العودة سوالف للجميع > سوالف شخصيه وثقافيه ادبيه > سوالف الأدب والثقافة > أنا وبيت أمي - حقيقية -
المشاركة في الموضوع
عادي عادي غير متصل    
عضو نشيط  
المشاركات: 133
#1  

خرجت وعينيّ تدمعان من كثرة الضحك .. كم أنا سعيدة .. مسرورة وأنا أرى روحي تحلق في فضاء السعادة .. كنت خارجة من احتفال بذكرى ميلاد صديقتي .. اجتمعت فيه كل من أحب .. وأمتلئ المكان بالفرح .. والضحك .. بيتها يبعد عن منزلي حوالي الربع ساعة .. لذا قررت أن أمشي هذه المسافة .. وبالفعل مشيت .. لكني لم أصل إلى المنزل .. لأني توقفت عند مفترق طرق .. أحدهما يوصل إلى منزلي .. والآخر إلى منزل أمي .. الساعة الحادية عشر والنصف .. و وقت الصلاة قد قرب .. هل أسير إلى منزلي وأدرك وقت الصلاة ؟ أم منزل أمي وأتأخر عن صلاتي؟؟ كلا لن أتأخر .. سأذهب إليها وأعود بسرعة .. لكن !
حيرة قاتلة تمنعني .. جالت في ذهني المقولة المشهورة "NOW OR NEVER " أي الآن أو أبداً .. اتخذت طريقي إلى منزل أمي وهذا يعني عشرين دقيقة إضافية .. وصلت منزل أمي
"" التي من المفترض أن تكونوا قد عرفتم أين تقطن .. إذا لم تعرفوا فمنزل أمي هو المقبرة .. المدفن .. ""
أمام الباب أقف .. هل أدخل لأراها ؟؟ لكني لا أعرف رقم غرفتها .. أتيت مرتين فقط وكنت بصحبة أهلي .. قررت أن أدخل .. لكن تحذير زوجة أخي - حين صارحتها ذات مرة برغبتي في الذهاب منفردة - يرن في أذني : " وماذا سنفعل لو حدث لكِ شيء ؟؟ " ..
ضحكت .. نعم ضحكت .. وما الذي سيحدث؟؟؟ سيخرج لي أحد الأموات؟؟ أم سيتراءى لي طيف أمي ؟؟ حاولت الدخول من الباب .. لكنه كان موصد بإحكام ..
لِم للمدفن باب؟؟ وهل سيخرج الأموات؟؟ أم سيهربون من قبورهم ويتجولون في الشوارع؟؟ غريب أمر هذا الباب.. رفعت الحديد الذي يوصده ودخلت ..
رهبة المكان تملئوني .. أرض كاحله .. جدباء .. رمال صفراء متناثرة بقوة الريح .. لا ترى إلا أعمدة خشبية .. تشير إلى حدود القبر .. بدايته وانتهائه حتى تتمكن من السير بينها .. بعض الزهور الذابلة تتطاير في الأجواء .. أشعر بقلبي الميت من كثرة ذنوبي يحيا من جديد .. يشعر بالخوف من الله .. من اليوم الذي يحمله الناس إلى هنا .. ليلقوه وحيداً ويهيلون الترب فوقه ثم ينصرفون .. ليبقى وحيد .. غريب ..
"" صدقني لو فعلت أنت ما فعلته أنا .. لو ذهبت وحدك في منتصف الظهيرة .. لشعرت بما شعرت به ""
ما يهمني الآن أني لم أعلم ما أفعل .. ..
أخذت أبكي لهول المشهد.. لم أعلم لِم أبكي .. لكني كنت أبكي ..
مشيت بين القبور وأنا خائفة أن أدوس إحداها .. لأن القبور ليست واضحة .. أتجول بعيني بحثاً عن قبر أمي .. أقرأ اللافتات .. أفكر أين كان قبر أمي ؟؟
استوقفني قبر وضع أمامه صندوقين أحدهما أكبر من الآخر .. وعليهم صورة شاب .. أو بالأصح .. فتى .. ذا أربعة عشر عاماً .. تحيط صورته زهور جديدة .. وضعت منذ يومين على الأكثر .. تذكرته .. كان قد مات في حادث سير ففجعت أمه .. هذان الصندوقان أحدهما يحوي ثيابه .. والآخر يحوي أغراضه الخاصة .. وضعتهما أمه هنا .. ليكف الناس عن قيادتهم المتهورة .. ليعرفوا أن هذا الصبي كان من ضحاياهم ..
أسمع صوت الأذان يرتفع فأستكمل سيري بسرعة ... أصل لمنتصف المقبرة .. أسمع صوت ارتطام الباب خلفي مما يحوي بأقفاله .. ألتفت بسرعة .. كانت قوة الريح قد أقفلته .. لم أهتم إذ لا بد أني سأجد وسيلة للخروج .. المهم أن أجد قبر أمي .. إذ لدي الكثير لأخبره لها ..
لفت انتباهي قبر إحدى بنات الحي .. نظرت إلى قبرها .. فراودتني صورتها .. كانت ذات شخصية جذابة .. تمتلئ نشاطاً وحيوية .. مرحه .. متفائلة .. تزرع الفرح والضحك أينما حلت .. كنا نحب حديثها .. نأنس بكلماتها .. كانت لا تعرف الاستقرار في مكانٍ واحد .. تارة تراها هنا .. في لحظات تكون هناك .. تشاهد هذا .. وهذا .. وذاك .. لا تعرف الهدوء .. واليوم ..
واليوم تبيت هنا .. في سكون .. هدوء .. لا صوت .. لا حس .. لا حركه .. يا إلهي .. حتى أكثر الناس حيوية يموت ليصبح جثه هادمه ..
أبتعد مسرعة ..
أخيراً .. أصل قبر أمي بعد أن احمرت قدماي .. أقف أمام القبر .. أقرأ اللافتة عليه .. قبر المرحومة .. فلانة بنت فلان.. قرأت اسمها .. فعدت أبكي .. أناجيها ..
أماه .. قومي من نومك وشاهدي أبنتك كم كبرت ؟؟ كم سنة مرت عليها دون أن تنطق هذه الكلمة .. أماه .. كم أنا بحاجة إليكِ .. أماه .. لِم لا تزوريني حتى في الأحلام .. أود أن أراكِ .. أسمع أخبارك .. أماه .
تكتوي الكلمات على شفتي بلوعة الفراق .. وألم الوداع .. فآثر الصمت .. والدموع .. أعود أدراجي .. من حيث جئت .. أقف أمام الباب .. لم يقفل جيداً .. إذن ما زلت أستطيع الخروج ..
ألقي نظرة أخيره وأخرج ..
أغلق الباب خلفي وأنا أهتف .. رغم أني أعرف أنكم لن تفرون ..إذ لا مناص لكم .. لكني سأغلقه .
أغلقته .. سرت مبتعدة .. لكني عدت وأخرجت القلم من حقيبتي .. وكتبت على الباب ..
" لو علم الناس أن هنا مصيرهم .. أنهم هنا سيحبسون .. سينالون جزاءهم لمّا فعلوا كل الذي فعلوه ".

عادي غير متصل قديم 20-09-2001 , 02:22 PM    الرد مع إقتباس
بنت العرب بنت العرب غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,135
#2  

إن علموا...

هم يعلمون عزيزتي...

الكل يعلم أن مصيره حفرة في الأرض...

ولكن...

هل يستوعبون!



جعلنا الرحمن وإياكم ممن يتجهزون ليوم لقاءه!








بنت العرب غير متصل قديم 24-09-2001 , 12:48 PM    الرد مع إقتباس
بنت العين بنت العين غير متصل    
مبدع متميز  
المشاركات: 3,310
#3  
الله يرحمها
بكيتيني وياج

تصدقين الواحد ما يحس بقيمة اللي عنده الين

ما يفقده...تصدقين الحين بروح الوي على امي

و اقولها انا احتاجج....خليج عندي...

و حسسيني بوجودج...اخاف يوم من الايام

اقوم و ماالقاها(لا قدرالله)...ادري

الموت حق..بس..................صعب

بنت العين غير متصل قديم 24-09-2001 , 01:06 PM    الرد مع إقتباس
عادي عادي غير متصل    
عضو نشيط  
المشاركات: 133
#4  

الفاضلة/ بنت العرب
فعلاً هم يعلمون .. ولكن قلة نادرة فقط منهم هي من تتذكر ..
الدنيا شغلهم الشاغل .. وهمهم الأول ..
وما بعده لا يدخل ضمن اهتماماتهم ..
ظنوا أنهم مخلدون أبداً
فتعساً لهم .. قومٌ باعوا دينهم بدنياهم .

الفاضلة/ بنت العين
لو كانت أمي موجودة لم أتوانى عن الأرتماء في حضنها
الدافى .. وسادتي الغالية ووسادة همومي ..
أروع مكانٍ في الدنا هو حيث تكون أمي .


تحياتي وشكري

عادي غير متصل قديم 26-09-2001 , 03:03 PM    الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


[عرض نسخة للطّباعة عرض نسخة للطّباعة | ارسل هذه الصفحة لصديق ارسل هذه الصفحة لصديق]

الانتقال السريع
   قوانين المشاركة :
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة لا بإمكانك إضافة مرفقات لا بإمكانك تعديل مشاركاتك
كود في بي vB متاح الإبتسامات متاح كود [IMG] متاح كود HTML متاح



لمراسلتنا - شبكة سوالف - الأرشيف

Powered by: vBulletin
Copyright © Jelsoft Enterprises Limited 2000.