عرض مشاركة مفردة
مستر مستر غير متصل    
عضو نشيط جدا  
المشاركات: 725
#16  
العلاقات الخارجية
مقدمة:
منذ أن أقام النبي صلى الله عليه وسلم الدولة الإسلامية الأولى تبينت القواعد الراسخة التي تسير عليها الدولة الشرعية في علاقاتها الخارجية، وقد سار على نهج هذه القواعد والأسس خلفاؤه الراشدون من بعده رضي الله عنهم. ولهذا فإن الدولة التي تقوم على عقيدة الإسلام ملزمة ـ بحكم مسؤوليتها عن إقامة شرع الله ـ بالسير على هذه القواعد والالتزام بها في كل علاقاتها. ونبين فيما يأتي هذه الأسس والقواعد الكبرى التي شرعها الإسلام لتنظيم علاقات الدولة المسلمة بغيرها لكي تكون بياناً يرجع إليه في معالجة وإصلاح واقع الحال.
الأساس الأول: نشر دعوة الإسلام في العالم:
جاءت الأدلة الشرعية من كتاب وسنة تبين أن الواجب على الدولة الشرعية أن تكون علاقاتها هادفة ابتداءً إلى نشر دين الإسلام ودعوة الأمم والناس إليه قال تعالى "ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" وقال "ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله"، وقال "وما على الرسول إلا البلاغ المبين". وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك خير قيام حيث دعا قومه قريشاً ثم سائر العرب ودعا ملوك العرب والعجم والروم إلى هذا الدين حتى دخل الناس في دين الله أفواجاً وسار صحابته رضي الله عنهم على ذلك بعده والتابعون بإحسان. ولذا فإن الأساس الأول لعلاقات الدولة الإسلامية بغيرها هو السعي لنشر الدعوة الإسلامية وهداية الناس إلى دين الله، وهذا في الحقيقة هوالعمل الأساسي للدولة الشرعية.
الأساس الثاني: توحيد المسلمين وجمع كلمتهم:
لقد بينت الآيات العديدة من كتاب الله تعالى وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم وحدة الأمة وأن المسلمين أمة من دون الناس قال تعالى "وأن هذه أمتكم أمة واحدة"وقال تعالى "والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم" وقال عليه الصلاة والسلام "مثل المسلمين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد..الحديث"، وعن سليمان بن بريدة عن أبيه قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأمرائه "وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال فأيتهن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين"...فهذه الآيات والأحاديث تدل على وجوب وحدة المسلمين والسعي إلى جمع كلمتهم، وأن ذلك من أسس تنظيم علاقات الدولة الشرعية بغيرها.
الأساس الثالث: نصرة قضايا المسلمين:
جاءت الآيات والأحاديث تبين أن الدولة الشرعية مسؤولة عن نصرة المسلمين المظلومين والذود عنهم والدفاع عن حقوقهم قال الله تعالى "والذين لم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر..الآية" وقال صلى الله عليه وسلم "انصر أخاك ظالماً أومظوماً" وقال " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه". فهذه الأدلة تبين وجوب نصرة المسلمين بعضهم بعضاً. ولهذا فإنه من المتعين على الدولة الشرعية أن تكون قائمة بهذا الواجب العظيم ومسؤولة أمام الأمة عن إقامته وتحقيقه.
وبناء على هذا التأصيل فإن تنظيم علاقات المسلمين في دولتهم مع غيرهم من الدول والشعوب يجب أن يُبنى على هذه القواعد وأن يُستهدى بها في رسم كافة العلاقات.

واقع العلاقات الخارجية
إن المتأمل في علاقاتنا الخارجية يلاحظ ما ىأتي:
1) تتسم علاقات المملكة مع بعض التوجهات الإسلامية ـ دولاً وحركات وأفراداً ـ أحياناً بالفتور والتجاهل والخذلان والتشويه الإعلامي أحياناً. كما كان الموقف من الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر. كما يلاحظ أن هناك تقصيراً في دعم حركات الدعوة الملتزمة بمنهج أهل السنة، وخاصة في بلاد أفريقيا وآسيا التي تتعرض لنشاط مكثف من الحركات البدعية المدعومة والنشاط التنصيري العالمي.
2) تقديم الدعم المادي والمعنوي للدول التي تحارب الدعاة وتمنع نشر الدعوة إلى الله على بصيرة مثل سوريا والسلطة الجديدة في الجزائر، أو لجهات أخرى لا تربطها مصالح ظاهرة بالمملكة.
3) الحرص على ألا تتعارض سياسة المملكة مع مصالح الأنظمة الغربية التي تقود العداء للإسلام، ويتضح ذلك في مجاراة الولايات المتحدة الأمريكية في غالب المواقف والعلاقات والقرارات مثل الاندفاع نحو عملية السلام مع اليهود.
4) عدم ثبات سياسة المملكة تجاه بعض الدول الإسلامية وغيرها حتى إنها لتظهر كأنها رد فعل مباشر وآني للحوادث المباشرة والآنية، دون الالتزام بالثوابت أو بعد النظر، مثل العلاقات مع إيران والسودان مما ينم عن عدم بناء العلاقات على الثوابت الشرعية والتخطيط الاستراتيجي.
5) سفاراتنا في الخارج يكاد ينعدم نشاطها الإسلامي، كما أن بعضها تقوم بممارسات تنبئ عن أن المسؤولين فيها لا يمثلون المملكة وتوجهاتها الإسلامية، بل ربما أعطت صورة غير حقيقية عن بلد الحرمين وتصوراً مشوهاً عن مجتمعنا المتمسك بتعاليم الإسلام السمحة.
6) انتشار ظاهرة توظيف النساء السافرات وغير المسلمات في سفاراتنا مما يزري بواقع سفاراتنا التي تمثل بلاد الحرمين الشريفين وقبلة الإسلام وقد يؤدي إلى تسرب أسرارها.
7) عدم قيام هذه السفارات بما يفترض عليها من واجب الدعوة وإبلاغ رسالة الله إلى المجتمعات التي يعيشون بين ظهرانيهم خصوصاً وأن أغلبها في بلاد كافرة.
8) صرف الأموال الطائلة على شراء ذمم أشخاص، أو إسكات بعض رجال الصحافة والإعلام والسياسيين والأحزاب مما أطمعهم فينا ابتزازاً ومساومة.

سبيل الإصلاح:
وبعد أن عرضنا واقع الحال لعلاقاتنا الخارجية فإننا ننصح بما يأتي:
1) تبني سياسة الوحدة الإسلامية ودعم قضايا المسلمين في جميع المحافل الدولية في أنحاء العالم، ونقل صورة صحيحة ودقيقة عنها للأمة، ومن ثم مناصرتهم والدفاع عنهم ومواصلة الجهد لحل مشكلاتهم.
2) توثيق العلاقات مع التوجهات الإسلامية من دول وحركات وأفراد، والعمل بجد لما يؤدي لتحقيق الوحدة بين المسلمين على الكتاب والسنة ونصرة الإسلام والمسلمين.
3) قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع كل دولة تحارب الدعاة إلى الله فيها أو تضطهد الأقليات الإسلامية بها وأن تكون العلاقات مبنية على حسن تعامل تلك الدول مع الدعاة والأقليات الإسلامية.
4) التعامل بحكمة مع الدول والتكتلات والتوجهات المعادية للإسلام وعلى رأسها الأنظمة الغربية، وتجنب أي نوع من الأحلاف أو أشكال التعاون التي تخدم الأهداف الاستعمارية وتؤثر على القرار السياسي لهذا البلد.
5) إعادة النظر في وزارة الخارجية وأوضاع السفارات والسلك الدبلوماسي بحيث لا يعين إلا المؤتمنون في هذا المنصب الخطير لكي تؤدي السفارات رسالتها الإسلامية المنوطة بها.
6) العمل على إزالة جميع المظاهر التي تخالف تعاليم الإسلام وقيمه الصحيحة من سفاراتنا.
7) استقطاب الطاقات الإسلامية من جميع أنحاء العالم وتوظيفها في خدمة الإسلام وتوفير العيش الكريم لهم. وكذلك إيواء المضطهدين من الدعاة والمصلحين وتوفير الحماية لهم.
8) زيادة المنح للدراسة في جامعات المملكة ومعاهد اللغة العربية للطلاب المسلمين من كافة الجنسيات والأقطار وإعدادهم للقيام بواجب الدعوة.
9) عرض الإسلام في المحافل الدولية والدعوة إليه على أنه دين شامل يحمل الحلول الناجعة لأزمات البشرية ويقودها إلى ما فيه سعادتها في دنياها وآخرتها.


مستر غير متصل قديم 28-06-2001 , 05:34 PM    الرد مع إقتباس