من أشد ما يبتلى به هذا الدين : أعداء ماكرون يكيدون له ، وأتباع من المسلمين الغافلين الجاهلين الذين يقعون فريسة الجهل والمؤامرات والشعوذة والكيد ، فيظنون أنهم يقومون بخدمة هذا الدين وبطاعة رب العالمين وهم الذي يصح فيهم قوله تعالى: قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، أولئك الذين زين لهم الشيطان السوء والكذب فرأوه عملا حسنا، أفمن زين له سوء عمله فرأه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء .
أقول هذا أيها المؤمنون: لأني رأيت بدعة وضلالة وهي لون من ألوان الكيد لهذا الدين والانحراف بالمسلمين عند فهمه كما أراد الله ، نجمت منذ سنوات ، ثم ماتت ، وعادت هذه الأيام لتظهر مرة أخرى من جديد ، وما كنت أظن أن مؤمنا أو عاقلا يصدق بها ، تلك هي الوصية المنسوبة إلى من أسموه الشيخ أحمد حامل مفاتيح حرم رسول الله أراها بين يدي طلابنا في المدارس، وبين يدي الاخوة في غير المدارس وهم ينسخونها أو يطبعونها ويقومون بتوزيعها ليفوزوا بالأجر والمغنم ويبتعدوا عن الكفر والخسران ، بزعمهم أو بزعم الكذاب الأفاك الذي اخترع تلك الوصية ، وخلاصة هذه الوصية التي تقع في صفحة كبير أو صفحتين صغيرتين كما رأيتهما أنه رأى النبي في نومه بعد أن كان قرأ القرآن فأخبره أنه مات في هذا الأسبوع اربعون ألفا من الناس متية جاهلية ، وأن رسول الله خجلان من أفعال الناس القبيحة وأنه لم يقدر أن يقابل ربه ولا الملائكة ، ثم ذكر بعض ما وقع فيه من المعاصي ، وذكر بعد ذلك أن الساعة أصبحت قريب ، وأنه يجب على كل مسلم أن يوزع هذه الوصية (25) ورقة ليزيل الله عنه الغم والهم يوسع الله رزقه ويحل مشاكله ، ويضرب أمثلة على أناس فعلوا ذلك فربحت تجارتهم في الهند وفي أوربا ، وأن واحدة كذب بها فمات ابنه .
وهذا الوصية مخترعة مكذوبة لا أصل لها ، فإن هو هذا الشيخ الذي اسمه أحمد ويحمل مفاتيح الحرم النبوي اليوم .
وحتى لو كان هناك شيخ أحمد وغيره ، فإن الأحكام الشرعية لا تؤخذ من المنامات والأحلام ولكنها تستمد من كتاب الله وسننة نبيه .
ولقد قال صاحب تلك الوصية كذبا وافتراء على رسول الله ، ولقد حذر الرسول من ذلك (( منذ كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار )).
وقد جعل صاحب الوصية كتابتها أفضل من القرآن وكتابته عندما زعم أن من كتبها وأرسلها من بلد إلى بلد أو من محل إلى محل بني الله له قصرا في الجنة أو وسع عليه في رزقه وفرج عنه الهم ، والكل يعلمون أن من كتب القرآن الكريم وأرسله من بلد إلى بلد لم يحصل له هذا افضل إذا لم يعمل بالقران الكريم .
ومن لم يكتب القرآن لم يحرم من شفاعة النبي فكيف يحرم منها من لم يكتب هذه الوصية المكذوبة .
ومن الذي أعلم صاحب الوصية أن مائة وستين ألفا يموتون كل جمعة على غير دين الإسلام ، وهذا من علم الغيب ، ثم أليس هناك غير مسلمين يموتون كل يوم .
ومن الأمور التي تدل أيضا على كذب تلك الوصية قوله فيها: إن من كتبها وكان فقيرا أغناه الله أو مديونا قضى الله دينه ، أو عليه ذنب غفر الله له ولوالديه ببركة هذه الوصية .
وهذا كله أيها الناس لا يحصل لمن يكتب القرآن فكيف يحصل لمن كتب الكذب ، وقد ربط الله تعالى الرزق وكسب المال لسبب حثنا عليه وأمرنا به وهو السعي والعمل الطيب الحلال في مناكب الأرض ، وأما المغفرة ومحو الذنوب فإنما تكون الطاعة لله تعالى واتباع سنة نبيه وبالاستغفار والتوبة والإنابة والرجوع إلى الله تعالى.
أما موت إن من لم يكتبها ولم يوزعها : فإن الله سبحانه وتعالى قد حدد الآجال والأعمار لكل الناس ومن الذي أدراه أن الميت مات لهذا السبب ولم يكن لسبب غيره ، ألسنا نرى الموت كل يوم في هذه الحياة ؟ أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا .
أما أن من يكتبها فيسود وجهه في الدنيا والآخرة : فإن هذا من أعظم الكذب الذي يدحضه واقع الناس اليوم فهذه الملايين أو الآلاف من الذين لم يكتبوها أو لم يطلعوا عليها أصلا لم تسود وجوههم في الدنيا ، وما في الآخرة فالأمر غيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى .
وأما قوله : إن من يصدق بها ينجو من عذاب النار ، ومن كذب بها كفر ، فإن هذا يعني أن صاحب الوصية جاء بشرع جديد أو وحي جديد يجب على الناس أن يؤمنوا به ويكون بذلك قد كذب الله تعالى الذي أخبرنا أنه قد أكمل الدين لهذه الأمة وأنه سبحانه وتعالى هو وحده الذي يشرع ويحلل ويحرم: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا .
إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه .
فيا أيها المؤمنون: احذروا هذه المفتريات وتلك الدسائس وحذار أن يزين لكم شياطين الجن والإنس الباطل ويجيبوه إليكم فترضوه وتتبعوه، فتتركوا بذلك دينكم وسنة نبيكم .
أما ما ذكره صاحب الوصية المزعومة، أو قال: ما أملاه الشيطان على من كتب هذه الوصية من الأمور المنكرة التي نجدها واقعة في المجتمع ، فإن هذا أمر وقع لا يحتاج إلى هذا الوصية وما أكثر ما حذرنا الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم من المنكرات والإثم والبغي والحرام وما أكثر ما جاءت أحاديث النبي تزجر عن تلك الكبائر والذنوب ولكن هذا هو شأن أهل الباطل يمزجون الحق بالباطل والشر بالخير ليلبسوا على الناس دينهم ويزينوا لهم الباطل والشر ، نسأل الله أن يعصمنا منه وأن يقينا شر الشياطين وفتن الضالين وزيغ الزائغين وتلبيس أعداء الله المبطلين .
الشيخ عثمان جمعة
http://www.alminbar.net/alkhutab/kh...p?mediaURL=1654