PDA

View Full Version : عند الإمتحــــان يكرم المرؤ أو 0000 الجزء الثــاني


شاهين
19-05-2000, 07:02 AM
الزمـان
امتحان الدنيا إن طال زمانه وامتدَّ أوانه فهو في ساعةٍ من نهار ، وربما أكثر من ذلك بقليل .
أما امتحان الآخرة فهو في ( يوم كان مقداره خمسين ألف سنة )
وعندما يعيش المجرمون ذلك اليوم الطويل بما فيه من خطبٍ جليل ، يقسمون الأيمان المغلظة ما لبثوا إلاَّ قليلاً ولا عاشوا إلاَّ يسيراً .
قال تعالى : ( ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون ) فيفزعون نادمين ، وعلى أعمارهم متحسِّرين : إنما هو زمنٌ يسير ! وعمرٌ قصير! ثُمَّ كان إلى الله المصير !
قال تعالى : ( قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم فاسأل العادين * قال إن لبثتم إلاَّ يسيراً لو أنكم كنتم تعقلون * أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وإنكم إلينا لا ترجعون * فتعالى الله الملك الحق ..)
والعاقل الحصيف يعلم علم اليقين أنَّما هي بضع سنين أو أقلُّ من ذلك أو أكثر ، ثمَّ يقبر ، ثمَّ ينشر ، ثمَّ يحشر ، فإذا به واقفٌ بين يدي ربّه في يوم العرض الأكبر!
فيستعدَّ لما أمامه من أهوال يوم القيامة ، فيغنم أيامه ولياليه فيما يقرِّبه من خالقه ومولاه .. بالمبادرة إلى الطاعات ، والأعمال الصالحات ، والمسابقة في الخيرات ، قبل أن تأتيه المنيَّة ، ويصاح في قافلة الهلكى : الرحيل ! الرحيل !
ويبلسُ هنالك الغافلون !
قال تعالى : ( كأنَّهم يوم يرونها لم يلبثوا إلاَّ عشيَّة أو ضحاها )

المـراقب
المراقب في الدنيا مخلوقٌ مثلك ، محدود القدرات ، معدود الإمكانات ، ينسى ويغفل ، ويسهو ويتنازل ، وليس بالإمكان أن يحيط بقاعة الامتحان !
أمَّا الرقيب على امتحان الآخرة ـ وله المثل الأعلى ـ فهو الذي لا يضلُّ ولا ينسى ، قد أحاط بكلِّ شيءٍ علماً ، لا تخفى عليه خافية ، ولا يعزب عنه مثقال ذرَّة ، ولا يغيب عن بصره شيءٌ من الأشياءٍ في الأرض ولا في السَّماء .
قال تعالى : ( الله لا إله إلاَّ هو الحيُّ القيًّوم لا تأخذه سنةٌ ولا نوم ...)
عن أبي موسى رضي الله عنه ، قال : قامَ فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسِ كلماتٍ فقال :" إنَّ الله عزَّ وجلَّ لا ينامُ ، ولا ينبغي له أن ينامَ ، يخفِضُ القِسطَ ويرفَعُهُ ، يُرفَعُ إليهِ عَملُ الليلِ قبلَ عَملِ النَّهار وعملُ النَّهارِ قبلَ عملِ الليل ، حجابُهُ النُّورُ لو كشَفَهُ لأحرَقَت سُبُحاتُ وجههِ ما انتهى إليهِ بصَرُهُ مِن خلقِهِ "
فأين تغيب عن سمعه وبصره ؟! وهو السَّميع البصير !
وأين تهرب عن علمه ونظره ؟! وهو العليم الخبير !
وأيُّ حجابٍ يواريك منه ويحجبك عنه ؟!


نسبة النجاح

امتحان الدنيا نسبة النجاح فيه عاليةٌ جداً ! فربما بلغت ثمانين بالمائة ، وربما وصلت إلى تسعين بالمائة ، بل وربما بلغت النسبة إلى أعلاها والدرجة إلى منتهاها !
أما امتحان الآخرة فنسبة النجاح فيه قليلة جداً !
فلا أقول : واحدٌ في العشرة ! ولا أقول : واحدٌ في المائة ! وإنما هي : واحدٌ في الألف !! فيا للهول ! تسعمائة وتسعةُ وتسعون إلى النَّار بعدلٍ من الله وحكمة ! و واحدٌ إلى الجنَّة بفضلٍ من الله ورحمة ! اللهُمَّ لطفك ! يا لطيف .
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" يقولُ الله يا آدمُ ، فيقولُ : لَبَّيكَ وسعدَيكَ والخيرُ في يدَيكَ ، قالَ : يقُولُ أخرِج بَعثَ النَّارِ ، قالَ : وما بعثُ النّارِ ؟ قالَ : مِن كُلِّ ألفٍ تِسعمِائَةٍ وتسعةً وتِسعِينَ ، فذلكَ حِين يشِيبُ الصَّغيرُ وتَضعُ كُلُّ ذاتِ حملٍ حملَها ، وترى النَّاس سكارى وما هم بسكارى ، ولكنَّ عذابَ الله شديدٌ "
يا جنَّة الرحمن ليس ينالها ..... في الألف إلاَّ واحدٌ لا اثنانِ
فرحماك اللهُمَّ وفضلك !
وجودك اللهُمَّ وكرمك !


وللمقال بقيه