عرض مشاركة مفردة
مستر مستر غير متصل    
عضو نشيط جدا  
المشاركات: 725
#15  
المقاصد الممنوعة شرعاً :
لا يستريب أحد من المسلمين أن كل ما يخالف الشرع لا يجوز اعتباره أو عمله فضلاً عن أن يكون مقصوداً لذاته ولذا بينت الشريعة الإسلامية الكاملة ما لا يجوز أن يقصد من مقاصد إعلامية فمن ذلك:
أ) كل دعوة إلى المحرم أو الرذيلة أو الإفساد في الأرض أو المعاصي أو الطعن في دين الإسلام وأهله، قال تعالى "إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم"، وقال "وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً، ولو شاء ربك مافعلوه فذرهم وما يفترون". وكذلك ما ثبت من الوعيد الشديد في حق الدعاة للفتن الذين يقودون الناس إلى جهنم.
ب) كل ما ينجم عنه الفرقة وإضعاف وحدة الصف والإرجاف قال تعالى "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم".
ج) نقل الخبر الذي يضر بالمسلمين إلى أعداء المسلمين كما جاء في سبب نزول آيات سورة الممتحنة.
د) كل ما يؤدي إلى الإساءة إلى المسلم في عرضه بغير حق نحو ما نزل من آيات بالوعيد الشديد لمن افترى حديث الإفك قال تعالى "إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم لكل أمرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم".
هـ)الدعوة إلى العصبية أو الجاهلية أو الدعوات الباطلة قال عليه الصلاة والسلام "ليس منا من دعا بدعاء الجاهلية".
و) المدح المذموم وهو ما يدعو إلى فتنة الممدوح وما يكون مشتملاً على ما لايتصف به الممدوح وما ليس من كسبه حيث جاء في الحديث "إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب" لعظيم الفتنة بأقوالهم.

الوسائل العلمية للإعلام الإسلامي:
إن الشريعة مثلما بينت المقاصد المشروعة والممنوعة فلقد بينت كذلك أحكاماً تتعلق بالعديد من الوسائل التي تتحقق من خلالها المقاصد الشرعية والوسائل التي تمنع ظهور المقاصد المخالفة للشرع. فمن الوسائل التي شرعها الإسلام لتحقيق مقاصده المطلوبة مشروعية الخطبة في صلاة الجمعة وفي العيدين ويوم عرفة وغيرها من مناسبات الاجتماع المشروعة مثل صلاة الاستسقاء والكسوف، فما من فرصة لاجتماع الناس إلا ويشرع فيها التذكير والتوجيه. ومن الوسائل المشروعة الأذان الذي هو بمثابة إعلام بدخول وقت الصلاة وإعلام بالدعوة إليها. فضلاً عن العديد من الوسائل الإعلامية التي أباحها الشرع نحو الشعر والخطابة وكتابة الرسائل وبعث المنادين الذين يتلون على الملأ الأحكام والقضايا العامة. ومن البديهي أن الوسائل الإعلامية المباحة لاتقتصر على ما ذكر من وسائل بل إن من مقتضيات الرسالة أن يستخدم المسلمون أحدث وأرقى وأجود ما توصلت إليه التقنية الحديثة في ذلك من وسائل الاتصال المقروءة والمسموعة والمرئية الواسعة الانتشار وفقاً للقاعدة الشرعية "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب" وقاعدة "للوسائل حكم المقاصد".
أما من حيث الوسائل التي تمنع بها المقاصد الإعلامية المخالفة للشرع فعديدة جداً منها ماثبت من وجوب قيام الإنسان بالرقابة الذاتية على ما يتلفظه ويعلنه، قال تعالى " ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد"، وفي الحديث المتفق عليه "إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها إلى النار أبعد مما بين المشرق والمغرب". ومن الوسائل وجوب التثبت في خبر الفاسق قال تعالى "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا"، ومنها وجوب الرد إلى الله والرسول وأولي العلم والاختصاص قال تعالى "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به، ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم".
كما أن الشريعة عنيت بزجر كل من يقوم بالإعلام المخالف لمقاصد الشرع زجراً بالغاً حيث شرعت حداً للقذف في العرض، وأهدر الرسول عليه الصلاة والسلام دم من كان من المشركين ينشد في هجوه محارباً لدعوته، كما عاقب عمر رضي الله عنه الحطيئة عند هجائه للزبرقان.
ومما سبق من تأصيل شرعي يظهر جلياً أنه يجب على المجتمع الإسلامي أن تكون كل صور الخطاب الإعلامي من حديث أو خبر أو قصة أو أقصوصة أوبرنامج إعلامي مستمدة من الإسلام تصوراتها وقيمها ومثلها وموازينها، أو أن تسعى لتحقيق مقاصد الإعلام الشرعية بأن تعمل على دعوة الناس إلى دين ربهم وإبلاغه إليهم وتكوين الشخصية الإسلامية في أفرادهم وإصلاح الرأي العام في مجتمعهم وكشف الحقائق وفضح سبيل المجرمين وتوجهاتهم وبيان تهافت سياستهم وأقوالهم، بالإضافة إلى تحقيق المقصد المباح من ترويح أو تسلية للنفوس. كما يجب أن تكون كل تلك الصور الإعلامية مجانبة كل مقصد محرم للإعلام من نشر الرذيلة والفحش أو إيذاء المؤمنين أو بث الفرقة وتمزيق الوحدة، وأن يسعى في الإعلام المطلوب لدولة الإسلام من الاستفادة من الوسائل التي شرعها الإسلام لإعلام الناس من خطب ولقاءات في العبادات والمساجد والحج، وأن يستفاد بأقصى ما يمكن مما يستجد من وسائل وأساليب مادية حديثة لتحقيق المقاصد الشرعية للإعلام.

الواقع الإعلامي:
بعد هذا التأصيل الشرعي نستعرض فيما يأتي واقع الحال لإعلامنا:
1) المبالغة في المدح المذموم شرعاً مما يرسخ النفاق والكذب في المجتمع، وتقديس الأشخاص والذوات، مخالفاً بذلك ما ثبت شرعاً من قصر التقديس والتعظيم على الله تعالى وحده.
2) إعطاء تصور زائف وغير صحيح في فهم حقيقة الدين وأحكامه الشاملة، بحصر الخطاب الإعلامي ـ فيما يتعلق بالدين ـ في جوانب العبادات والسلوكيات الفردية دون الأحكام التي تعالج قضايا الأمة والمجتمع، ودون ربط كل أعمال الحياة بالتصور الإسلامي والعقيدة الإسلامية وكليات الدين.
3) تحجيم وظيفة المنابر الشرعية كخطب الجمع والأعياد،ووسائل الإعلام والمحاضرات والندوات العامة، وذلك بالسعي لمنع الخطباء ذوي الوعي الشرعي والعلم بالواقع، وأصحاب النصيحة والرأي الشجاع من تسنم هذه المنابر، ومحاولة حصرهذه المنابر على من لا يحسن القيام بحق الكلمة وواجب البلاغ المبين.
4) يظهر للمتابع لوسائل الإعلام أن المحور الذي تدورعليه البرامج الإعلامية المقدمة هو تغطية زمن البث بالحشو ببرامج تغيب فيها الأهداف الصحيحة، وتعجز عن تحقيق المقاصد الإعلامية الشرعية، كإصلاح الرأى العام أو بناء الشخصية الإسلامية في الناس، أو كشف الحقائق للأمة وتوعيتها.
5) تعطيل القدرات الإبداعية بسلسلة من القيود والتعليمات الثقيلة على الوسائل الإعلامية التي تحجر على إبداء الرأي المشروع، أو الصدع بكلمة الحق وتبليغ رسالة الإسلام في القضايا الكبرى للأمة إذا خالفت توجهات أصحاب القرار في هذه المؤسسات.
6) الإقلال من البرامج الدينية في وسائل الإعلام، حيث لا تعطى هذه البرامج إلا نسبة قليلة من زمن البث.
7) احتكار كافة وسائل البث الإعلامي من صحافة وإذاعة وتلفزة لأجهزة ومؤسسات عامة أو شبه عامة، ومنع أفراد المجتمع من حقهم الشرعي في إصدار وامتلاك وسائل البث الإعلامي المختلفة لنشر العلم الشرعي والنافع والدعوة والإبلاغ.
8) حجب الخبر الصادق في وسائل الإعلام الرسمية، وتبديل الحقائق أو عرضها بطريقة منتقاة مبتورة مما أفقد الثقة بكل الوسائل الإعلامية، حتى شاع بين الناس أنه لتكذيب خبر ما يكفي وصفه بأنه "رسمي". كما أدى إلى اتجاه الناس لوسائل الإعلام المعادية في الدول الكافرة للحصول على الأخبار والحقائق التي يرغبون في معرفتها والاطلاع عليها ومنحها ثقتهم.
9) التركيز المستمر في البرامج الإعلامية، على استمراء القيم والأخلاقيات والعادات الغربية الباطلة المخالفة للشرع، وتقديمها باعتبارها نموذجاً يحتذى والإشادة برموز وقيادات ونجوم هذه المجتمعات، واعتبارهم قدوات ومثلاً عليا، مما يؤدي ـ عياذاً بالله ـ إلى كسر الحاجز الاعتقادي والسلوكي بين هذه الأمة وبين الكفر والنفاق والشرك وأهله.
10) إبراز الشرائح الاجتماعية ذات الدور الهامشي في الحياة، حيث يحتل الرياضيون والفنانون، والمغنون وأشباههم الذين جعلوا اللهو همّاً مركزياً لهم..مساحات واسعة في وسائل الإعلام المحلي، ويتناول الحديث عنهم كافة أعمالهم ونشاطاتهم بما في ذلك أدق التفاصيل عن حياتهم اليومية، ونشاطاتهم الاجتماعية، حتى تمكن هؤلاء من أذهان الشباب، وصار حلم الشاب في المستقبل أن يكون رياضياً أو فناناً، بينما تغيب عن هذه الوسائل شرائح أكثر أهمية وأعظم دوراً كالعلماء والمفكرين والدعاة والمصلحين وذوي الكفاءات والانجازات.
11) إعطاء البرامج الترفيهية، وموضوعات اللهو والعبث الغالبية من أوقات البث، مع كثرة البرامج التي تفسد السلوك والعقائد والأخلاقيات، أو تعد في أحسن الأحوال تافهة مضيعة للوقت والمال والجهد وتصنع الاهتمامات الهامشية والزائفة وتصد عن معالي الأمور.
12) التضييق الشديد على المؤسسات الإعلامية والتسجيلات الإسلامية بمنع إصدار التصاريح أو تحويلها، والرقابة المشددة عليها.. في الوقت الذي يسمح فيه لكثير من مجلات التبرج والسفور بدخول البلاد ويسهل فتح وانتشار محلات التسجيل والفيديو الهابطة والمنافية للقيم الإسلامية والتي تحبذ الفحش والرذيلة وتدعو إلى نزع الحياء عن المرأة والأسرة المسلمة.
13) الإكثار من برامج الأطفال التي تعتمد على التصديق بالمستحيل والسحر والأساطير والتمرد، الأمر الذي من شأنه أن يزرع قيماً خطيرة في نفوس الأطفال في سن مبكرة مما يكون له أكبر الأثر في تنشئتهم.
14) قلة البرامج الهادفة للأسرة والمرأة المسلمة.
15) تركيز وسائل الإعلام والصحافة على مجاراة وسائل الإعلام الغربية في الطعن والقدح في الدعاة المسلمين والحركات والمؤسسات الإسلامية والتشكيك فيها ورميها بالأصولية والتطرف للتنفير منها والإساءة إليها حتى وصل الحال بهذه الأجهزة ـ والعياذ بالله ـ إلى الفرح بانتصار العلمانيين على هذه الحركات والشماتة بالمصائب والمآسي التي تصيب المسلمين.
16) قصور وسائل الإعلام المحلية عن مخاطبة المسلمين في العالم وإيصال الصوت الإسلامي لكل مكان وخصوصاً المناطق الشديدة الاحتياج كالأقليات الإسلامية والجمهوريات الإسلامية حديثة الاستقلال.
17) الاعتماد الكلي في المادة الإعلامية المقدمة على إصدارات أعداء الأمة ووكالات أنبائهم وتحليلاتهم وغياب الرقابة والمراجعة والتدقيق لهذه البرامج وعدم بذل الجهد لإيجاد البديل.
18) انتشار أجهزة البث المباشر التي تعرّض قيم هذه البلاد وأهلها للمسخ والانحراف الفكري والاجتماعي، وغياب المراقبة الجادة الرسمية لها.

مستر غير متصل قديم 28-06-2001 , 05:32 PM    الرد مع إقتباس