عرض مشاركة مفردة
نور بوظبي نور بوظبي غير متصل    
عضو شرف  
المشاركات: 3,594
#1  
أمنيتنــــــا، هل حولناها إلى هـــدف؟!
كنت أشعر بالحرقة في داخلي و لم أتمالك نفسي عندما كانت معلمتي تتحدث عن النصر و ذلك حينما كنت في الصف الثالث ثانوي. كان درسنا في ذلك اليوم عبارة عن قصيدة أظنها للشاعر أحمد شوقي لا زلت أذكر بعض أبياتها

( سلاماً من صبا بردى أرق .. و دمع لا يكفكف يا دمشق ،
و معذرة اليراعة و الواقفي ... جلال الرزء عن وصف يدق ،
لحاها الله أنباءاً توالت ... على سمع الولي بما يشــــق )

تحدثت معلمة اللغة العربية عن آلام وحدة الأمة الإسلامية و أننا يجب أن نتّحد في وجه العدو و نقف صفاً واحداً و بذلك نكون أقوياء .

لا أعلم لماذا حاولت تحطيم السكون الذي كان يخيم الفصل و قلت بصوت مرتفع و الألم يعتصر قلبي : لقد مللنا هذا الكلام ، منذ أن كنا صغاراً و نحن نُمنٌي أنفسنا بوحدة الأمة الإسلامية، ملننا سماع أننا يجب أن نكون صفاً واحداً في وجه العدو ، منذ ذلك الحين و نحن نتمنى و كل يوم نرى العدو يأكل قطعة من بلادنا الإسلامية ، منذ أن كنا صغاراً و أنتم تخبروننا أن فلسطين سوف تتحرر و أن العرب و المسلمين سيتٌحدون لطرد الغاصب المحتل ، و لكن لم نسمع إلا الأمنيات و لم نرى إلا الأحلام، لقد مللت سماع هذه الأمنيات و مللت سماع القصائد التي لا تزيدني إلا ألم .

أجزم أن تفكيري كان قاصراً في تلك الفترة ، فقد كنت أظن النصر أمنية نحاول أن نشغل نفسنا الجريحة بذكره ، لعل بعض الجراح تندمل و لو بذكر تلك الأماني و الأحلام ..

مع مرور الأيام أدركت أننا نستطيع أن نحول هذه الأمنية إلى هدف نسعى من أجله.و ذلك بتحديد الهدف جيداً و تحديد المُسببات التي تعيينا للوصول إليه. فأدركت حينها أن النصر لا يأتي بكثرة الهتافات و الشعارات و إنما بالعمل الصادق له و الإخلاص لله تعالى، فقد وعدنا الله تعالى بالنصر ( و من أصدق من الله قيلا)، و قد أخبرنا الله تعالى بأن النصر يأتي بالإيمان الصادق و العودة إلى هذا الدين ، كما قال الله تعالى ( و لا تهنوا ولا تحزنوا و أنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) ، و قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم ) ، و علمت أن الفجر يأتي بعد ليلٍِ حالك السواد ليبشر بشروق شمس الصباح، و تأملت قول الله تعالى ( فإن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا)، فتيقنت بأن الفرج قريب و أن اليسر يأتي بعد تعسير الأمور ، و لن يغلب عسراً يسرين .

نعود إلى دراسة هذا الهدف و هو أن نرى أمتنا الإسلامية متحررة من براثن أعدائها ، و أن تعود أمتنا إلى عزها بعدما أصبحت ذليلة ينهش العدو من كل جزء منها و هي مستسلمة ، بل ربما الطفل الصغير أصبح أفضل حالاً منها، فهو يصرخ و يبكي حينما تجرح قدمه أو أي عضو من جسده، أما أمتنا الإسلامية أصبحت لا تملك حتى حق الإعتراض لما يحصل لها.ربما أكثر ما يبكيني هو شعوري أن دم المسلمين أصبح رخيصاً فآلاف يُقتلون و هم يدافعون عن دينهم و عرضهم و لا نسمع إلا همساً فالدفاع عن الدين و الوطن أصبح إرهاباً ، ودم القردة و الخنازير أصبخ غالي تقوم لأجله الحروب و تطحن المعارك ، و ربما أقرب شاهد ما حصل في مدينة الفلوجة السنية في العراق. كل هذا يحصل لنا بسبب ابتعادنا عن ديننا و تعلقنا بمتاع الدنيا الزائف كما قال عليه أفضل الصلاة والسلام : ( يوشك الأمم أن تداعي عليكم كما تداعي الأكلة إلى قصعتها فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ قال : بل أنتم كثير و لكنكم غثاء كثغاء السيل و لينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم و ليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله و ما الوهن ، قال : حب الدنيا و كراهية الموت ) *صحيح

نعم سوف يإتي بإذن الله هذا النصر، ولكن هذا النصر لن يأتي إلا بالطلب الصادق، فهو يحتاج إلى أناس مخلصين لدينهم و يبذلون الغالي و النفيس في سبيله، دعونا نسعى بصدق لنصر هذا الدين ، و لنسأل أنفسنا ماذا قدمنا لهذا الدين، هل صدقنا مع الله تعالى ، هل عدنا لكتاب الله تعالى ، كم كان نصيب القرءان من حياتنا اليومة ، دقيقتان لقراءة وجه أو وجهان، ألا نخجل بأن يكون حالنا هكذا ونحن نطلب نصر الله ، هل حاولنا أن نرقي أنفسنا ليكون وردنا اليومي لا يقل عن جزءان من القرءان الكريم أو ثلاثة أجزءا، هل حاولنا أن نتوب إلى الله تعالى من الذنوب والمعاصي، هل حافظنا على الصلوات الخمس في أوقاتها و حاولنا أن نكون أكثر خشوعاً في صلاتنا، هل تصدقنا و لو باليسير من المال لأخوة لنا لا يجدون كسرة خبز يسكتون به جوع بطونهم، هل حاولنا تغيير مجتمعاتنا و اجتهدنا في ذلك ، و بدأنا بأنفسنا ثم بأفراد أسرتنا ثم بمن حولنا و حاولنا نشر الخير بينهم ، هل ترضى بأن يجتهد أهل الباطل للدعوة إلى طغيانهم و أهل الحق لا يجتهدون، هل جددنا نيات أعمالنا ، هل وثقنا بالله تعالى و توكلنا عليه في جميع أمورنا أم أننا نتعامل مع الأمور بمادية فلا توكل و لا حتى ارتباط بالله تعالى .

نعم نحن متفائلون بالنصر، فالله وعدنا به ، و لكن هل عدنا لديننا بصدق و سعينا لتحقيق هذا الهدف، دعونا نراجع أنفسنا و نحاول إصلاحها ليصلح أمر أمتنا، فلا يتهاون كل شخص بالطاقات التي توجد بداخله فرُب رجلٍ مخلص كان عن أمـــة بأكملها و التاريخ خير شـــاهد.

همســــــــة :

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل و النهار، و لا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز ، أو بذل ذليل ، عزاً يذل به الإسلام ، ذلاً يذل به الكفر ) رواه الجماعة و أخرجة الألباني في السلسة الصحيحة




نور بوظبي غير متصل قديم 10-04-2004 , 04:52 PM