من الملاحظ تزايد ظاهرة عقوق الابناء لآبائهم في الآونة الأخيرة وأصبح هذا الزمن يكاد يخلو من القلوب الرحيمة، وكثيرا ما نتابع في وسائل الاعلام ونسمع عن جحود الأبناء لآبائهم فمن المسؤول ياترى؟
هل هما الوالدان أم الأبناء أم الزوجة أم التربية نفسها؟ بعض أولياء الأمور يذوقون الشقاء في سبيل تربية أبنائهم لكي يرتاحوا في المستقبل ولكنهم للأسف يقابلون بالجحود والنسيان فيقوم بعض الأبناء برميهم في دور العجزة والمسنين·· لماذا؟ أهذا هو جزاء الإحسان؟ إن الله سبحانه يُمهل ولا يهمل ومن يفعل هذا الشيء في والديه لاشك انه سينال نفس الجزاء عاجلا أو آجلا، وقد تذكرت قصة سمعتها مؤخرا تحكي ان رجلا مسنا زوّج ابنه واسكنه معه في المنزل ورزق الابن بأطفال فأخذت الزوجة توسوس في رأس زوجها بأن يرمي والده في دار المسنين بحجة انه يفضحها امام صديقاتها عندما يحضرن الى زيارتها،
وما ان اصبح عليهما الصباح حتى قال الابن لوالده: (هيا نذهب الى المستشفى لكي نجري لك فحوصا) وعندما وصلا الى الدار رمى الابن والده ثم تركه وحيدا هناك، ومرت الأيام واتصلت ادارة الدار بالابن لكي يستلم والده لأنه بحاجة اليه ويشتاق لرؤية أحفاده، فذهب اليهم وأرجع والده الى المنزل ولكن الزوجة اخذت تصرخ في وجه زوجها واستشاطت غضبا فقام الابن بادخال والده الى احدى الغرف واقفل عليه الباب، واستمر الوضع هكذا حتى انقطع الأب عن رؤية أحفاده وابنه وكأنه في سجن ولكنه كان يطرق الباب صارخا: (افتحوا الباب)··
فيأتيه ابنه ويسأله متأففا: (ماذا تريد؟) فيجيبه الأب: اريد رؤيتكم اني مشتاق لكم وللعيال، فيفتح الابن الباب ويقول لوالده: لا تتجول في أرجاء المنزل من غرفتك الى المجلس فقط، فيوافق الأب المسكين على مضض·
ذات مرة استضاف الابن بعضا من اصدقائه في البيت فأخذوا يتحدثون ويتسامرون في أمور كثيرة والأب جالس يستمع لهم، وكلما تكلم أحد الضيوف شاركه الأب في الحديث،
وعندما غادروا المنزل غضب الابن من أبيه قائلا: لماذا تتدخل بيني وبين اصدقائي؟ لماذا لم تسمع كلامي؟ لا تتدخل في أمور لا تخصك، فقام الابن بسجن والده مجددا داخل الغرفة وأقفل عليه الباب، فظل الأب ينادي باستمرار حتى ملّ منه ابنه فذهب اليه غاضبا على اساس انه سيخرجه من المنزل ويرمي به في دار العجزة والمسنين، ففتح الباب واخرجه من غرفته في الطابق العلوي ثم انزله من على السلم حتى وصل الى آخر درجتين فتعثر فقام الابن بإمساك والده من لحيته ليحمله من على الأرض، فقال له الأب: (لا يا ولدي لا تمسك بي هكذا·· لقد ذكرتني في يوم ما عندما أمسكت جدك بهذه الطريقة)·
فتأثر الابن من هذا الكلام فقبل والده على رأسه وتسامح منه، ومن ذلك اليوم اصبح امر والده ساريا على الجميع، وهذه القصة عبرة لمن يعتبر·
اعزائي·· ارحموا والديكم حتى يرحمكم الله·· فهم الخير والبركة ولولاهم ماكبرنا ووصلنا الى ما نحن فيه من خير·· فلا تنسوهم ابدا
