصرة لإسرائيل أهمها ذلك المؤتمر الذي عقد في سويسرا عام 1985 الذي دفعت فيه هذه الشخصيات والمؤسسات باتجاه مزيد من الدعم لإسرائيل لتنفيذ مشروعها الممتد من الفرات إلى النيل ومطالبة دول العالم بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل والقيام بنقل سفاراتها إلها ودعم ومساندة الاقتصاد الإسرائيلي والامتناع عن تسليح العرب والعمل على تهجير الفلسطينيين من إسرائيل.



ونعود إلى غريس هالسيل في كتابها "النبوءة والسياسة" حيث تقول أن الصهيونية السياسية لم تولد عند اليهود، وإنما لدى البروتستانتية المسيحية المتمردة على الكاثوليكية حيث بذل مارتن لوثر كنج ، وهو مؤسس البروتستانتية جهداً كبيراً في دمج التوراة في الإنجيل وأصبح الكتاب المقدس الجديد للمسيحيين، فالمسيحي في رأيه لا يكتمل إيمانه إلا إذا آمن بالثورة أولاً.



ولما كانت البروتستانتية هي التي صنعت وروجت للصهيونية السياسية ، التي ولدت أساساً في بريطانيا ولما كانت بريطانيا هي التي فكرت في إنشاء الدولة اليهودية وإقامتها فعلاً بجهد كبير، فإن هذا كافياً لشرح أسباب التحالف الحديث بين الولايات المتحدة وبريطانيا (علما أن هاتين الدولتين هما دول بروتستانتية) لضرب العراق والمسلمين عمداً، للتبشير بقدوم المسيح الذي يجب أن يأتي والمسلمين في أضعف أوضاعهم حتى ينقادوا له دون عناء.



تضيف الكاتبة أن إسرائيل تستغل التيار اليميني المتصاعد في الحزب الجمهوري الأمريكي لتحقيق أهدافها السياسية في استخدام قوة الولايات المتحدة في تمزيق وتفتيت المنطقة وإضعافها، فهي التي تستخدم عقيدة الهرمجدون لدفع الساسة الأمريكان لقيادة هجوم ينهي أعداء إسرائيل ويمكن لها الامتداد والتوسع.



إن هذا التحالف هو الذي يجعل الولايات المتحدة تبارك كل خطوة تقوم بها إسرائيل حتى وإن كانت مخالفة لأبسط قواعد القانون الإنساني والقانون الدولي الذي تدعى الولايات المتحدة أنها حمايته، بل حتى إن كانت مخالفة لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها في المنطقة، فالولايات المتحدة في هذا المضمار تقدم الأيديولوجية الدينية البروتستانتية على مفاهيم المصالح، إن المراقب لما يجري من تأييد أمريكي للسياسات الإسرائيلية إنما يتأكد أن الولايات المتحدة لا تنظر إلى مصالحها قدر نظرتها إلى الأبعاد الدينية التي بسببها تغفر لإسرائيل كل خطأ مهما كان فادحا، لا بل وتباركه.



إن تقرير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى الصادر عام 2001 والذي عادة ما يرأسه أو يؤثر عليه عدد من الشخصيات اليهودية يذكر "إن ما يربط إسرائيل بأمريكا ليس معاهدات مكتوبة وإنما بروابط أقوى من القيم والمصالح المشتركة" لقد شكل هذا التقرير بروتوكولات أمريكية جديدة رسمت للولايات المتحدة والمؤسسة الحاكمة سياساتها في المنطقة وأخذت فيه العراق مساحة واسعة حيث ذكر التقرير العراق وصدام حسين بالتحديد فقد ذكر "نعتقد من المهم تحديد تلك المصالح الأمريكية الحيوية التي يمكن لصدام أن يهددها، ووضع خطوط حمراء تشكل عند تجاوزها تحديا غير مقبول يستدعي رداً عسكرياً أمريكياً واسع النطاق … يتوجب على الرئيس الأمريكي أن يهيئ الشعب الأمريكي لذلك (وهذا الذي يشكك أصلاً في حدوث أحداث سبتمبر من أساسها ويتساءل عمن ورائها) ويعدد التقرير القضايا التي تستوجب الرد العسكري الأمريكي والتي منها:



1- العدوان على الجيران.

2- استخدام أسلحة الدمار الشامل.

3- امتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل.



وفي أي من هذه الحالات يجب على الولايات المتحدة أن تستخدم جميع الوسائل المتاحة ضد نظام صدام حسين ( بما في ذلك استخدام السلاح النووي) ويرى التقرير أن أحد الخطوط التي تجاوزها صدام هي التوقف عن التعاون مع مفتشي الأسلحة وأن على الولايات المتحدة أن تشدد نظام العقوبات على العراق وينصح السياسيين الأمريكيين بالتأكيد على أن السبب في قضية معاناة الشعب العراقي هو النظام العراقي نفسه. ويؤكد للإدارة الأمريكية الجديدة أن الشرق الأوسط يدخل القرن الحادي والعشرين بقيادة زعماء بلا خبره وباقتصاديات رائدة وبأسلحة مرعبة عالية التقنية لها القدرة على نقل النزاعات إلى شواطئ أمريكا.



وينتهي التقرير بالقول أن لجنة الدراسة الرئيسية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط قد وضعت هذا التقرير من أجل تقديم النصح للرئيس الأمريكي الجديد، حول الطرق الكفيلة بإدارة المرحلة على نحو يحمى مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.



أن اليمين الصهيو- أمريكي يملك بالإضافة إلى الأجهزة الإعلامية الهائلة العدد والتأثير، العديد من مراكز الأبحاث التي تقدم الآلاف من البحوث والدراسات حول الواقع والمستقبل انطلاقاً من دراسات دينية مسيحية ويهودية وإسلامية بالإضافة إلى الدراسات الفلكية المستندة إلى كتب قديمة وعلى رأسها رباعيات نوستراداموس ذلك الكاتب الفرنسي الأصل اليهودي الديانة، والناظر إلى الآلاف من هذه الأبحاث يخرج بنتيجة مفادها أن مركز الخطر على إسرائيل والمسيحية هي منطقة الشرق العربي الإسلامي وبالذات منطقة العراق وإيران، لأنها العدو الطبيعي لها كما أن اسرائيل قامت على أنقاض شعب عربي إسلامي، يؤيد هذه النظرة الآيات القرآنية الأولى في سورة الإسراء أو سورة بني إسرائيل التي تتحدث عن الأشخاص والمكان الذي سيأتي منه تدمير إسرائيل، وهم الآشوريون القادمون من العراق فالقرآن يؤكد أن عباداً لنا جاءوا من العراق في الإفساد الأول " فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة" فهو إذاً يتحدث عن نفس السلالة من نفس المكان لأن الضمير في الكلمات ليسوءوا وليدخلوا يعود إلى ذات العباد الذين تحدث عنهم في إنهاء الإفساد الأول لبني إسرائيل تماماً كما تحدثت التوراة سابقاً … وهذا الذي يخيف هؤلاء الأمريكيين الذين يعون هذه القضية تماما.



ولقد هال الغرب وإسرائيل معاً، التقدم التكنولوجي الكبير الذي حققه العراق مع نهاية الألفية الثانية واقتراب امتلاكه أسلحة نووية وبيولوجية وكيماوية فتاكة، مع كونه دولة بترولية غنية تملك إمكانيات هائلة وبها أعظم مخزون نفطي بعد المملكة العربية السعودية وقدرته على صناعة صواريخ ترسل أقماراً للفضاء وبالتالي فإن إمكانية أن تصبح العراق دولة مهمة تملي إرادتها على دول الجوار وتمضي سياستها في المنطقة أرعب إسرائيل والولايات المتحدة لذلك دفعت الولايات المتحدة العراق إلى محاربة إيران عندما قامت الثورة الإيرانية بحجة أن إيران ضعيفة وأن نظامها السياسي مفكك وأن العراق يستطيع أن يستغل الواقع وأن يحقق ما لم يحققه من مكاسب جغرافية في عهد الشاه، وأغرت العراق بهذه الرؤية، خصوصاًَ وأنها ضمنت تأييد الدول العربية الخليجية المتحالفة مع الولايات المتحدة والتي كانت تخاف نقل الثورة الإيرانية إلى أراضيها فأرادت أن تقوم العراق بوقف الزحف الثوري الجديد.



فكانت الحرب التي لخص فيها هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق واليهودي المتعصب ليهوديته سياسة الولايات المتحدة بعبارة واحدة قائلا (إن سياستنا تجاه هذه الحرب هي أن لا تهزم إيران وأن لا ينتصر العراق)… أي استمرار الحرب بين الطرفين لاستنزاف الإنسان المسلم والموارد الإسلامية التي يمكن أن تشكل خطراً على الغرب وإسرائيل وأن تحترق هذه الإمكانيات في حرب لا تبقى ولا تذر، لقد خسر الطرفان في هذه الحرب أكثر من مليون ونصف مسلم ثلثهم من العراق والباقي من إيران كما خسرت البلدان مئات المليارات ذهبت إلى خزائن الولايات المتحدة والغرب ثمنا للسلاح والذخائر والخدمات والتصوير الجوي لصالح العراق … وقد بلغ الأمر بإيران أنها لم تجد من يورد لها السلاح فاستعانت بإسرائيل، فيما عرف بفضيحة "إيران جيت".



عندما انتهت حرب الخليج الأولى خرج العراق بخبرة عسكرية وبقوات نظامية عالية التدريب وإمكانيات زوده بها الغرب لدعم موقفه ضد إيران، وبلغت القدرات العسكرية العراقية آنذاك 600 ألف مقاتل تحت السلاح بالإضافة إلى 500 ألف احتياط، إلى جانب أكثر من 5 آلاف دبابة ومئات الطائرات مع برامج تسليحية متقدمة في مجالات الأسلحة الكيماوية والبيولوجية مما شكل علامة خطر لا بد وأن تنتهي بسرعة حتى لا تتفاقم الأمور وتصبح العراق مارداً لا يمكن وقفه. من هنا قامت الولايات المتحدة بافتعال أزمة أسعار النفط واستخدمت الكويت الدولة الصغيرة المجاورة للعراق لإغراق أسواق العالم بالنفط لتوريطه، مما خفض أسعاره بشكل كبير، الأمر الذي أغاظ العراق الذي كان متورطاً في برامج إعادة بناء الدولة من جديد بعد انتهاء الحرب.



أدى الاستفزاز الكويتي للعراق وتحديه في المحافل النفطية والسياسية بدعم من الولايات المتحدة، إلى احتلال العراق للكويت بضوء أخضر مؤكد من الولايات المتحدة التي وعدت على لسان سفيرتها في بغداد بأنها لن تتدخل في الشئون العربية وبالتالي لن تتدخل بين العراق والكويت، ووقع العراق في المكيدة السياسية التي حاكتها الولايات المتحدة بإتقان شديد، وعندما أدرك العراق أنه أصبح في الفخ حاول أن يخرج إلا أن الولايات المتحدة وبتقدير جميع المراقبين كانت تضيق عليه الخناق وتحرجه وتشترط عليه شروطاً صعبه لا يمكنه القبول بها فهو منتصر في حربين متواليتين في المنطقة سواء ضد إيران أو الكويت، وبالتالي لم تفسح له الولايات المتحدة الفرصة للخروج من الكويت بدون حرب.



ووقع العرب جميعاً في المخطط الأمريكي حيث تألفت جبهة عالمية شكل العرب جزء هام منها وكانت بقيادة الولايات المتحدة التي لم يهمها ما حدث للكويت ولكن كانت تهدف إلى تدمير قوة العراق بالدرجة الأولى وتكبيله بقيود وقوانين تضمن الولايات المتحدة والغرب بأن العراق لن يتمكن من تطوير قوة يمكن أن تهدد إسرائيل أو الغرب المسيحي في يوم من الأيام. وبدأت المعركة الكبرى عام 1990 ضد العراق حيث ألقت الولايات المتحدة أكثر من مائة ألف طن من المتفجرات منها مئات بل ربما آلاف الأطنان من اليورانيوم المنضب لتحقيق أكبر خسائر ممكنة في المقدرات العراقية ولإطالة أمد تأثير هذه الأسلحة القاتلة أطول فترة ممكنة. ثم أصدرت الأمم المتحدة قرارات هامة جردت العراق من أي قدرة تسليحية ومنعته من تطوير أي سلاح يبعد مداه عن 150 كيلو متر وهي المسافة التي يستطيع أن يطال فيها جيرانه العرب فقط دون إسرائيل، رغم إعلان الولايات المتحدة أنها تود حماية جيران العراق من العراق دون استثناء.



إن مهارة الدعاية التي تبنتها الولايات المتحدة هي إعلانها أنها تريد حماية جيران العراق من العراق، ولذا وجدت هذه الدعاية تأييداً كبيراً بين البلاد العربية ودول الجوار الخليجي التي صدقت الدعاية الأمريكية في هذا الصدد … ولا زال بعضها إلى اليوم يكرر ما تريده الولايات المتحدة ويؤيده بوضوح وهو استخدام ماهر للعرب ضد العرب أنفسهم.



لقد عاد العراق بسبب هذه الحرب ، كما صرح وكيل المنظمة الدولية للشئون الإدارية مارتي ابتسارى الذي قام بزيارة للعراق عام 1999م (إن العراق الذي كان حتى يناير 1991 بلداً مدنياً وتقنياً إلى حد بعيد قد أعيد الآن إلى عصر ما قبل الصناعة) لقد خسر العراق جراء حرب الخليج الثانية 4 آلاف دبابة و 1300 قطعة مدفعية و 420 طائرة ، 6581 عربة لنقل القوات وأكثر من سبعين ألف شهيد ، ومع ذلك ظل هذا البلد المهزوم والمحاصر والمحروم من كل شيء شبحاً مخيفاً ومصدر تهديد رغم سنوات الحصار الشديد التي خسر فيها العراق مليارات الدولارات وأكثر من مليون ونصف مواطن نتيجة للأمراض ونقص الدواء فكان الحصار دماراً شاملاً لا يقل عن الدمار الذي الحقته به الحرب.



كما فرضت الولايات المتحدة وبريطانيا وهما الدولتان البروتستانتيتان مناطق حظر جوي دون تفويض من الأمم المتحدة تقومان من خلالها بمراقبة الأجواء العراقية والأراضي العراقية والتصدي لكل جهد تنموي، ولكل تطوير في مجال التسليح أو التكنولوجيا ولا تتورع الطائرات البريطانية والأمريكية عن مهاجمة أي هدف يقدره الطيارون أنه يمثل خطراً على طائراتهم.



وفي نفس الوقت فرضت على العراق من خلال الأمم المتحدة نظام تفتيش جائر تقوم فيه الولايات المتحدة تحت سمع وبصر الأمم المتحدة بمراقبة الأراضي العراقية والتأكد من أنها لا تصنع أو تطور أي شكل من أشكال الأسلحة أو التكنولوجيا يمكن في أي يوم من الأيام أن يهدد إسرائيل أو الغرب عموماً. والأدهى من ذلك أن فرق التفتيش التابعة للأمم المتحدة ، قد استخدمت للتجسس على العراق ،وعلى شخص الرئيس صدام حسين الذي كانت الولايات المتحدة قد أعلنت مراراً أنها لن تتردد في قتله إذا سنحت لها الظروف بذلك .



لذا لم تتردد العراق في طرد فرق التفتيش التابعة لأمم المتحدة بعد أن تبين صحة ادعائها بأنها تضم بين أفرادها جواسيس لإسرائيل والولايات المتحدة باعتراف سكوت ريتر رئيس فرق لتفتيش الأممية ، فاعتبرت الولايات المتحدة أن هذا الموقف خروج عراقي عن مقررات الأمم المتحدة وأن هذا الوضع يفتح لها الفرصة لإعادة تسليح نفسها بما يهدد المنطقة والعالم أجمع كما تدعى الإدارات الأمريكية المتعاقبة ، لذلك تهيأت لشحن المجتمع الدولي إعلامياً ونفسياً لضرب العراق وإعادته إلى حظيرة الخضوع لقرارات الولايات المتحدة .



هذه التهيئة غذتها بصورة هائلة أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001 التي قلبت السياسية الأمريكية من حالة الحساب السياسي، إلى حالة الخروج عن العقلانية وإلقاء التهم جزافا، إلى درجة أن الرئيس الأمريكي كشف في ثنايا تصريحاته أهداف الولايات المتحدة الحقيقية التي كانت تخطط لها منذ فترة طويلة وهي الدخول في حرب صليبية جديدة ضد الإسلام والبلاد الإسلامية. ولما كانت مخاطر هذا التصريح أكبر من فوائده وأنه سوف يكتل العالم الإسلامي الممزق ضد أمريكا وأنه سوف يشعل جبهة الشعوب العربية ، اختفى هذا المصطلح بسرعة من الخطاب الإعلامي والسياسي و العسكري الأمريكي ، وجاء بدله مصطلح محاربة الإرهاب ، هذه الحجة التي استخدمتها أمريكا والتي استطاعت أن تسوقها حتى على أولئك المستهدفين بالضرب إلى درجة أن انبرت الدولة العربية والإسلامية إلى التسابق في إعلان تأييدها لجهد الولايات المتحدة في حربها ضد ما تسميه" بالإرهاب " منذ اللحظة التي أعلنت فيها أقوى دولة في العالم أنه من لم يقف معنا ضد الإرهاب فهو إرهابي ، من هنا لم يبق مجال للمناورة أو التفكير فاندمجت الضحية تهيئ المسرح وتساعد في شحذ السكين لذبح نفسها .



لقد تاهت الدبلوماسية الأمريكية وذهبت في حيرة شديدة بعد زوال الاتحاد السوفيتي الخضم التقليدي للولايات المتحدة ، حيث سقط أهم عامل من عوامل الصهر المجتمعي والوحدة السياسية الداخلية في الولايات المتحدة ، التي تتكون من أعراف وقوميات ولغات عديدة وحدها عامين أساسيين هما جمع الثروة والخوف من الشيوعية .



لقد استغلت الإدارات الأمريكية المتعاقبة عامل الخوف من الاتحاد السوفيتي الشيوعي لصنع واتباع سياسات عدوانية خارجية لفتت نظر الشعب الأمريكي إلى ضرورة وحدته ليحافظ باستمرار على وجودة وإنجازاته وثرواته المتنامية .



لقد كانت هذه السياسة العدوانية سبباً هاما أيضا في إبقاء سيطرتها على سياسات واقتصاديات الغير، لذا دخلت في حرب ضد كوريا وضد فيتنام ودخلت الحرب الباردة التي كثيراً ما وصلت فيها الظروف إلى حافة الحروب النوويه ،لقد استمرت الولايات المتحدة في افتعال المشاكل والمواجهات لتستطيع أن تصهر المجتمع الأمريكي في قالب واحد تنتفي معه الشوائب اللغوية والفكرية والسلوكية وغيرها لتصنع مجتمعا موحدا ينتمي إلى الوطن.



إن من المعروف أن كل دولة تحاول أن تجد العدو المناسب لأن العدو يوفر للدولة سبباً لاستنهاض الطاقات، واستخدامه وقت الضرورة لتبرير كثير من السياسات لذلك عندما زال الاتحاد لسوفيتي من الخارطة الدولية وزال الخطر الذي مثله للولايات المتحدة ، تحدث الكثير من المفكرين الأمريكيين عن الخطر الإسلامي الذي أرادوه أن يأخذ محل الخطر السوفيتي ،ولكن لما كان العالم الإسلامي عالماً ضعيفاً لا يشكل خطراً حقيقياً فإن كثير من مراكز البحث العلمي الأمريكية بدأت تتجه نحو الصين على أنها العدو الأكثر خطراً على الولايات المتحدة وصدرت العديد من الكتب والنشرات التي ملئت السوق الأمريكية في مرحلة النصف الثاني من عقد التسعينيات في القرن الماضي والتي تتحدث عن الصين على أنها عدو الغرب المقبل .



إلا أن إدارة بل كلينتون لم تؤمن بهذا التوجه ولم تأخذ به وأسقطته من الحساب، اتضح ذلك من زيارة كلينتون للصين التي اعتبرها إنجازاً تاريخياً واستطاعت الصين من خلال قيادتها السياسية آنذاك أن تسحب المبرر من تحت هذا الادعاء وتفرغه من مضمونه ومحتواه وبالتالي كان لابد من أن تعود نظرية العدو الإسلامي من جديد ، لذلك فإن أحداث الحادي عشر من سبتمبر لا يمكن أن تكون قد ولدت بين يوم وليلة ولابد أنه قد خطط لها منذ فترة ليست قصيرة ، والباحث في تطور الأحداث وملابساتها وما لفها من غموض ومسلكيات اليهود الصهاينة في ذلك اليوم بالإضافة إلى حاجة اليمين المسيحي إلى إثبات نظرياته الدينية يؤكد أن هناك مؤامرة أعدت بإتقان ، وإلا فكيف يمكن تفسير غياب اليهود في ذلك اليوم عن مبنى التجارة العالمي ، وكيف نفسر نجاح اختطاف أربعة طائرات في يوم واحد، وكيف نفسر غياب ضباط الأمن في جميع المطارات في ذلك اليوم ، وهل تمتع الطيارين بالمهارة العالية لتفادي ناطحات السحاب الموجودة والنجاح في تحقيق أهدافهم وهذا أمر في غاية التعقيد .بالإضافة إلى الحقيقة التي اتضحت فيما بعد وتبين أن البنتاغون لم يضرب بطائرة وإنما تفجر من داخله. ثم السرعة في إلقاء الاتهام وقبل التحقيق إنما يؤكد أن الهدف كان واضحاً سلفاً .



لقد جاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر كي تضع للولايات المتحدة عدوا مثالياً قادراً على تهديد الدولة في عقر دارها بضربة مفاجئة وصاعقة ،وهي بالتالي تخدم الهدف الرسمي الأمريكي واليمين المسيحي وإسرائيل التي كانت في حاجة ماسة جداً إلى ترسيخ العداء الأمريكي للعرب والمسلمين .



إن الانتفاضة التي وقعت في 28 من سبتمبرعام2001 على الأراضي الفلسطينية نجحت في توجيه ضربات اقتصادية وعسكرية ونفسية هامة جداً للعدو الإسرائيلي واستطاعت أن تؤثر في الدولة والمجتمع الإسرائيلي ، بشكل لم تحققه جميع الحروب العربية ضد إسرائيل كما ذكر توماس فريدمان وهو من أكبر الكتاب اليهود اللامعين في الولايات المتحدة، الذي أكد مدى الدمار الذي لحق بالاقتصاد الإسرائيلي، وكذلك بالنفسية الإسرائيلية ، بل الذي لحق بالنظرية الصهيونية من أساسها تلك النظرية التي تدعى أن أرض فلسطين أرضا يهودية، إذ أن الانتفاضة حرمت الإسرائيليين من الأمن وحرمت عليهم السير في شوارع مدنهم وأسواقهم وأصبحوا يؤثرون المكوث في البيوت أو الهرب من البلاد كما أنها قلبت موازين الفكر السياسي والانتماء للدولة .



ولما فشلت إسرائيل ولازالت والحمد لله فاشلة في إنهاء الانتفاضة بالوسائل العسكرية باعتراف الجنرال موفاز وقيادات حزب العمل وكثير من قيادات حزب الليكود وجدت أنه من الأفضل أن تحارب الانتفاضة في دائرة أوسع وهي الدائرة العربية ، ولازالت إسرائيل تتذكر أنه عندما انتصرت في حرب 1967 كان هذا الانتصار مدوياً جداً إلى درجة أحدث اليأس والإحباط لدى العرب جميعاً ولدى الفلسطينيين بشكل خاص الذين عولوا كثيراً على الدور العربي في تحرير الأراضي الفلسطينية.



لذلك فإسرائيل تريد تحقيق ظروف سياسية وعسكرية ونفسية كتلك التي تلت حرب 1967 التي سيطر فيها الإحباط على الشارع العربي ، من هنا نرى أنها هي التي تدفع الولايات المتحدة دفعاً قوياً للدخول في حرب ضد العراق ، بل أن المتتبع للمواقف الإسرائيلية يجد أن إسرائيل واللوبي الصهيوني واليمين المسيحي هو الذي يقود حملة إقناع الرئيس الأمريكي والشعب الأمريكي بالحرب ضد العراق تحت راية ما يسمى بالحرب على الإرهاب .



لقد بدأت الحملة على أفغانستان وحققت الولايات المتحدة أهدافها بسرعة مذهلة أغرت أصحاب المصالح بإقناع متخذي القرار السياسي الأمريكي الاستمرار في الحملة في ساحة جديدة، فكانت العراق هي الهدف الأمثل لما تمثله العراق من تهديد متوقع لإسرائيل وتهديد متصور للغرب .



ومما زاد الطين بله هو الاستخدام الإعلامي لكثير من نبوءات الإنجيل وكتابات نوستراداموس التي تثير الخوف والرعب في ملايين الأمريكيين لدرجة أن التخلص من صدام أصبح أمر ضرورياً لديهم فالكثير منهم يؤمن بأقوال الكاهن الفرنسي الشهير نوستراداموس عن صدام (أنه رمز الشر القادم من الشرق) كما تستخدم الكثير من نصوص الانجيل لتحقيق ذات الهدف إذ يثار وعلى وجه واسع تنبؤات دانيال وحبقوق وزكريا وإسحق ، ومن أهم هذه التنبؤات ما نقل عن حبقوق (تأملوا أيتها الأمم وأبصروا تعجبوا وتحيروا ، لأني مقبل على إنجاز أعمال في عهدكم ،إذ أخبرتم بها لا تصدقونها ، فها أنا أثير الكلدانيين ،هذه الأمة الحانقة المندفعة في رحاب الأرض لتستولي على مساكن ليست لها ، أمه مخيفة مرعبة … خيولها أسرع من النمور ، وأكثر ضراوة من ذئاب المساء، فرسانها يندفعون بكبرياء للانقضاض على فريستهم) أصبحت هذه التنبؤات شغل الأمريكيين والغرب الشاغل والمحدد لكثير من سياساتها في المنطقة العربية.



إن الولايات المتحدة تحاول أن تحقق من وراء هذه الحرب التي تود خوضها قريبا عددا من الأهداف منها :

1- إضعاف قوة العراق وتجريده من أية قوة يمكن أن تشكل نواه أكبر لنفسه أو للأمتين العربية والإسلامية خوصاً وأن العراق شكلت عاصمة دولة الخلافة لفترة من الزمن ،وهي مؤهلة حقيقة لقيادة العالم الإسلامية بما كانت تملكه من إمكانيات ، وإضعاف العراق يعني بالتالي إضعاف للأمة ولم تتمكن الولايات المتحدة وإسرائيل من الانفراد بالقضية الفلسطينية وتحييد الدور العربي إلا بعد انتصارها في حرب الخليج السابقة .

2- إنهاء دور العراق كقوة مؤثرة في المنطقة العربية ، خصوصاً وأنها لا تزال خارج دائرة التأثير الأمريكي التام فلقد كانت العلاقات الأمريكية العراقية جيدة عندما حاربت العراق إيران وعندما انتهت الحرب انتقلت الولايات المتحدة ضد العراق بعد أن أدركت أن إمكانياتها أضعف بعد الحرب .

3- كسر إرادة التحدي لدى العراق وأية دولة عربية تفكر بالخروج عن الإدارة الأمريكية والغرب .

4- استغلال الحرب ضد العراق لتأكيد تواجد الولايات المتحدة في المنطقة العربية من خلال ترسيخ القواعد العسكرية والوجود العسكري الأمريكي حيث أن الولايات المتحدة تحاول حشد أكثر من ربع مليون أمريكي في الأراضي العربية والإسلامية وهذا في ذاته احتلال ولن تستطيع أن دولة إخراج هذا الحشد في المرحلة اللاحقة إلا برغبة أمريكية وبعد أن تكون الولايات المتحدة قد ضمنت إيجاد نظم موالية لها تحقق أهدافها .

5- تأكيد استمرار حملتها على ما سمته بالإرهاب وتأكيد قيادتها وسيادتها على العالم بما فيه أوروبا الغربية وأوربا الشرقية والصين فلقد استطاعت الولايات المتحدة أن تكتل هذه الدول وراء مواقفها بكل الوسائل ومارست جميع الضغوط وأفلحت في تشكيل ائتلاف تقوده رغم معارضة بعض الدول .

6- استنزاف الموارد العربية في هذه الحرب لأن الدول الخليجية لن تستطيع أن تهرب من دفع تكاليف جزء من هذه الحملة مهما بلغت معارضها فالتهديد بتغير النظم السياسية العربية قائم ولابد من هذه الأنظمة للانصياع .

7- تخويف الدول الأخرى مثل إيران وكوريا ودفعهما لإيمان والتسليم بما تريده الولايات المتحدة وإلا فسوف يحدث لهما ما يمكن أن يحدث للعراق .

8- تهيئة المنطقة لهيمنة (إسرائيل) وإعادة ترتيبها لما يحقق هذا الهدف .



أن الحرب واقعة لا محالة رغم ثبوت براءة العراق من المشاركة في الحادي عشر من سبتمبر وعدم القدرة على إثبات علاقته مع تنظيم القاعدة الذي تتهمه الولايات المتحدة بأنه وراء الإرهاب العالمي. ثم إن إعلان الدول العربية المتكرر في الاجتماعات بجميع أشكالها يؤكد أن العراق لم يعد قادراً ولا راغباً في تهديد جيرانه بل العكس إنما يقيم معهم علاقات جيدة ومبادرات ذات معنى ، ثم إن عراق ما بعد حرب الخليج الثانية لم يعد قادراً على تهديد أحد بعد تدمير إمكانياته وحصاره وحرمانه من المواد الخام اللازمة لصناعة أي شيء مهم وبالتالي كان يجب أن ينهي التهديد الأمريكي للعراق إلا أن هدف الولايات المتحدة المنطلق من مفهوم الأمن القومي الأمريكي لا زال يدعي أن العراق خطر على أمن الولايات المتحدة وهذا ليس إلا إخراج دراماتيكي يهدف إلى صف الشعب الأمريكي وراء أهداف النخبة السياسية الحاكمة التي تتبلور في القضاء على كل مكامن القوة الإسلامية والعربية والحفاظ على أمن إسرائيل بشكل تام وهزيمة أعدائها مهما تعددوا وكبروا حتى يأتي الوقت الذي يظهر فيه المسيح الذي ينتظرونه
....................................................المركز الفلسطيني للاعلام

ابو الامير غير متصل قديم 22-03-2003 , 09:01 AM    الرد مع إقتباس
ياقوتة ياقوتة غير متصل    
كاتب فعال kuwait  
المشاركات: 1,155
#2  
ديننا عندهم ارهاب ودينهم عندهم أسباب
لا أحد يشك بالأسباب الدينية والاطماع الامبريالية وراء الحرب

أما مسألة تحرير و تخليص العراق من صدام فهو تحصيل حاصل وانتهى دوره التخريبي في الأمة الأسلامية المكلومة ....

وكثيرون ينتظرون اشارة الأميركيين لأكمال دور صدام ...

شكرا على المقالة اخي أبو الأمير وقد أشبعنا تحليلا لأمور اوضح من الشمس
ولكن الذي لا يريد ان يعلم لن يعلم ابدا ولو حللت العالم بأسره له .

مع تحياتي ...

ياقوتة

ياقوتة غير متصل قديم 22-03-2003 , 10:08 AM    الرد مع إقتباس
ابو الامير ابو الامير غير متصل    
عضو فائق النشاط  
المشاركات: 869
#3  

الاخت الفاضله ياقوته بدايتا جزاك الله خيرا على مواضيعك القيمه
لكني التمس منك العذر هنيه لاقدم لك النقد فانت وصل بك الامر لدرجه الغرور فاصبحت تقررين ما نكتب وما لا نكتب لا اعرف الاسباب
فعندما وضعت قبل يومين كاريكاتير انتقدتي وجود الكاريكاتير
وفي هذه المقاله تنتقدي اساسا وجود التحليل
احببت ان الفت وجه نظرك فسامحيني
وجزاك الله كل الخير

ابو الامير غير متصل قديم 22-03-2003 , 11:58 PM    الرد مع إقتباس
ياقوتة ياقوتة غير متصل    
كاتب فعال kuwait  
المشاركات: 1,155
#4  
سامحك الله على فهمك الخاطىء
لم انتقد وجود التحليل أخي ...

بل كتبت :

( وقد أشبعنا تحليلا لأمور اوضح من الشمس ولكن الذي لا يريد ان يعلم لن يعلم ابدا ولو حللت العالم بأسره له . )

وهو انتقاد لكثرة المقالات التي تحلل أزمة هذه الأمة وقلت ان من لا يريد ان يعلم ويفقه الحقيقة لن تكفيه تحليلات العالم ليقتنع .


وشكرا اخي على كلامك الطيب ونتواصل على الخير ان شاء الله


أختك ياقوتة

ياقوتة غير متصل قديم 23-03-2003 , 12:06 AM    الرد مع إقتباس
ابو الامير ابو الامير غير متصل    
عضو فائق النشاط  
المشاركات: 869
#5  

كل الشكرلك اختي يا قوته على الايضاح وتاكدي انني لم اشل اي جانب من الحقد تجاهك واتمنى لك التقدم لما في الخير للاسلام
وسنتواصل لما فيه الخير ان شاء الله
وتحياتي

ابو الامير غير متصل قديم 23-03-2003 , 12:12 AM    الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


[عرض نسخة للطّباعة عرض نسخة للطّباعة | ارسل هذه الصفحة لصديق ارسل هذه الصفحة لصديق]

الانتقال السريع
   قوانين المشاركة :
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة لا بإمكانك إضافة مرفقات لا بإمكانك تعديل مشاركاتك
كود في بي vB متاح الإبتسامات متاح كود [IMG] متاح كود HTML متاح



لمراسلتنا - شبكة سوالف - الأرشيف

Powered by: vBulletin
Copyright © Jelsoft Enterprises Limited 2000.