قال لي صاحبي يوماً :
عقولنا محتلة .. لأن قلوبنا مختلة ..!!
فلما رآني فتحتُ عيني في عجبٍ بادر يقول :
حين تكونُ الرؤوسُ فارغة ليس فيها غير سفاسف الأمور ،
فذلكَ دليلٌ على أن القلوبَ خاويةٌ أصلاً ، مفرّغة من تنوير السماء ...!!

وحين نجد هيلاً وهيلمان وصولة وصولجان ، وضجةً وزفة في أجواء الباطل ،
وطبول وبخور لأهل الفساد ، فتلك علامة على أن القلوب قد أصيبت في مقتل ، والعلة في الصميم ..!!

وحين نرى سيلاً متدفقاً لا يتوقف من المداد في صحفنا ومجلاتنا صباحَ مساءَ ،
ومثله معه من أفواه الشعراء والأدباء والمفكرين والمذيعين ،
ثم لا تخرج من هذا المهرجان كله بشيء ينفعك عند الله ،
فذلك برهان وآية أن القلوبَ قد انتكستْ وارتكستْ ، وتحتاج إلى إعادة ترميم ..!
لا بل تحتاج إلى تأهيل من جديد ..!!

وحين ترى أمة بأكملها تهانُ وتداسُ قيمها ، وتمتهنُ مقداساتها ، وتضيعُ حقوقها ،
وتمتهنُ نساؤها ، ثم يبقى أبناؤها وبناتها يلهون ويلعبون ويغنون ويرقصون ،
شعارهم : ارقص لتنسى !!!
فاعلم عند ذاك أن قلوبَ هؤلاء ليست سوية ، وأنها حُجبتْ بلونٍ قاتم أسود ،
فلم تعد ترى ما يجري أمام أعينها ...!! ( زين لهم الشيطان أعمالهم )

وحين نرى أنفسنا نلهث وراءَ الشهوات ، ونركضُ خلفَ الملهيات ، وننبهر بالموضات ،
ونتابع برامج التفاهة والإسفاف والمجون ،
فثق تماماً أننا لسنا على الطريق المستقيم السوي الذي يحبه الله ويرضاه ،
وأننا قد انحرفنا عنه كثيراً ، لأن قلوبنا أضاعتْ مؤشرها مع السماء ،
فتاهت السفينةُ في خضّم بحرٍ متلاطم ، ويوشك أن تغرق ...!
وحين ...وحينَ ...

وهنا قاطعته :
جميل ما تقول ، ولكن هلا دللت على ذلك بنصوص من السماء ، ليأتي كلامك ومعه حجته البينة ..

قال : نعم ، حباً وكرامة ، والنصوصُ كثيرة ، أما من كلام الله تعالى فحسبك آيتان ..
قال تعالى : ( إنها لا تعمى الأبصارُ ولكن تعمى القلوبُ التي في الصدور )

فالأبصار سليمة قد تكون قوية ستة على ستة ، ومع هذا لا يبصر أصحابها ..!!!
( صمٌ بكمٌ عمي ...!! ) ....

وقال تعالى : ( لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ... ) الآية

وأما من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإليكَ هذا الحديث الجامع :
" ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحتْ صلحَ الجسدُ كله ، وإذا فسدتْ فسد الجسد كله ،
ألا وهي القلب . "

فإذا رأيت فسادا فيكَ أو في إنسان :
فاعلم أن أصل الفساد وعلته في القلب أصلاً .. والجوارح تبع لهذا الأصل ..
وإلا فحين يصبح القلب منوّرا ، فلابد أن يكون السلوك منوراً .. هذه من هذه ..
فالبلد الطيب يخرج نباته طيبا بإذن ربه ، والذي خبث لا يخرجُ إلا نكدا ..

ومن ثم فإذا أردنا صلاحا وإصلاحاً ، فلتكن بدايةُ البداية التركيزُ على تنويرِ القلب ..
وطريقُ ذلك مرسومٌ معلومٌ محددُ المعالم ، لمن قررَ أن يمضيَ في هذه الرحلة المشرقة ،
فعليك بالقرآن والسنة النبوية اشغل نفسك بهما ، واجعل همك فيهما وما يتعلق بهما ،
وما يتفرع عنهما ، وشيئا فشيئا يتوقد المصباح حتى يتوهج ..!

وهذا أمر سيتضح لك في جلاء ، بحيث تلمسُ هذا النور وتحسه بوضوح ..
ثم سترى آثاره تتجلى على سلوكياتك ولابد ..

ورحم الله القائل :
اذا حلتِ الهدايةُ قلباً ** نشطت للعبادةِ الأعضاءُ

فإذا قررت أن تمضي في هذه الرحلةِ ،
عليك أن توطنَ نفسكَ بادئ ذي بدء على : الصبر والمصابرة والمرابطة ،
وأن الزمن جزء من العلاج .. فلا تتعجلْ .. فإن الثمرة لن تخرج ناضجة بيدك إن تعجلتَ ..
فوطن نفسك على مزيد من الصبر ..
غير أن عاقبة ذلك تسرّ القلبَ ، وتسعدُ بها الروح ، لأنها توصلك إلى مرضاة الرب سبحانه ..
وتجعلك ممن أنارَ الله بصائرهم ، ولم يستخفهم الذين لا يوقنون ..!

قال تعالى :
( يا أيها الذين اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون )
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ..

أخي الحبيب / أبو مروان
............ رحم الله والديك ورفع الله قدرك

حمداً لله على السلامة .. طالت غيبتك ،

وأرجو أن تكون قد عدت إلينا بغنائم كثيرة ننتفع بها ،

وتكسب أجر قراءتنا لها ، وانتفاعنا بها ..


لا تنسَ أخاك من دعواتك الطيبة المباركة ، لعل الله أن ينفعني بها

الأخت الفاضلة / زهرة الندى
......... رحم الله والديك ورفع الله قدرك

أسأل الله أن يبارك فيك ، وأن يجعلك مباركة اينما كنتِ

شكر الله لك هذه المتابعة الواعية ..

وأسأل الله سبحانه أن تجدي صدى هذه المتابعة في واقع حياتك

نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا ، وأن ينفعنا بما علمنا

نسأل الله أن يصلح قلوبنا ويزكيها هو خير من زكاها هو وليها مولاها

لا تنسي أخاك من صالح دعواتك

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
شيخنا الفاضل - بو عبد الرحمن

موضوع مهم و لا بد من إعادة قرأته
خصوصا لمن يرددون عبارة الإيمان في القلب و القلب خاوي من الإيمان فالسلوك منحرف و ترديد العبارة متكرر الله يعلم ما في القلب
شيء عجيب ندعي الإيمان و الجوارح مخالفة
و صدقت أيها الشيخ لابد من الصبر و المرابطة في سبيل الله حتى تعمر قلوبنا و تنطق جوارحنا سمعا و طاعة لله و رسوله صلى الله عليه وسلم
ومن القلب يكون المنطلق و بما و قر فيه تغرف الجوارح و السلوكيات
بارك الله فيك وموضوع يحتاج الى تأني عند قرأته
وبالله التوفيق