PDA

View Full Version : فنون الحوار و الاقناع ( 5 )


MUSLIMAH
04-03-2001, 12:42 AM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،،
==============

4 ) " لا تـــجـــمـــد عـــلـــى طـــراز واحـــد "

للأسف البعض لا يراعي مستوى من يخاطبهم ، و يتعامل مع جميع الناس على أنهم طراز واحد ، و بالتالي يكون كلامه غير مقنع و ردوده غير مجدية ، و ربما تكون غير مفهومة ، فتزيد الطين بلة ، و تفسد أكثر مما تصلح .

إن أية رسالة الهدف منها إقناع المتلقين بمضمونها تحتم على القائمين بها سواء كانوا معلنين ، أو إعلاميين أو دعاة أو حتى المربي و المعلم تحتم عليهم جميعًا إدراك الفروق الفردية بين البشر في سلوكهم و ظروفهم النفسية إلى جانب فهم احتياجاتهم و قيمهم و معتقداتهم بشكل كبير ، و ذلك من أجل ضمان كون الرسالة الموجهة مؤثرة و مقنعة .

فجوهر الديناميكية النفسية هو أنها رسالة فعالة لها خواص قادرة على تغيير الوظائف النفسية للأفراد ، بحيث يستجيبون نحو هدف الإقناع ، و تجب مراعاة العوامل النفسية في المتلقي عند إعداد الرسالة لأنها تعتبر أسسًا مهمة في الإقناع .

إن ما يصلح للعلماء قد لا يصلح للجهلاء ، و ما يصلح للخاصة ربما يضر لو أخذ به العامة ، و ما يمكن قوله في بلد قد يصعب ذكره في بلد آخر . فالناس تختلف عقولهم و اهتماماتهم و احتياجاتهم و منطلقاتهم الفكرية و الاجتماعية و العقيدية و السياسية ، كما تختلف مداخلهم و هي تتبدل وفق الظروف و الأحوال .

إن مدخل الإنسان في حال الفرح يختلف عن مدخله في حال الحزن و الترح ، و مدخله و هو غني يختلف عن مدخله و هو فقير ، و كذلك مدخله و هو عالم غير مدخله و هو جاهل ، و ما يروق لزيد ربما ينفر عبيد ، و ما يدركه قوم ربما أعجز آخرين ، فكلك مقام مقال .. فلو أنك حاولت تغيير شبهة إمام عالم بأسلوب عاطفي لربما ردك و لم يلتفت إليك ، في حين لو أنك استخدمت أسلوبًا منهجيًا ، أو فلسفيًا أمام كثير من الجهلاء لقالوا : ماذا تتفلسف ؟ قل كلامًا يمكن فهمه ، و أيضًا لما قبلوا حجتك ، فاختر لكل إنسان ما يناسبه من مداخل تستطيع بها أن تغيِّر قناعته لتصل به إلى الحق و تخلصه من أوهام الشبهات و الاتهامات . [ علي الحمادي : منهجية التعامل مع الشبهات .]

يقول دايل كارنيجي : ( من هواياتي أن اصطاد السمك ، و بمقدوري أن أجعل الطعم الذي أثبته في السنارة أفخر أنواع الأطعمة ، لكن أفضل استعمال طعوم الديدان على الدوام ، لماذا ؟! ذلك أنني لا أخضع في انتقاء الطعوم إلى رغبتي الخاصة ، فالسمك هو الذي سيلتهم الطعم ، وهو يفضل الديدان ، فإذا أردت اصطياده قدمت له ما يرغب فيه )

لذا يحب على المحاوِر إذا أراد أن يكون كلامه مؤثرًا و مقنعًا ، أن يدرك أن عقول الناس تتفاوت ، فلكل جماعة من الناس لسان تخاطب به على حسب حالها ، فالإنسان الثائر بعبارات هادئة لتكون بردًا و سلامًا على القلوب . و الإنسان الهادئ الفاتر يخاطب بعبارات مثيرة للحمية موقظة للهمم حافزة للعزائم ، محركة للنفوس , و الإنسان الذي انحرف عن جادة الصواب يخاطب بعبارات فيها من القوة و العزم و نور الحق و روح الرحمة و بشائر الأمل .

روى الديلمي عنه عليه الصلاة و السلام : ( أُمرنا معاشر الأنبياء أن نحدث الناس على قدر عقولهم )

روى الديلمي عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا عن النبي – صلى الله عليه و سلم - : ( لا تحدثوا أمتي أحاديثي إلا ما تحمله عقولهم ، فيكون فتنة عليهم )

وفي مقدمة صحيح مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ( ما أنت بمحدث قومًا حديثًا لا تبله عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة )

إن دبلوماسية الحوار و الإقناع هي أن تفهم شخصية من ستحاوره : متى يغضب ؟ متى يرضى ؟ متى يستجيب ، متى يرفض ، متى 000 الخ . و ذلك من أجل أن تستطيع التعامل معه و الحوز على قناعته و التأثير عليه .

إن الملك إخناتون وصّى ابنه فقال له : ( كن دبلوماسيًا ، فذلك يساعد في كسب محدثك )

لذا .. لا تكن أنت البادئ إذا أردت أن تكون محاوِرًا ناجحًا ، بل اجعل محدثك يعرض الموضوع كيفما شاء ، لماذا ؟ حتى تكشف طبيعته ، و تستشف أسلوبه ، و تعرف هل هو ممن يحاورون بالعطفة ، و ترى نظراته للحياة و درجة وعيه ، و فهمه ، حتى تختبره ، فتحدد من أين تأتيه ؟ و كيف تحاوره ؟ و من أي طراز هو ؟ و هذا أسلوب دبلوماسي مهم للتمكن من التأثير في الطرف الآخر ، و القدرة على إقناعه بسهولة و يسر .

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، هكذا اخوتي انتهينا من القاعدة الذهبية الثالثة ، ترقبوا القاعدة الرابعة و هي بعنوان " كـــــن أذنًــــــا صـــــاغـــــيــــــةً "

و السلام عليكم ،،،