|
مبدع متميز
|
|
المشاركات: 5,287
|
#2
|
وللحكاية بقية ....!!
هذا وقد أغفلنا عن عمدٍ صورتين من صور العقوق ،
إحداهما أعظم من حق الوالدين ، والأخرى دونها ، ولكنها لا تقل عنها في الأهمية والوجوب ..
وهذا أوان الشروع في طرح هاتين الصورتين _ بشكل مقتضب _
أما أولاهما :
فحق الله سبحانه وتعالى ، أليس هو المحسن أولاً وأخيراً !؟
وما إحسان الوالدين الكريمين إلا تفريع من إحسان الله ابتداءً ..
أليس هو المنعم بما دق وعظم من النعم ، ظاهرها وخافيها ، سرها وعلانيتها !؟
فما بال جمهرة غفيرة من الناس ، لا يعرفون حق الله عليهم ،
فيقبلون عليه بالحب والولاء والطاعة والحماس في خدمته ،
وفاء لما له من حق عليهم ، وأداء لحقيقة العبودية التي يتلبسون بها شاءوا أم أبوا ..
أليس من حقه سبحانه أن يعكف القلب بكليته على محبته جل جلاله !؟
كيف ينصرفُ القلبُ عن حبهِ ** وهل ينبض القلبُ إلا بهِ !؟
ولكنك ترى هؤلاء المناكيد يديرون ظهورهم لمن أحسن إليهم ورباهم وأحسن تربيتهم،
وهي فعلة رأينا ( الكلب ) لا يفعلها مع سيده الذي عوده الإحسان !!؟
والكلام في هذه الدائرة يطول ويتشعب .. ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق !!
أما الصورة الثانية :
فهي حق من تعلمت منه شيئا ولو يسيراً .. بل ولو مسألة واحدة فقط !!
فيكف بحق من تعلمت منه أموراً كثيرة ، ومسائل عديدة ، وقواعد شتى !؟
كيف بمن علمك كيف تمشي سويا على صراط مستقيم !؟
كيف بمن ظل معك سنة أو أكثر ليدربك كيف تمسك قلمك ،
وكيف تنطق الحرف بعد الحرف ،
أو علمك بعد ذلك كيف تقبل على الحياة بشكل إيجابي ، تنعم بها وتنعم معها ؟
وكيف بمن أعانك أن تتجاوز مراحل الدراسة حتى تحصل على شهادتك العالية ،
فيكون لك شأناً في حياتك !؟
أليس من حق هذا الإنسان أن تعرف فضله عليك ، وإحسانه إليك ؟!
أم أن مفعول ( العقوق ) قد خالط دمك وجرى في عروقك ؟!
ألا رحم الله سلفنا الصالح ، حيث كان الواحد منهم يعرف حق من تعلم منه مسألة
ربما ليست بذات شأن ، ولكنه مع هذا يبقى الدهر كله يعرف جميل ذلك الإنسان الذي علمه تلك المسألة ،
وقد رود في سيرة الشافعي رحمه الله أنه كان جالسا مع تلاميذه واصحابه
، فدخل عليهم أعرابي ، فلما رآه الإمام الشافعي وثب إليه ، وحياه
ورحب به وهش له وبش ، وأجلسه إلى جانبه ،
ولما فرغ الرجل أكرمه الشافعي وأعطاه وحباه ، وقام يشيعه ...
فلما سأله أصحابه عن الرجل قال الشافعي :
هذا أعرابي لقيني في البادية يوما ، فعلمني مسألة ، ولا زلت أعرف حقه عليّ فيها ..
وكانت المسألة ليست من مسائل الدين ، ولا من المسائل التي يحتاجها الإنسان في حياته اليومية ، بل هي مجرد معلومة ، لا يترتب على الجهل بها شيء ..!
_ لم أعد أذكر تلك المسألة وإلا لأوردتها _
والشاهد فيما فعله الشافعي مع الرجل ، من إجلال وتكريم وعطاء ..
والشواهد على هذا في سير السلف كثيرة ..
لكنا اليوم نرى العكس تماماً !!
العقوق في أجلى صوره وأشدها مرارة ، تتجلى في هذا الباب :
عقوق الإنسان المعاصر مع من تعلم على يديه ...!!
وقد رأينا الكلب ( المعلَم_ بفتح اللام _ ) كيف يكون في أرقى صور الوفاء لمن دربه وعلمه !
فتعسا ثم تعساً ثم تعساً ، لإنسان يمسي الكلب ويصبح وهو خير منه !!!
لقد كانوا يقولون :
إن من شأن العاقل أن لا ينسى الإحسان إليه ( أي صورة من صور الإحسان )
ولو نصيحة يقدمها له أحدهم .. بل يبقى ذاكرا لذلك ما بقي فيه نفس يتردد في صدره ..
فليت شعري ماذا فعلت الأيام بجماهير أمتنا حتى ارتكس أكثرها وانتكس..!!؟
نسأل الله سبحانه أن يعننا على ذكره وشكره وحسن عبادته ..
|
|
07-10-2006 , 02:16 PM
|
الرد مع إقتباس
|