PDA

View Full Version : الدعــــــــــــــــوة


العهد
24-05-2001, 12:14 PM
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته


في ظلال سورة يوسف ..... نتعلم الكثير .... و وقفتنا اليوم ... هو في اسلوب الدعوه إلى الله الذي اتخذه يوسف عليه السلام .

ما أن دخل عليه السلام السجن حتى انتهز هذه الفرصة ليبث بين السجناء عقيدته الصحيحه.

و بدأ يوسف عليه السلام مع صاحبي السجن و موضوعهما الذي يشغل بالهما- قال تعالى ((وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ))- فيطمئنهما عليه السلام على أنه سيؤول لهم الرؤى .... لماذا؟؟ لماذا سيؤول لهم الرؤى؟ ... لأن ربه علمه لدنيا خاصا جزاء على تجرده لعبادة الله وحده و تخلصه من عبادة الشركاء هو و آباؤه من قبله. و بهذا يكسب يوسف عليه السلام ثقتهما من اللحظه الأولى بقدرته على تأويل رؤياهما كما يكسب ثقتهما كذلك لدينه –قال تعالى((قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ))

*** إذن هنا أول نقطه يجب أن يتوقف عليها الداعية في بادئ الأمر هو أن يكسب ثقة الناس

و يبدو من خلال تناول يوسف عليه السلام للحديث لطف مدخله إلى النفوس و كياسته و تنقله في الحديث في رفق لطيف
-قال تعالى((لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي )) و بهذا التوكيد الموحي بالثقة بأن الرجل على علم لدني و قوله ((ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي )) تجيء في اللحظة المناسبة ليدخل بها إلى قلبيهما بدعوته إلى ربه و ليعلل بمها هذا العلم اللدني الذي سيؤول لهما رؤياهما عن طريقه.

*** و هنا نقطة ثانيه يجب أن يتوقف عندها الداعية و هي اللطف و اللين في التعامل


ثم يتوغل في قلبيهما أكثر و يفصح عن دعوته و عقيدته إفصاحا كاملا و يكشف عن فساد اعتقادهما و اعتقاد قومهما و فساد ذلك الواقع النكد الذي يعيشون فيه ...
قال تعالى ((يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ, مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ))
لقد رسم يوسف عليه السلام بهذه الكلمات القليلة الناصعة الحاسمة المنيرة كل معالم هذا الدين و كل مقومات هذه العقيدة كما هز بها كل قوائم الشرك و الطاغوت و الجاهلية هزا شديدا عنيفا...
قال تعالى ((يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ))
إنه عليه السلام يتخذ منهما صاحبين و يتحبب إليهما بهذه الصفة. ليدخل من هذا المدخل إلى صلب الدعوة و جسم العقيدة و هو لا يدعوهما إليها دعوة مباشرة و إنما يعرضها قضية موضوعية :
قال تعالى ((أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ))
و هو سؤال يهجم على الفطرة في أعماقها و يهزهما هزا شديدا .. إن الفطرة تعرف لها إلاها واحدا ففيم إذن تعدد الأرباب؟ إن الذي يستحق أن يكون ربا يعبد و يتبع شرعه ه والله الواحد القهار.

*** و هنا نقطه ثالثه يتوقف عندها الداعية هي مناقشة الأمور بموضوعيه حتى يتقبلها الناس.

ثم يأتي عليه السلام و يضرب ضربته الأخيرة الحاسمة فيبين لمن ينبغي أن يكون الحكم ... لمن ينبغي أن تكون الطاعة .. لمن ينبغي تكون العبادة.
قال تعالى ((إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ))
ثم يعلل يوسف عليه السلام القول بأن الحكم لله وحده . فيقول:
قال تعالى ((أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ))

*** و هنا نقطه أخرى يجب أن يتوقف عندها الداعية هو أن يوثق قوله بالدلائل.


ثم يزيدهما عليه السلام ثقة بما قال ...بأن فسر لهما الرؤيا.
قال تعالى ((يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ))

___________

المرجع: في ظلال القرآن ..سيد قطب

الملبوس
24-05-2001, 12:26 PM
نفع الله بك أختي فالله العهد....نعم هذه نقاط يجب ان يتوقف عندها كل داعية الى الله ....فهذه صفات الداعية الحق وهذا ما نريد من الدعاة وطلبة العلم .......وفي فهم ومعرفة اصول الدعوة الخير و
ويعتبر اللين والرفق من الامور الهامه في الدعوة الى الله في زمانا الحالي واشكرك على هذه اللفته المبركة.

وكتاب سيد قطب من الكتب العظيم في عصرنا الحالي ومن اروع الكتب التي اتطلعت عليهافي التفسير.