كتبنا كثيراً عن القراءة، وذكرنا أننا أمة اقرأ التي لا تقرأ، واشتكينا من عزوف الناس عن القراءة، وطرحنا العديد من الحلول، ولن اتوقف شخصياً عن الكتابة في القراءة، لانها عادة لابد ان نكتسبها وتصبح عرفاً مألوفاً بيننا، ويصبح منظر المرء وهو يحمل كتاباً في يده منظراً مألوفاً بدلاً من ان يكون منظراً باعثاً للسخرية كما هو الحال الآن·

وسأبدأ معكم في موضوع اليوم بملاحظة صغيرة، الا تلاحظون ان الاحياء السكنية تفتقر الى بعض الخدمات الاجتماعية الضرورية؟ كوجود حديقة صغيرة في كل منطقة سكنية، ووجود مكتبة عامة، وملاعب وغيرها من الامور الضرورية، ولو ان هذه الخدمات متوفرة في كل منطقة سكنية لعالجنا الكثير من المشاكل، وما يهمنا هنا مشكلة القراءة·

أهمية وجود مكتبة عامة في الاحياء السكنية تكون قريبة من بيوت الناس، تكمن في تسهيل وصول الكتاب جديده وقديمه الى ايدي الناس بأسهل طريقة، واتاحة ذلك لأكبر عدد ممكن من الافراد، ولا يكفي وجود مكتبات كبيرة معروفة في المدينة، فليس من المعقول ان يتجه جميع السكان الى تلك المكتبات، بل ارى ان تكون المكتبات قريبة من الناس توفر لهم فرصة الاطلاع على عالم الثقافة والعلم، وتكون محل اجتماع لأفراد المجتمع يتبادلون فيها الاراء والاحاديث وينشأ بذلك تواصل اجتماعي ضروري·

ونحن الآن نعاني من ظاهرة انتشار المقاهي التي تغري زبائنها بالشيشة والفضائيات الفاضحة والعاملات الشابات! فلو اننا انشأنا مع كل ثلاثة مقاهي مكتبة واحدة، لانتشرت المكتبات العامة في كل مكان، لكن المقاهي في انتشار، ولا عزاء للكتاب، ورواد المقاهي عادة ما يبررون ذهابهم للمقاهي بأنهم يودون تبادل الحديث عن الآخرين، حسناً لماذا لا تتبادلون الحديث في مكان آخر غير المقهى؟

لنتصور هكذا صورة مشرقة ايجابية وردية تجمع رواد المقاهي في مكتبة عامة، وبدلاً من الشيشة هناك الكتاب والمجلة المفيدة، والنقاش يدور حول موضوع مهم، بدلاً من السيارات والمخفي والبنات!

أعلم ان هذا مجرد حلم، ومن حقي ان احلم ، لكن كيف نحقق هذا الحلم؟ لكي يتحقق ذلك لابد من تمويل ، فهذه المكتبات تكلف الكثير، وتحتاج الى مصدر مالي مستمر لكي تتابع الجديد في عالم الكتب، ولتقدم خدمات متميزة لرواد المكتبات، ومن دون المال لا يمكن ان ننشأ مكتبة واحدة، لذلك ارى ان اهم مصدر للمال هنا هم اهالي الحي نفسه، فلو تبرع كل منهم بمبلغ معين، فالجميع سيستفيد بكل تأكيد من خدمات هذه المكتبات، ولا ننسى دور القطاع الخاص، عليه ان يؤدي دوره الاجتماعي ولا يكتفي بجني الارباح·

قد تكون مشكلة المال سهلة نسبياً، لكن يبقى الجهد الفعلي لانشاء هذه المكتبات، على من يقع هذا الجهد؟ ومن المسؤول عن متابعة العمل؟ واي جهة حكومية يجب ان تشرف على العمل؟ ثم من سيدير هذه المكتبة ويقدم خدماتها؟ اسئلة كثيرة تنتظر الاجابة، ولعلها تكون حافزاً للتفكير في الامر، واتمنى ان نتجاوز مرحلة التفكير والكلام الى مرحلة التنفيذ الفعلي·

صبحك الله بالخير سردال

موضوع رائع
ولا أظن أن إنشاء مكتبة في كل حي أمر صعب، فبلإمكان أن تبدأ كمشاريع فردية مثل المقاهي مع مساعدات من الحكومة مثلا(أي الجهات المختصة) فما شاء الله خير الله وايد، والدليل انظر إلى شوارع العين كل يوم يبدلون شارع (للعلم الشوارع القديمة بحالة ممتازة ولا فيها أي شيء)!!! والأمر في الآخر يصب في مصب خدمة الشباب

و تقبل تحياتي

موضوع معتبر ، ولكن كيف تشرح لأهل الحي الموضوع؟ هذي لحالها عقدة ، تذكر مكتبة المسجد في البطين؟ وينها؟ وكأن الله أراد أن لا يبارك فيها ... مكتب قيمة فيها الكثير من الكتب ولكن وللأسف لا يستفاد منها ولو كان بيدي نقلتها للمسجد الكبير في وسط البطين.

سراب: نعم، إنشاء المكتبة في الحي ليس صعباً أبداً، المهم التخطيط والتنفيذ، لكن من ينفذ؟ وهل يعي المسؤولون أهمية الجانب الثقافي والمعرفي لكي تصبح القراءة والمكتبات أولوية، بدلاً من تبديل الشوارع وإنفاق الملايين عليها.


متشيم: أحد شياب الحارة كلمني عن رغبته في إنشاء مكتبة، لكنها مجرد رغبة لم تنفذ ربما لأنه لم يجد التشجيع لعمل ذلك، أما تلك المكتبة التي تقصد فحقيقة مكانها غير مناسب أبداً ثم المهم هنا الخدمة، من يقوم على خدمة المكتبة وهو متفرغ لهذا العمل، ويكون إدارياً لهذه المكتبة؟ لا أحد حالياً.

فعلا سردال ...

العزوف عن القراءة أصبح ظاهرة متفشية جدا الآن ....

فالتلفزيون الآن يأخذ كل الوقت إلى جانب الانترنت ....

وكذلك الدراسة تلعب دور في ذلك , فتجد طلبة متفوقين ولكن ثقافتهم ضحلة

لأنهم لا يرجعون سوى لكتب الدراسة ...

وظاهرة العزوف عن القراءة أصبحت مقلقة حقا ...

ولو أنشئت المكتبات فمن سيرتادها ؟؟؟!!!!!

فالمكتبات الموجودة تعاني أزمة في ارتيادها ....

تحياتي

دانا: أشكرك على الرد الطيب.

إجابة على سؤالك، أقول بأن المكتبات مثل مكتبة المجمع الثقافي مزدحمة بروادها، والمكتبات في دبي كما رأيت في أحد التقارير التلفزونية يزورها عدد لا بأس به من القراء.

ووجود مكتبة في وسط الأحياء السكنية كما في دبي، تقدم خدماتها للجمهور بشكل جيد، سيساعد على تنمية الاهتمام في الكتاب عند الأفراد.

لنأتي إلى الجو العام وتأثيره، بما أن الإعلام يظهر المغنين، ولا تخلو فضائية من برنامج أو اثنين أو حتى ثلاثة للأغاني ولقاءات المغنين، والسوق يعج بالغناء وأشرطته وأفلامه، فبالتالي اهتمام الناس سيكون بالغناء أكبر من الكتاب.

لو عكسنا الصورة، وقلنا أن الإعلام يهتم بالشأن الثقافي أكثر وهناك فعاليات ثقافية في كل مكان، فاهتمام الناس سيكون منصب على الثقافة.