حوار بين البعير و السيارة
منقول من كتاب " الاستنارة في بيان آداب ركوب و قيادة السيارة "
( للسيارة و البعير رؤيتان مختلفتان حول دور كل منهما في التاريخ و الحضارة الانسانية , د. أحمد بن سعيد سجل رؤيتهما في هذه المحاورة : السيد بعير : لقد كنت في الماضي وسيلة الانتقال , و حامل الأثقال , تقطع الفيافي , و تشد القوافي , و تقول : يا كافي ! تستصغر الأعباء , و تصبر على البلاء , حتى سموك : سفينة الصحراء . لكن كل ذلك مضى , و قضى الله فيه ما قضى , لقد هجرك الناس الي , و أصبحوا يتسابقون لتقبيل يدي , ألم تر كيف جعلوني أحسن الجوائز , لكل متسابق فائز ؟ و نشروا اعلاناتي في الجرائد , وبسطوا من أجلي الموائد, و أقاموا شركات التقسيط , من أجلي أيها " العبيط " ! حتى ذلت بسببي أعناق الشباب , و تناوشتهم الديون من كل باب , و تقطعت بهم الأسباب ..... تذكر يا بعير أيام مجدك , و تحسر على صبرك و جدك , و تجرع مرارة الأسى , و ابك كما يبكي النسا . لقد هبطت من القمة الى السفح , و لم تعد تصلح الا للذبح , يأكلك القوم ثم يمتطوني , و يحمدون ربهم على متوني , بل هاهم انصرفوا عنك الى الدجاج , و أنت هائم على وجهك في الفجاج , و هجروك الى لحم الغنم , فافتح عينيك و لا تنم , و امض بلا أمل , و احقد يا جمل ! لم يعد يراك الناس الا لماما , بعد أن كنت قائدا مقداما , و صرت أندر من الطربوش , بعد أن كنت مزهوا فوق العروش . بل اني ربما رويتك من عروقي , و حملتك في صندوقي , و رأى الناس سيارة تحمل جملا , فضحكوا منك .... واخجلا ! أو ربما أبصروك ممددا في الطريق , بعد أن صدمتك يا رفيق ! و ما حصل ذلك الا لجهلك , و فرط ترددك و ثقلك . فالحمد لله الذي أغنى خلقه بي , و خلصهم منك يا غبي . يتوق امتلاكي الناس طرا و لا فخر و يخطب ودي من له الحكم و الأمر فمن يرق صهواتي ينل كل حاجة و يلتذ بالدنيا و يشمخ له قدر و من يعتزلني يلقى ذلة و خيبة و ليس له بريقيه و لا بحر فغض بعير الطرف لست مكافئا لسيدة دانت لها البدو و الحضر ألم ترهم ساقوا أطايب ابلهم لكي يشتروني , من اذن حاله نكر ؟ و باتوا أسارى القسط زهرة عمرهم و من يخطب الحسناء لم يغلها المهر السيارة _________________ حضرة السيارة : كلامك يطفح بالغرور , و ينبئ عن مين و زور , فمن أنت حتى تتطاولين علي , و هل نسيت أنك جماد و أني حي , و قد رزقني الله طول العمر , و نفع بي خلقه عبر العصر , شهدت قوافل الفتوح , و هي تغدو بالنصر و تروح , و أياما عز فيها التوحيد , و قلمت أظافير الطغاة بيد من حديد , و ارتفعت فيها منزلة الأدباء , أدى حق الله العلماء . فماذا شهد عصرك يا مغرورة ! غير التباهي بانتصارات ( الكورة ) , و أين فتوحي من سياسات ( الانتفاح ) , و مظاهر الانبطاح , التي تنوء بها أيام ( الملاح ) ؟ ! و ليت شعري ! كيف تزعمين أنك جلبت السلامة , و حققت لكل فتى أحلامه , و أنت تزهقين في كل يوم نفسا , و تهدرين الملايين فلسا فلسا . كم طفل قضى بسببك نحبه , و شيخ فقد بسببك لبه , و صبية في عمر الزهور , أصبحت من سكان القبور . كم انفجرت عجلتك على حين غرة , فتناثرت بفضل وفائك النادر أسرة . يا عدو الأنام ! و نذير الشؤم و الحطام ! يا قهر الرجال ! يا حزن ربات الحجال ! يا كيد الحيزبون ! يا وليدة الزمن المجنون ! يا كالحة المنظر ! يا سيئة المخبر ! يا سبة الزمان ! يا ساحرة الغلمان ! يا ضياع الأمان ! يا انتهاء الضمان ! يا فتنة عثمان ! يا حفرة الادمان ! يا أحقر من لو ! يا أضعف من أو ! يا غصة في الريق ! يا خذلان الصديق اذا اشتد الضيق ! يا صنيعة الغرب ! يا خائنة الدرب ! يا جالبة الكرب ! تباهين في الطريق بدهسي , و تزهقين ببرود نفسي , لا غرو فهذا طبع من صنعوك , و ديدن من ركبوك . تعيرني أني بعير لك العذر تعيشين في عصر يسيره الكفر موازينه طاشت فصار ظلامه نهارا و أضحى من طبائعه الغدر غدا العدل فيه أن تكبل أمة يمزقها العدوان و الهتك و الأسر غدا قتل أطفال و حظر دوائهم صوابا و تجويع النساء هو الفخر أنا كاره يا دابة الشؤم جيلكم و ما نالني و الله في بعدكم خسر و لكنني آت اذا الفتح أسرجت ركائبه و انزاح عن كوننا الضر و عاد أصيحابي يسوسون أمره فأطلع مزهوا كما طلع الفجر البعير ) :) :) :) |
لكن مهما تنوعت وسائل المواصلات وتقدمت ، يستحيل علينا أن نتنكر للجمل !
فلا السيارات ولا الطيارات ولا حتى الصواريخ تجعلنا ننكر ونتجاهل محاسن الجمل وإيجابياته في عالم التنقلات ..!! أولاً : في هذه الأزمات الإقتصادية الجمل يعتبر خير وسيلة اقتصادية .. فهو لايحتاج الى " بنزين " .. لإن وقوده عبارة عن طعام وفير يخزنه في سنامه ، وماء كثير يخزنه في أكياس تشبه الجرة في جدار معدته .. وبالتالي لايتوقف فجاءة في منتصف الطريق مثلما يحدث مع السيارة ..!! ثانياً : لايوجد في جوفه " ماتور " يسخن وليس له " كفرات تبنشر " ولايلوث البيئة كمات يحدث من السيارة !! ثالثاً : المرء لايحتاج الى تغييره طوال مدة أستهلاكه ، فماركته واحدة الجمل جمل لايوجد جمل " كاديلاك " ولا جمل " رولز " :p رابعاً : تنقلاتك به يتبع الحكمة القائلة " في التأني السلامة وفي العجلة الندامة " خامساً : لايصتدم بجمل آخر " زميل له " ولا ينقلب بك في حادث مفجع وبأمكان التحدث بالجوال مطمئناً وتترك العنان لإحلامك وأنت تدندن على رواق وتتمايل بك النسمات العليله يميل شمان :p |
طال الزمن و لا قصر ... ترى راجعين للبعير .. و للخيل :rolleyes:
|
شكرا رايق باشا وبنت الباطن
صحيح ما ذكرت أخي في الله رايق باشا .. و لا غنى عن البعير و لا الخيل أمام ما يحدث من حوادث بسبب تكنولوجيا السيارات
و الشكر الجزيل للأخت بنت الباطن على ردها و تعليقاتها الرائعة .. |
| الساعة الآن » 08:12 PM. |
Powered by: vBulletin Version 3.0.16
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.