سردال
20-04-2001, 03:09 PM
وزنك ذهب ضيف جديد ينضم لمجلس البرامج الجديدة الهادفة إلى إغراق الناس في الأحلام الذهبية والثراء والانتقال في طرفة عين من الفقر المدقع إلى الغنى الفاحش، ولو أحسنا الظن لقلنا أنه يهدف إلى رسم الابتسامة وغرس السعادة في قلوب الرابحين والفائزين، لكن لا نستطيع قول ذلك أبداً، لأننا سمعنا وقرأنا عن أناس "مغفلين" وسامحوني على هذا اللفظ، خسروا الكثير من المال والوقت في سبيل ربح المليون، إذاً المسألة ربح وخسارة، ربح على حساب أناس آخرين لا يحميهم القانون لأن القانون لا يحمي المغفلين.
لنرجع لبرنامجنا وزنك ذهب، منذ متى ونحن لنا أوزان أو ثقل؟ إننا حقيقة لا وزن لنا ولا مكانة في هذا العالم، ولو كان لنا وزن فعلاً لأسكتنا الهجوم الجائر الذي يقوم به الكيان الصهيوني ضد إخواننا في فلسطين، لو كان لنا وزن لأقمنا الحرب وأججنا النار ولم نطفئها في وجه هذا السرطان المتمركز في فلسطين، لو كان لنا وزن فعلاً لأجبرنا الأمم المتحدة على اتخاذ خطوات فعلية في اتجاه حل القضية، لكن القضية ماتت من ثقلنا! هذا الثقل الذي ضيعناه في الملايين وبريق الذهب، اختنقت ولم تستطع أن تستنجد أو تستصرخ، وكيف تفعل هذا وهي تختنق تحت أقدام أبنائها؟
إننا في هذا الزمن نعيش متناقضات صنعناها بأيدينا والزمن منها براء، وكلما تحسرنا على أيام ماضيات قلنا: الدنيا تغيرت، لا والله ما تغيرت لكن الناس أنفسهم تغيروا وبدلوا، ودعونا نستعرض هذه المتناقضات في قناة فضائية معروفة، ونضرب بها المثل لأن الإعلام له الدور الأكبر في التأثير على المجتمع وكذلك في عكس صورة المجتمع الحقيقية.
تجلس أمام هذا الجهاز العجيب وتمسك بجهاز التحكم وتتنقل بين قنواته حتى تحط رحالك في قناة فضائية عربية، والبرنامج المعروض الآن يظهر فيه شيخ جليل، يتحدث عن أمور شتى من الدنيا والدين، فتستمع وتستفيد، وتظهر بنتيجة وفائدة بديهية، وهي أن هذا الدين كل متكامل لا فصل فيه بين أجزاءه، فهو للدنيا والدين.
وبعد هذا البرنامج مباشرة يأتي برنامج آخر للفن، وكلمة الفن في هذا الزمان تحولت إلى عفن أجلكم الله، نحن نعلم أن الفن يرقى بحس الإنسان ومشاعره، وأن الفن دعوة نحو الفضيلة، وما نشاهده يقول لنا: الفن هز للوسط وقفز ونط، وحركات مائعة وأصوات ناشزة، وكشف للعورات ودعوة للشهوات، وكل هذا باسم الحب فقط!
إنكم أهدرتم كرامة الحب بعفنكم هذا! لكن لا بأس لنكمل مشاهدة هذه السخافات إلى نهايتها، وعندها لن نجني إلا الصداع من سرعة اللقطات وتبدلها السريع، وسنكتسب قاموساً جديداً من الألفاظ العجيبة الغريبة التي هي خليط من اللهجة العامية واللغات الأجنبية ولا علاقة لها بالعربية ولا عزاء للعربية.
انتهى البرنامج بحمد الله ومنته، مع حصيلة من القتلى والجرحى من المشاهدين الكرام الذين تسمموا بالعفن الفني من هذا البرنامج فقط! فكيف ببقية البرامج؟! وجاء وقت الأخبار، يأتيك صوت المذيعة الناعم لتعلن لك عن:
7 قتلى و32 جريح في قطاع غزة، في هجوم جديد من إسرائيل (كأنهم يعترفون بإسرائيل كدولة!!)
الدول العربية تشجب وتستنكر ما تقوم به إسرائيل من أعمال عنف (مبروك!! لقد حطمتم الرقم القياسي للشجب والاستنكار)
الصين تطلب اعتذار رسمي من الولايات المتحدة في حادثة طائرة التجسس الأمريكي (أفكر بجد في أخذ الجنسية الصينية!!)
ثم يظهر لك وجه المذيعة الحسناء ولباسها الفاتن لتنسى الدنيا بعد ابتسامة تمتد من الأذن للأذن! وتحلق في خيالك بعيداً عن مآسينا، وتبدأ المذيعة الشحرورة في سرد الخبر وراء الخبر مع إمالة الرأس قليلاً لليمين وشيئاً يسيراً للشمال ثم تمد وجهها لتعدل شعرها المنسدل على وجهها الجميل، وبعد إذاعة أخبار القتلى والجرحى، تلتفت المذيعة إلى اليمين قليلاً لتقول: وفي الأخبار بعد الفاصل..... كذا وكذا!
وفي الفاصل إعلانات مختلفة لبرامج الفضائية المحترمة، منها الغنائي ومنها الفني ومنها السنيمائي، ثم الإعلانات التجارية للبضائع الأمريكية التي نقاطعها ونحاربها، ثم ينتهي هذا الفاصل بإعلان جميل عن اربح المليون باتصال هاتفي، وتبدأ في الطيران في أفق أخرى من الخيال، وتتخيل نفسك فجأة تقود سيارة فارهة، ولديك سكن كبير فاخر، ولا يقطع عليك هذا الخيال سوى وجه المذيعة الحسناء التي تذيع عليك أخبار القتلى والجرحى والمساكين والمآسي!
وقبل نهاية الأخبار تعرض المذيعة الحسناء خبر طريفاً عن حيوانات وفندق للعناية بالكلاب وتنهي الأخبار بابتسامة عريضة وصوت ناعم وتقول لك: إلى اللقاء! وهنا تقوم بعملية مسح لكل المعلومات السابقة وتبقي على اللقطة الابتسامة فلا تمتلئ نفسك إلا بصورتها الجميلة.
بعد الأخبار، فاصل إعلاني آخر ثم برنامج مسابقات سخيف، ورحم الله أيام زمان حينما كنا نشاهد برنامج حروف، وسين جيم، وغيرها التي كانت فعلاً مورداً ثقافياً غزيراً، أما في أيامنا هذه فالمسابقات عبارة عن مذيعة حسناء وسؤال عليه اختيارات متعددة، حتى أن أبسط الأسئلة مثل: ما هو اسمك، نطلب عليه اختيارات!
أبعد كل هذا نجد لأنفنسا وزن وثقل؟! أبعد هذا نفكر في فلسطين وقضيتنا الأولى؟ بل هل فلسطين فعلاً هي قضيتنا الأولى؟ أتمنى ذلك، وزنك ذهب ولم يبقى لك شيء أخي المواطن العربي، وكل مقالة وأوزانكم ذهب يا عرب!
لنرجع لبرنامجنا وزنك ذهب، منذ متى ونحن لنا أوزان أو ثقل؟ إننا حقيقة لا وزن لنا ولا مكانة في هذا العالم، ولو كان لنا وزن فعلاً لأسكتنا الهجوم الجائر الذي يقوم به الكيان الصهيوني ضد إخواننا في فلسطين، لو كان لنا وزن لأقمنا الحرب وأججنا النار ولم نطفئها في وجه هذا السرطان المتمركز في فلسطين، لو كان لنا وزن فعلاً لأجبرنا الأمم المتحدة على اتخاذ خطوات فعلية في اتجاه حل القضية، لكن القضية ماتت من ثقلنا! هذا الثقل الذي ضيعناه في الملايين وبريق الذهب، اختنقت ولم تستطع أن تستنجد أو تستصرخ، وكيف تفعل هذا وهي تختنق تحت أقدام أبنائها؟
إننا في هذا الزمن نعيش متناقضات صنعناها بأيدينا والزمن منها براء، وكلما تحسرنا على أيام ماضيات قلنا: الدنيا تغيرت، لا والله ما تغيرت لكن الناس أنفسهم تغيروا وبدلوا، ودعونا نستعرض هذه المتناقضات في قناة فضائية معروفة، ونضرب بها المثل لأن الإعلام له الدور الأكبر في التأثير على المجتمع وكذلك في عكس صورة المجتمع الحقيقية.
تجلس أمام هذا الجهاز العجيب وتمسك بجهاز التحكم وتتنقل بين قنواته حتى تحط رحالك في قناة فضائية عربية، والبرنامج المعروض الآن يظهر فيه شيخ جليل، يتحدث عن أمور شتى من الدنيا والدين، فتستمع وتستفيد، وتظهر بنتيجة وفائدة بديهية، وهي أن هذا الدين كل متكامل لا فصل فيه بين أجزاءه، فهو للدنيا والدين.
وبعد هذا البرنامج مباشرة يأتي برنامج آخر للفن، وكلمة الفن في هذا الزمان تحولت إلى عفن أجلكم الله، نحن نعلم أن الفن يرقى بحس الإنسان ومشاعره، وأن الفن دعوة نحو الفضيلة، وما نشاهده يقول لنا: الفن هز للوسط وقفز ونط، وحركات مائعة وأصوات ناشزة، وكشف للعورات ودعوة للشهوات، وكل هذا باسم الحب فقط!
إنكم أهدرتم كرامة الحب بعفنكم هذا! لكن لا بأس لنكمل مشاهدة هذه السخافات إلى نهايتها، وعندها لن نجني إلا الصداع من سرعة اللقطات وتبدلها السريع، وسنكتسب قاموساً جديداً من الألفاظ العجيبة الغريبة التي هي خليط من اللهجة العامية واللغات الأجنبية ولا علاقة لها بالعربية ولا عزاء للعربية.
انتهى البرنامج بحمد الله ومنته، مع حصيلة من القتلى والجرحى من المشاهدين الكرام الذين تسمموا بالعفن الفني من هذا البرنامج فقط! فكيف ببقية البرامج؟! وجاء وقت الأخبار، يأتيك صوت المذيعة الناعم لتعلن لك عن:
7 قتلى و32 جريح في قطاع غزة، في هجوم جديد من إسرائيل (كأنهم يعترفون بإسرائيل كدولة!!)
الدول العربية تشجب وتستنكر ما تقوم به إسرائيل من أعمال عنف (مبروك!! لقد حطمتم الرقم القياسي للشجب والاستنكار)
الصين تطلب اعتذار رسمي من الولايات المتحدة في حادثة طائرة التجسس الأمريكي (أفكر بجد في أخذ الجنسية الصينية!!)
ثم يظهر لك وجه المذيعة الحسناء ولباسها الفاتن لتنسى الدنيا بعد ابتسامة تمتد من الأذن للأذن! وتحلق في خيالك بعيداً عن مآسينا، وتبدأ المذيعة الشحرورة في سرد الخبر وراء الخبر مع إمالة الرأس قليلاً لليمين وشيئاً يسيراً للشمال ثم تمد وجهها لتعدل شعرها المنسدل على وجهها الجميل، وبعد إذاعة أخبار القتلى والجرحى، تلتفت المذيعة إلى اليمين قليلاً لتقول: وفي الأخبار بعد الفاصل..... كذا وكذا!
وفي الفاصل إعلانات مختلفة لبرامج الفضائية المحترمة، منها الغنائي ومنها الفني ومنها السنيمائي، ثم الإعلانات التجارية للبضائع الأمريكية التي نقاطعها ونحاربها، ثم ينتهي هذا الفاصل بإعلان جميل عن اربح المليون باتصال هاتفي، وتبدأ في الطيران في أفق أخرى من الخيال، وتتخيل نفسك فجأة تقود سيارة فارهة، ولديك سكن كبير فاخر، ولا يقطع عليك هذا الخيال سوى وجه المذيعة الحسناء التي تذيع عليك أخبار القتلى والجرحى والمساكين والمآسي!
وقبل نهاية الأخبار تعرض المذيعة الحسناء خبر طريفاً عن حيوانات وفندق للعناية بالكلاب وتنهي الأخبار بابتسامة عريضة وصوت ناعم وتقول لك: إلى اللقاء! وهنا تقوم بعملية مسح لكل المعلومات السابقة وتبقي على اللقطة الابتسامة فلا تمتلئ نفسك إلا بصورتها الجميلة.
بعد الأخبار، فاصل إعلاني آخر ثم برنامج مسابقات سخيف، ورحم الله أيام زمان حينما كنا نشاهد برنامج حروف، وسين جيم، وغيرها التي كانت فعلاً مورداً ثقافياً غزيراً، أما في أيامنا هذه فالمسابقات عبارة عن مذيعة حسناء وسؤال عليه اختيارات متعددة، حتى أن أبسط الأسئلة مثل: ما هو اسمك، نطلب عليه اختيارات!
أبعد كل هذا نجد لأنفنسا وزن وثقل؟! أبعد هذا نفكر في فلسطين وقضيتنا الأولى؟ بل هل فلسطين فعلاً هي قضيتنا الأولى؟ أتمنى ذلك، وزنك ذهب ولم يبقى لك شيء أخي المواطن العربي، وكل مقالة وأوزانكم ذهب يا عرب!