الرئيس تعدا السبعين: «ألم اقل لكم انكم ستحتاجونني حتى وانا في قبري؟».
للكاتبة : سوسن الشاعر
الخوف من التغيير!
وقادة الرأي عندنا يرجون ان امهاتنا لم تلد بعدهم احدا يملك عقلاً! فصدقناهم
على رأي اخواننا الانجليز (كفى) (انف Is انف)!
الى كل الذين يقفون امام سنة الحياة في عالمنا العربي نقول لهم (كفى) او على رأي اخواننا الانجليز (انف از انف)!
في كل مجالات حياتنا وقف هؤلاء يحذروننا من التغيير ومن التطوير ومن الاستبدال، واخافونا من الايمان بقدرات الجدد، استولوا على مراكز الرأي ومراكز القرار ومراكز التنفيذ في عالمنا العربي، وعلى مدى عقود زمنية حتى طالت ارباع وانصاف القرون بسياسة مركزية جمعت كل القوى والسلطات في يدها، حتى تضمن ان من سيأتي بعدها يأتي ويتخبط وكأنه يبدأ من جديد لتقول لنا انها ستعود وتظهر لنا حتى من قبرها مؤكدة «ألم اقل لكم انكم ستحتاجونني حتى وانا في قبري؟».
تتصف مجتمعاتنا العربية بفتوتها، اي ان اكثر من خمسين في المائة من تعدادها اقل من خمسة عشر عاما،
ومع ذلك يمسك بزمام امرها رجال تعدوا السبعين من اعمارهم، قرارا وفكرا وتنفيذا، يريدون ان يخذوا زمنهم وزمن غيرهم، والمشكلة في عقليتنا التي استجابت وتبرمجت على تصديق تحذيراتهم، بأنهم ان تركوا الامر (للصغار) ونحن نتحدث هنا عن رجال تعدوا الاربعين، فإنها ستخرب!
ونجحوا في زرع هذه الفوبيا لدينا من التغيير ومن التطوير، نجحوا في خنق قناعتنا بقدراتنا وقدرات صفوفنا الثانية، تلك الصفوف التي لم تؤهل ولم تعد ولم يبرز منها الا من تعب على نفسه انتظاراً لفرصة قد تأتي وقد لا تأتي، خاصة ومتوسط الاعمار في عالمنا العربي في ازدياد!
ففي العمل السياسي صدقنا ان (الصغار) طريو العود لا يعرفون كيف يديرون الامور ولا يتعاملون بشكل سليم مع الازمات وممكن ان (يودرونا) هذا هو ما يروجه الكبار، وصدقناهم، وفي الفكر السياسي ليس هناك (صغار) اصلا فمفكرونا
وقادة الرأي عندنا يرجون ان امهاتنا لم تلد بعدهم احدا يملك عقلاً! فصدقناهم.
وقس على ذلك في المؤسسات التجارية العائلية وفي كل مواقع القرار وحتى في الانشطة الرياضية التي من المفروض ان يدور مجال اختصاصها عند الشباب،
في كل تلك المواقع من النادر جدا ان يتنازل عن رئاستها طوعا اي عربي ويظل في مكانه يجاوز السبعين من عمره، رغم تزاحم الصفوف المتتالية من بعده بفعل سنة الحياة ويختنق عنق الزجاجة الا ان اخانا (يا جبل ما يهزك ريح)!
المشكلة لم تعد فيهم فحسب بل فينا نحن الذين صدقنا ان الدنيا ستخرب من بعدهم، بل ان هذه الكذبة او هذه الحيلة مع مر الزمان صدقها مروجوها الكبار فتمسكوا باماكنهم رحمة ورأفة بغيرهم!
بل الادهى والامر اننا كثيراً ما نكرر (الله يستر اذا راح فلان)! أليست هذه عقلية لن يجد الابداع والتطوير والتجديد مكانا له فيها، لقد قتلنا قناعتنا بأنفسنا، فقد نجحوا في استدراجنا لفخ الخوف من التغيير.
تتغير الاحوال ويتغير الناس وتتبدل لغة الخطاب وادواته، وتستبدل المعايير وتدور الدنيا دوراتها الطبيعية ونظل نحن في عالمنا العربي بانتظار رحمة الله بعباده داعين ان تسقط ورقة فلان او علان!
في حين كان ممكنا ان يحظى هؤلاء الكبار بكل الاحترام والتقدير، ويبقون نبراسا للخبرة والحنكة ورأيا تسترشد به الاجيال الجديدة حين تشتد المحن، وذكرى طيبة بمراحل البدايات وتقديرا وتثمينا لادوارهم الريادية في مراحل التأسيس،
وكان ممكنا ان يبقوا حتى في دائرة الضوء ودائرة صنع القرار تلك التي يخشون مغادرتها، انما بالشكل الذي لا يعيق سنة الحياة ويقف متحديا الطبيعة، وكان ممكنا ان يروا بناءهم وقد علا اكثر وتجدد من الزمن وقوي وازدهر ورأوا بذورهم وقد انبتت بساتين يانعة بدلا من تركها خرائب حين وقفوا ضد الطبيعة وسنتها.
كان ممكن حتى ان يتجنبوا سماع رأي كهذا يؤلم ويؤذي ويشعرهم بأن الناس والزمن تطاولوا عليهم، لو انهم فقط نظروا الى المسألة على انها فعلاً دون تقليل او مبالغة «سنةالحياة في كل خلقه»!
http://www.alwatan.com.kw/lessay.asp?id=86822