PDA

View Full Version : **..** الدرس التاسع عشر ..(..ظاهرة الإسراف في رمضان..)**..**


عبد الله المسكين
27-12-1999, 03:06 AM
ظاهرة الإسراف في رمضان
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد .
الإسراف من الذنوب والخطايا التي وقعت فيها الأمم المنحرفة وقد نهانا الله عنه وذمه فقال تعالى : { ولاتسرفوا إنه لايحب المسرفين } .
الإسراف عادة لقوم لا يرجون لله وقاراً ، ولا يحترمون نعم الله عز وجل ، قال سبحانه : { ولا تبذر تبذيراً إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفوراً } . لقد أكثر بعض الناس من الإسراف في رمضان .
فمن صور الإسراف : الإكثار من الطعام فوق الحاجة ، فمن الناس من تعود كثرة المطعومات والمشروبات ، فتراه في رمضان يملأ مائدته في الإفطار والسحور بكل ما لذ وطاب ثم تكون عرضه للإتلاف والرمي .
فيا أيها الصائم إياك إياك والإسراف ، إن في المسلمين فقراء ومساكين ومحتاجين ومملقين ففطر عباد الله بما زاد على حاجتك لتكون لك ذخراً عند الله عز وجل، قال سبحانه عن عباده الصالحين : { ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً ، إنما نطعمكم لوجه الله لانريد منكم جزاءً ولا شكوراً ، إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً } .
وقد صح عنه عليه السلام أنه قال : يقول عز وجل يوم القيامة : "يا بن آدم جعت ولم تطعمني قال كيف أطعمك وأنت رب العالمين ؟ قال : أما علمت أن عبدي فلاناً جاع فما أطعمته ، أما إنك لو أطعمته وجدت ذلك عندي .. " الحديث .
ومن صور الإسراف : الإسراف في النوم فوق القدر المطلوب وخاصة في نهار، فإن بعض الصائمين جعلوا من أيامهم غفلة وسباتاً عميقاً، والعجيب أن هؤلاء يسرفون في سهر لا طائل من ورائه، سهر ضائع في القيل والقال والتوافـه، وبعض يسهر في مزاولة أمور محرمة ومكروهة تغضب المولى تبارك وتعالى .
ومن صور الإسراف في الإعداد لعيد الفطر وتكليف النفس فوق طاقتها والتبذير في الإنفاق من لباس وهيئة ولعب ومباهج حتى إنك لترى بعض الفتات من الناس ينفقون الألوف المؤلف في هذه الترهات بينما هم من أبخل الناس في أبواب الخير وفي طرق البر.
فيا من أنعم الله عليه بالمال، في المجتمع يتيم وفي الناس مسكين ، وفي جوارك فقير، ألا تطعم جائعاً ، ألا تكسوعارياً ألا تبني مسجداً، ألا توصل منقطعاً ، ألا تفك كربة مكروب .
ومن صور الإسراف عند بعض الصائمين كثرة الزيارة في غير طائل ولا فائدة والإكثار من الخلطة بالناس لغير مصلحة، والاجتماع بالآخرين لغير نفع، فيذهب الزمن هدراً والعمر بدداً والأيام ضياعاً والأوقات لعباً ولسان الحال يقول : {ياحسرتنا على ما فرطنا فيها } .
كثرة اجتماعات الناس على غير منفعة ، وكثرة المجالس الفارغة .
تعيش الدهر ويحك في غرورٍ ******* بها حتى إذا مت انتبهتا
ومن صور الإسراف : إدمان التسلية والترفيه في اللعب من كرة وتمارين رياضية، وترهات ونحوها على حساب وقت الجد و العبادة والذكر والتلاوة وتحصيل العلم والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى إن بعض الناس يدفع الوقت دفعاً عجيباً وينفقه بيد التبذير وغداً سيعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور.
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى ******* ولاقيت بعد الموت من قدتزودا
ندمت على أن تكون كمثله ******* وأنك لم ترصد لما كان أرصدا
ولعل صور الإسراف عند كثير من الناس متعددة .
قوم أسرفوا في المعاصي والذنوب، فإسرافهم أخطر إسراف وأسوأ تبذير .
وقوم أسرفوا في الوقت فنثروه شذر مذر وهم من أعظم الناس حسرة يوم العرض الأكبر.
وقوم أسرفوا في الطعام والشراب واللباس فما زادهم إلا تعاسة وقلقاً .
وقوم أسرفوا في المباحات من لعب وتسليات وترهات فهم في الحقيقة مغبونون في أعمارهم .
نسأل الله توفيقاً وسداداً ورشداً واقتصاداً .

ــــــــــــ
ثلاثون درساً للصائمين (عايض القرني)