تحاول مدينة مكسيكو سيتي التخلص من سيارات "الخنفساء" القديمة المفضلة لسائقي سيارات الأجرة العامة.
وتجوب أكثر من , 70000سيارة من طراز "الخنفساء فولكسواجن" الألمانية الأصل شوارع العاصمة المكسيكية. ويعود تاريخ صنع بعض من هذه السيارات التي قطع معظمها أكثر من , 250000ميل إلى أيام التلفزيون الأبيض والأسود.
وتعتبر المكسيك الدولة الوحيدة في العالم التي ماتزال تصنع سيارة الخنفساء القديمة والتي تُعد أشهر سيارة في التاريخ حيث صنع منها أكثر من 22مليون سيارة منذ خروج أول سيارة من هذا الطراز من ألمانيا هتلر في عام
1936.وتريد سلطات العاصمة المكسيكية التخلص من هذه السيارة التي تعتبرها تهديداً للصحة العامة وكارثة للهواء في المدينة. وقد شرعت السلطات في استبدال الخنفساء بسيارات صالون بأربعة أبواب ومنحت قروضاً لسائقي سيارات الأجرة العامة لشراء سيارات جديدة من الطراز الحديث.
وإذا سارت الأمور حسبما خطط لها فإن سيارات الأجرة العامة من الخنفساء سوف تختفي من شوارع هذه المدينة بنهاية العقد الحالي ولكن نادراً ما تسير الأمور حسبما يراد لها في مكسيكو سيتي.
ولكن هناك مقاومة عنيفة لبرنامج إحلال السيارات الحديثة مكان الخنفساء. ويمكن تقسيم سائقي سيارات الأجرة العامة في مكسيكو سيتي إلى فئتين. فهناك فئة من السائقين المستقيمين الذين يختزنون خريطة المدينة في أذهانهم كما يختزن معلم الشطرنج نقلة كل قطعة في لوحة اللعب. أما الفئة الثانية فهي فئة القراصنة وهي فئة صغيرة ولكن لها حضورها المميز وهي تنظر للراكب كما ينظر القط لطائر. الركوب مع هذه الفئة الأخيرة يُعد مخاطرة غير مأمونة العواقب يمكن أن يبدأ بتجريد الراكب من محفظة نقوده وربما ينتهي بإزهاق روحه. ويعتقد القائمون على شؤون المدينة بأن برنامجهم سوف يطهر سيارات الأجرة العامة من هذه الفئة الدخيلة بحرمانهم من الرخص الجديدة.وينتمي فيرناندو دياز - 28عاماً - لفئة السائقين المستقيمين وهو يحمل شهادة في إدارة الأعمال حصل عليها قبل ست سنوات عندما كان اقتصاد المكسيك يعاني من التدهور والكساد.ويرى دياز في برنامج القضاء على الخنفساء عملية نصب واحتيال كبيرة. ووصف دياز البرنامج بالفساد وأنها مؤامرة ينسج خيوطها بائعو السيارات والحكومة.ويتساءل زميله انطونيو أرمينتا - 72عاماً - الذي يجلس خلف مقود الخنفساء منذ أكثر من 45عاماً: لماذا يجبرو
ننا على تغيير الخنفساء حينما لاتزال تعمم بكفاءة؟ سيارات الصالون الجديدة لا تستطيع الصمود لأكثر من عشر سنوات في هذه المدينة. الناس يحبون الخنفساء فهي سريعة وخفيفة.. قبل أن يجبرونا على تغيير سياراتنا عليهم القضاء على الفساد.. كثير من سائقي سيارات الأجرة العامة يرشون المسؤولين من أجل الحصول على الرخص.. نفس هؤلاء المسؤولين يريدون منا أن ندفع للسيارات الجديدة؟.
ومن جهتها تصر سلطات المدينة على أن برنامجها يهدف إلى الحد من التلوث والجريمة في العاصمة. وسوف يكون مطلوباً من كل سائق سيارة أجرة عامة يرغب في اقتناء سيارة جديدة أن يدفع مبلغ , 1500دولار كدفعة مقدمة وإحضار كفيل غارم حتى لا يكون مؤهلاً للحصول على قرض تبلغ فوائده 20بالمائة. وتُعد هذه الشروط عقبة من الصعب تخطيها على السائقين الفقراء الذين يحصلون بالكاد على قوت يومهم.
وربما تعمل حقائق الحياة القاسية في المكسيك على إنقاذ حياة سيارة الخنفساء ولا توجد سيارة ارخص منها في السوق حيث تباع بنحو , 7500دولار فقط وليس هنالك سيارة ابسط منها في صيانتها والمحافظة عليها بالنظر إلى تصميمها البسيط وجودة تصنيعها. ولكن الغازات التي تنفثها عوادم سيارات الخنفساء تساهم بدرجة كبيرة في تلوث الهواء الملوث أصلاً في مكسيكو سيتي ولا يعيب هذه السيارة بطئها فالحركة في المدينة تزحف ولا تركض.
وتُعد سيارة الخنفساء من التقاليد في المكسيك والتقاليد لا تبلى ولا يمكن وأدها بسيارات فيات أو نيسان الجديدة.ويقول أحد سكان العاصمة مكسيكو سيتي بأن سيارة الخنفساء أصبحت جزءاً منهم فكيف يتخلى الشخص عن جزء منه وهو سليم!!.
ويضيف "كلما اعتنيت بسيارة الخنفساء اعتنت بك".
(خدمة نيويورك تايمز خاص ب "الرياض")
________________________
منقول جريده الرياض
