السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
دعوتك كثيرا يا رجل حتى مللت
بالكاد لبيت الدعوات ;)
لاشك أخي الكريم أن ما طرحته هنا يعتبر موضوعا قيماً ويحفل بدراسات كثيرة في الأدب .
فهو يعني بدراسة الأطوار النفسية لدى الشعراء ...
فليس شرطا كما قلت في كتابة قصيدة غزلية أن كاتبها وناسجها يعيش هذه التجربة وإن كنا نستطيع أن نقول أنه يعيشها فعلاً لما ركب الله سبحانه في النفوس من إلف النساء والغزل والميل إليه ..
خصوصا في الغزل المركب في النفوس البشرية وما أودعه الله في الإنسان من الغريزة والميل الطبيعي ..
في دراسة طريفة لأحد النقاد عن معلقة امرئ القيس وذكره فيها لقصة مجونه مع إحدى عشيقاته .
شكك أحد النقاد في القصة وأنها مختلقة منه

لما كان يعرف عن إمرئ القيس في كتب الأدب من أنه كان مفركاً من النساء أي يكرهونه ويبغضونه ...
فكأن الناقد هنا يشير إلى عقدة نقص لدى امرئ القيس حاول أن ينفس عنها في شعره بادعائه أنه محبوب دخل على عشيقته في خدرها ونال منها ما يحب
وبغض النظر عن صدق هذه التجربة من عدمها فإن مما لاشك فيه أن مثل هذه الدراسات والأفكار والرؤى تثري الأدب وتفتح آفاقاً واسعة للنقد بشتى ميوله الأدبية ..
وأذكر موضوعا قيما يؤكد ما قلته بخصوص القدرة الطبيعية على التغزل حيث وجه سؤال لأحد الأدباء لم كثير من الشعراء كانت لهم إجادة في الغزل وهو في سن متقدمة لا يستطيع شاعر شاب أن يجاريه فيه

...
كما نرى في شعر جرير مثلا العفيف نسيبا الذي كان يتغزل وهو شيخ ولا أريد الإطالة في هذه النقطة وشرح الأسباب فكل ما كنت أرمي إليه هو تبيان أن الغزل من الأمور المركبة في النفوس بإمكان أي شاعر أن يقوله دون ما حاجة لعيش تجربة عاطفية كما أشرت أخي الفاضل
ونستطيع أخي الكريم أن نعمم الموضوع ولا نقصره فقط على الغزل
بل في مواضيع أخرى غيره خذ مثلا في الحكمة في الحث على فضيلة ما أو خلق قويم ...إلخ
لو أن شاعرا ما تحدث عن البطولة والجهاد في سبيل الله هل هذا يعني أنه بطل أو من المجاهدين... ؟
لا .. لا يلزم هذا فقد يكون شاعر ما يتحدث عن البطولات وهو من أجبن خلق الله

كل ما هناك أن الشاعر يحث على شحذ الهمم واستثارة النفوس في القتال .. أو تسخيتها في العطاء أو أو أو ... فيكون حينها قد أدى الدور المنوط به وهو الكلمة الصادقة الهادفة المعبرة ويصبح حينها من المجاهدين بألسنتهم ...
ولا نريد أن نقلل هنا من شأن صدق التجربة في العملية الشعرية فهذا أمر لا يختلف عليه أحد ..
فليس الشاعر الحكيم الذي ينثر لك درر الحكمة كغيره ممن يلتقطون الكلمات ويلصقونها أو يعيدون صياغتها وفي كل خير
وليس العاشق الذي يذوب حنينا ويتفطر أسى ولوعة كالمنمق للكلمات المزوق لها
وليس من جرب كمن لم يجرب في أي موضوع ولا أقتصر هنا على الغزل فقط ..
كل ما نريد قوله هو أن الشعر يعتمد على (التخييل)
الخيال هو لب الشعر وصميمه وروحه
وهذه المفردة لم تكن ترد عند العرب قديما ولم تستخدم إلا في عصور تلت ..
فلا يجب أن نقحم الصدق أو الكذب في كل شعر وكل قصيدة وبيت ولا نشير هنا إلى الكذب في الحقائق أو تلبيس الحق بالباطل فهذا أمر آخر تماماً
لكننا لا نريد أن نقصر الشعر على موضوع واحد أو نطلب الصدق في كل شيئ أو الكذب في كل شيئ ((الكذب الشعري)) كما حدث منذ القديم في ظهور تيارات كل منها لا تريد الشعر إلا وفق ما تقبله نفوسهم فقط ...
فمن قائل أن أعذب الشعر أكذبه ...
وقائل أعذب الشعر أصدقه..
ثم ظهرت طائفة أخرى فقالت أعذب الشعر أقصده
فلنبحث عن الشعر الجميل المبدع الرائع العذب ولا نطالب الشاعر أو نقول له كذبت إذا سمعنا منه أبيات حكمة مثلا ونقول لم نعهدك حكيما وأنى لك هذا
فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها

ولا نقول له كذبت في أمر جرى فيه خياله فأبدع لأنك لم تعش التجربة لأن الكذب هذا لا يدخل في الخيال فهو خيال لا يمت للحقيقة ولا للواقع فما شأن الصدق والكذب هاهنا ؟ ...
أخي الحبيب المجاهد عمر

عد إلى الشعر ولا تهتم بما يقال وتغزل طالما لم تتعد المحظور

فقد تغزل من كانوا خيرا مني ومنك

ولا تظن أن الشعر يزري بالرجل الفاضل فقد كان في الصحابة شعراء بقوا كذلك حتى وفاتهم رضوان الله عليهم...
وقد كان من الشعراء علماء وفقهاء وقضاة مشهود لهم بالفضل والصلاح قالوا الشعر في فنون كثيرة وقصائدهم مشهورة معروفة مدونة في بطون الكتب والدواوين ...
وأقول لك لا نريد قديماً فقط بل جديداً

وسأطالبك من اليوم أن تذيل قصائدك القادمة بإذن الله بتاريخ جديد

فهنا يقحم الصدق والكذب

;)
تحياتي لك وأعتذر عن التوسع والإطالة فموضوعك مهم يستحق أكثر من هذا
أخوك المحب
ابن الرومي.