-
من لم يتابع المشاهد الثلاثة الأولى ، فعليه بهذا الرابط :
http://www.qal3ah.com/vb/showthread.php3?threadid=35275
ومع المشهد الرابع نعيش لحظات روحية شفافة .. لعل الله سبحانه أن ينفعنا بما نقرأ
- - - -
وتتتابع الفصول .. فصل دامٍ ، وراءه فصل أكثر دموية .. !!
منذ لحظات الحمل الأولى والرواية متصلة الفصول..
فما أكثر الأمهات اللواتي يتعبن تعبا يستهلك أنفاسهن ، منذ بدايات الحمل ..!
وما أكثر الأمهات اللواتي يضطررن إلى ملازمة الفراش لأشهر طويلة ، ليتماسك هذا الحمل فلا يسقط ..!!
وما أكثر الأمهات اللواتي لا تتم الولادة عندهن إلا من خلال شق البطن من أسفل القفص الصدري إلى دون السر …!
وفي كل حمل يحدث لهن ذلك ..!! وبعد كل حمل يبكين فرحا بسلامة من كان سببا
في شق بطونهن بمبضع الأطباء ..!!
وما أكثر مواجع الأمهات التي لم نستعرضها في هذا البحث ، وهذه العجالة …!
يا لله ..! الآن عرفت لماذا كان الإسلام العظيم معتنياً بالأم كل هذا الاعتناء ..!
يا لله ..! الآن أدركت جيداً عظمة هذا الدين ، وهو يكثف عنايته بهذه البائسة المسكينة الحبيبة ، الحبيبة ..
حتى يجعل الجنة _ والجنة غاية المتقين والشهداء _ هدية متواضعة ،،
لمن عرف كيف يحسن إلى أمه _ بعد تحقيق الإيمان بالله تعالى _ ..!
يا لله ..! يا الله ..!!
الآن فقط أيقنت لماذا كانت وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأم وضرورة إجلالها ، واحترامها ، وتقديم حقها على حق الأب ..!
يا لله ..! الآن فقط علمت لماذا يحرص الرسول الكريم على تشبيه رحمة الله برحمة الأم الملهوفة ..!
يا إلهي رحماتك تترى لهذه المرأة العظيمة التي نعجز عن أداء بعض حقها ..!!
وبعد .. وقبل ..!
هل تراني قلت شيئا يفي حق هذه المرأة العظيمة …؟!
كلا .. والذي خلق الخلق ، وفطر السماوات ، وبسط الأرض ..
لا والذي صور الرحمة والحلم والصبر كائناً يمشي على رجلين
في صورة أم ملهوفة على جنين ، سوف يعلمها كيف يكون العذاب ،
وهي بدورها تعلم الدنيا _ كل الدنيا _ كيف يكون الصبر الجميل ، والحلم الطويل ..!؟
لا والله ، ما ذكرت حتى الآن سوى جملة مختصرة في كتاب كبير حافل بالمفاجآت ..!
ولا رسمت إلا إطاراً جميلا ، لصورة بديعة لم تتشكل تحت يدي بعد ..!
ولا عرضت غير قطرة من محيط ممتد يسافر فيه البصر ولا يعود إلا خائباً .!
ترى هذا الكم الهائل الذي قيل ويقال وسيقال ،،
من كلمات الشعراء المزخرفة ، وكلمات الخطباء الرنانة ، وكلمات الأدباء المنمقة ،
هل يمكن أن يغطي مساحة كافية تفي هذه الإنسانة حقها الذي تستحقه ..!؟
إني على يقين أن كل ذلك لا يفي ببعض حقها ، فكيف بكل حقها الذي ينبغي لها ..!
رحمة الله لها .. ورحمة الله عليها .. ورحمة الله من أجلها .. !
سلامٌ من الله عليها يوم ولدت .. وسلامٌ من الله عليها يوم تموت ..
وسلامٌ من الله عليها يوم تُبعث تزفها ملائكة الرحمان إلى باب الرحمن
_ إن كانت من أهل التقى والصلاح _
إذا لم يرافق الكلام عمل واقعي ، وسلوك فعلي تراه عيون الدنيا ،
فإن كل كلام مهما زخرفه المزخرفون ، فلا يعدو شيئا ، ولا قيمة له عند الله ..
لقد قرأت كثيرا جداً حول الأم ، مترجما عن لغات كثيرة متعددة ،
من شعر ونثر وقصة ومقال وبحوث ،
فلم أجد أروع ، ولا أقوى ، ولا أدق ، ولا أبدع ، ولا أعجب ، ولا أعمق ،
من جملة خاطفة قالها الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم
( وهل مثل محمد أحد في العالمين ؟)
في كلمة جامعة شاملة مختصرة حين أخبر فداه آباؤنا وأمهاتنا وأنفسنا : بأن الجنة تحت أقدام هذه الإنسانة العظيمة ..!!
ففي الحديث الشريف قال : عليك بقدميها فإن الجنة ثمّ ..
( أي : إذا كنت راغبا حقا في طلب الجنة ، فإن بغيتك هناك عند قدمي أمك .! )
هذه الجنة التي يتنافس المتنافسون في طلبها من خلال عمل كثير ،
وجهد طويل .. وخوف ورجاء .. ورهبة ورغبه .. وأمل وعمل .. وتشمير ومنافسة
هذه الجنة التي أعدها الله سبحانه بيديه لأهل طاعته ممن يحبهم ويحبونه ..
هذه الجنة التي هي أمنية الأنبياء عليهم السلام ، وغاية الصالحون من عباد الله ،
إليها يشمرون ، ونحوها يستبقون ، وعليها يتنافسون ، ومن أجلها يبكون ..
هذه الجنة التي طاب من أجلها سهر الليل في محراب المناجاة والدموع ..
هذه الجنة التي تتطاير رقاب الشهداء طلبا لها في خضم معارك تجعل الولدان شيبا .
هذه الجنة العظيمة… هذه الجنة .. تحت قدميها ….!!؟!! يا إلهي …!
يا لله ..!! يا رب !! أي تكريم لهذه المرأة هذا الذي يمنحها الله إياه ..!!؟
ألا يعني ذلك الكثير الكثير مما قد تعجز عن بيانه العبارة مهما زخرفت ولمعت ، والقصيدة مهما أشرقت وأبرقت …!؟
ومعنى كلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تدور في ذهني الساعة
وأنا أتأمل هذه الكلمات الموجزة: (عليك بقدميها فإن الجنة ثمّ ) :_
أن هذه المرأة العظيمة بسبب ما عانت وتعاني من عذاب والآم ومتاعب على كل شاكلة ولون ،
لن يفي بحقها إنسان مهما حاول أن يفعل من أجلها ..
فمن أجل أن يدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم الإنسان إلى :
مزيد من احترام أمه .. والمبادرة إلى الإحسان إليها ..
والاهتمام بها .. والرعاية لها ، والعناية بها .. والحرص على مرضاتها …
أخبر صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه يقدم جنته التي أعدها بيديه الكريمتين
يقدمها هدية متواضعة لمن يسعى للقيام بحق هذه الأم :
فيخدمها .. ويحنو عليها .. ويتلمس رضاها ..
ويجهد أن يحسن إليها .. ويحترم مشاعرها ..
ويكثر من التودد إليها .. ليكون رضاها عنه .. سببا لرضا الله عنه …
في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى …
سنذكر نماذج من سيرة السلف الصالح وكيف كانوا يتعاملون مع أمهاتهم …
لعل قلوبنا ترق ، وتهتز ، وتلين بعد قسوة ،
فيقبل كل منا على أمه ، يقبل رأسها ، ويطلب دعاءها ، ويتلمس رضاها …
ومن ثم .. فلا زال الحديث متصلا …….!! تابعونا يرحكم الله ..