تذكرت كتاب الرئيس بوريس يلتسن " إعترافات في مواضيع مطروحة " عندما تحدث عن أحد أعضاء المكتب السياسي وزير خارجية الاتحاد السوفييتي السابق وكان وقتذاك أقدم الأعضاء على الاطلاق . كتب يلتسن : (( بدا الرجل وكأنه أتى من الحياة السياسية الفعلية ليتحول بكل بساطة إلى رمز، الأمر الذي لم يعه حتى النهاية . وكأنه حُمِلَ إلى الحاضر من ماض بعيد، بل بعيد جداً . وفي ظل هذه الظروف، كان من الطبيعي ألاّ يفهم جيداً وبقوة ما يجري حوله وعمَّ يدور الحديث . كانت ملاحظاته المفاجئة التي يدلي بها في اجتماعات المكتب السياسي من نوع " هل تتصورون أيها الرفاق أنه في المدينة الفلانية لا يوجد لحم؟ " ، وكانت تحدث إنعاشاً وحيوية في الاجتماعات . أما كون اللحم غير موجود فهو واقع معروف منذ زمن بعيد، وكان الحاضرون يعرفون ذلك جيداً )).

المشكلة ليست في العودة إلى الواراء وإنما في الواقع الأليم الذي يعيشه منتدانا في الوقت الحاضر . . . ولو كانت كذلك لعدت لأرى كيف كان واقعنا السياسي والاجتماعي على المستوى العام لأمتنا العريقة التي عرفت بقوتها وصلابتها وشهامتها العربية الأصيلة ، فكنّا أسوداً للمعارك والحروب التي نخوضها وكان يحسب لنا ألف حساب .. وبذلك أصبحنا بناة حضارات عريقة يَشهد لها التاريخ ،وسُجلات الماضي، وكنا أيضاً على المستوى الاجتماعي أكثر نبالة في قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا من اليوم وكانت صلة الرحم واغاثة المظلوم ومساعدة المحتاج مبادئ لا يختلف عليها اثنان . أما اليوم تفككنا وانهارت مبادئنا وقيمنا الأخلاقية وأصبحنا نعيش في حالة من اليأس واقنوط والخذلان والكسل .

وأخيراً وليس آخراً كلامك عن العودة للوراء لنجاح القسم ما هو إلا مجرد كلام أسهل وأكثر ملائمة وراحة من الفعل .