PDA

View Full Version : ،، لبيك اللهم لبيك ،،


كلاسيك
19-02-2000, 05:26 AM
الاخوة الأفاضل ،،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،

قصة قرأتها ،، تسحق أن تقرأ وان تكون لنا فيها عظة وعبرة ،،

لبيك اللهم لبيك .. لبيك لا شريك لك لبيك .. إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك .. هرول ملبيا النداء.. قال وهو يستحثني لأداء فريضة الحج ماذا تنتظرين ؟! وإلى متى تؤجلين ؟! إنها فرصة واحدة كل عام .. وهذا ركن من أركان الإسلام .. ما عذرك في التأخير .. الآن السبل ميسرة والمواصلات سهلة .. والأمن متوفر .. تباطأتُ أبحث عن عذر .. قال : أما سمعتي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) إنه أجر وثواب يملأ القلب همة ونشاطا .. وسرورا وحبورا . أقبلت الأعمال كالجبال .. وسارت نحوي الأعذار .. عاد صوته مرة أخرى وبحماس أكثر وهو يقول .. فرصة لا تعوض .. لا تتردي .. قلت له .. هذا قرار سريع .. انتظر .. دعني أفكر .. ثم مع من نذهب ؟ ! وكيف نذهب ؟! وأين نسكن ؟ ! وانطلقت الأسئلة كسيل جارف .. ماذا نفعل .. هناك زحام .. وهذا العام الحر شديد .. والحجاج كثير ؟! فاجأني بصوته الهاديء .. الأمر ميسر .. يسهل الله كل عسير * سهل الله الأمر .. الأعمال التي كانت أمام عيني كالجبال تلاشت .. والأعذار المتلاطمة كالأمواج اختفت .. قررت مرافقته في رحلة الحج .. وهل هناك أجمل من رفقة زوج في سفر طاعة .. مضت ثلاث سنوات على زواجي .. ثلاث سنوات كان عونا لي وكنت عونا له على الطاعة .. إذا نسى ذكرته وإذا قصرت نبهني .. مازلت أتذكر الأيام الأولى لزواجي .. وأصابع يده تلتقط مقصا صغيرا .. سألته : لماذا هذا المقص ؟! قال وهو يخفي ابتسامته .. بعض زوائد لحيتي أقصها !! سألته باستغراب .. لماذا تقصها ؟! قال : أتجمل لك !! تحول تعجبي إلى سؤال سريع يستنكر الفعل !! تتجمل لي بمعصية الله ؟ نعْمَ الرجل .. امتثال سريع وتوبة من قريب .. أعادت يده المقص إلى مكانه ولم تعد له مرة ثانية منذ ذلك اليوم . في أيام منى .. كطفلة صغيرة تمسك بأبيها خائفة مذعورة لم تترك يدي معصمه ولا كفه .. أستمد حنانا لم أره في حياتي .. ويؤنسني صوته وهو يذكر الله .. المخيم يعج بالحجاج نساء ورجالا .. سبل الراحة متوفرة .. وكل يوم بعد صلاة المغرب محاضرة .. ثلاثة أيام مرت مليئة بالدعاء والاستغفار.. هنا لا فرق بين الليل والنهار .. لا تسمع إلا أصوات الحجيج وجبال مكة وأوديتها تردد صدى تلك التكبيرات والتلبيات .. في منتصف الليل .. الأصوات تتعالى .. والتكبيرات تتوالى قال لي .. سنطوف ونسعى هذه الليلة .. أظهر حرصه الشديد علي عند الطواف .. فأنا حامل تعالي من هنا .. لا تتعبي نفسك .. لا تجهدي جسمك دعوت الله وأنا أطوف بالكعبة أن يرزقني طفلا صالحا .. سرت مع الزمن .. ربما يكون معنا العام القادم هنا !! في آخر ليلة لنا في مكة .. ذهبنا لطواف الوداع اللهم لا تجعل هذا آخر العهد ببيتك العظيم وأرسلتُ الدمع منحدرا .. وحينما تذكرت حديث الشيخ البارحة في المخيم عن فضل الحج وهو يذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم.. ( من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ) كبرت .. الله أكبر .. ما مر بك من ذنوب تغفر .. وما أصابك من زلات تستر.. حمدت الله على هذا الخير العظيم .. ودعوت الله بذلة وانكسار أن أكون من المقبولين .. وأنا أكحل عيني برؤية البيت العتيق .. سقطتْ دمعة وداع .. وبثثت حديث النفس هل ترى سأعود ؟ وأكحل عيني مرة أخرى .. هل سأسعى بين الصفا والمروة .. وأروي ظمأي من ماء زمزم ..سكبت الدمع والعبرات وأنا أغادر مكة مودعة .. وأي وداع وأنت تفارق الحرم والمقام .. اتجهنا إلى مطار جدة .. الزحام شديد والأصوات مرتفعة والإعلان عن الرحلات يتم بشكل متتابع .. إنصات عجيب .. لا ترى إلا تذكرة وحقيبة مع كل مسافر .. وترقب يعلو الوجوه .. ولهفة في العيون .. وآذان تستمع .. متى موعد الإقلاع ؟ ! ولأننا في حملة كبيرة فقد تخلف البعض عن الرحلة لعدم وجود مقاعد .. وكان من المتأخرين .. زوجي .. وصلنا إلى مطار الرياض وأخذنا جانبا من الصالة ونحن ننتظر مع الحجاج بقية أقاربنا طال انتظارنا .. وعندما أعلن عن وصول الرحلة القادمة .. حمدت الله وتدافعنا ننظر في وجوه القادمين .. وصل الجميع إلا زوجي أحد الحجاج ممن كان معنا .. أتى وهو متردد في الكلام .. بطيء الحديث وأخبرنا .. أن زوجي سيتأخر لرحلة قادمة .. وأشار علينا أن نذهب بدلا من الانتظار .. تساءلت في نفسي .. ولماذا هو الوحيد الذي لم يعد ؟! عندما وصلت فإذا بالهاتف يخبرنا أن زوجي أصابه إرهاق وتعب .. وقالوا .. هذا أمر طبيعي بعد الحج .. وقد ذهب به أحد الأخوة ممن كان معنا في المخيم إلى المستشفى .. انقطعت الأخبار إلا عن طريق الهاتف .. وأخبار تأتي مجملة .. ومتفرقة .. ومتأخرة !! تسارعت الأحداث وشعرت أن الأمر كبير .. بدأت وفود الأقارب وحديثهم يذكرني بالموت ووجوب الصبر .. وكأن الأمر كذلك ؟! في مغرب ذلك اليوم .. وقد اعتلى الحزن هامتي .. وطرق الخوف قلبي .. أقبل رجل وقور جاوز السبعين .. يلتحف عباءة ويمسك بيده عصا .. سلم عليّ وقبل رأسي .. وسألني عن حالي .. ثم دوى صوته الهامس في أذني .. احمدي الله .. لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بمقدار .. قولي .. اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها .. خفض صوته .. واغرورقت عيناه بالدموع وقال .. مات ابني عبدالله .. وضعت رأسي على صدري وكتمت صوتي .. وأرسلت دمعي .. لا تزال بقايا رائحته في يدي .. بل وحتى قلمه وبعض أوراقه في حقيبتي .. بل ولباس إحرامه أرى ثيابه في مكانها .. وحذاءه .. بل وكلماته الطيبة تعاودني في كل حين . هناك سجادته التي يقوم فيها مصليا لله في السحر .. هنا أوراق التقويم التي يمزقها كل يوم بيده وهو يردد .. هذه أعمارنا .. في كل مكان له أثر .. وفي كل أمر له خبر .. في تلك الأيام سقطت دمعتي .. وسقط جنيني .. يجدد الحزن ويرسل الدمع .. ما أتذكره من دعائه قبل الفجر .. رحمه الله .. على ما صام تلك الهواجر .. وغفر له ما قام تلك الليالي .. وتجاوز عن سيئاته مثل ما تجاوز عن تقصيري وزلاتي .. ثلاث سنوات عشتها معه هانئة شاكرة .. أجدد التوبة فيها كل يوم .. وبفراقه جددت التوبة وأناأرى بعيني نهاية الدنيا .. وفجأة الموت يتجدد أملي .. تعتادني فرحتي .. وأنا أرفع يدي بالدعاء .. أن يكون الملتقى جنات عدن.. هناك حياة لا موت فيها ونعيم لا شقاء بعده حمدت الله على خاتمته الطيبة .. فقد كان في عبادة ملبيا مكبرا .. وعندما ترددت أصوات التكبير داخل الحرم تصلي عليه .. وهو مسجى أمام الكعبة .. حمدت الله على هذا الفضل العظيم .. تقبل الله حجه وسعيه .. وغفر زلته .. ورفع درجته