PDA

View Full Version : قصيدة: "ما لك يا ضميري ؟!.."


أبو لـُجين ابراهيم
03-11-2000, 11:15 PM
قصيدة: "ما لك يا ضميري ؟!.."

قد تتبدّى النفس لصاحبها في سربال التبختر والعُجْب، ويغويها الشيطان فتسترسل في آفاق الخيال الكاذب والسراب المستهزيء، لكنّ نفس المؤمن أوّابة مخطومة بخطام الدنيا وحقيقتها الزائفة، ومخطومة بخطام الموت الذي يستتر خلف جدران الغيب، وعن قريب سيتجلّى..اللهم سلّم سلّم.. هذه مناجاة مع الضمير في مثل هذه النزوة!!

أرى لك بيننا قلبا تصابى*** كأنك في الورى أعلى جنابا!!

وما أدري غداة رأتك عيني ***أ نجما في سمانا أم شهابا!!

كأنك بيننا ملكٌ تجلّى *** و قد حكم النواصي والرقابا

يتيهُ على عباد الله فخرا *** و يلبس كل آونةٍ إهابا

و إنك تُفحم القرنا جوابا *** فهل أعددتَ للقبر الجوابا؟!

فما جنات عدنٍ بالتمنّي.. *** إذا لم تؤخذ التقوى ركابا

فلو خُيلت رمسي يا ضميري*** لثُبْتَ و تُبْتَ للمولى متابا

فيا ويحي إذا فارقتُ أهلي*** وأحبابي .. و وسُدّتُ الترابا

أألُقى عارياً في ضيق لحدٍ!! *** كأني ما ارتديت بها ثيابا

و لا جالست في الدٌّنيا حميماً *** أُطالعُهُ .. فينسيني المصابا

ولم أكُ أنظر الدود احتقاراً !!.. *** فصرتُ لها المآكل والشرابا

هَدَمْنَ محاسني ، و فقأن عيني *** على خدّي ، وهتّكن الحجابا

تراني بعد أن ضيّعتُ عمري *** وأضحت كل آمالي سرابا

تنوحُ جوارحي ، وتلومُ نفسي *** ضميراً..هل تناسى أم تغابى؟!

بكت عيني – و هل أبكي كنفسي- *** شجوني و الطفولة و الشبابا!!

أرى الدنيا تزّف إليّ قبري *** أضيق بها.. وقد كانت رحابا

فيا لهفي على عمرٍ تولى.. *** وأخرى ما حسبت لها حسابا

أكادُ أموتُ من زفرات صدري *** و ذاك القلبُ ينتحب انتحابا

أُخالط مضجعي بمداد دمعٍ *** جرى وكأن في عيني السحابا

دنا الأجل الرهيب و حال حولي *** على عمري وقد بلغ النصابا

أسيرُ إلى شفا قبري بفقرٍ *** وما أضمرت للأجر اكتساباد

كأني ما تعبت لجمع جاهي *** وأموالي، و لم أخش اليبابا

و ما من مؤنسٍ في القبر إلاّ *** كتابي، والدعاء.. إذا استجابا

إلى الله الكريم رددت أمري *** بإيماني.. رجاءً و احتسابا

ألوذ إليك -ربّي - و ما سمعنا *** بعبدٍ في جناب الله خابا

أطلّ لقاك فاستعصى لساني *** كأني ما نطقت به صوابا

إلى رب الورى استودعت روحي *** عسى أن ألقى باليمنى الكتابا

فرجّح كفتي ، و اغفر ذنوبي *** و جنّبني المذلّة و العذابا

أبوءُ إليك يا ربي بذنبي *** فإنّي أستحقُ به العقابا

فدع عنك المعاصي يا ضميري ***" فإن لكل ذي أجلٍ كتابا "

وقم شدّ المتاع إلى إيابٍ *** فإن لكل واردةٍ إيابا

هي الدنيا. . تزول و ما عليها *** فأحسنْ و استزدْ فيها الثوابا

و لاتحزنْ إذا الدنيا اكفهرّت *** و لا تفرحْ إذا ما العيش طابا


فما الدنيا سوى غمضات جفنٍ *** كطيفٍ لاح ومضاً ثم غابا

فطوبى في الحياة لمن تزكّى *** و طوبى مرتين لمن أنابا


صالح علي العمري

- مجلّة الأدب الإسلامي- العدد الثاني -