السلام عليكم لجميع الأعضاء الكرام..
هذه المرة.. حبيت أشارككم بموضوع خفيف .. و لو إنه طويل شوي.. و هو عبارة عن تخيالاتي لبلاد الغرب.. و تجربتي و تجارب كثير الشباب في الغربة..و ماقد يصاحبها من مواقف.. بعضها طريف و الآخر.. محرج
لا زلت أذكر أول يوم وطأت فيه قدماي الأراضي البريطانية قبل عدة سنوات في أول رحلة لي إلى أوروبا، و لا زلت أذكر كم كنت متشوقا و متلهفا للسفر و الدراسة هناك اعتقادا مني بأن الدراسة في أوروبا أفضل و أقوى من مثيلتها داخل الدولة حيث كنت أعتبر التحاقي بالجامعة أو كليات التقنية أمرا مستحيلا، و مثلي مثل معظم شباب الذين سافروا للخارج و بالذات إلى المملكة المتحدة؛ كنت أظن أني مغادر إلى دولة متقدمة و مجتمع متحضر خصوصا و أنه كان يطلق عليها في يوم من الأيام: المملكة التي لا تغيبعنها الشمس أبدا!(طلعت إن اشمس من أساسها غايبة مع الانحلال الموجود)
فعلى أساس ذلك و ما ترسخ في ذهني من أحلام و توقعات و ما (حشيت) به عقولنا الغضة الطرية في ذلك الوقت من قبل وسائل الإعلام، اعتقدت أني سأقيم في إحدى ناطحات السحاب كالتي نشاهدها في الأفلام الأجنبية فلم أكن لأرضى من أن أقيم بأقل من قصر (الباكينجهام بالس)!! و اعتقدت أني سأركب سيارات ( البنتلي و الرولز رويس) الفخمة و لو لأمتار قليلة !و سأتلذذ بأكل قطع (الستيك) المشوية الشهية ، لكن ما لبث أن تلاشت أحلامي الوردية دفعة واحدة و اصطدمت بطقس و واقع باردين و مما زاد الطين بلة برودة الإنجليز أنفسهم! فلم أجد لا عمارات و لا ناطحات سحاب كل ما شاهدته هو بيوت إنجليزية تقليدية قديمة من ذوات المدخنة و السقف المائل كالتي كنا نراها عندما كنا صغارا في المسلسل الكرتوني (سالي!) و التي يبدو من تصميمها أنها تعود إلى العصور (الحجرية) من فرط قدمها و عراقتها و على ما يبدو أنه حدث عندي التباس بسيط بين كلمتي( المملكة و الولايات) المتحدة!
و استعضت عن ركوب سيارات( البنتلي و رولز رويس) بسيارة (الميني) كتلك التي نشاهدها مع (مستر بن) الكوميدي البريطاني المشهور و التي بالكاد تكفي لشخصين من ذوي (الكروش الممتلئة) أما عن (الستيك) فلم أشم حتى رائحته بعد أن أصبحت من مدمني الـ (Fish & Chips) و لسان حالي يردد : سمك، لبن ، تمر هندي !!
و كم كنت أشتاق للعودة إلى أرض الوطن فلا أفوت أية إجازة و لو كانت قصيرة حيث تظهر علي بسرعة أعراض الحنين أو كما يقولون الـ (Homesick)! فأجدها فرصة مناسبة لإعادة ملء البطون الخاوية بقليل من الأكلات الدسمة من برياني و مجبوس و هريس .. إلخ بعد أن (تلوع) أكبادنا من الهمبورجر و غيرها من الوجبات السريعة!
و الآن مع موعد ابتداء الدراسة في الجامعات و المعاهد الأوروبية و مغادرة طلائع جديدة من الطيور المهاجرة من حملة الشهادات الثانوية بغرض الدراسة و اسمحوا لي أن أطلق عليهم اسم (الكتاكيت) المهاجرة نظرا لأن معظمهم من قليلي الخبرة و قد تكون هذه السفرة بمثابة المرة الأولى التي يبتعدون فيها عن أهاليهم و ذويهم مما يستلزم الكثير من الوقت لينمو و يصبحوا (طيورا جارحة) يعتمدون على أنفسهم، فربما يمر أحدهم منهم بنفس المرحلة و تدور في ذهنه نفس الخواطر التي ذكرتها آنفا فيعتقد أن القدر قد ابتسم له أخيرا و انحلت عقدة (النحس) التي لازمته طوال حياته و أنه سيتخلص من جو (السونا) الطبيعي الذي يسود المنطقة هذه الأيام و سيهاجر إلى أجواء (الكشتة) و السياحة بعد أن يجعل من أمر دراسته و تحصيله العلمي في مؤخرة أولوياته، لكن ما أن يصل إلى هناك حتى يصطدم بواقع معاكس لما كان يحلم به خصوصا أنه تعود على حياة العز و الرفاهية و الطلبات المجابة، فيحن للسائق (كومار) الذي يوصله إلى كل مشوار و الخادمة (ساندرا) صاحبة الأنامل السحرية التي تجهز له أصنافا شهية بالسعرات الحرارية غنية! و يفتقد لصديقاه العزيزان (حمود و عبود) و بقية أفراد الشلة ممن لم يسعفهم الحظ برفقته إلى موطن الغربة!
و للحديث بقية....