عرض مشاركة مفردة
بو عبدالرحمن بو عبدالرحمن غير متصل    
مبدع متميز  
المشاركات: 5,287
#1  
( لمـــــــن نوجــــــــه اللـــــوم ........!!؟؟ )
أزهار السعادة الحقيقية قد ذبلت في رياضنا ، أكلها الخريف العاصف ،
وداستها الشياطين في غفلة منا..
ومضوا في طريقهم يهلكون الحرث والنسل ويفّسدون العباد والبلاد...........

وليس من العقل في شئ أن نوجه اللوم والعتاب لأولئك الشياطين ،
إذ إن هذه هي طبيعتهم في كل زمان ومكان ، طبيعة متأصلة تسري في عروقهم.
ولكن اللوم كل اللوم نوجهه إلى أنفسنا ، نعم إلى أنفسنا ابتداءً ..
كيف غفلنا عنهم ؟ وكيف انشغلنا بكل تافه من القول والفعل ،
ثم أغمضنا العيون عما يراد لنا وبنا ... !!

من يصدّق أن هذه الأمة الممسوخة اليوم ، كانت ذات يوم تسوس الدنيا ،
وتؤدب العالم ، وتعلم الحياة معاني الحياة ..... !!!
من يصدق أنها كانت إذا تكلمت خرست كل الألسنة ،
لتستمع وتنصت وتتابع في أدب وخشوع ،
ثم تنفذ في صمت وخضوع ، وبكامل الأدب ......!!؟
من يصدّق أنها كانت كذلك ، بل فوق ذلك ؟؟

كنا ننـادي الريحَ نـأمرُها ** فتهبّ عـاتيـةً لــها صـرّ
والنصرُ ينمو حيثُ نزرعُهُ ** وعلى ربانا ينبــتُ النصــرُ

ولكن .. جرت علينا سنة الله التي لا تتبدل ..
فالأيام قُـلّـبْ ، والليالي تلد كل عجيبة ..
).. وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ..)


ولكن كيف جرى الأمر ..؟
جرى على مقتضى سنة الله .. ولن تجد لسنة الله تبديلا ..
يقول سبحانه : (.. إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ..)

وهذه الأمة قد غيرت كثيرا، فكان لابد أن تتغير أمور كثيرة فيها ولها وعندها !!
وكان لابد من أن يصيبها ما أصابها جزاء وفاقا ..
).. وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) ..
..وسنة الله مع هذه الأمة ماضية في طريقها ..
فإذا رجعت هذه الأمة إلى الله بصدق ، أعاد الله إليها مجدها الأول في يسر :
" وإن عدتم عدنــا "

ترى هل سيطول بأمتنا الزمن وهي تعيش في وحل هذا الذل ، وهذا الهوان ؟!
تقتات مما يتساقط إليها من أفواه اللئـام ..!؟
أم أن اليوم الذي ستنتفض فيه انتفاضة الحياة والحيوية ، قد صار قريبا جداً وعلينا أن ننتظر ؟...

**
كثيرون جداً من أبنائنا وبناتنا لعلهم قد نفضوا أيديهم من أي بارقة أمل ،
لأنهم أصيبوا بحالات إحباط متتابعة ، وهم يرون ما يرون ..
لكن الحقيقة أنه لا قيمة لهؤلاء .. فمرجعنا ومعتصمنا وميزاننا :
هي نصوص الوحي .. الوحي الذي لا يأتيه الباطل من يديه ولا من خلفه ....
و سنن الله تعالى المبثوثة في النصوص – وهي كثيره ، بل كثيرة جداً –
وفي الكون – وما أكثرها - تقول بملء الفم :

إن هذه الأمة – رغم ما هي عليه وما هي فيه من أحوال مأساوية –
إلا أنها موعودة بالنصر - طال زمن أو قصر –
والمفتاح بيدها وحدها ، إذا أرادت أن تستعجل ذلك اليوم ،
ولا يطول بها الانتظار على أرصفة الذل ، وداخل أروقة المهانة ....!!

**
القاعدة السماوية الواضحة تقول في جلاء :
)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) ..
انصروا الله في ذات أنفسكم ابتداء ..
ما أكثر المتفيهقين والمتشدقين .. ولكنهم أجبن الناس أمام أهواء أنفسهم ..!
لا يستطيع الواحد منهم أن يتغلب على هواه ، وهو يعلم أن هذا الهوى يبعده عن ربه !!

هؤلاء عليهم أن يحلموا بالنصر تحت ظلال الأماني واشجار الأحلام !!
إن كانوا صادقين في دعوى حب دينهم ، والرغبة في انتصاره .
فعليهم ابتداء أن ينتصروا على أهواء نفوسهم .. !
ماذا يعني لك أن يجادل أناس في قضية الغناء والموسيقى ..
وفي هذا الزمن بالذات !؟.
إن الشمس لا تحتاج إلى برهان عليها ..!!

وليس يصح في الأذهان شيءٌ *** إذا احتاج النهار إلى دليل

ومثل هؤلاء : ماذا يعني أن تجادل امرأة في قضية الحجاب مثلا ..!
على هؤلاء أن يدخلوا ابتداء في حرب ضروس مع أهواء نفوسهم ..
وإلا فإن سنة الله الأخرى ستتحقق فيهم ولابد .. يقول تعالى :
)... وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) ..
ثم لا يكونوا أمثالكم .. ثم لا يكونوا أمثالكم .. ثم لا يكونوا أمثالكم .. !!!!!

***
وشواهد السيرة ، والتاريخ تؤكد وتقرر هذه القاعدة ...
أن تتولوا يا شباب هذه المرحلة ، فقد آثرتم لأنفسكم الهوان ..فعيشوا مع وحله !!
وسيأتي الله بجيل جديد " يحبهم ويحبونه " .. ولاحظ قوله تعالى ( يحبهم )
أذلة على المؤمنين فحسب ،
ولكنهم في ذات الوقت أعزة على الكافرين – كل الكافرين –
لا يكون ولاؤهم إلا لله ولرسوله وللمؤمنين .........
يأخذون الكتاب بقوه وفي عزة وبفخر ، ويعضون عليه بالنواجذ
– ولو رمتهم الدنيا كلها عن قوس واحدة ما فرطوا في شئ منه_

***
على يد هذا الجيل يتنزل النصر ، ويمكّن الله لهذه الامة في الأرض ،
ويبدلها بالذل عزا ، وبالخور شجاعة وإقداما ، وبالتخلف ريادة وقياده ،
وما ذلك على الله بعزيز .............
سنة الله تعالى تقول ذلك والتاريخ الإسلامي من ألفه إلى يائه يشهد على ذلك :
(.. وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ؟؟ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً) ..
والمنافقون يسخرون ، ويهمزون ويلمزون ويستطيلون بألسنتهم ويضحكون !!

دع هؤلاء الحثالة .. دعهم يضحكون ويسخرون كما شاءوا ..
فثقتنا بالله لن تهتز .. وسخريتهم منا لن تزيدنا إلا إصرارا على المضي في الطريق !!
)إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً * وَنَرَاهُ قَرِيباً) ..
وكل آت فهو قريب قريب ، رغم الأنوف المتورمة ..!!..............

**
بحق لابد أن نثق ، ان في أعماق هذه الأمة لا تزال جذى أمل متقده ،
غير ان الرماد الكثيف يغطيها ويحجبها ،
ورب حادثه من حوادث الدهر تكون سببا في نفض ذلك الرماد كله أو بعضه ...

رب أحداث عاصفة ، وفتن متلاحقة ، تكون سببا
لينقشع الضباب عن عيون كثيرة ، وتتضح الرؤية في جلاء ،
ويبدو الطريق سالكا في يسر إلى ...إلى ... إلى الجنة ......
)... مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً) ..

وإذا بالأمة تعود إلى موقع الريادة ، لتعطي للعالم رؤاه ،
وتعيد ترتيب أوراقه ، يعينها في ذلك ويسددها : الله سبحانه وتعالى
ويتكفل هو سبحانه بالمعركة مع أعدائها المتربصين بها .........
ألم يقل سبحانه في الحديث القدسي :
من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ... !!
وويل ثم ويلٌ ثم ألف ويل .. من يعلن الله عليه الحرب !

( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) ..
فإذا تنزلت الملائكة .. ماذا يكون ؟

( إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ : أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا..
سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ..
فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ) ...
والآيات كثيرة .. ترادفت وتوالت لتقرر هذه الحقيقة الضخمة ..
ولكن هذا لا يكون بمجرد الأماني والأحلام .....
( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ..
مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً) ..

**
فعلى كل مسلم أن يجاهد نفسه في ذات نفسه ،
وأن يجتهد في دائرته القريبة منه ما استطاع ليلتزم بتعاليم الله ،
مهما خالف ذلك هواه ..بل مهما شق ذلك على نفسه ..
وليتذكر أنها الجنة .. وأنه بهذه المجاهدة ينصر دين الله في ذات مملكته!...
اضرب بمعولك وساوس الشيطان وأقبل على ربك بصدق ،
ولا تنتظر الآخرين ، فإنك محاسب عن نفسك ..
واجهد على أن تقتلع أشواك الهوى التي أدمت قلبك فأبعدته عن الله سبحانه وتعالى
وانفض من روحك الرماد الذي غطاها زماناً طويلاً ،

وتعرّف جيدا على ربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك ،

واستحي منه إن كان في قلبك شيء من الحياء ..!!
وأصلح نفسك لتتهيأ لجنة عرضها السماوات والأرض ،
واعمل قدر طاقتك أن تصلح أهلك وأقرباءك معك ،
وعليك خلال ذلك كله بجرعة الصبر والمصابرة على :
مجاهدة النفس والأهواء وفتن الدنيا ، واصبر وصابر ..
كي يتسنى لك الخروج من الظلمات إلى النور ،
وثق بأن تعويض الله لك سيكون عظيما ، عظيماً من حيث لا تحتسب ..
فقد وعد ولن يخلف وعده ..

( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) ..

فالهداية إلى السبل : أول الرحلة إليها ( المجاهدة ) فافهم ..
وإذا فهمت : فاعمل ولا تسوف .. ولا تنتظر الآخرين ..........
وثق بأنك سائر في الطريق السالك نحو مرضاة الله عز وجل
ثم جنة عرضها السماوات والأرض :
)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) .
ولله در الشاعر حيث يقول :
عظماء الدنيا ما سادوا *** إلا بالصبرِ على المُــرّ

نعم .. إن أهل الباطل يصبرون ويصابرون ويبذلون من أجل باطلهم !!
وعلى أهل الحق أن يكونوا أكثر صبرا منهم ، وأكثر بذلا منهم ..!

اصبر قليلاً فبعد العسر تيسيرُ *** وكلُ وقتٍ لهُ أمرٌ وتدبيرُ
وللمهيمنِ في حالاتنا نظرٌ *** وفوقَ تدبيرنا للهِ تدبيرُ .

وبالله التوفيق .. ومنه السداد والعون ..

[COLOR=red]ســـوالف الأصــــدقـاء [/COLOR]

بو عبدالرحمن غير متصل قديم 16-04-2003 , 09:13 AM