قراءة فنية اخيرة في اوراق رباعي القمة في البطوله العربية
قراءة فنية اخيرة في اوراق رباعي القمة في البطولة العربية
لماذا خسر الاتحاد "ترشيحه" .. وكيف أعد الأهلي "طبخة" البطولة?!
انتهت احداث البطولة العربية الأولى الموحدة للاندية على كأس الأمير فيصل بن فهد التي توج الاهلي السعودي بطولتها,وحققت نوعا من النجاح التنظيمي في ثوبها الاول بعد دمج بطولتي الكأس والدوري للأندية الابطال, وذلك بمشاركة 11 ناديا كان من ابرزها ممثلي الكرة السعودية الاهلي والاتحاد وممثلي الكرة التونسية الافريقي والملعب.
وقد قدمت هذه الفرق الاربعة مستويات فنية رائعة ونتائج ايجابية اوصلتها الى الأدوار النهائية في هذه البطولة والتي لم تحدث في نتائج مبارياتها مفاجآت كبيرة ما عدا الهزيمة التي خرج على اثرها منظم هذه البطولة نادي الاتحاد من شقيقه الافريقي التونسي في الدور نصف النهائي باعتبارها مفاجأة ضخمة للنقاد والمحللين والجماهير التي تابعت اداء الفريق الاتحادي خلال الدورين الاول والثاني والذي قدم فيهما مستويات فنية جيدة ونتائج كبيرة وصلت في مباراته مع الوحدة السوري الى سبعة اهداف. ومن اهم الملاحظات السلبية في هذه البطولة انها لم توفق في القضاء على الخروج عن الروح الرياضية والتي ظهرت في بعض التصرفات التي تسببت في بعض المشاكل والاحداث كان ابرزها الذي حدث من قبل حارس نادي الملعب التونسي حسان البجادي في منظر افسد الاجواء الاخيرة لهذه البطولة.
وهنا نقدم هذه الرؤية الفنية لأبرز الملاحظات للفرق الاربعة - الاتحاد, الاهلي,الافريقي, الملعب - التي وصلت للدور نصف النهائي في تلك البطولة.
الاتحاد السعودي
دخل فريق الاتحاد السعودي هذه البطولة وهو في اوج استعداده فالفريق كان وقتها يحتل المركز الثاني في الترتيب العام للدوري السعودي - ولديه مدرب قدير (اوسكار البرازيلي) والذي سبق وان حقق مع الفريق بطولات سابقة ويملك لاعبين لديهم قدرات بدنية وفنية عالية مثل نور, مبروك زايد, سيرجيو, مرزوق, الصقري, المنتشري, العويران, ابوشقير, وكمارا, ولندومار, الحسن اليامي. لعب الفريق مبارياته في الدور الاول وحقق اعلى النتائج في هذه البطولة لينتقل الى الدور الثاني متصدرا مجموعته واعطى ذلك الكثير من المتابعين والنقاد والمحللين المبرر لترشيح هذا الفريق للحصول على لقب هذه البطولة وهو ما انعكس سلبا على اداء الفريق في الدور الثاني وجاءت اولى مبارياته في هذا الدور مع الأولمبي الليبي كمؤشر حقيقي للانخفاض في مستوى الاداء العام للفريق حيث انتهت نتيجته بالتعادل السلبي.
ليعود الفريق ويدخل اللقاء الثاني في هذا الدور مع القادسية الكويتي الذي سبب نوعا من الاهتزاز والارباك للاتحاديين بتسجيله هدفاً مبكراً في مرمى مبروك زايد, ليعيد المدير الفني لفريق الاتحاد البرازيلي أوسكار حساباته ويتمكن من تعديل نتيجة المباراة بزيادة عبء بدني على اللاعبين بمستوى فني متوسط ليتأهل الفريق متصدرا مجموعته بعد تغلبه على فريق الملعب التونسي الذي احتفظ مدربه ببعض الاوراق الفنية في المباراة النهائية بناء على الترشيحات المبدئية التي جعلته الاقرب للبطولة, ليلعب مباراته امام الافريقي التونسي (والتي كانت نتيجتها صدمة عنيفة للاتحاديين) دون ان يعطي الاستعداد الخاص لهذه المباراة اي اهتمام فالفريق دخلها وقد بنى على المستويات التي ظهر بها خصمه - الافريقي التونسي - في المباريات السابقة التي لعبها في هذه البطولة والذي احتفظ هو الآخر فيها بالكثير من الاوراق الفنية وكان على اعلى درجة من الاستعداد الفني والنفسي لهذه المباراة المرتقبة والتي جاءت نتيجتها عكسية وكبيرة على الاتحاديين ليغادروا البطولة واستحق فيها الافريقي التونسي التأهل للمباراة النهائية.
ومن اهم النقاط التي ساهمت بشكل مباشر في خروجه من هذه البطولة:
اولا: التوزيع الخاطئ للمجهود البدني في البطولة (او ما يعرف بالحمل العام للبطولة). كانت بداية الفريق قوية وجاءت النتائج الكبيرة التي حققها الفريق في مباريات الدور الاول والثاني كأكبر دليل على ذلك, فالفريق فاز في مباراته الاولى والثانية بنتيجة 4/1 و7 وهذا تطلب من اللاعبين جهدا بدنيا عاليا من المفروض الاحتفاظ به لمباريات الادوار النهائية التي تتطلب ذلك.
فمدرب الفريق هنا وقع في بعض الاخطاء الفنية منها على سبيل المثال:
- انه لم يوزع المجهود البدني العام للاعبي الفريق على مباريات البطولة, مع مراعاة ما تتطلبه كل مباراة من مجهود وذلك للفوز بها فهناك فرق مستواها ضعيف واخرى قوي فيجب مراعاة هذه الامور.
- كما انه تجاهل امراً آخر هاما وهو مبدأ الفوز في مباريات الادوار التمهيدية بأقل مجهود يتطلب ذلك الفوز مع عدم تعريض اللاعبين للمجهود العالي دون فائدة حيث يجب توفيره لمباريات اخرى تتطلب ذلك.
- عدم مراعاة مبدأ التدرج في زيادة الحمل والذي غالبا ما يزداد مع الانتقال من دور الى آخر والذي يرتفع فيه مستوى الاداء لمعظم الفرق (الأدوار النهائية).
وهذا بالفعل ما حصل في مباراة نصف النهائي لفريق الاتحاد مع شقيقه الأفريقي التونسي فقد وصل الفريق الاتحادي لهذه المباراة وقد استنفد لاعبوه ما لديهم من طاقة في مبارياتهم السابقة الأمر الذي كان له الأثر الكبير في الهزيمة الثقيلة في هذه المباراة.
ثانيا: الآثار العكسية للثقة الزائدة بالنفس في الحصول على لقب البطولة (الاعداد النفسي للمباراة)
اثرت ترشيحات النقاد والمحللين الأولية بأن البطولة اتحادية وذلك استنادا على المستويات التي قدمها الفريق في مبارياته اثناء الادوار التمهيدية لهذه البطولة على مستوى الثقة بالنفس العامة للفريق, فقد احدثت هذه التصريحات نوعا من الثقة المفرطة لدى الجهاز الفني والاداري بأنهم الافضل والبطولة مضمونة للفريق بدرجة كبيرة مما اثر ذلك عكسيا على درجة الاستعداد البدني والفني للفريق الاتحادي في مباراة نصف النهائي مع الافريقي التونسي والذي ظهر واضحا على اداء الفريق في هذه المباراة, كما ان الاعداد النفسي لم يكن جيدا فقد لوحظ ذلك على تصرفات بعض اللاعبين وخاصة سيرجو الذي ساهمت عصبيته ونرفزته في خروجه عن الروح الرياضية ليتم طرده من حكم اللقاء مسببا بذلك احراجا كبيرا لفريقه في هذه الظروف الصعبة من المباراة والتي نتج عنها بقية الأهداف التي أخذت تتوالى على مرمى مبروك زايد دون مقاومة من الفريق الاتحادي الذي انخفضت الروح المعنوية للاعبيه بدرجة كبيرة خلال هذه المباراة لتنتهي بأربعة اهداف للنادي الافريقي ويخرج الاتحاد من هذه البطولة في حدث غير متوقع على الاطلاق بالنسبة لهم. كذلك كان لحالة الطرد (لسيرجيو) اثر كبير على مدرب الفريق (اوسكار) الذي تخبط في التغييرات التي اجراها على تكتيك الفريق ولم يحقق من خلاله نتائج ايجابية في نفس المباراة.
ثالثاً: القصور في مستوى التصور الذهني والمعرفي للفريق في كيفية التعامل مع المباراة ومجرياتها.
فالفريق الاتحادي دخل المباراة ولم تكن لديه معرفة تامة بإمكانيات وقدرات الفريق المقابل (الافريقي التونسي) فالمدرب الاتحادي لم تكن حساباته لهذه المباراة جيدة, وخاصة الاوراق الفنية التي احتفظ بها مراد المحجوب مدرب الافريقي. فالهدف الذي دخل مرمى مبروك زايد في وقت مبكر من اللقاء في دور نصف النهائي اصبح كالصاعقة التي شلت جميع القدرات والاوراق الفنية التي يمتلكها الفريق الاتحادي واجهزته الفنية فانعدم التصور الذهني للمدرب ولم يعرف ماذا يجب ان يفعله ليعود بالفريق الى اجواء المباراة, كذلك اللاعبون ظهر عليهم عدم التركيز ولم يستطيعوا استيعاب الاداء السريع والقوي والتكتيك الفني الجيد الذي ظهر به لاعبو الافريقي التونسي وبالتالي جاءت النتيجة كبيرة على الاتحاديين.
الافريقي التونسي
استطاع الافريقي التونسي التعامل الجيد مع مباريات هذه البطولة فقد لعب بإستراتيجية جيدة رسمها مدرب الفريق مراد محجوب للوصول للأدوار النهائية بأقل مجهود فالمستوى الفني العام للفريق يتصاعد مع التقدم في ادوار البطولة. كما ان الفريق لم يعط اي اهتمام لصدارة المجموعة في الدور الاول والثاني فالمهم هو التأهل للدور نصف النهائي وبالفعل هذا ما حصل وظهر الفريق في مباراته في الدور النصف نهائي مع مستضيف البطولة فريق الاتحاد بمستوى فني عال ومغاير للصورة التي ظهر بها في الادوار التمهيدية فظهر حسن التنظيم والترابط في خطوط هذا الفريق فانكشفت الاوراق الفنية التي كان يحتفظ بها المحجوب مدرب الفريق. وقدم الافريقي التونسي في مباراته مع الاتحاد في نصف النهائي مستوى رائعا ومفاجئاً للجميع بالمشروعات الهجومية التي شنها لاعبوه والتي بعثرت اوراق المدرب الاتحادي اوسكار وظهرت المستويات الجيدة التي قدمها لاعبوه اشرف الخلفاوي ورمزي الفطحلي وعادل السليمي ورضوان ابو زيان والحارس خالد عزيز وبقية زملائهم, ليخرج الافريقي التونسي من هذه المباراة بتحقيق نتيجة كبيرة مع رسم صورة مشرفة بثها على شكل رسالة عنيفة ارسلها للأهلي السعودي الطرف الآخر في المباراة النهائية الذي ظهر فيها الافريقي بمستوى جيد اوقفه التفوق التكتيكي للفريق الاهلاوي الذي رسمه مدربه (ايليا) والذي ساهم بشكل كبير في كسب المباراة, كما ان للهدف الذي سجله لاعب الاهلي محمد بركات دور اكبيرا في زيادة الضغط النفسي على لاعبي الافريقي الذي بدوره تسبب في خفض مستوى التركيز لدى اللاعبين بشكل عام واحدث نوعا من الارتباك في تنظيم خطوط الفريق مما كان له الاثر السلبي على انهاء الهجمات التي شنها لاعبوه على مرمى النتيف وذلك في ما تبقى من زمن المباراة دون تحقيق نتيجة ايجابية ليخسر هذه البطولة بمستوى مشرف.
الملعب التونسي
ينطبق على الملعب التونسي ما انطبق على شقيقه النادي الافريقي في طريقة التعامل الجيد في كيفية الأداء للمباريات خلال هذه البطولة, فنجد الفريق قد استطاع الوصول الى الدور نصف النهائي بأقل جهد بدني بذله لاعبوه فالفريق يملك لاعبين لديهم وامكانات وقدرات بدنية ومهارية جيدة كالورتاني والدعاس وصبري والسليتي والزيادي والسلامي والصالحي. والملاحظ ان مستوى الفريق يتطور من مباراة لاخرى ونتائجه التي حققها في هذه المباريات تؤكد ذلك, فقد تعادل سلبيا في مباراته الاولى مع الاولمبي الليبي ثم فاز في الثاني على المريخ السوداني بنتيجة 4/1 ثم حقق نتيجة كبيرة في مباراته مع القادسية الكويتي 5/3 وجاءت نتائج الفريق بشكل ايجابي الى ان حقق التأهل الى الدور نصف النهائي وشاهد الجميع المستوى الحقيقي لهذا الفريق في هذه المباراة والذي تمثل في ارتفاع التوتر والشد العصبي لديهم, الذي ادى بهم الى الاعتماد على الخشونة في محاولة قطع الكرة وايقاف تقدم الخصم والذي انعكس سلبيا على خفض مستوى الاداء البدني والفني للفريق ونتج عنه حدوث بعض التصرفات الخارجة عن الروح الرياضية وخاصة في مباراته الاخيرة امام الاهلي السعودي مما ادى هذه الامور الى عدم تحقيق النتائج الايجابية للفريق بصفة عامة.
الاهلي السعودي
الفريق الاهلاوي بطل هذه البطولة نجح في التعامل والاعداد الفني والنفسي لمجريات هذه البطولة بشكل عام وفي كل مباراة بصورة خاصة فهو لم يخسر في جميع المباريات التي لعبها ومستوى الفريق الفني فيه نوع من الثبات الى حد ما ونجح الجهازان الاداري والفني في اداء دورهما على اكمل وجه, فمدرب الفريق (ايليا) نجح في قيادة الفريق في جميع المباريات التي خاضها خلال مشوار البطولة حيث نهج اسلوبا تميز بحسن التنظيم والترابط لخطوط الفريق في معظم المباريات وجاء مناسبا لامكانيات وقدرات لاعبي الفريق الاهلاوي الذي يملك مجموعة من اللاعبين الذين يملكون قدرات بدنية ومهارات فنية عالية ساهمت في تقديم المستويات الراقية التي ظهر بها الفريق يأتي في مقدمتهم المشعل والثلاثي المحترف (بركات وبو شعيب المباركي وخالد بدرة), وعبدالغني, شلية, فوزي الشهري, الواكد, سعد الدوسري, الجيزاني, المحمدي, وليد عبدربه, القاضي كما نجح الجهاز الاداري الاهلاوي في توفير المناخ المناسب لجوانب الاعداد البدني والنفسي للفريق في جميع المباريات التي لعبها ليؤدي كل ذلك الى تحقيق البطولة.
فهد القحيز (الرياض)
|