PDA

View Full Version : قصة من تأليفي ......... الدنيا أو الدين ؟


الطويل
22-08-2000, 07:32 AM
********************** الدنيا أو الدي ****************



... جلس محمد على الكرسي وربط حزام الأمان في الطائرة المتوجهة إلى الجزائر ... أخرج من جيبه ورقةً صغيرة ... راح يتأملها ملياً ويقرأ ما في الأسطر من كلماتٍ قليلة ... كانت الرسالة مجرد طلب من وزارة الأوقاف الإسلامية بالمغرب ... تطلب منه الحضور إلى هناك لكي يحيي ليالي العشر الأواخر من رمضان بالقرآن والتضرع بالدعاء في هذه الليالي الكريمة ...
... طوى محمد الرسالة ووضعها في جيبه ... راح ينظر إلى الجالسين من حوله ... كان الكرسي الذي يقع على جانبه الأيمن قد خلا من جالسيه ... أما الكرسي الأيسر ... فقد جلست عليه شابةً في مقتبل العمر ... ومن خلفه جلس شاب في عمر المراهقة وبجانبه شاب آخر يبدو أنه صديقه ...
... أقلعت الطائرة من المطار متجهةً إلى الجزائر ... مضت نصف ساعة على إقلاع الطائرة ... أحس محمد بشيء من الملل ... تناول جريدةً وأخذ يقرأ ما فيها من أخبار ... كانت الجريدة تبدأ كعادتها بصورة امرأة ... إما ممثلة أو مغنية أو ما شابه ذلك ... قرأ ذلك الخبر ... كان يقول " بمناسبة عيد الفطر السعيد ... تتوجه المغنية القديرة سمر إلى الجزائر لكي تحيي ليالي العيد الثلاث حسب رغبة معجبيها هناك ... " أحس أحمد أنه رأى صاحبة الصورة في الطائرة ... وإذا هي نفسها تلك الشابة التي تجلس بجانبه ... إنها نفسها سمر ...
... أحس محمد بالغيظ ... لكنه كتمه في أعماق قلبه ... أخذ يكلم نفسه ويقول " اثنان في مهمتان متناقضتان تماماً على نفس الطائرة ... المهمة الأولى هي إحياء الليالي بالقرآن ... أما المهمة الثانية فهي إحياء ليالي العيد بالغناء ... تصوروا هذا الشيء "
...تنهد أحمد قليلاً ثم راح يكمل قراءة الجريدة ... لم يكن فيها شيء يثير الاهتمام ... كالعادة تمتلئ بأخبار الفاسقين تحت شعار حضاري اسمه الفن ... إلى أن وصل إلى الصفحة الأخيرة ... وفي مقالة صغيرة جداً ... تقول فيها " يغادر البلاد في هذا اليوم الشيخ محمد قارئ القرآن متجهاً إلى الجزائر لكي يحيي ليالي العشر الأواخر من رمضان ... "
... زاد غيظ محمد بعدما قرأ هذا الخبر أيضاً بدلاً من أن يبتسم ... راح يكلم نفسه بصوتٍ مسموع وكأنه يريد أن يسمع سحر قائلاً " مغنية ... توضع صورتها في الصفحة الأولى من الجريدة ويقولون " مغنية قديرة " و لا أدري لماذا تحظى بكل هذا الاهتمام أما قارئ قرآن فخبره القصير في الصفحة الأخيرة ... ولا يقولون عنه شيء يستحق الذكر "
... نال محمد مراده ... فقد سمعت سمر ذلك ... وقد توجهت نظرات الاحتقار من جميع أنصار الغناء إليه ... وتصدرتهم سمر التي قالت له بصوت يبث على الاستفزاز " وما دخلك أنت بهذا الأمر؟ " فأجابها ووجهه ممزوج بخليط من الغضب والجدية " إنني قارئ القرآن بذاته " فأجابته بعدم المبالاة قائلةً " وماذا في ذلك ... ألديك اعتراض على هذا الأمر ؟ إن من يستمعون إلي أكثر ممن يستمعون إلى أمثالك ... وسأبرهن لك ذلك ... " فقال لها باستفزاز " وكيف ستبرهنين ذلك ؟ ... ومتى ؟ ... " فأجابته بثقة كبيرة " كيف ؟ سأخبرك في وقته ... متى ؟ عند وصولنا الجزائر ... "
... أحس محمد أن ثقة سمر ليست في محلها ... أيعقل أن تكون محل كل لسان في بلادٍ مسلمة تعيش أواخر أيام الشهر الكريم ؟ ... أيعقل أن يتركه الناس ويذهبون إليها ؟ ... إن هذا لا يدخل العقل أبداً ...
... حاول محمد أن ينسى هذا الجدال بالبحث عن موضوع مفيد يجذبه من خلال أحد المجلات التي لديه ... ولكنه لم ينل مراده ... فالمجلة كعادتها ممتلئة بالأخبار التي تخص الممثلين والمطربين أو أشياء أخرى تافهة ... ممثل تزوج من ممثلة ... مطربة انفصلت عن عشيقها ... أحدث أزياء تحليل المرأة تحت اسم الموضة ... مكياج و مساحيق لكي تبدو كالمهرجة ... وأشياء أخرى كثيرة ...
... وبعدما ملّ محمد من كثرة تلك العناوين التافهة ... وضع الكتاب جانباً وراح يقرأ آية الكرسي بصوتٍ خافت ثم راح في نومٍ ما بعده نوم ... نوم أراحه من هموم الدنيا ومشاكلها ...
...استيقظ محمد على صوت المضيفة وهي تقول " نرجو من المسافرين أن يربطوا أحزمة الأمان لأننا اقتربنا من مطار الجزائر ... "
...امتثل محمد لأمر المضيفة وربط حزام الأمان وهو يتمتم بكلمات غير مسموعة ... وبعد دقائق معدودة ... كانت الطائرة قد حطت في مطار الجزائر بسلام ... وبعد مدة ... كان محمد يتقدم المسافرين أمام جهاز التفتيش ... ولكنهم لم يسمحوا له بالمرور أولاً ... فقد طلبوا من سمر المرور بدون تفتيش ... والسبب معروف طبعاً ... ولكنها عندما مرت من أمام محمد ... أخذت النظرات تحوم بينهما ثم قالت له والابتسامة تعلو وجهها " إننا في البداية الآن ... وسترى الكثير قريباً " ومرت بلا تفتيش وتلاشت في غضون ثوانٍ ...
...أما محمد المسكين الذي جاء دوره ووضعت حقيبته أمام جهاز التفتيش لأكثر من مرة ... وخضع بعدها للتفتيش المكثف هو والحقيبة أيضاً ... عندما سألهم عن السبب ... أجابوه بأنهم يشكّون في أنه مهرب أسلحة لدعم الإرهابيين ! أصاب محمد أشد الغضب لما سمع ذلك ... فسألهم عن سبب شكوكهم فأجابه أحدهم " انظر إلى لحيتك وستعرف السبب ... "
... طأطأ محمد برأسه وراح يهدئ من أعصابه الثائرة قبل أن تتحكم في عقله وتجعله يفعل شيئاً يذهب به إلى السجن ... لذا ظل ساكتاً إلى أن فقدوا الأمل بوجود شيء ينص أمن الدولة ... وسمحوا له بالمرور ولكن بعد قيلٍ وقال ... وبعد مدةٍ عانى فيها محمد من الأسئلة المجحفة ... خرج من المطار وراح ينتظر من يأتي إليه من جهة وزارة الأوقاف كي يأخذه إلى هناك ...
...لاحظ محمد أناس كثيرون مجتمعين لاستقبال شخصاً ما ... وكأن هذه الشخصية مهمة جداً لدرجة أن كل فرد كان يحمل باقة من الزهور لكي يهديها إلى تلك الشخصية المهمة ... لكنه لم يهتم بهذه الأشياء كثيراً وراح ينتظر من يستقبله ...
... لمح محمد سيارة مقبلة باتجاهه ... توقفت السيارة ونزل منها رجلان وأخبراه أنهما مستقبليه اللذان أتيا من جهة وزارة الأوقاف وطلبا منه أن يصعد السيارة معهما ...
...وبعد أن خرجت السيارة من المطار بمعية محمد بقليل ... تذكر الناس الذين اجتمعوا لاستقبال تلك الشخصية المهمة ... فسألهما " من القادم المهم الذي أتى اليوم إلى هذه البلاد " فأجابه أحدهما " إنها مغنية مشهورة اسمها سمر التي ... " ولم يكد الرجل يكمل كلامه حتى قاطعه محمد وقال له " تلك التي كنا معنا في الطائرة ... " فأجابه بهدوء غلبه الاحترام " نعم " ...
...عندها وضع محمد بيديه على رأسه وراح يخاطب نفسه " لقد انتصر الباطل على الحق ... انتصر الغناء على القرآن ... نصره المسلمون بأنفسهم ... لا يسعني إلا أن أقول ... واحسرتاه على ديننا الضائع بين هؤلاء... واحسرتاه " ...
............................النهاية........................ هذه هي الحقيقة المرة التي تجري في بلادنا للأسف ولا أدري إلى متى ستنتهي هذه المحنة ....





أخوكم الطويل

سعودية
23-08-2000, 12:07 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

دائما تتحفنا بمقالات وقصص جميلة ربما تقول من هذه؟
انا صديقة لم يسنح لها التسجيل الا حاليا ولكني متابعة لجميع ما تقوم به انت واصدقاءنا في سوالف عامة ولكن رجاء حار لا تترك مكانك بين اصدقاءك فلقد احببت سوالف منكم واحببتكم في الله جميعا واتمنى ان اجدكم دائما هناك بالبسمة الحلوة والكلمة الراقية والفكرة الجريئة التي كانت قمة السعادة بالنسبة لي
شكرا.