|
عضو نشيط جداً
|
|
المشاركات: 491
|
#11
|
لا أعبد ما تعبدون .. د. محمد عباس
***
وعندما جلست للكتابة كانت هذه النصائح – التي لا أشك في إخلاصها – تدوي في أذنىّ بصوت كطنين النحل..
أبت الكلمات أن تطيعني.. و أبى القلم..
ضجّت روحي : هل تخون الله؟..
جأرت نفسي: هل تخون خمسة ملايين قتيل وشرذمة أمة وتفتيت أوطان وتدمير وجود..
أنّ ضميري: هل تخون نفسك؟..
ثم راح عقلي يحلل المسألة..
لن أفعل ما يريدون منى ومن الأمة أن تفعله.. ولن نخجل مما يجب أن نفخر به لنفخر بما يجب أن نخجل منه..
فليعتقلونا.. وليذبحونا .. ولينشروا عنا الأكاذيب..
فأن يفعلوا ذلك بالباطل خير لنا من أن يفعلوه بالحق..
نعم .. نحن – بهدى من ديننا – ليس ضد قتل البشر فقط.. بل ضد تجويع هرة أو قطع شجرة.. يعصم الآخرين منا ألا يظلمونا.. فإن فعلوا.. فعلينا أن نعاقبهم بمثل ما عاقبونا به.. وحتى في هذه.. فقد حضنا ديننا على الصبر.. لكنه صبر القادر لا صبر العاجز.. صبر العفو عند المقدرة..
***
ثم أنني بعد ذلك كله لم أشعر بشماتة ولا بفرح.. فللموت جلاله حتى ولو كان من يموت كلبا.. فما بالنا بخمسة آلاف نفس..
على العكس.. كنت أجلس أمام التلفاز والدموع تملأ عينىّ..
لا..
أعترف..
ليس إشفاقا.. ولا تعاطفا..
و إنما رعب من الله.. القوى القهار العزيز المذل المنتقم العادل.. وكيف يأخذ الطغاة أخذ عزيز مقتدر.. يأخذهم في اللحظة التي بلغ ازدهاؤهم بأنفسهم فيها أن ظنوا أنهم قد ملكوا أقطار الأرض و أصبحوا قادرين عليها..
يأخذهم ويحيط بهم من حيث لم يحتسبوا..
***
تتحدث الأسطورة الإغريقية القديمة عن البطل أخيلوس، الذي حابته الآلهة ( أستغفر الله مما يقولون لكن هكذا تقول الأسطورة) فقررت أن تمنحه الخلد فغمسته في مائه فأصبح جسمه كله محصنا ضد الهلاك ما عدا جزء صغير أعلى كعبي قدميه..كان من يغمسه في ماء الخلد يمسكه من هذه النقطة فلم يصل ماء الخلد إليها ( مازال هذا الجزء أعلى القدم يسمى حتى الآن باسم : وتر أخيلوس) .. وكبر أخيلوس ليصبح البطل الذي لا يقهر، وظن أنه قادر على الدنيا وما فيها حتى اكتشف أحد أعدائه نقطة ضعفه.. فرماه بسهم أعلى كعبه .. فمات البطل الأسطوري الذي لا يقهر والذي ظن لنفسه الخلد..
|
|
22-09-2001 , 11:20 AM
|
الرد مع إقتباس
|