عرض مشاركة مفردة
غريب نجد غريب نجد غير متصل    
مبدع متميز  
المشاركات: 3,374
#3  
3- العلم الشرعي ..

فالعلماء العارفون بالله هم السعداء.
وإليك يا أخي الكريم قصة تناسب هذا المقام، وهي قصة لأحد العلماء الزهاد، ألا وهو أبو الحسن الزاهد، فما أحداث تلك القصة المثيرة؟
كان أحمد بن طولون (أحد ولاة مصر) من أشد الظلمة حتى قيل: إنه قتل ثمانية عشر ألف إنسان صبراً (أي يقطع عنه الطعام والشراب حتى يموت) وهو أشد أنواع القتل، فذهب أبو الحسن الزاهد إلى أحمد بن طولون امتثالاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر" (رواه أحمد والنسائي وابن ماجة) وقال له: "إنك ظلمت الرعية"، وخوفه بالله- تعالى- فغضب ابن طولون غضباً شديداً، وأمر بأن يجوع أسد ثم يطلق على أبي الحسن !! يا له من موقف رهيب!! لكن نفس أبي الحسن الممتلئة بالإيمان والثقة بالله، جعلت موقفه موقفاً عجيباً.
عندما أطلقوا عليه الأسد أخذ يزأر ويتقدم ويتأخر وأبو الحسن جالس لا يتحرك، ولا يبالي والناس ينظرون إلى الموقف، بين باك وخائف على هذا العالم الورع.
وضعوا أمامه أسداً جائعاً!! إنها معركة غير متكافئة !!
ولكن ما الذي حدث؟ لقد تقدم الأسد وتأخر، وزأر، ثم سكت ، ثم طأطأ رأسه، فقرب من أبي الحسن فشمه ثم انصرف عنه هادئاً ، ولم يمسه بسوء.
وهنا تعجب الناس! وكبروا وهللوا.
ولكن في القصة ما هو أعجب من ذلك.
لقد استدعى ابن طولون أبا الحسن، وقال له: قل لي بماذا كنت تفكر والأسد عندك وأنت لا تلتفت إليه ولا تكترث به؟
فأجاب قائلاً: إني كنت أفكر في لعاب الأسد –إن مسني – أهو طاهر أم نجس؟ قال له: ألم تخف الأسد؟ قال: لا ، فإن الله قد كفاني ذلك.
هذه هي السعادة الحقيقية، التي يورثها الإيمان والعلم النافع، هذا هو الانشراح الذي يبحث عنه كل الناس . هذا الموقف الصلب من أبي الحسن يذكرنا بموقف الصحابي الجليل خبيب بن عدي رضي الله عنه عندما أسره المشركون، وقبل أن يقتلوه سألوه: هل لك حاجة قبل أن تموت؟ فطلب منهم أن يمهلوه حتى يصلي ركعتين، فأمهلوه، فصلى ركعتين- وكان أول من سن الركعتين قبل القتل.
بعد الصلاة قال: والله لولا أني خشيت أن تظنوا أن بي جزعٍ من القتل، لأطلت الصلاة. فلما رفعوه ليصلبوه ويقطعوه، سألوه، أتحب أن محمداً مكانك وأنك بين أهلك؟
فقال: "والله إني لا أحب أن يصاب محمد بشوكة بين أهله، وأنا في مكاني هذا" !!
انظر يا أخي إلى قوة اليقين، وصلابة المؤمنين !!
ثم قال رضي الله عنه " اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً.
وأنشد يقول:
ولست أبالي حين أقتل مسلماً **** على أي جنب كان في الله مصرعي
ولست بمبدٍ للعدو تخشعاً **** ولا جزعاً إني إلى الله مرجعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ**** يبارك على أوصال شلوٍ ممزع
شجاعة! بطولة! قوة يقين! رسوخ إيمان! يصلي بثبات، يرد عليهم بثبات، يدعو عليهم بثبات، ينشد هذه الأبيات بثبات . هذا هو لب السعادة لمن أرادها.

غريب نجد غير متصل قديم 04-06-2001 , 10:26 AM    الرد مع إقتباس