عرض مشاركة مفردة
صدى الحق صدى الحق غير متصل    
عضو شرف  
المشاركات: 7,164
#8  

إن المتعة كانت مباحة في العصر الجاهلي ، ولما جاء الإسلام أبقى عليها مدة ثم حرمت يوم خيبر، لكن المتعارف عليه عند الشيعة عند جماهير فقهائنا أن عمر بن الخطاب هو الذي حرمها ، وهذا ما يرويه بعض فقهائنا.
والصواب في المسألة أنـها حرمت يوم خيبر.
قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: ( حرم رسول الله صلى الله عليه وآله يوم خيبر لحوم الحمر الأهلية ونكاح المتعة ) انظر (التهذيب 2/186)، (الاستبصار 2/142)، (وسائل الشيعة 14/441).
وسئل أبو عبد الله رضى الله عنه ( كان المسلمون على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله يتزوجون بغير بينة ؟ قال: لا) (انظر التهذيب 2/189).
وعلق الطوسي على ذلك بقوله: إنه لم يرد من ذلك النكاح الدائم بل أراد منه المتعة ولهذا أورد هذا النص من باب المتعة.
لا شك أن هذين النصين حجة قاطعة في نسخ حكم المتعة وإبطاله.
وأمير المؤمنين صلوات الله عليه نقل تحريمها عن النبي صلى الله عليه وآله وهذا يعني أن أمير المؤمنين قد قال بحرمتها من يوم خيبر ، ولا شك أن الأئمة من بعده قد عرفوا حكم المتعة بعد علمهم بتحريمها ، وهنا نقف بين أخبار منقولة وصريحة في تحريم المتعة وبين أخبار منسوبة إلى الأئمة في الحث عليها وعلى العمل بـها.
وهذه مشكلة يحتار المسلم إزاءها أيتمتع أم لا ؟
إن الصواب هو ترك المتعة لأنـها حرام كما ثبت نقله عن أمير المؤمنين رضى الله عنه ، وأما الأخبار التي نسبت إلى الأئمة , فلا شك أن نسبتها إليهم غير صحيحة بل هي أخبار مفتراة عليهم ، إذ ما كان للأئمة عليهم السلام أن يخالفوا أمراً حرمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسار عليه أمير المؤمنين من بعده، وهم - أي الأئمة - الذين تلقوا هذا العلم كابراً عن كابر لأنـهم ذرية بعضها من بعض.
لما سئل أبو عبد الله رضى الله عنه ( كان المسلمون على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله يتزوجون بغير بينة ؟
قال: لا ) فلولا علمه بتحريم المتعة لما قال : لا ، خصوصاً وإن الخبر صحيح في أن السؤال كان عن المتعة وأن أبا جعفر الطوسي راوي الخبر أورده في باب المتعة كما أسلفنا.
وما كان لأبي عبد الله والأئمة من قبله ومن بعده أن يخالفوا أمر رسول الله صلوات الله عليه أو أن يحلوا أمراً حرمه أو أن يتبدعوا شيئاً ما كان معروفاً في عهده رضى الله عنه. وبذلك يتبين أن الأخبار التي تحث على التمتع ما قال الأئمة منها حرفاً واحداً، بل افتراها وتقولها عليهم أناس زنادقة أرادوا الطعن بأهل البيت الكرام والإساءة إليهم ، وإلا بم تفسر إباحتهم التمتع بالهاشمية وتكفيرهم لمن لا يتمتع ؟
مع أن الأئمة عليهم السلام لم ينقل عن واحد منهم نقلاً ثابتاً أنه تمتع مرة أو قال بحلية المتعة ، أيكونون قد دانوا بغير دين الإسلام ؟
فإذا توضح لنا هذا ندرك أن الذين وضعوا تلك الأخبار هم قوم زنادقة أرادوا الطعن بأهل البيت والأئمة عليهم السلام، لأن العمل بتلك الأخبار فيه تكفير للأئمة .. فتنبه.
روى الكليني عن أبي عبد الله رضى الله عنه أن امرأة جاءت إلى عمر بن الخطاب فقالت : ( إني زنيت ، فأمر أن ترجم ، فأخبر أمير المؤمنين رضى الله عنه فقال: كيف زنيت ؟
فقالت: مررت بالبادية فأصابني عطش شديد فاستسقيت أعرابياً فأبى إلا إن مكنته من نفسي ، فلما أجهدني العطش وخفت على نفسي سقاني فأمكنته من نفسي ، فقال أمير المؤمنين رضى الله عنه : تزويج ورب الكعبة ( الفروع2/198 ).
إن المتعة كما هو معروف تكون عن تراض بين الطرفين وعن رغبة منهما.
أما في هذه الرواية فإن المرأة المذكورة مضطرة ومجبورة فساومها على نفسها مقابل شربة ماء ، وليست هي في حكم الزانية حتى تطلب من عمر أن يطهرها وفوق ذلك - وهذا مهم- إن أمير المؤمنين رضى الله عنه هو الذي روى تحريم المتعة في نقله عن النبي صلى الله عليه وآله يوم خيبر فكيف يفتي هنا بأن هذا نكاح متعة ؟!
وفتواه على سبيل الحل والإقرار والرضا منه بفعل الرجل والمرأة !!؟
إن هذه الفتوى لو قالها أحد طلاب العلم لعدت سقطة بل غلطة يعاب عليه بسببها ، فكيف تنسب إلى أمير المؤمنين رضى الله عنه وهو من هو في العلم والفتيا ؟
إن الذي نسب هذه الفتوى لأمير المؤمنين إما حاقد أراد الطعن به ، وإما ذو غرض وهو اخترع هذه القصة فنسبها لأمير المؤمنين ليضفي الشرعية على المتعة كي يسوغ لنفسه ولأمثاله استباحة الفروج باسم الدين حتى وإن أدى ذلك إلى الكذب على الأئمة عليهم السلام بل على النبي صلى الله عليه وآله.
وإن المفاسد المترتبة على المتعة كبيرة ومتعددة الجوانب:-
1 - فهي مخالفة للنصوص الشرعية لأنـها تحليل لما حرم الله.
2 - لقد ترتب على هذا اختلاق الروايات الكاذبة ونسبتها إلى الأئمة عليهم السلام مع ما في تلك الروايات من مطاعن قاسية لا يرضاها لهم من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان.
3 - ومن مفاسدها إباحة التمتع بالمرأة المحصنة - أي المتزوجة - رغم أنـها في عصمة رجل دون علم زوجها ، وفي هذه الحالة لا يأمن الأزواج على زوجاتـهم فقد تتزوج المرأة متعة دون علم زوجها الشرعي ودون رضاه ، وهذه مفسدة ما بعدها مفسدة ، انظر (فروع الكافي 5/463) ، (تـهذيب الأحكام 7/554)، (الاستبصار 3/145) .
وليت شعري ما رأي الرجل وما شعوره إذا اكتشف أن امرأته التي في عصمته متزوجة من رجل آخر غيره زواج متعة ؟!
4 - والآباء أيضاً لا يأمنون على بناتـهم الباكرات إذ قد يتزوجن متعة دون علم آبائهن ، وقد يفاجأ الأب أن ابنته الباكر قد حملت ، .. لم ؟
كيف ؟
لا يدري .. ممن ؟
لا يدري أيضاً فقد تزوجت من واحد فمن هو ؟
لا أحد يدري لأنه تركها وذهب.
5 - إن أغلب الذين يتمتعون، يبيحون لأنفسهم التمتع ببنات الناس، ولكن لو تقدم أحد لخطبة بناتـهم أو قريباتـهم فأراد أن يتزوجها متعة ، لما وافق ولما رضي ، لأنه يرى هذا الزواج أشبه بالزنا وإن هذا عار عليه ، وهو يشعر بـهذا من خلال تمتعه ببنات الناس فلا شك أنه يمتنع عن تزويج بناته للآخرين متعة ، أي أنه يبيح لنفسه التمتع ببنات الناس وفي المقابل يحرم على الناس أن يتمتعوا ببناته. إذا كانت المتعة مشروعة أو أمراً مباحاً ، فلم هذا التحرج في إباحة تمتع الغرباء ببناته وقريباته ؟
6 - إن المتعة ليس فيها إشهاد ولا إعلان ولا رضى ولي أمر المخطوبة ، ولا يقع شيء من ميراث المتمتع للمتمتع بـها ، إنما هي مستأجرة كما نسب ذلك القول إلى أبي عبد الله رضى الله عنه فكيف يمكن إباحتها وإشاعتها بين الناس ؟
7 - إن المتعة فتحت المجال أمام الساقطين والساقطات من الشباب والشابات في لصق ما عندهم من فجور بالدين ، وأدى ذلك إلى تشويه صورة الدين والمتدينين.
وبذلك يتبين لنا أضرار المتعة دينياً واجتماعياً وخلقياً ، ولهذا حرمت المتعة ولو كان فيها مصالح لما حرمت ولكن لما كانت كثيرة المفاسد حرمها رسول الله صلى الله عليه وآله، وحرمها أمير المؤمنين رضى الله عنه.

صدى الحق غير متصل قديم 30-01-2002 , 05:20 PM    الرد مع إقتباس