مصر المجروشة ، كنانـة* المسلمين و منبع الأبطال و الأحرار والسد المنيع في وجه الغزاة والكفار .

لقد أثبتت الأيام والوقائع إن هناك أياد خارجية ومحلية تعبث بمصر وتَـجْرُش أهلها "وسهامها"*، وأنا أعتقد إن هذا التركيز على مصر و على أهل مصر أتى بسبب كونها كنانة المسلمين ، فالمسلمين من غير مصر كالمقاتل من غير كنانة ولا نبـل ، وتعطيل فاعلية خير أجناد الأرض وتحييدهم عمل مقصود .

إننا في الحقيقة نتألم ، وقلوبنا تحترق على أهل مصر وما يحدث بمصر ، وفي الواقع إن مصر من الدول التي ننظر إليها بعين الحب والود والمعزة بالرغم من قيام حكومتها الحالية والحكومات السابقة ( بتعطيل رسالة الدين في الإصلاح ) ، وبالرغم من اعتقادنا ( بمسئوليتها المباشرة ) عن ما يجري الأن في الوطن العربي من تخلف وانحطاط وفساد ، وهذا يضيف نظرة العتب الممزوجة بالغضب على النظرات السابقة .

فالجهود التي بذلت في مجال الإصلاح وخدمة الحضارة الإسلامية كانت بجهود العلماء والمفكرين والمثقفين المصريين وباجتهاداتهم الشخصية والذاتية فهم يشكرون على ذلك وأجرهم على الله،" مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً(23)" (الأحزاب) ، والجهود الشخصية والذاتية للعلماء والمفكرين والمثقفين المسلمين كانت ولا زالت أكثر تأثيراً في الإصلاح من الجهود الرسمية ، فالجهات الرسمية تجتهد بالتخريب والتغريب والإفساد أكثر من الاجتهاد في الإصلاح وهي تشوه وجه مصر الإسلامي الحضاري كما تشوه حقيقة أهلها .

فما خلفه الغزو الفرنسي لمصر كان أحد الأسباب الرئيسة في تخلفها وانحدارها ، إن نخبة الضالين وصفوة المتخلفين في مصر سابقاً وحاليا تعتقد إنها تحمل مشاعل التنوير وتظن إنها أنارت طريق البلاد العربية بعد أن صدَّرت لها نظم ومناهج التربية والتعليم وغيرها من النظم والمناهج والبرامج والآليات الغربية التي تخدم المؤسسات الأخرى ، ونحن لا ننكر ولا نجحد الجهود الرسمية التي بذلت في أرجاء الوطن العربي من أجل تعليم أبناء المنطقة وإنشاء مؤسساتها ، ولكنها لم تأت بالثمار المرجوة لأنها لم تأسس وتبنى على التقوى ، ففساد نظم وأهداف ومناهج وفلسفة التربية والتعليم ونظم ومناهج وبرامج المؤسسات والجهات الأخرى أدى إلى فساد وإفساد المجتمعات العربية برمتها .

فمصر المَجْروشَة لم تُجْـرَشْ إلا بسبب ( تعطيل رسالة الدين في الإصلاح) ، وفي الحقيقة نحن لا نتمنى لمصر ولأهل مصر عموما إلا كل خير ، ولكننا نرجو من قيادتها الحالية العمل على وقف إعطاب الناس وتخريب عقولهم و (جـرشهم ) ، وذلك لا يكون إلا بإعطاء الأزهر الشريف دوره ( الطبيعي الحر ) في الإصلاح ، ولا يتم ذلك إلا من خلال رفع الوصاية عنه وعدم تدخل – العلمانيين والليبراليين- وكل قوى التخلف والإنحطاط في شئونه وشئون المجتمع المصري المسلم .

فمصر لا تنهض ولا تتعافى إلا بنهوض الأزهر الشريف ، فالمعاقين عقلياً من ( العلمانيين و الفنانين ) وغيرهم من أهل مصر لا يُصلح حال عقولهم وأنفسهم وأرواحهم إلا علماء الأزهر وفقهائه ( الأحرار المخلصين ) ، فتكبيل الأزهر هو تكبيل لأهل مصر ، و تركيع الأزهر هو تركيع لأهل مصر ، وإذلال علماء الأزهر هو إذلال لأهل مصر ، وتعزيز مكانة علماء الأزهر هو تعزيز لمكانة أهل مصر عند ربهم وخلقه.

فعلى أهل مصر الفرار واللجوء إلى الله حتى تعود الحراسة إلى مصر وتبقى محروسة من الله ،"والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون".

قال تعالى:" أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ(50)"(المائدة).

وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ، وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار.
________________________________

*الكنانة: هي مكان النبل-السهام- الذي يوضع خلف ظهر المقاتل.

*رجالها ونسائها.