محرز
19-03-2001, 01:38 AM
ليس للحب صورة فوتوغرافية معروفة.. . فهو أحيانا مراهق و أحيانا شخص وقور ..
وليس له ملامح ثابتة.. فهو مرة قرنفلة.. ومرة قنبلة وليس له بطاقة تأمين صحي.. فهو قد ينافس الزمن في البقاء.. وقد يموت بالأنفلونزا الآسيوية..
وليس له اصل معروف.. ولا شجرة عائلة يمكن الرجوع إليها.. فهو أحيانا مجذوب يجلس في الشارع.. وأحيانا خبير في برامج الكمبيوتر..
ولا توجد في ملفات الشرطة معلومات أكيدة عن وجوده وديانته وعقيدته وجنسيته وانتماءاته السياسية.. ولكنه في المحاكم يبدو متهما في كثير من قضايا القتل والاختلاس.
الرومانسيون يقولون انه هبط ليلا علي شعاع فضي للقمر.. واشتري ديوان شعر.. وجيتارا.. وأغنية. وعلبة حليب لا تنتهي صلاحيتها.. وتسلق أول نافذة صادفته.. وراح يعزف موسيقي تتجسد أقمارا وأزهارا وفراشات ملونة وفطائر محشوة بعسل النحل.. وعندما بدأت الشمس في الشروق اختفي.
الكلاسيكيون يصرون ويقسمون علي أنه لا وجود له الآن.. وأنه قد انتحر منذ سنوات بعيدة.. في اللحظة التي عرف فيها الناس الشيكات السياحية.. والمضاربة في البورصات العاطفية.. في اللحظة التي تحولت فيها العلاقة بين الرجل والمرأة إلي مزاد.. وعرض وطلب.. وأقنعة.. وصرافة.. وسوق سوداء.. في اللحظة التي تزاوجت فيها الثروة والسلطة بحثا عن القوة
الكلاسيكيون يقولون أيضا إن كل ما يجري حولنا لا يسمح بعودة الحب إلينا.. فقد اصبح صوت محرك سيارة فارهة أجمل من صوت قلب العاشق.. أصبحنا نعشق جسرا من الأسمنت أكثر مما نعشق مساء الرومانسية.. واصبح حماسنا لدخان المصانع اكثر من حماسنا لرائحة العطر.. لقد هجرنا الحب وتواري في مغارة مهجورة في صحراء بعيدة يشكونا إلي الله.. ويشفق علينا.. ويدعو لنا بالهداية العاطفية قبل ان تسحقنا البلدوزرات المادية.
هن يقلن: إنه دخل عليهن مثل عصفور ربيعي أخضر وحول عواطفهن إلي سيمفونية من الهمسات .. وعندما رحن يتحدثن عن المهر والبيت وأواني الطهي التي لا يلتصق بها الطعام.. هز جناحيه وطار
التجار يتحمسون للحب.. ويقولون انه بضاعة رائجة يموت السوق بدونها ويسوده الكساد.. فهو يباع في مراكز التسوق.. ومحلات العطور.. والزهور.. وعلي أغلفة المجلات.. وفي الروايات.. وافيشات الأفلام.. إن كلمة الحب عندما تنزل إلي السوق.. وعندما تبقي في القلب تساوي كنوز الدنيا
السياسيون يربطون بين الحب والواقع.. يقولون انه ما اجتمع رجل وامرأة إلا وكانت القرارات ثالثهما.. فالحب يتأثر بالاقتصاد.. وبمعدلات البطالة والتضخم وارتفاع الأسعار.. والحب اصبح خاضعا للضغوط الدولية.. والعولمة.. والصراع العربي الإسرائيلي .. والنظام الدولي الجديد..
الواقع مؤلم عند فصل الحب عنه .. لذلك تكثر حالات الانتحار والخيانة والاكتئاب واليأس.. وتتلاشي المسافة بين البيوت وأبواب مستشفي الأمراض النفسية والعصبية.
المعماريون يقولون إنه لايرتاح في الأماكن الضيقة.. فهو في حاجة لسماء كي يطير.. وفي حاجة لحديقة كي يختبيء وراء الأشجار.. وفي حاجة لبحر كي يلعب مع الأمواج والأسماك.. إنه في المساكن الضيقة التي نبنيها الآن يرتطم بالزجاج فيكسره.. ويرتطم بالجدار فيتألم .. وعندما يخرج للمستشفي طلبا للعلاج لا يتحمس للعودة
لكن.. الشعراء لا يوافقون علي ذلك.. إنهم يرون أن الحب والشعر لا يرتاحان إلا في الأماكن الضيقة.. ويقولون انه في الأماكن الضيقة تصبح الجدران اكثر اقترابا.. ويصبح خشب المقاعد أكثر شبابا.. وتأخذ الكلمات اشكالا خرافية.. وتتغير هوية الأشياء..
الشعراء يصرون علي أن الحب هو ماء الحياة.. بغيره لايمكن للحياة أن تستمر.. بغيره لا توجد حركة لشيء.. لكائن يتنفس.. لريح تسافر.. لنجوم تبرق .. لعيون تلمع..
عقلي مع السياسيين والمعماريين والكلاسيكيون و قلبي مع الشعراء والمحبون.. فالحب هو المنحة الإلهية التي تجعلنا نحتمل خشونة الحياة.. وقسوتها.. .. بدون الحب لا مجال للطفولة.. وتسيطر الشيخوخة.. وتموت الأحلام.. وتتحول البالونات الملونة إلي مفرقعات خطرة.. بدون طفولتنا.. لا نلعب بالطائرات الورقية.. ولا نصنع بيوتا من رمال دون ان نحزن علي ذوبانها في الأمواج.. بدون الحب تتقوس ظهور الصغار .. وتتراجع مساحة الرحمة..
وليس من السهل أن نعرف ما هو الحب؟.. لكن من السهل أن نعيشه.. ولا نضيع وقتنا في تفسيره.. ولسنا في حاجة لدليل أو مرشد سياحي لنعرف أين يسكن الحب؟.. ولا في أي فندق يقيم؟.. فالحب يقيم بين الضلوع.. واقرب إلينا من حبل الوريد.. ولسنا في حاجة الي ان نطارده ونقبض عليه فهو يجلس علي المقهى يدخن سيجارة ويشرب النيسكافيه فالحب لا يأتي بالأمر.. ولا ينفذ أحكام المحاكم.. ولا يلتزم بقوانين الطوارئ.. إنه يأتي إلينا في الوقت الذي يشاء لا في الوقت الذي نشاء.. ويهجرنا عندما لا يستريح .
كائن رقيق.. يحتاج لرعاية.. يحتاج لمن يأخذ بيده.. ويطعمه.. ويغير له ثيابه.. ويخرج به للهواء الطلق.. ولو قابلنا هداياه الملونة بالإهمال هرب بجلده.. وفشلنا في العثور عليه..
الحب يعيش علي الحب.. الحب يحتاج إلي حب.. وعندما لا يجد الحب ما يتغذى عليه يموت.. وتموت معه أشياء جميلة نحسها ونعرفها.. فعندما نحب.. نري الحب في كل مكان.. وفي كل الأشياء.. في كلمات الأغاني... وقصائد الشعر.. وأطباق الطعام وأفلام السينما.. ونري مشاكلنا وخلافاتنا مختلفة.. وعندما تعود هذه الأشياء لطبيعتها الصماء.. الجافة.. يكون الحب في ذمة التاريخ.. و قد دخل الفريزر..
لنخرج الحقد ونزرع الحب.. لننزع الغل وننبت الرحمة.. لنطهر قلوبنا ونوقظها.. ونحركها.. ولانتركها تموت بالوحشة إذا لم تمت بالسكتة.. فالكراهية لا تقتل إلا صاحبها.. :)
وليس له ملامح ثابتة.. فهو مرة قرنفلة.. ومرة قنبلة وليس له بطاقة تأمين صحي.. فهو قد ينافس الزمن في البقاء.. وقد يموت بالأنفلونزا الآسيوية..
وليس له اصل معروف.. ولا شجرة عائلة يمكن الرجوع إليها.. فهو أحيانا مجذوب يجلس في الشارع.. وأحيانا خبير في برامج الكمبيوتر..
ولا توجد في ملفات الشرطة معلومات أكيدة عن وجوده وديانته وعقيدته وجنسيته وانتماءاته السياسية.. ولكنه في المحاكم يبدو متهما في كثير من قضايا القتل والاختلاس.
الرومانسيون يقولون انه هبط ليلا علي شعاع فضي للقمر.. واشتري ديوان شعر.. وجيتارا.. وأغنية. وعلبة حليب لا تنتهي صلاحيتها.. وتسلق أول نافذة صادفته.. وراح يعزف موسيقي تتجسد أقمارا وأزهارا وفراشات ملونة وفطائر محشوة بعسل النحل.. وعندما بدأت الشمس في الشروق اختفي.
الكلاسيكيون يصرون ويقسمون علي أنه لا وجود له الآن.. وأنه قد انتحر منذ سنوات بعيدة.. في اللحظة التي عرف فيها الناس الشيكات السياحية.. والمضاربة في البورصات العاطفية.. في اللحظة التي تحولت فيها العلاقة بين الرجل والمرأة إلي مزاد.. وعرض وطلب.. وأقنعة.. وصرافة.. وسوق سوداء.. في اللحظة التي تزاوجت فيها الثروة والسلطة بحثا عن القوة
الكلاسيكيون يقولون أيضا إن كل ما يجري حولنا لا يسمح بعودة الحب إلينا.. فقد اصبح صوت محرك سيارة فارهة أجمل من صوت قلب العاشق.. أصبحنا نعشق جسرا من الأسمنت أكثر مما نعشق مساء الرومانسية.. واصبح حماسنا لدخان المصانع اكثر من حماسنا لرائحة العطر.. لقد هجرنا الحب وتواري في مغارة مهجورة في صحراء بعيدة يشكونا إلي الله.. ويشفق علينا.. ويدعو لنا بالهداية العاطفية قبل ان تسحقنا البلدوزرات المادية.
هن يقلن: إنه دخل عليهن مثل عصفور ربيعي أخضر وحول عواطفهن إلي سيمفونية من الهمسات .. وعندما رحن يتحدثن عن المهر والبيت وأواني الطهي التي لا يلتصق بها الطعام.. هز جناحيه وطار
التجار يتحمسون للحب.. ويقولون انه بضاعة رائجة يموت السوق بدونها ويسوده الكساد.. فهو يباع في مراكز التسوق.. ومحلات العطور.. والزهور.. وعلي أغلفة المجلات.. وفي الروايات.. وافيشات الأفلام.. إن كلمة الحب عندما تنزل إلي السوق.. وعندما تبقي في القلب تساوي كنوز الدنيا
السياسيون يربطون بين الحب والواقع.. يقولون انه ما اجتمع رجل وامرأة إلا وكانت القرارات ثالثهما.. فالحب يتأثر بالاقتصاد.. وبمعدلات البطالة والتضخم وارتفاع الأسعار.. والحب اصبح خاضعا للضغوط الدولية.. والعولمة.. والصراع العربي الإسرائيلي .. والنظام الدولي الجديد..
الواقع مؤلم عند فصل الحب عنه .. لذلك تكثر حالات الانتحار والخيانة والاكتئاب واليأس.. وتتلاشي المسافة بين البيوت وأبواب مستشفي الأمراض النفسية والعصبية.
المعماريون يقولون إنه لايرتاح في الأماكن الضيقة.. فهو في حاجة لسماء كي يطير.. وفي حاجة لحديقة كي يختبيء وراء الأشجار.. وفي حاجة لبحر كي يلعب مع الأمواج والأسماك.. إنه في المساكن الضيقة التي نبنيها الآن يرتطم بالزجاج فيكسره.. ويرتطم بالجدار فيتألم .. وعندما يخرج للمستشفي طلبا للعلاج لا يتحمس للعودة
لكن.. الشعراء لا يوافقون علي ذلك.. إنهم يرون أن الحب والشعر لا يرتاحان إلا في الأماكن الضيقة.. ويقولون انه في الأماكن الضيقة تصبح الجدران اكثر اقترابا.. ويصبح خشب المقاعد أكثر شبابا.. وتأخذ الكلمات اشكالا خرافية.. وتتغير هوية الأشياء..
الشعراء يصرون علي أن الحب هو ماء الحياة.. بغيره لايمكن للحياة أن تستمر.. بغيره لا توجد حركة لشيء.. لكائن يتنفس.. لريح تسافر.. لنجوم تبرق .. لعيون تلمع..
عقلي مع السياسيين والمعماريين والكلاسيكيون و قلبي مع الشعراء والمحبون.. فالحب هو المنحة الإلهية التي تجعلنا نحتمل خشونة الحياة.. وقسوتها.. .. بدون الحب لا مجال للطفولة.. وتسيطر الشيخوخة.. وتموت الأحلام.. وتتحول البالونات الملونة إلي مفرقعات خطرة.. بدون طفولتنا.. لا نلعب بالطائرات الورقية.. ولا نصنع بيوتا من رمال دون ان نحزن علي ذوبانها في الأمواج.. بدون الحب تتقوس ظهور الصغار .. وتتراجع مساحة الرحمة..
وليس من السهل أن نعرف ما هو الحب؟.. لكن من السهل أن نعيشه.. ولا نضيع وقتنا في تفسيره.. ولسنا في حاجة لدليل أو مرشد سياحي لنعرف أين يسكن الحب؟.. ولا في أي فندق يقيم؟.. فالحب يقيم بين الضلوع.. واقرب إلينا من حبل الوريد.. ولسنا في حاجة الي ان نطارده ونقبض عليه فهو يجلس علي المقهى يدخن سيجارة ويشرب النيسكافيه فالحب لا يأتي بالأمر.. ولا ينفذ أحكام المحاكم.. ولا يلتزم بقوانين الطوارئ.. إنه يأتي إلينا في الوقت الذي يشاء لا في الوقت الذي نشاء.. ويهجرنا عندما لا يستريح .
كائن رقيق.. يحتاج لرعاية.. يحتاج لمن يأخذ بيده.. ويطعمه.. ويغير له ثيابه.. ويخرج به للهواء الطلق.. ولو قابلنا هداياه الملونة بالإهمال هرب بجلده.. وفشلنا في العثور عليه..
الحب يعيش علي الحب.. الحب يحتاج إلي حب.. وعندما لا يجد الحب ما يتغذى عليه يموت.. وتموت معه أشياء جميلة نحسها ونعرفها.. فعندما نحب.. نري الحب في كل مكان.. وفي كل الأشياء.. في كلمات الأغاني... وقصائد الشعر.. وأطباق الطعام وأفلام السينما.. ونري مشاكلنا وخلافاتنا مختلفة.. وعندما تعود هذه الأشياء لطبيعتها الصماء.. الجافة.. يكون الحب في ذمة التاريخ.. و قد دخل الفريزر..
لنخرج الحقد ونزرع الحب.. لننزع الغل وننبت الرحمة.. لنطهر قلوبنا ونوقظها.. ونحركها.. ولانتركها تموت بالوحشة إذا لم تمت بالسكتة.. فالكراهية لا تقتل إلا صاحبها.. :)