PDA

View Full Version : أولئك آبائي فجئني بمثلهم (( بن رواحة ))


عمق
26-05-2001, 12:48 PM
عبد الله بن رواحة كان كاتبا وشاعرا من أهل المدينة ، منذ أسلم وضع كل مقدرته
في خدمة الإسلام ، بايع الرسول -صلى الله عليه وسلم- في بيعة العقبة الأولى

والثانية ، وكان واحدا من النقباء الذين اختارهم الرسول الكريم000

قال أبو الدرداء : أعوذ بالله أن يأتي عليّ يومٌ لا أذكر فيه عبد الله بن رواحة ، كان إذا لقيني مقبلاً ضربَ

بين ثدييّ ، وإذا لقيني مدبراً ضربَ بين كتفيّ ثم يقول ( يا عُويمر ، اجلس فلنؤمن ساعة )000فنجلس

فنذكر الله ما شاء ، ثم يقول (يا عويمر هذه مجالس الإيمان )000

كان يحمل عبد الله بن رواحة سيفه في كل الغزوات وشعاره ( يا نفْسُ إلا تُقْتَلي تموتي )000وصائحا

في المشركين : 000

خلُّوا بني الكفار عن سبيله000خلوا ، فكل الخير في رسوله

استخلفه الرسول -صلى الله عليه وسلم- على المدينة حين خرج إلى غزوة بدر الموعد ، وبعثه في سرية في

ثلاثين راكباً إلى أسير بن رازم اليهودي بخيبر ، فقتله ، وبعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-إلى خيبر

خارِصاً ، فلم يزل يخرص عليهم -أي ما يتوجب دفعه عليهم لرسول الله من تمرٍ وغيره- إلى أن قُتِل بمؤتة

غزوة مؤتـــة ::

كان عبد الله -رضي الله عنه- ثالث الأمراء فيها ، زيد بن حارثة ، جعفر بن أبي طالب ، والثالث عبد الله بن

رواحة ، فودّع الناس أمراء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسلّموا عليهم ، فبكى عبد الله بن رواحة ،

فسألوه عما يبكيه ، فقال ( أما والله ما بي حبّ الدنيا ولا صبابة إليها ، ولكنّي سمعت رسول الله -صلى الله

عليه وسلم- يقرأ000

وإنْ منكم إلاّ وَارِدُها كانَ على ربِّكَ حتّماً مقضياً000سورة مريم آية (71)000

فلستُ أدري كيف لي بالصدور بعد الوُرُود )000فقال المسلمون (صحبكم الله وردّكم إلينا صالحين ،

ورفع إليكم )000فقال عبد الله بن رواحة000

لكننـي أسـأل الرحمـن مغفرة00000وضَرْبة ذات فَرْع تَقْذف الزَبدا

أو طعنة بيـديْ حرَّان مُجهـزة00000بحربة تنفـذ الأحشاء والكَبـدا

حتى يُقال إذا مرُّوا على جَدَثـي00000يا أرشَدَ اللهُ من غازٍ وقد رَشَدا

وتحرك الجيـش الى مؤتة ( 8 هـ )، وهناك وجـدوا جيـش الروم يقرب من مائتي ألف مقاتل ، فنظر

المسلمـون الى عددهم القليل فوَجموا وقال بعضهم ( فلنبعث الى رسول الله نخبره بعدد عدونا ، فإما أن

يمدنا بالرجال وإما أن يأمرنا بالزحف فنطيع )000ولكن نهض ابن رواحة وسط الصفوف وقال ( يا قوم ،

إنا واللـه ما نقاتل أعداءنا بعَـدَد ولا قـوة ولا كثرة ، ما نقاتلهم إلا بهـذا الديـن الذي أكرمنا الله به ، فانطلقوا

، فإنما هي إحدى الحُسنَيَيـن ، النصر أو الشهادة )000فهتف المسلمون ( قد والله صدق ابن رواحة )000

الشهادة :

والتقى الجيشان بقتال قوي ، فسقط الأمير الأول شهيدا ، ثم سقط الأمير الثاني شهيدا ، وحمل عبد الله بن

رواحة الراية فهو الأمير الثالث وسط هيبة رددته فقال لنفسه :0

أقْسَمـتُ يا نَفـْسُ لَتَنْزلنَّـه00000لتنـزلـنَّ ولتُكْـرَهِـنَّـه

إن أجْلَبَ النّاس وشدُّوا الرّنّةْ00000مالِي أراك تكرَهيـنَ الجنّة

قد طالَ ما قدْ كنتِ مُطمئنةْ00000هلْ أنتِ إلا نُطفةً في شنّةْ

وقال أيضاً000

يا نفسُ إلا تُقتلي تموتـي00000هذا حِمَام الموتِ قد صَلِيتِ

وما تمنَّيـتِ فقد أُعطيـتِ00000إن تفعلـي فِعْلهما هُدِيـتِ

وانطلق يعصف بالروم عصفا ، وهوى جسده شهيدا وتحققت أمنيته ، وفي هذا الوقت كان الرسول -صلى

الله عليه وسلم- في المدينة مع أصحابه ، فصمت فجأة ورفـع عينيه ليظهر عليه الأسـى وقال ( أخذ الراية

زيـد بن حارثة فقاتل بها حتى قُتِل شهيـدا ، ثم أخذها جعفـر فقاتل بها حتى قُتِل شهيـدا )000وصمت قليلا

حتى تغيّرت وجوه الأنصار ، وظنّوا أنه كان في عبد الله بن رواحة ما يكرهون ، ثم استأنف قائلا ( ثم أخذها

عبد الله بن رواحة فقاتل بها حتى قُتِل شهيدا )