PDA

View Full Version : عيـــــــــــــــد الانتفاضـــــــــــــــة


فتى دبي
28-12-2000, 02:13 AM
إنه عيد الفطر المبارك.. فكل عام وأنتم بألف خير.

ولكن من منا يجرؤ أو يقوي علي الاستمتاع بهذا اليوم السعيد علي غرار السنوات السابقة، باللهو والعبث والاستغراق في
الملذات؟

من منا يمكنه امتلاك هذا القدر الكبير من البلادة والبلاهة للاستمتاع المسرف؟

من منا يمكنه نسيان مشاهد الموت ومشاعر الحزن العظيم تعم شعبنا العربي الفلسطيني من أقصاه إلي أقصاه، فلا ينجو
منها بيت ولا دار. ولا يفلت منها شيخ أو طفل، حيث تركت المواجهة القاسية مع العدو الإسرائيلي الذي فاق النازية في
نزعتها الإجرامية المفرطة، تركت في كل أسرة أسيراً أو سجينا أو شهيداً أو جريحاً.. بل تركت أحيانا في الأسرة الواحدة
عدداً من كل هذه المصائب؟

من منا يمكنه امتلاك الفرح والبهجة في هذا اليوم مهما كان أنانيا؟

من يستطيع ممارسة هذا الترف الكاذب والكافر علي حساب آلام الأمة وأوجاعها؟

لابد أن نعيد صياغة حياتنا من جديد.

ولابد أن نعطي لهذا اليوم وأمثاله من المناسبات والأفراح الوطنية والدينية محتوي جديداً ومذاقا آخر، ونكهة مختلفة.

وذلك في ضوء ما نمر به من ظروف ومحن ومواجهات قاسية.

ولابد أن نرتفع إلي مقام المسؤولية، ومصاف التحدي، ومستوي التضحية.

لقد فجرت الانتفاضة المباركة فينا روح المقاومة، ولابد أن نواصل صقل هذه الروح وتربيتها علي المعاني والقيم النبيلة
والسامية الجديدة.

كما استطعنا بلورة فكرة المقاطعة وغرسها في ثقافتنا، ينبغي أن نستطيع متابعة صقل وبلورة المزيد من القيم والمعاني
الخيرة والشجاعة التي تثبت أهليتنا وجدارتنا بالانتماء إلي الأمم الحية القادرة علي التلاؤم مع ظروف التحدي والبأس،
بدون استسلام أو يأس، والقادرة علي ممارسة الحياة بحلوها ومرها، من غير بذخ ولا ترف، ومن غير مجون أو جنون.

والواقع اننا لا يجب أن نخترع معني جديداً لعيد الفطر، بل يكفي أن نعود إلي معناه الأصيل، ونزيل عنه ما علق به من صدأ
وانحراف. فهذا اليوم لم يكن في الأصل ولا ينبغي أن يكون مناسبة للهو والعبث والمجون، ولكنه كان ويجب أن يظل يوماً
للسعادة المسؤولة ومناسبة للتعاطف والتضامن الإنساني.

إن أهم ما تتمايز به الأمم والجماعات، هو أنماط عيشها وأشكال تعاطيها مع الظروف والملمات التي تتعرض لها وردود
أفعالها.

إن الفرح والسعادة مطلوبان، وقد يكونان سلاحا من أسلحة المقاومة إذا أحسنا استخدامهما علي النحو الصحيح.. وقد
يكونان علامة من علامات إنحطاطنا وغبائنا إذا لم نحسن ممارستهما الا علي النحو البليد والأبله الذي يدل علي موتنا أكثر
مما يدل علي شعورنا بالحياة..

إن الشعب الفلسطيني الذي يقدم أغلي التضحيات وأجلها باصرار وتصميم وشرف واقتناع.. يمارس أرقي وأسمي درجات
الايمان بالحياة الكريمة والتعلق بالحرية والرغبة في العيش.

لابد أن نعيش أيام العيد الثلاثة بما يعكس تضامنا مع أشقائنا وأهلنا وأحبائنا في فلسطين ولابد أن ندرب أبناءنا ونمرنهم
علي التضامن القومي والإسلامي والإنساني مع أبناء فلسطين، تضامنا شعوريا وتضامنا جهاديا وفعليا لا يكتفي بالتفرج
علي الصور المتلفزة والدعاء بالنصر لهم.. ولكن بالاستعداد للمشاركة في الدعم وتقديم التبرعات بسخاء مثني وثلاث،
والابتعاد عن أشكال اللهو والفرح التي تعبر عن عدم التضامن، واللا مسؤولية.

كل عام وروح أمتنا بخير

كل عام وانتفاضة الروح والعقل في أمتنا مستمرة