أنـا طفـلٌ عـراقِـيٌّ أسـيـرٌ
فَحَرِّرْنـي أيـا جُنْـدِيُّ مِـنِّـي
أَزِلْ عن خافقـي تحنـانَ أُمِّـي
وعطف أبي واختي ضَعْهُ عَنِّـي
ومن لُعَبٍ تنامُ علـى سريـري
وأصحـابٍ بحارتنـا أَجِـرْنِـي
أَجِرْنِي من ثرى وطني حبيبـي
ومن حُلْـمِ الطفولـةِ والتمنـي
و من قلمٍ رسمـتُ بِـهِ نخيـلاً
جميـلاً ، فوقـه طيـرٌ يُغَنِّـي
و من نهرٍ يشاركنـي عروقـي
وشمسٍ طالمـا نامـت بجفنـي
أَجِرْنِي مـن نجـومٍ سامرتنـي
و ألقت ضوءها الحاني بعينـي
و من هِـرٍ يقاسمنـي حليبـي
ويأكلُ من إناءِ الطهـي سمنـي
أما أبصرتَ يـا جنـديُّ بؤسـي
أما أبصرتَ حين أتيـتَ حزنـي
لـذاك دَهَمْـتَ منزلَنـا مسـاءاً
لتمنَحَنِي .. بنصفِ الليل .. أمني
و عَزَّ عليكَ أنْ تلقـي صغيـراً
بـلا نـومٍ ، فجئـتَ بغيـر إِذْنِ
وفـي يُمنـاكَ رشـاشٌ كبيـرٌ
يُـوزِّعُ طلقـةً فـي كُـلِّ رُكْـنِ
كتبتَ على الرصاصةِ إسمَ أختي
وإسمَ أخي على الأخـرى بِفَـنِّ
و لم تنسَ الرضيعَ فَجِئْتَت تسعى
بِخَزٍّ .. كـي تُكَفِّنَـهُ .. وقُطْـنِ
عطوفٌ أنتَ قـد نـوَّرْتَ ليْلـي
بنيرانٍ تَصُبُّ المـوتَ ، تُفْنِـي
وأسكنتَ الجراحَ صميـمَ قلبـي
وبالغـاراتِ قـد شنَّفْـتَ أُذْنِـي
وجئتَ لكي تُحَرِّرَني ، فمرحـى
بسجـانٍ يُسَلِّمُنـي لسجـنـي
يقـدِّمُ لـي حليبـاً أو رغيـفـاً
مُسَمَّمَـةً لكـي يرتـاح مِـنِّـي
سأفني ..رُبَّمـا .. لكـن بِعِـزٍّ
ولـن أحيـا بِـذُلٍّ أو تَـدَنِّـي
لأني ..حيـن تقتلنـي.. شهيـدٌ
أُجازي بعـد موتِـي دارَ عَـدْنِ
وإنَّـكَ لـن تـرى إلا جحيمـا ً
بأمْـرِ اللهِ ، جَـرَّاءَ التجـنِّـي
الشاعر د. جمـال مـرسـي