إن لله عباداً قطعوا عوائق الشهوات ، وأسرجوا مراكب الجد بصدق
العزمات ، وامتطوا جياد الأمل ، واتجهوا إلى الله عز وجل
وتزودوا إليه بصالح العمل مع إخلاص النية ، وتوسلوا إليه بصفاء
القلب وصدق الطوية ، فمروا بالخضرة الفاتنة مسبحين ، وبالحطب
اللاهب مستعيذين ، ولم يعبؤوا بالعقبات ، ولم يلتفتوا إلى
المغريات ، قد صانوا وجوههم عن الابتذال ، وطهروا أقدامهم من
الأوحال ، استعانوا بالله على مشقة الطريق فذلل لهم صعابه ، وعلى
بعد المدى فلملم لهم رحابه ، فلما اجتازوا الصعاب سألوا الله
ففتح لهم بابه ، فلما دخلوه استضافوه فقربهم ورفع دونهم حجابه
، فلما استطابوا المقام بعد طول السرى قالوا ( الحمدلله الذي
صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر
العاملين )) أولئك أحباء الله ، صدقوه العهد فصدقهم الوعد
ومحضوه الحب فمنحهم القرب .
وهؤلاء القوم لا أكاد أجدهم أو أراهم في زماننا هذا إلا من رحم
فإذا عرفت ولو واحداً منهم بلغه مني السلام وبارك له فوزه
بالنجاه والقرب من مولاه ...
السلام عليك