عرض مشاركة مفردة
الالم المهاجر الالم المهاجر غير متصل    
عضو نشيط جدا  
المشاركات: 236
#2  
يتبع القذافي
زعيم بلا شعب ام شعب بلا زعيم؟

بعدما توقع العقيد القذافي عودة الاستعمار من جديد لاحتلال الوطن العربي وشمال افريقيا, اكد ان مصر ستكون اول دولة يتم احتلالها من قبل الاستعمار الامريكي-الاسرائيلي.

تصريح العقيد الذي جاء في نهاية العام الماضي, اكده مرة اخرى قبل زيارته الاخيرة لمصر عندما اعلن ان دول شمال افريقيا محتلة ما عدا ليبيا, ثم عاد واعتذر لمصر واستثناها من هذا الاحتلال لتلحق بالدولة الوحيدة المستقلة في مغرب العالم العربي.

هذه النوعية من التصريحات تعد السمة البارزة في علاقة القذافي بالكثير من دول العالم, لكنها تستمد قدرا خاصا من الاهمية عندما تتعلق ب"الشقيقة الكبرى" فقد ظلت علاقة العقيد بمصر تتراوح بين الشد والجذب, القبول والرفض, الوحدة والانفصال طوال السبعة والعشرين عاما لحكمه ليبي, خلال هذه السنوات امتدت مفاجات وتصريحات واحيانا اخرى قذائف القذافي لتملأ الحدود الطويلة بين البلدين. بدأت خيوط صورة العقيد في مصر ترسم منذ اللحظات الاولى لثورة الفاتح من سبتمبر.

فبعد هزيمة عام 1967 قدم الملك ادريس السنوسي الكثير من المساعدات لمصر داعما موقف النظام فيها. لذلك فقد كان الانقلاب العسكري في ليبيا عام 1969 , هو اخر ما يتمناه النظام المصري على حدوده الغربية. كان العقيد كما بدا واضحا في هذه اللحظات لا يملك الحد الادنى من الوعي بالعلاقات الدولية القائمة, وما يحدث في العالم الخارجي لكنه كان ذا شخصية قوية وهو ما روع اركان النظام في مصر خوفا من انفجار قنبلة موقوتة.

لكن العقيد القذافي كان من مريدي عبد الناصر, لذا فالقنبلة الموقوتة لم تنفجر في مصر انذاك, وكانت الوحدة والامال القومية تحيط وترفرف حول الجميع, الا ان عبد الناصر رحل واعتبر القذافي نفسه خليفة له وما لبث الخليفة ان اصبح الزعيم نفسه وتقلد مقاليد الزعامة والحكمة ومؤخرا الادب.

وكان من الطبيعي الا يلتقي القذافي والسادات بسهولة فكل منهما كان يسعى لتوطيد مركزه بعيدا عن تراث عبدالناصر , لكن كلا منهما في نفس الوقت كان مازال في امس الحاجة لهذا التراث ليستمد منه شرعيته. لذلك فقد انهارت الوحدة وما تلاها من مشاريع الانشقاق والاختلاف محل الوفاق والوحدة , وهكذا وجد العقيد نفسه كما قال هو "زعيما بلا شعب وفي مصر شعب بلا زعيم". وفي عام 1973 وحينما كانت مصر تشحذ العالم العربي للوقوف خلفها في حرب اكتوبر كان العقيد مشغولا بالثورة الثقافية التي اراد لها ان تبتعد عن نمط ماوتسي تنج في الصينلتصبح ثورة ثقافية ذات طابع "قذافي" . الا انها انتهت لتقترب اكثر ما يمكن الى سلبيات الثورة الثقافية في الصين دون ايجابياتها.

وبالرغم من ان العقيد القذافي لم يكن القائد العربي الوحيد الذي رفض مبادرة السادات بزيارة اسرائيل, الا انه كان الوحيد الذي استطاع السادات ان يرد له الصاع صاعين.

وفي اوائل عام 1977 ابرمت ليبيا صفقة اسلحة مع الاتحاد السوفييتي قيل انها تهدد الامن القومي المصري, وفي يوليو 1977 قام الجيش المصري بغارات تاديبية ضد ليبيا محدثا خسائر كبيرة ماديا ومعنويا.

المنفذ الوحيد

وتعد مصر الان المنفذ السياسي والاقتصادي بل والدبلوماسي ايضا للعقيد بعد فرض الامم المتحدة العقوبات الاقتصادية ضد نظام العقيد في ليبيا, وفي المقابل يقرع العقيد طبول الحرب ضد الجماعات الاسلامية مؤكدا ان ليبيا هي حجر العثرة التي سقطت في يد الاسلاميين القادميين من الجزائر فسوف تسقط مصر ايضا في ايديهم.

وقد تم الترويج لهذه المقولة ابان انتصار جبهة الانقاذ في الانتخابات الجزائرية ثم ما تلاها من حرب اهلية في هذا البلد, وكانت هذه الازمات فرصة للعقيد للاطاحة بالعديد من اشكال المعارضة في ليبيا وليس فقط المعارضة الاسلامية والمتمركزة في بنغازي ثاني اكبر المدن الليبية.

عاد العقيد يدعو الان للوحدة بين مصر وليبيا والسودان, الغريب ان العقيد لم يجد تناقضا في الدعوة للوحدة بين ثلاث دول ذات ثلاثة انظمة متناقضة.

فالسودان تحكمه الجماعات الاسلامية محتمية بالعسكر في الوقت الذي يحاول فيه النظام المصري ارساء بعض قواعد العمل الديمقراطي, بينما تعتمد ليبيا نظام الوحدات الثورية وهو نظام غير مثيل في النظم المعترف بها, لقد حاول القذافي اقناع قادة الفكر في مصر -اثناء ندوته مع اساتذة جامعة القاهرة- بان الديمقراطية تعمل على شق صفوف الامة وان مصر ليست في حاجة لمثل هذه المبادئ حيث يوجد لها طبقات.

قذائف القذافي وزياراته "الكارثية"

يبدو ان زيارة العقيد معمر القذافي الاخيرة لمصر لم تكن متوقعة ولم يتم الترتيب لها حسب القواعد البروتوكولية المعمول بها عادة,وحين بدأت الزيارة كانت الترتيبات البروتوكولية قد اعدت على عجل وبدا الارتباك واضحا وانتهت الزيارة بما هو اكثر من الارتباك البروتوكولي, انتهت بارتباكات وازمات دبلوماسية. كان في استقبال العقيد القذافي حين وصوله الى مرسى مطروح وزير الاعلام ومحافظ المدينة, وبدا ان عددا من رؤساء قبائل مطروح قد تمت دعوتهم على عجل ليكونوا في استقبال العقيد وليقضي معهم ليلة طويلة, ثم يقوم بزيارة معالم المدينة, وكان واضحا ان الرئيس حسني مبارك قد اتيحت له الفرصة -خلال هذا الوقت- ليستعد لاستقبال القذافي في القاهرة حيث اقيم له استقبال شعبي مع اساتذة جامعة القاهرة وبعض من قيل عنهم قادة الرأي والفكر في مصر, وقد ظهر جليا ان قادة الرأي والفكر هم عدد قليل من الصحافيين الى جوارهم اعداد اكبر من العاملين في التلفزيون المصري.

خلال هذه اللقاءات كانت التغطية الاعلامية في مصر في حدها الادنى خاصة بعد لقاء العقيد في جامعة القاهرة وتصريحاته التي امتدت من المؤامرة الامبريالية ضد شعوب العالم الثالث بتصنيع الشامبو من البيض واللبن لتجويع اطفال الشعوب الفقيرة , وحتى حكمه باستقلال الكويت باطل وانه كان يجب تقسيم الكويت بين كل من العراق والسعودية طالما انها غير مؤهلة لتوفير الحماية الامنية لحدودها وان استقلالها جاء عبر قوات التحالف الغربي وليس العربي.

شعر المصريون بكثير من الحرج بسبب تصريحات العقيد والتي ادت الى ازمة وخلافات مع بعض الدول العربية وفي مقدمتها الكويت وكذلك الولايات المتحدة الامريكية.

اذ انه لم تمض ساعات معدودة حتى عاد العقيد القذافي ليوجه انتقادات اخرى معادية للولايات المتحدة الامريكية خلال لقائه ايضا في اليوم الثالث باعضاء لجان الشؤون العربية والعلاقات الخارجية بمجلسي الشعب والشورى وقال القذافي ان ازمة لوكيربي هي ازمة سياسية في الدرجة الاولى خلقتها امريكا للقضاء على ليبيا وتجويع شعبها وان امريكا تضر بمصالح ليبيا والعرب في المنطقة وبالتالي لا بد من التحرك على الاصعدة العربية لمواجهة هذا التخريب الامريكي مهما كلف الامر.

وفي الحال سارعت واشنطن واحتجت بسبب تلك الاقوال. ومن اجل احتواء هذه الخلافات التي تسببت فيها اقوال العقيد القذافي سارعت مصر باجراء اتصالات دبلوماسية متعددة مع الكويت وامريكا لاحتواء تداعيات الموقف.

بعد زيارة العقيد بدأت بعض الصحف المصرية وكبار الصحافيين الخروج عن تحفظهم واندلعت مايشبه حملة صحافية منظمة ضد ليبيا واقوال العقيد, بل ان بعض الصحافيين طالبوا الحكومة المصرية بانتهاز فرصة الازمات التي تسبب فيها القذافي والمطالبة بتحجيم العلاقات مع ليبيا التي اعتبرها البعض انها السبب الرئيسي في مشاكل مصر مع الغرب, الرد الليبي على هذه الحملات الصحافية اعتبرها حملات مأجورة تستهدف ليبيا الا ان المسؤولين في مصر يقولون ان القاهرة ستفكر اكثر من مرة عندما تدعو العقيد لزيارة مصر وعقد لقاءات مفتوحة.


الالم المهاجر غير متصل قديم 21-07-2001 , 04:47 PM    الرد مع إقتباس